الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بِنَاءِ المَسْجِدِ عَلَى القَبْرِ
.
قَالَ الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ رحمه الله:
1341 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ: لَمَّا اشْتَكَى النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَتْ بَعْضُ نِسَائِهِ كَنِيسَةً رَأَيْنَهَا بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ، يُقَالُ لَهَا: مَارِيَةُ، وَكَانَتْ أُمُّ سَلَمَةَ وَأُمُّ حَبِيبَةَ - رضى الله عنهما - أَتَتَا أَرْضَ الْحَبَشَةِ، فَذَكَرَتَا مِنْ حُسْنِهَا وَتَصَاوِيرَ فِيهَا، فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ «أُولَئِكَ إِذَا مَاتَ مِنْهُمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا، ثُمَّ صَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّورَةَ، أُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ»
قَالَ الشَّارِحُ رحمه الله:
(بَابُ بِنَاءِ المَسْاجِدِ) وفي نسخة: المسجد. بالإفراد
(1)
(عَلَى القَبْرِ) أي: منع بنائها عليه؛ لأن حديث الباب يدل عليه.
[214 أ/س]
(حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ) هو ابن أبي أويس الأصبحي (قَالَ حَدَّثَنِى) بالإفراد (مَالِكٌ) الإمام (عَنْ هِشَامٍ) هو ابن عروة (عَنْ أَبِيهِ) عروة بن الزبير بن العوام (عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: لَمَّا اشْتَكَى النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم) أي: مرض مرضه الذي توفي فيه (ذَكَرَتْ) وفي رواية ذكر بالتذكير
(2)
(بَعْضُ نِسَائِهِ) هما أم سلمة وأم حبيبة رضي الله عنها كما سيأتي (كَنِيسَةً) بفتح الكاف معبد النصارى (رَأَيْنَهَا) بنون الجمع على أن أقل الجمع اثنان أو معهما غيرهما (بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ) /من النسوة (يُقَالُ لَهَا) أي للكنيسة (مَارِيَةُ) بكسر الراء وتخفيف المثناة التحتية، علم لكنيسة المزبورة
(3)
.
(وَكَانَتْ أُمُّ سَلَمَةَ) -بفتح اللام- أم المؤمنين هند بنت أبي أمية المخزومية (وَأُمُّ حَبِيبَةَ) -بفتح الحاء المهملة- أم المؤمنين أيضًا رملة بنت أبي سفيان رضي الله عنهما أَتَتَا أَرْضَ الْحَبَشَةِ، فَذَكَرَتَا) بلفظ
(1)
إرشاد الساري (2/ 437).
(2)
إرشاد الساري (2/ 437).
(3)
المطوية بالزبر: وَهِي الَّتِي تطوى قدر قامة من أَسْفَلهَا بِالْحِجَارَةِ ثمَّ يطوى سائرها بالخشب، المخصص (3/ 29).
التثنية للمؤنث (مِنْ حُسْنِهَا وَتَصَاوِيرَ فِيهَا، فَرَفَعَ رَأْسَهُ) الشريف (فَقَالَ أُولَئِكَ) بكسر الكاف ويجوز فتحها (إِذَا مَاتَ مِنْهُمُ) وفي نسخة فيهم
(1)
(الرَّجُلُ الصَّالِحُ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا ثُمَّ صَوَّرُوا فِيهِ) أي: في المسجد (تِلْكَ الصُّورَةَ) التي مات صاحبها وفي رواية: تلك الصور. بلفظ الجمع.
قال القرطبي: وإنما صور أوائلهم تلك الصور ليتأنسوا بها وليتذكروا أفعالهم الصالحة، فيجتهدون كاجتهادهم، ويعبدون عند قبورهم، ثم خلفهم قوم جهلوا مرادهم، ووسوس لهم الشيطان أن أسلافهم كانوا يعبدون هذه الصور، يعظمونها. فحذرهم النبي عن مثل ذلك سدًا للذريعة المؤدية إلى ذلك
(2)
. بقوله: (أُولَئِكَ) بكسر الكاف وفتحها، وفي رواية: وأولئك. بالواو (شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ).
وموضع الترجمة قوله: بنوا على قبره مسجدًا، قال البيضاوي: لما كانت اليهود والنصارى يسجدون لصور الأنبياء تعظيمًا لشأنهم، ويجعلونها قبلة يتوجهون في الصلاة نحوها، واتخذوها أوثانًا، لعنهم النبي صلى الله عليه وسلم ومنع المسلمين عن مثل ذلك، فأما من اتخذ مسجدًا في جوار صالح، وقصد التبرك بالقرب منه لا للتعظيم له ولا للتوجه إليه، فلا يدخل في الوعيد المذكور
(3)
.
وقد مر ما يتعلق ببناء المساجد عند القبور قبل ذلك بثمانية أبواب في باب: ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور
(4)
.
(1)
إرشاد الساري (2/ 437).
(2)
المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (2/ 128).
(3)
فتح الباري (1/ 525) وعمدة القاري (4/ 174).
(4)
في (ص:687).