الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ مَنْ يُقَدَّمُ فِي اللَّحْدِ
.
قَالَ الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ رحمه الله:
وَسُمِّيَ اللَّحْدَ لأَنَّهُ فِي نَاحِيَةٍ وَكُلُّ جَائِرٍ مُلْحِدٌ. {مُلْتَحَدًا} : مَعْدِلًا. وَلَوْ كَانَ مُسْتَقِيمًا كَانَ ضَرِيحًا.
1347 -
حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنِى ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ فِى ثَوْبٍ وَاحِدٍ ثُمَّ يَقُولُ: «أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ» . فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى أَحَدِهِمَا قَدَّمَهُ فِى اللَّحْدِ وَقَالَ: «أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلَاءِ» . وَأَمَرَ بِدَفْنِهِمْ بِدِمَائِهِمْ، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يُغَسِّلْهُمْ.
قَالَ الشَّارِحُ رحمه الله:
(بَابُ مَنْ يُقَدَّمُ) من الموتى (فِي اللَّحْدِ) إذا وضعوا وهو بفتح اللام وضمها، يقال: لحدت الميت وألحدت له، قال الفراء: الرباعي أجود، وقال غيره: الثلاثي أكثر ويؤيد في حديث عائشة رضي الله عنها في دفن النبي صلى الله عليه وسلم "فأرسلوا إلى الشقاق، واللاحد"
(1)
الحديث أخرجه ابن ماجه.
وأصله الميل لأحد الجانبين
(2)
ولذا قال المؤلف: (وَسُمِّيَ اللَّحْدَ) أي: لحدًا (لأَنَّهُ) شق يعمل (فِي نَاحِيَةٍ) أي: جانب من القبر مائلًا عن استوائه، قدر ما يوضع فيه الميت في جهة القبلة فيوضع فيه ويطبق عليه اللبن.
(وَكُلُّ جَائِرٍ مُلْحِدٌ) من الإلحاد من باب الإفعال، وقد مر أن أصله الميل والعدول عن الشيء، وقيل للمائل عن الدين: ملحد ،وقد يقال: إن الملحد هو المماري والمجادل.
(1)
سنن ابن ماجة، كتاب الجنائز، باب ما جاء في الشق (1/ 497)(1558) من طريق عبد الرحمن بن أبي مليكة القرشي حدثنا ابن أبي مليكة عن عائشة، وقال البوصيري في"مصباح الزجاجة"(2/ 39)(562) هذا إسناد صحيح رجاله ثقات. ولهذا اللفظ شاهد من حديث سعد بن أبي في صحيح مسلم، كتاب الجنائز، باب في اللحد ونصب اللبن على الميت (2/ 665)(966).
(2)
معجم مقاييس اللغة [لحد](5/ 236).
وفي الجمهرة كل مائل لاحد وملحد ولا يقال له ذلك حتى يميل عن الحق إلى باطل
(1)
.
والجائر يسمى اللاحد أيضًا وقال المؤلف: في قوله تعالى: {وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ (مُلْتَحَدًا} ) [الكهف: 27] أي: (مَعْدِلًا) أي ملتجأ يعدل إليه عن الله تعالى؛ لأن قدرته محيطة بجميع خلقه، كذا فسره الطبري
(2)
.
وهو من باب الافتعال من اللحد من لحد إلى الشيء والتحد إذا مال كما مر. ومن عادة المؤلف أن يفسر ما يناسب لفظ الحديث مما في القرآن.
(وَلَوْ كَانَ) أي: القبر أو الشق (مُسْتَقِيمًا) أي غير مائل إلى ناحية (كَانَ) وفي رواية: لكان باللام
(3)
(ضَرِيحًا) لأن الضريح شق في الأرض على الاستواء.
[223 أ/ص]
وقال ابن الأثير: الضارح: هو الذي يعمل الضريح، وهو القبر، وهو فعيل بمعنى مفعول، من الضرح: /وهو الشق في الأرض
(4)
.
ثم الجمهور على كراهة الدفن في الشق؛ ومنهم إبراهيم النخعي وأبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد، ولو شقوا لمسلم يكون تركًا للسنة اللهم إلا إذا كانت الأرض رخوة لا تحتمل اللحد؛ فإن الشق حينئذ يتعين
(5)
.
