الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب ثَنَاءِ النَّاسِ عَلَى الْمَيِّتِ
.
قَالَ الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ رحمه الله:
1367 -
حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - يَقُولُ: مَرُّوا بِجَنَازَةٍ فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا خَيْرًا، فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم:«وَجَبَتْ» . ثُمَّ مَرُّوا بِأُخْرَى فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا شَرًّا فَقَالَ: «وَجَبَتْ» . فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه -: مَا وَجَبَتْ؟ قَالَ: «هَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْرًا فَوَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ، وَهَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ شَرًّا فَوَجَبَتْ لَهُ النَّارُ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِى الأَرْضِ» .
قَالَ الشَّارِحُ رحمه الله:
(باب) مشروعية (ثَنَاءِ النَّاسِ عَلَى الْمَيِّتِ) بأن يصفوه بالأوصاف الحميدة والخصال الجميلة بخلاف الحي فإنه منهي عنه إذا أفضى إلى الإطراء خشية الإعجاب.
(حَدَّثَنَا آدَمُ) هو ابن أبي إياس قال: (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) هو ابن الحجاج قال (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ
(1)
قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضى الله عنه - يَقُولُ: مَرُّوا) ويروي: "مُرَّ" على البناء للمفعول
(2)
(بِجَنَازَةٍ فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا) أي: على الجنازة (خَيْرًا).
والثناء: بالثاء المثلثة وبالنون وبالمد، يستعمل في الخير ولا يستعمل في الشر، وإنما المستعمل في الشر هو النثا بتقديم النون على الثاء وبالقصر
(3)
.
وقيل: يستعمل فيهما. وقيل: استعمال الثناء في الشر لغة شاذة، والأصح هو الأول، وإنما استعمل فيما يليه في الشر لأجل المشاكلة والتجانس؛ كما في قوله تعالى {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى: 40]
(4)
.
(1)
هو: عبد العزيز بن صهيب البناني البصري، [يقال له: العبد] ثقة من الرابعة مات سنة ثلاثين ومائة، تقريب التهذيب (ص: 357) (4102).
(2)
عمدة القاري (8/ 194).
(3)
مشارق الأنوار على صحاح الآثار [ن ث ى](2/ 4).
(4)
عمدة القاري (8/ 194).
(فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: وَجَبَتْ. ثُمَّ مَرُّوا بِأُخْرَى فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا شَرًّا فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: وَجَبَتْ).
[255 أ/ص]
وفي رواية النضر بن أنس، عن أبيه، عند الحاكم:"كنت قاعدًا عند النبي صلى الله عليه وسلم فمر بجنازة، فقال: ما هذه الجنازة؟ قالوا: جنازة فلان الفلاني كان يحب الله ورسوله، ويعمل بطاعة الله، ويسعى فيها، فقال: وجبت، وجبت، وجبت، /ومر بجنازة أخرى، فقال: ما هذه الجنازة؟ قالوا: جنازة فلان الفلاني كان يبغض الله ورسوله، ويعمل بمعصية الله ويسعى فيها، فقال: وجبت، وجبت، وجبت. قالوا: يا رسول الله أثني على الأول خير، وعلى الآخر شر فقلت فيهما: وجبت، وجبت، وجبت، فقال: نعم يا أبا بكر إن لله ملائكة ينطق على لسان بني آدم بما في المؤمن من الخير والشر" قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم
(1)
.
وللحاكم أيضًا من حديث جابر رضي الله عنه: "فقال بعضهم: لنعم المرء كان لقد كان عفيفًا مسلمًا" وفيه أيضًا: "فقال بعضهم بئس المرء كان إن كان لَفَظًّا غليظًا"
(2)
، وفي هذين الحديثين تفسير ما أبهم في حديث الباب.
[112 ب/س]
وروى الطبراني من حديث كعب بن عجرة رضي الله عنه، "أتى النبي صلى الله عليه وسلم بجنازة / فقيل: هذا بئس الرجل، وأثنوا عليه شرًا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: تعلمون ذلك؟ قالوا: نعم. قال: وجبت، وقال في التي أثنوا عليها خيرًا كذلك"
(3)
.
(1)
المستدرك على الصحيحين، كتاب الجنائز (1/ 533)(1397)، من طريق يونس بن محمد، ثنا حرب بن ميمون، عن النضر بن أنس، عن أنس. ووافقه الذهبي.
(2)
المستدرك على الصحيحين، كتاب التفسير (2/ 294)(3061) من طريق مصعب بن ثابت، عن محمد بن كعب القرظي، عن جابر بن عبد الله، ولكن بلفظ" فقال رجل: نعم المرء ما علمنا إن كان لعفيفا مسلما إن كان"و" فقال رجل: بئس المرء ما علمنا إن كان لفظا غليظا إن كان" وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه إنما اتفقا على وجبت فقط" وقال الذهبي: مصعب ليس بالقوي.