وقال فخر الإسلام في الجامع الصغير: وإن تعذر اللحد فلا بأس بتابوت يتخذ للميت، لكن السنة أن يفرش فيه التراب
(6)
.
(1)
جمهرة اللغة [لحد](1/ 505).
(2)
تفسير الطبري (15/ 235).
(3)
إرشاد الساري (2/ 441).
(4)
النهاية في غريب الحديث والأثر (3/ 81).
(5)
النَّوادر والزِّيادات على مَا في المدَوَّنة من غيرها من الأُمهاتِ (1/ 647). والمبسوط (2/ 61)، المغني (2/ 371) والمجموع (5/ 287).
(6)
عمدة القاري (8/ 158).
وقال صاحب المبسوط والمحيط والبدائع وغيرهم عن الشافعي: إن الشق أفضل عنده
(1)
، وهكذا نقله القرافي في الذخيرة عنه
(2)
.
وقال النووي في شرح المهذب: أجمع العلماء على أن اللحد والشق جائزان، لكن إن كانت الأرض صلبة لا ينهار ترابها فاللحد أفضل وإن كانت رخوة تنهار فالشق أفضل
(3)
.
قال العيني: وفيه نظر من وجهين:
الأول: أن الأرض إذا كانت رخوة يتعين الشق فلا يقال أفضل.
والثاني: أنه يصادم الحديث الذي رواه الأئمة الأربعة عن ابن عباس، رضي الله عنهما، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "اللحد لنا والشق لغيرنا"
(4)
، ومعنى اللحد لنا أي: لأجل أموات المسلمين، والشق لأجل أموات الكفار.
وقال شيخ زين الدين: المراد بقوله: لغيرنا أهل الكتاب كما ورد مصرحًا به في بعض طرق حديث جرير، في مسند الإمام أحمد "والشق لأهل الكتاب"
(5)
فالنبي صلى الله عليه وسلم جعل اللحد للمسلمين
(1)
المبسوط (2/ 61)، والمحيط البرهاني (2/ 190) وبدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (1/ 318).
(2)
الذخيرة (2/ 478).
(3)
المجموع (5/ 287).
(4)
سنن أبي داود، كتاب الجنائز، باب في اللحد (3/ 213) * وسنن الترمذي، أبواب الجنائز، باب ما جاء في قول النبي صلى الله عليه وسلم اللحد لنا، والشق لغيرنا (3/ 354)(1045)، وقال: وفي الباب عن جرير بن عبد الله، وعائشة، وابن عمر، وجابر.:"حديث ابن عباس حديث غريب من هذا الوجه" * السنن الصغرى للنسائي، كتاب الجنائز، اللحد والشق (4/ 80)(2009) * سنن ابن ماجة، كتاب الجنائز، باب ما جاء في استحباب اللحد (1/ 496)(1555). من طريق علي بن عبد الأعلى، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، حسن لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل عبد الأعلى: وهو ابن عامر الثعلبي الكوفي قال ابن حجر في "التقريب"(ص: 331)(3731). والحديث من رواية ابن عباس في السنن الأربعة. ومن رواية سعد بن أبي وقاص في مسلم (2/ 665)(966).
(5)
مسند الإمام أحمد بن حنبل، ومن حديث جرير بن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم (31/ 545)(19213) من طريق وكيع، عن سفيان، عن أبي اليقظان عثمان بن عمير البجلي، عن زاذان، عن جرير بن عبد الله، إسناده ضعيف لضعف أبي اليقظان عثمان ابن عمير البجلي، قال ابن حجر في "التقريب" (ص: 386) (4507) ضعيف واختلط وكان يدلس ويغلو في التشيع. وبقية رجاله ثقات رجال الصحيح، وقال الإمام النووي في" خلاصة الأحكام" (2/ 1013) (3617): ورواه أحمد وابن ماجة من رواية جرير، وهو ضعيف أيضًا.
والشق لأهل الكتاب فكيف يكونان سواء؟! على أنه روى عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم في اللحد منها حديث عائشة رضي الله عنها رواه ابن أبي شيبة في مصنفه
(1)
ومنها حديث ابن عمر رضي الله عنهما "أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى أن يلحد له"
(2)
رواه ابن أبي شيبة أيضًا.