(3)
المعجم الكبير، باب الكاف، المسور بن رفاعة القرظي، عن كعب بن عجرة (19/ 156)(344)، من طريق عبد العزيز بن عبيد الله، عن عبد الرحمن بن أبي عمرو، عن المسور بن رفاعة القرظي، عن كعب بن عجرة وقال الهيثمي في "المجمع" (3/ 4) (3963): وفيه عبد العزيز بن عبيد الله بن حمزة، وهو ضعيف.
وروى أبو داود من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال:" مروا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بجنازة فأثنوا عليها خيرًا، فقال: وجبت ثم مروا بأخرى فأثنوا شرًا، فقال: وجبت ثم قال: إن بعضكم على بعض شهداء"
(1)
.
وروى أبو داود أيضًا عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: "الملائكة شهداء الله في السماء، وأنتم شهداء الله في الأرض"
(2)
إن بعضكم على بعض شهيد.
ثم إن في رواية إسماعيل بن علية عن عبدالعزيز عند مسلم: "وجبت، وجبت، وجبت"
(3)
ثلاث مرات وكذا في رواية النضر المذكورة آنفًا، قال النووي: والتكرار فيه لتأكيد الكلام المبهم وتحقيقه ليحفظ ويكون أبلغ
(4)
.
(فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه) لرسول الله رضي الله عنه مستفهمًا (مَا وَجَبَتْ؟) زاد مسلم "فدى لك أبي وأمي"
(5)
، وفيه: جواز قول مثل ذلك.
(قَالَ صلى الله عليه وسلم: هَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْرًا فَوَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ، وَهَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ شَرًّا فَوَجَبَتْ لَهُ النَّارُ) والمراد بالوجوب الثبوت، أو هو في صحة الوقوع والتحقيق كالشيء الواجب، والأصل أنه لا يجب على الله شيء؛ بل الثواب فضله والعقاب عدله لا يسئل عما يفعل.
[256 أ/س]
وفي رواية مسلم: "من أثنيتم عليه خيرًا وجبت له الجنة، ومن أثنيتم عليه شرًا وجبت له النار"
(6)
، ونحوه للإسماعيلي من طريق عمرو بن مرزوق عن شعبة، وهو أبين في العموم من رواية /آدم.
(1)
سنن أبي داود، كتاب الجنائز، باب في الثناء على الميت (3/ 218)(3233)، من طريق شعبة، عن إبراهيم بن عامر، عن عامر بن سعد، عن أبي هريرة. إسناده صحيح، وأخرجه النسائي في سننه الصغرى، باب الثناء (4/ 50)(1933) من طريق شعبة، بهذا الإسناد.
(2)
سنن أبي داود، كتاب الجنائز، باب في الثناء على الميت (3/ 218)(3233)، تقدم تخريجه (ص: 918).
(3)
صحيح مسلم، كتاب الجنائز، باب فيمن يثنى عليه خير أو شر من الموتى (2/ 655)(949).
(4)
شرح صحيح مسلم للنووي (7/ 19).
(5)
صحيح مسلم، كتاب الجنائز، باب فيمن يثنى عليه خير أو شر من الموتى (2/ 655)(949).
(6)
صحيح مسلم، كتاب الجنائز، باب فيمن يثنى عليه خير أو شر من الموتى (2/ 655)(949).
وفيه ردٌّ على من زعم أن ذلك خاص بالميتَين المذكورين لغيب أطلع الله نبيه صلى الله عليه وسلم عليه، فهو خبر عن حكم أعلمه الله به. والله أعلم
(1)
(أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِى الأَرْضِ) الخطاب للصحابة ومن كان على صفتهم من الإيمان، وحكى ابن التين: أن ذلك مخصوص بالصحابة؛ لأنهم كانوا ينطقون بالحكمة بخلاف من بعدهم، ثم قال: والصواب أن ذلك يختص بالثقات المتقين انتهى
(2)
.
وسيأتي في الشهادات بلفظ: "المؤمنين
(3)
شهداء الله في الأرض"
(4)
ولأبي داود من حديث أبي هريرة رضي الله عنه في نحو هذه القصة: "أن بعضكم على بعض شهيد
(5)
" كما مرّ.
وقال النووي: الظاهر أن الذي أثنوا عليه شرًا كان من المنافقين
(6)
، ويرشد إلى ذلك ما رواه أحمد من حديث أبي قتادة بإسناد صحيح "أنه صلى الله عليه وسلم لم يصل على الذي أثنوا عليه شرًا، وصلى على الآخر
(7)
"
قال البيهقي: فيه دلالة على جواز ذكر المرء بما يعلمه منه إذا وقعت الحاجة إليه نحو سؤال القاضي المزكي ونحوه
(8)
.
وفي الحديث أيضًا: فضيلة هذا الأمة والعمل بحكم الظاهر والله يتولى السرائر، وحاصل معنى الحديث أن ثناءهم عليه بالخير يدل على أن أفعاله كانت خيرًا فوجبت له الجنة، وثناءهم عليه بالشر يدل على أن أفعاله كانت شرًا فوجبت له النار؛ وذلك لأن المؤمنين شهداء بعضهم على بعض
(9)
.
(1)
فتح الباري (3/ 229).
(2)
فتح الباري (3/ 229).
(3)
المؤمنون.
(4)
صحيح البخاري، كتاب الشهادات، باب تعديل كم يجوز؟ (3/ 169)(2642).
(5)
سنن أبي داود، كتاب الجنائز، (3/ 218)(3233)، تقدم تخريجه (ص: 921).
(6)
شرح صحيح مسلم للنووي (7/ 20).
(7)
لم أقف عليه بهذا اللفظ في مسند أحمد، أورده الحافظ في "فتح الباري"(3/ 229)، وصححه.
(8)
السنن الكبرى، كتاب الجنائز، باب النهي عن سب الأموات، (4/ 126)(7189).
(9)
عمدة القاري (8/ 195).
(تتمة) قال الداودي: إن المعتبر في ذلك شهادة أهل الفضل والصدق لا الفسقة؛ لأنهم قد يثنون على الفسقة، ولا من بينه وبين الميت عداوة، لأن شهادة العدو لا تقبل في الدنيا وكذا في الآخرى
(1)
.
فإن قيل: كيف يجوز ذكر شر الموتى مع ورود الحديث الصحيح عن زيد بن أرقم في النهي عن سب الموتى وعن ذكرهم إلا بخير؟!
فالجواب أن النهي عن سب الموتى إذا كان الميت غير منافق أو كافر أو مجاهر بالفسق أو بالبدعة فإن هؤلاء لا يحرم ذكرهم بالشر؛ للحذر عن طريقهم ومن الاقتداء بهم
(2)
.
وقال القرطبي: يحتمل أن يكون النهي عن سب الموتى متأخرًا عن هذا الحديث فيكون ناسخًا
(3)
.
وقيل: حديث أنس رضي الله عنه المذكور يجرى مجرى الغيبة في الأحياء فإن كان الرجل أغلب أحواله الخير، فاغتيابه محرم وإن كان فاسقًا معلنًا فلا غيبة له، فكذلك الميت، فليس ذلك مما ينهي عنه من سب الأموات، والحق في ذلك أن ينظر في السَّبب المبيح للغيبة إن كان قد انقطع بالموت فهذا لا يذكر في حق الميت، لأنه قد انقطع ذلك بموته، وإن لم ينقطع به مثل كونه مجروحًا في الرواية وكونه يؤخذ عنه الباطل اعتقادًا فلا بأس بذكره ليحذر ويجتنب عنه. والله أعلم
(4)
.
وقال المظهري: في شرح المصابيح
(5)
ليس معنى قوله: "أنتم شهداء الله على الأرض" أي: الذي تقولونه في حق شخص يكون كذلك حتى يصير من يستحق الجنة من أهل النار بقولهم ولا العكس؛ بل معناه: أن الذين أثنوا عليه خيرًا [رأوه]
(6)
منه ،كان ذلك علامة كونه من أهل الجنة وبالعكس.
[256 أ/ص]
(1)
فتح الباري (3/ 231)، [الآخرة].
(2)
فتح الباري (8/ 195).
(3)
المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (2/ 608)
(4)
عمدة القاري (8/ 198).
(5)
المفاتيح في شرح المصابيح / تأليف مظهر الدين الحسن بن محمود بن الحسن الزيداني المظهري الكوفي (727 هـ.)؛ تحقيق ودراسة لجنة مختصة من المحقيقين بإشراف نور الدين طالب.
(6)
رأوا
وتعقبه الطيبي: بأن قوله: "وجبت" بعد الثناء، حكم عقب وصفًا /مناسبًا، فأشعر بالعلية. وكذا قوله:"أنتم شهداء الله في الأرض"؛ لأن الإضافة فيه للتشريف، بأنهم بمنزلة عالية عند الله. فهو كالتزكية للأمة وإظهار عدالتهم عن الرسول صلى الله عليه وسلم بعد أداء شهادتهم لصاحب الجنازة، فينبغي أن يكون لها أثر ونفع في حقه، قال: وإلى معنى هذا يومئ قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: 143] الآية انتهى
(1)
.
وقد استشهد محمد بن كعب القرظي لما روى عن جابر نحو حديث أنس رضي الله عنهما بهذه الآية أخرجه الحاكم
(2)
.
[112 ب/ص]
وقال النووي: قال بعضهم معنى الحديث أن الثناء بالخير لمن اثني عليه أهل الفضل وكان ذلك مطابقًا للواقع فهو من أهل الجنة فإن كان غير مطابق فلا وكذا عكسه، قال: والصحيح أنه على عمومه وأن من مات فألهم الله الناس الثناء عليه بخير وكان دليلًا على أنه من أهل الجنة سواء كانت أفعاله تقتضي ذلك أم لا، فإن الأعمال داخلة تحت المشيئة، وهذا الإلهام يستدل به على أن الله تعالى/ قد شاء المغفرة له وبهذا يظهر فائدة الثناء. انتهى
(3)
.
وهذا في جانب الخير واضح، ويؤيده ما رواه أحمد وابن حبان والحاكم من طريق حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس مرفوعًا "ما من مسلم يموت فيشهد له أربعة من جيرانه الأدنين أنهم لا يعلمون منه إلا خيرًا إلا قال الله تعالى: قد قبلت قولكم وغفرت له مالا تعلمون"
(4)
.
(1)
الكاشف عن حقائق السنن (4/ 1397)(1663).
(2)
المستدرك على الصحيحين، كتاب التفسير (2/ 294)(3061)، تقدم تخريجه في (ص: 919).
(3)
شرح صحيح مسلم (7/ 20).
(4)
مسند الإمام أحمد بن حنبل، مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه (21/ 174)(13541)، من طريق مؤمل بن إسماعيل، ثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس. إسناده حسن من أجل مؤمل بن إسماعيل، قال ابن حجر في "التقريب": صدوق سيء الحفظ * وأخرجه الحاكم في المستدرك على الصحيحين، كتاب الجنائز (1/ 534)(1398) بهذا الإسناد، وقال:«هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه» ووافقه الذهبي *وأخرجه ابن حبان في صحيحه، كتاب الجنائز، فصل في الموت وما يتعلق به من راحة المؤمن، ذكر مغفرة الله جل وعلا ذنوب من شهد له جيرانه بالخير (7/ 295)(3026) بهذا الإسناد. وقد رواه الثقات من أصحاب حماد بن سلمة بغير هذا اللفظ، كما جاء في مسند أحمد، (21/ 193)(13572).
ولأحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه نحوه وقال: ثلاثة بدل أربعة وفي إسناده رجل لم يسم
(1)
.
وأما جانب الشر فظاهر الأحاديث أنه كذلك، لكن إنما يقع ذلك في حق من غلب شره على خيره، وقد وقع في رواية النضر السابقة في آخر حديث أنس رضي الله عنه:"أن لله ملائكة تنطق على ألسنة بني آدم بما في المرء من الخير والشر"
(2)
.
قَالَ الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ رحمه الله:
1368 -
حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِى الْفُرَاتِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِى الأَسْوَدِ قَالَ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ وَقَدْ وَقَعَ بِهَا مَرَضٌ، فَجَلَسْتُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - فَمَرَّتْ بِهِمْ جَنَازَةٌ فَأُثْنِىَ عَلَى صَاحِبِهَا خَيْرًا، فَقَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه -: وَجَبَتْ. ثُمَّ مُرَّ بِأُخْرَى فَأُثْنِىَ عَلَى صَاحِبِهَا خَيْرًا، فَقَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه -: وَجَبَتْ. ثُمَّ مُرَّ بِالثَّالِثَةِ، فَأُثْنِىَ عَلَى صَاحِبِهَا شَرًّا، فَقَالَ: وَجَبَتْ. فَقَالَ أَبُو الأَسْوَدِ: فَقُلْتُ: وَمَا وَجَبَتْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: قُلْتُ كَمَا قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: «أَيُّمَا مُسْلِمٍ شَهِدَ لَهُ أَرْبَعَةٌ بِخَيْرٍ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ» . فَقُلْنَا: وَثَلَاثَةٌ؟ قَالَ: «وَثَلَاثَةٌ» . فَقُلْنَا: وَاثْنَانِ؟ قَالَ: «وَاثْنَانِ» . ثُمَّ لَمْ نَسْأَلْهُ عَنِ الْوَاحِدِ.
-
قَالَ الشَّارِحُ رحمه الله:
(حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ
(3)
) بتشديد الفاء في الأول وتخفيف اللام المكسورة في الثاني كذا للأكثر، وذكر أصحاب الأطراف أنه أخرجه قائلًا فيه:"قال عفان" بصيغة التعليق، لكن الثابت
(1)
مسند الإمام أحمد بن حنبل، مسند أبي هريرة رضي الله عنه (14/ 540)(8989)، من طريق مهدي بن ميمون عن عبد الحميد، عن شيخ من أهل البصرة، عن أبي هريرة، إسناده ضعيف لإبهام الشيخ البصري.
(2)
المستدرك على الصحيحين (1/ 533)(1397)، تقدم تخريجه في (ص:919).
(3)
هو: عفان بن مسلم بن عبد الله الباهلي، أبو عثمان الصفار البصري، ثقة ثبت، قال ابن المديني: كان إذا شك في حرف من الحديث تركه وربما وهم، وقال ابن معين: أنكرناه في صفر سنة تسع عشرة ومائتين، ومات بعدها بيسير من كبار العاشرة، تهذيب الكمال في أسماء الرجال، عفان بن مسلم بن عبد الله الصفار، أبو عثمان (20/ 160) (3964). وتقريب التهذيب (ص: 393) (4625).
هو الوصل وعلى تقدير صحة التعليق، فقد وصله الإسماعيلي في صحيحه فقال: حدثنا أبو القاسم البغوي، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عفان. . . إلى آخره. وزاد أبو ذر في روايته هو الصفار بصري
(1)
مات سنة عشرين ومائتين.
(قال: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِى الْفُرَاتِ
(2)
) بلفظ النهر المشهور واسم أبيه عمرو الكندي، من أهل مرو وله شيخ آخر يقال له: داود بن أبي الفرات واسم أبيه بكر واسم جده أبو الفرات وهو أشجعي من أهل المدينة أقدم من الكندي.
[257 أ/س]
(عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ) بضم الموحدة وفتح الراء، وقد مرّ في أواخر كتاب الحيض. (عَنْ أَبِى الأَسْوَدِ
(3)
) ظالم بن عمرو بن سفيان التابعي الكبير المشهور، /ولي البصرة، وهو أول من تكلم في النحو بعد علي رضي الله عنه ، مات سنة سبع وستين وهو المشهور بالدؤلي
(4)
، وفيه اختلافات: قيل بضم الدال وسكون الواو وبالضم والهمزة المفتوحة، وبالكسر وبالمفتوحة.
قال الأخفش: هو بالضم وكسر الهمزة، إلا أنهم فتحوا الهمزة في النِّسبة استثقالًا للكسرتين وياء النِّسبة، وربما قالوا بضم الدال وفتح الواو المقلوبة عن الهمزة، ظالم بن عمرو
(5)
.
قال الحافظ العسقلاني: ولم أره من رواية عبدالله بن بريدة عنه إلا معنعنًا
(6)
.
(1)
عمدة القاري (8/ 196).
(2)
هو: داود بن أبي الفرات، عمرو بن الفرات الكندي المروزي، ثقة من الثامنة، مات سنة سبع وستين ومائة، تهذيب الكمال (8/ 437)(1780)، وتقريب التهذيب (ص: 199) (1806).
(3)
هو: أبو الأسود الدِيلي، ويقال: الدُؤَلي البصري، اسمه ظالم ابن عمرو ابن سفيان، ويقال: عمرو بن ظالم ويقال: بالتصغير فيهما ويقال عمرو بن عثمان أو عثمان بن عمرو، ثقة فاضل مخضرم [من الثانية] مات سنة تسع وستين، تقريب التهذيب (ص: 619) (7940).
(4)
تهذيب الكمال في أسماء الرجال، أبو الأسود الديلي، ويقال الدؤلي البصري (33/ 37)(7209).
(5)
الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية [د أل](4/ 1694).
(6)
فتح الباري (3/ 230).
وقد حكى الدارقطني في "كتاب التتبع" عن علي بن المديني أن ابن بُرَيدة إنما يروي عن يحيى بن يعمر عن أبي الأسود، ولم يقل في هذا الحديث: سمعت أبا الأسود
(1)
.
وقيل: إن ابن بريدة ولد في عهد عمر رضي الله عنه فقد أدرك أبا الأسود بلا ريب، لكن البخاري لا يكتفي بالمعاصرة فلعله أخرجه شاهدًا واكتفى للأصل بحديث أنس رضي الله عنه الذي قبله
(2)
.
(قَالَ) أي: أبو الأسود (قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ) أي: مدينة النبي صلى الله عليه وسلم (وَقَدْ وَقَعَ بِهَا مَرَضٌ) جملة حالية وزاد المؤلف في الشهادات عن موسى بن إسماعيل، عن داود بن أبي الفرات:"وهم يموتون موتًا ذريعًا"
(3)
بالذال المعجمة أي سريعًا (فَجَلَسْتُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه) يحتمل أن يكون إلى ههنا على بابها لانتهاء الغاية، والمعنى انتهى جلوسي إلى عمر رضي الله عنه، والأوجه أن تكون ههنا بمعنى: عند، أي: جلست عند عمر رضي الله عنه كما في قول الشاعر:
أمْ لا سَبِيلَ إلى الشَّبَابِ وذِكْرُهُ. . . . . . أَشْهَى إليَّ مِنَ الرَّحيقِ السَّلْسَلِ
(4)
.
أي: عندي (فَمَرَّتْ بِهِمْ جَنَازَةٌ فَأُثْنِىَ) على البناء للمفعول (عَلَى صَاحِبِهَا خَيْرًا) كذا في جميع الأصول بنصب "خيرًا" وكذا "شرًا" وقد غلط من ضبط "أَثنى" بفتح الهمزة على البناء للفاعل؛ فإنه في جميع الأصول مبني للمفعول، ووجه النصب -على ما قاله ابن بطال- أنه أقام الجار والمجرور مقام المفعول الأول، و"خيرًا" مقام المفعول الثاني. وهو جائز وإن كان المشهور عكسه
(5)
.
وقال ابن مالك: خيرًا، صفة لمصدر محذوف أقيمت مقامه فنصب، والتفاوت بين الإسناد إلى الجار والمجرور والإسناد إلى المصدر قليل
(6)
.
(1)
الإلزامات والتتبع للدارقطني، أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد بن مهدي بن مسعود بن النعمان بن دينار البغدادي الدارقطني (المتوفى: 385 هـ)، دراسة وتحقيق: الشيخ أبو عبد الرحمن مقبل بن هادي الوادعي، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، الطبعة: الثانية، 1405 هـ - 1985 م (316).
(2)
فتح الباري (3/ 230).
(3)
صحيح البخاري، كتاب الشهادات، باب تعديل كم يجوز؟ (3/ 169)(2642).
(4)
أدب الكاتب (أو) أدب الكتّاب، أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري (المتوفى: 276 هـ)، المحقق: محمد الدالي، مؤسسة الرسالة، (512).
(5)
فتح الباري (3/ 230)، وعمدة القاري (8/ 196)، ولم أقف عليه في شرح ابن بطال.
(6)
شَوَاهِد التَّوضيح وَالتَّصحيح لمشكلات الجامع الصَّحيح (1/ 227).
وقال النووي: هو منصوب بنزع الخافض أي: فأثنى عليها بخير
(1)
.
وقال صاحب مصابيح الجامع: إن "أثني" مسند إلى الجار والمجرور، وخيرًا مفعول لمحذوف، أي: فقال المثنون خيرًا.
(2)
[257 أ/ص]
ويروي بالرفع وهو ظاهر، وقال ابن التين: الصواب الرفع، وفي نصبه بعد في اللسان
(3)
.
(فَقَالَ عُمَرُ/ رضي الله عنه: وَجَبَتْ. ثُمَّ مُرَّ) بضم الميم (بِأُخْرَى فَأُثْنِىَ عَلَى صَاحِبِهَا خَيْرًا، فَقَالَ عُمَرُ) رضي الله عنه (وَجَبَتْ. ثُمَّ مُرَّ) بضم الميم أيضًا (بِالثَّالِثَةِ، فَأُثْنِىَ عَلَى صَاحِبِهَا شَرًّا فَقَالَ) أي: عمر رضي الله عنه (وَجَبَتْ. فَقَالَ أَبُو الأَسْوَدِ) الراوي المذكور بالإسناد السابق (فَقُلْتُ: وَمَا) معنى قولك لكل منها (وَجَبَتْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ) مع اختلاف الثناء بالخير والشر.
(قَالَ) أي: عمر رضي الله عنه (قُلْتُ كَمَا قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم) والظاهر أن المقول هو قوله الآتي: " أيما مسلم. . . إلى آخره" فيكون مسندًا مرفوعًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ،وحينئذ فيكون قول عمر رضي الله عنه لكل منهما "وجبت" بناء على اعتقاده صدق الوعد المستفاد من قوله صلى الله عليه وسلم:"أدخله الله الجنة" ويحتمل أن يكون المقول هو ما ذكره أنس رضي الله عنه في الحديث السابق فيكون هذا موقوفًا على عمر رضي الله عنه.
[113 ب/س]
(أَيُّمَا مُسْلِمٍ) كلمة "ما" زائدة (شَهِدَ لَهُ أَرْبَعَةٌ) من المسلمين وفي رواية الترمذي: " ثلاثة"
(4)
(بِخَيْرٍ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ». فَقُلْنَا) والمراد عمر وغيره (وَثَلَاثَةٌ قَالَ صلى الله عليه وسلم: وَثَلَاثَةٌ. فَقُلْنَا: وَاثْنَانِ. قَالَ: وَاثْنَانِ. ثُمَّ لَمْ نَسْأَلْهُ عَنِ الْوَاحِدِ) أي: لم نسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ثناء الشخص الواحد هل يكتفي به، قال الزين ابن المنير: إنما لم يسألوا /عن الواحد استبعادًا أن يكتفي في مثل هذا المقام العظيم بأقل من النصاب
(5)
. وأقتصر على الشق الأول إما للاختصار، وإما لإحالة السامع في حكم الشر على القياس على الخير.
(1)
شرح صحيح مسلم (7/ 19).
(2)
مصابيح الجامع (3/ 298).
(3)
عمدة القاري (8/ 196).
(4)
سنن الترمذي، أبواب الجنائز، باب ما جاء في الثناء الحسن على الميت (3/ 364)(1059)، من طريق أبي داود الطيالسي، عن داود بن أبي الفرات، عن عبد الله بن بريدة، عن أبي الأسود الديلي، وقال: هذا حديث حسن صحيح، وأخرجه البخاري من حديث الباب.
(5)
فتح الباري (3/ 230).
فإن قيل: ما الحكمة في اختلاف العدد؛ حيث جاء أربعة وثلاثة واثنان؟.
فالجواب: أنه لاختلاف المعاني؛ لأن الثناء قد يكون بالسماع الفاشي على الألسنة بحيث يكون متواترًا ولا كلام فيه، والشهادة لا تكون إلا بالمعرفة بأحوال المشهود له، فيكفي في ذلك بأربعة شهداء؛ لأن ذلك أعلى ما يكون من الشهادة، وإن لم يوجد أربعة فيكتفي بثلاثة وإلا فباثنين؛ لأن ذلك أقل ما يجرئ في الشهادة على سائر الحقوق رحمة من الله لعباده المؤمنين، وتجاوزًا عنهم أجرى أمورهم في الآخرة على نمط أمورهم في الدنيا والله أعلم
(1)
.
فإن قيل: هل يختص الثناء الذي ينفع الميت بالرجال أو يشمل النساء أيضًا؟
فإذا قلنا: إنه يشتمل النساء هل يكتفي بامرأتين أو لابد من رجل وامرأتين أو أربع نسوة؟.
[258 أ/س]
فالجواب: أن الظاهر هو الاكتفاء باثنتين مسلمتين وأنه لا يحتاج /إلى قيام امرأتين مقام رجل واحد، وقد يقال: لا يكتفي بشهادة النساء ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكتف بشهادة المرأة التي أثنت على عثمان بن مظعون رضي الله عنه بقولها "فشهادتي عليك أبا السائب لقد أكرمك الله، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: وما يدريك أن الله أكرمه"
(2)
.
وقد يجاب عنه: بأنه صلى الله عليه وسلم إنما أنكر عليها القطع بأن الله أكرمه، وذلك مغيب عنها، بخلاف الشهادة للميت بأفعاله الجميلة التي كان متلبسًا بها في الحياة الدنيا
(3)
.
والحديث الذي فيه قضية ابن مظعون رواه الحاكم من حديث حارثة بن زيد، أن أم العلاء امرأة من الأنصار قد بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرته أنهم اقتسموا للمهاجرين قرعة، فطار لنا عثمان بن مظعون رضي الله عنه فأنزلناه في أبياتنا، فوجع وجعه الذي مات فيه، فلما توفي وغسل وكفن في أثوابه دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا عثمان بن مظعون رحمك الله يا أبا السائب فشهادتي عليك لقد أكرمك الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما يدريك أن الله أكرمه فقلت: بأبي أنت يا رسول الله فمن؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأما هو فقد جاءه اليقين فوالله إني لأرجو له الخير، والله ما أدري وأنا
(1)
شرح صحيح البخارى لابن بطال (3/ 356).
(2)
صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب الدخول على الميت بعد الموت إذا أدرج في أكفانه (2/ 72).
(3)
عمدة القاري (8/ 197).
رسول الله ما يفعل بي؟. قالت: فوالله ما أزكِّي بعده أحدًا" وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
(1)
.
وروى الطبراني في معجمه الكبير من رواية إسحاق بن إبراهيم بن نسطاس، عن سعد بن إسحاق بن كعب بن عجزة، عن أبيه، عن جده، قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا لأصحابه: ما تقولون في رجل قتل في سبيل الله؟. قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: الجنة إن شاء الله. قال: فما تقولون في رجل مات فقام رجلان ذوا عدل فقالا: لا نعلم إلا الخير؟، قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: الجنة إن شاء الله. قال: فما تقولون في رجل مات فقام رجلان ذوا عدل فقالا:
(2)
لا نعلم خيرًا؟، فقالوا: النار، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مذنب، والله غفور رحيم"
(3)
.
فإن قيل: هل يختص بالثناء الذي ينفع الميت يكون المثنى ممن خالطه وعرف حاله أو هو على عمومه؟.
[258 أ/ص]
فالجواب: أن الظاهر هو الأول بدليل قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أنس الذي رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده بإسناد صحيح قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من مسلم يموت فيشهد له أربعة أهل أبيات من جيرانه الأدنين أنهم لا يعملون / إلا خيرًا، إلا قال الله تعالى: قد قبلت علمكم، وغفرت له ما لا تعلمون"
(4)
.
(1)
المستدرك على الصحيحين، كتاب الجنائز (1/ 534)(1401)، من طريق عبد الله بن وهب، عن يونس، عن ابن شهاب، عن خارجة بن زيد، ووافقه الذهبي. وأخرجه البخاري في "صحيحه"، كتاب مناقب الأنصار، باب مقدم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه المدينة (5/ 67)(3929) من طريق إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب، قال: أخبرني خارجة بن زيد بن ثابت.
(2)
[فقالا: لانعلم إلا الخير قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: الجنة إن شاء الله. قال: فما تقولون في رجل مات فقام رجلان ذوا عدل فقالا] سقط من ب.
(3)
المعجم الكبير، باب الكاف، إسحاق بن كعب بن عجرة، عن أبيه كعب (19/ 147) من طريق إسحاق بن إبراهيم بن نسطاس، عن سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة، عن أبيه، عن جده، إسناد ضعيف فيه إسحاق بن إبراهيم المدني وقال الذهبي في "ديوان الضعفاء" (1/ 26) (313): ضعفوه، له عن سعد بن إسحاق. وقال الهيثمي في المجمع (5/ 295) (9526): رواه الطبراني وفيه إسحاق بن إبراهيم بن نسطاس وهو ضعيف.
(4)
مسند أبي يعلى، مسند أنس بن مالك، ثابت البناني عن أنس (6/ 199)(3481)، من طريق مؤمل بن إسماعيل، ثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس. إسناده حسن، مؤمل بن إسماعيل صدوق سيئ الحفظ. وأخرجه أحمد في مسنده، مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه (21/ 174)(13541)، بهذا الإسناد. وقال الهيثمي في"المجمع" (3/ 4) (3960): رواه أحمد، وأبو يعلى. ورجال أحمد رجال الصحيح. وتقدم تخريجه في (ص: 923).
فإن قيل: هل ينفع الثناء على الميت وإن خالف الواقع، أو لا بُد أن يكون الثناء عليه موافقًا للواقع؟
فالجواب ما قاله الشيخ زين الدين: أن فيه قولين للعلماء أصحهما أن ذلك ينفعه، وإن لم يطابق الواقع لأنه لو كان لا ينفعه إلا بالموافقة لم يكن للثناء فائدة، وقد تقدم أيضًا
(1)
.
ويؤيد هذا ما رواه ابن عدي في الكامل من رواية فرات بن السائب عن ميمون بن مهران عن ابن عمر، رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" إن العبد ليرزق الثناء والستر والحب من الناس حتى يقول الحفظة: ربنا إنك تعلم غير ما يقولون فيقول: أشهدكم أني قد غفرت له ما لا يعلمون، وقبلت شهادتهم على ما يقولون"
(2)
.
فإن قيل: هل يشترط في هذه الشهادة العدالة كما في سائر الشهادات؟ أو يكفي في ذلك شهادة المسلمين وإن لم يكونوا بوصف العدالة المشترطة في الشهادة؟
فالجواب: أن الظاهر هو الأول بدليل حديث كعب بن عجرة رضي الله عنه الذي ذكر آنفًا
(3)
؛ لأنه قال فيه: "فقام رجلان ذوا عدل"، وعلى الثاني يدل ظاهر حديث الباب، ومع هذا الأصل في الشهادة العدالة، والله أعلم
(4)
.
ورواة هذا الحديث كلهم بصريون إلا أن داود مروزي تحول إلى البصرة وهو من أفراد المؤلف، وفيه رواية تابعي عن تابعي عن صحابي.
وأخرج متنه المؤلف في الشهادات أيضًا، وأخرجه الترمذي في الجنائز، وكذا النسائي
(5)
.
(1)
عمدة القاري (8/ 197).
(2)
أخرجه الذهبي في لسان الميزان (4/ 431)(1314)، وقال ابن عدي في "الكامل"(7/ 136)(1570)، ولفرات بن السائب غير ما ذكرت من الحديث خاصة أحاديثه عن ميمون بن مهران مناكير.
(3)
المعجم الكبير (19/ 156)(344).
(4)
عمدة القاري (8/ 197).
(5)
صحيح البخاري، كتاب الشهادات، باب تعديل كم يجوز؟ (3/ 169)(2642) * سنن الترمذي، أبواب الجنائز، باب ما جاء في الثناء الحسن على الميت (3/ 364)(1059). *السنن الصغرى للنسائي، كتاب الجنائز، باب الثناء (4/ 50)(1934).