وروى ابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها قالت: لما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم اختلفوا في اللحد والشق، حتى تكلموا في ذلك، وارتفعت أصواتهم، فقال عمر، رضي الله عنه: لا تصخبوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حيًا ولا ميتا، أو كلمة نحوها، فأرسلوا إلى الشقاق، واللاحد جميعا، فجاء اللاحد، فلحد لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم دفن"
(3)
.
وفي طبقات ابن سعد، من رواية حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت:"كان بالمدينة حفاران" وفي رواية "قباران أحدهما يلحد والآخر يشق"
(4)
الحديث.
(1)
مصنف ابن أبي شيبة، كتاب الجنائز، في اللحد للميت من أقر به وكره الشق، (3/ 14)(11639)، من طريق وكيع، عن العمري، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، وأخرجه أحمد في مسنده (8/ 380)(4762)، بهذا الإسناد، وفيه العمري وهو: عبد الله بن عمر بن حفص المدني، قال ابن حجر في "التقريب" (ص: 314) (3472): وهو ضعيف الحديث. وقد أخرجه الطيالسي (3/ 64)(1554) عن صالح بن أبي الأخضر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، أن النبي صلى الله عليه وسلم ألحد له. وقال ابن حجر في "التقريب" (ص: 271) (2844): وصالح بن أبي الأخضر ضعيف يعتبر به. وله شاهد من حديث سعد بن أبي وقاص عند مسلم (966).
(2)
مصنف ابن أبي شيبة، كتاب الجنائز، (3/ 14)(11639)، تقدم تخريجه (في ص:797).
(3)
سنن ابن ماجة، كتاب الجنائز، (1/ 497) (1558). تقدم تخريجه (في ص:794).
(4)
الطبقات الكبرى (2/ 225) من طريق حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة، قال الدارقطني في "العلل"(14/ 198)(3550) هو حديث يرويه هشام بن عروة، واختلف عنه؛ فرواه عبد الله بن محمد بن يحيى بن عروة بن الزبير، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة، ورواه حماد بن سلمة، واختلف عنه؛ فرواه أبو الوليد الطيالسي عنه مرفوعًا، عن عائشة. وأرسله حجاج بن المنهال، عن حماد بن سلمة، عن هشام، عن أبيه وكذلك رواه مالك، وابن عيينة، مرسلًا، وهو المحفوظ.
[224 أ/س]
/ومنها حديث سعد رواه مسلم والنسائي وابن ماجه من رواية عامر بن سعد بن أبي وقاص، أن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، قال في مرضه الذي هلك فيه:" ألحدوا لي لحدا، وانصبوا علي اللبن، كما فعل برسول الله صلى الله عليه وسلم "
(1)
ومنها: حديث أنس رضي الله عنه رواه ابن ماجه عنه قال: "لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم، كان بالمدينة رجل يلحد، والآخر يضرح، فقالوا: نستخير ربنا، ونبعث إليهما، فأيهما سبق تركناه، فأرسل إليهما فسبق صاحب اللحد، فألحدوا للنبي صلى الله عليه وسلم "
(2)
.
ومنها حديث بريدة رضي الله عنه رواه البيهقي عن ابن بردة عن أبيه قال: "أدخل النبي صلى الله عليه وسلم من قبل القبلة وألحد له لحد، ونصب عليه اللبن نصبا"
(3)
.
ومنها حديث أبي طلحة رواه ابن سعد في الطبقات قال: "اختلفوا في الشق واللحد للنبي صلى الله عليه وسلم فقال المهاجرون: شقوا كما يحفر أهل مكة. وقالت الأنصار: الحدوا كما يحفر بأرضنا. فلما اختلفوا في ذلك قالوا: اللهم خِرْ لنبيك. ابعثوا إلى أبي عبيدة وإلى أبي طلحة فأيهما جاء قبل الآخر فليعمل عمله. قال: فجاء أبو طلحة فقال: والله إني لأرجو أن يكون الله قد خار لنبيه صلى الله عليه وسلم إنه كان يرى اللحد فيعجبه"
(4)
.
(1)
صحيح مسلم، كتاب الجنائز، باب في اللحد ونصب اللبن على الميت (2/ 665)(966) * السنن الصغرى للنسائي، كتاب الجنائز، اللحد والشق (4/ 80)(2007) * سنن ابن ماجة، كتاب الجنائز، باب ما جاء في استحباب اللحد (1/ 496)(1556).
(2)
سنن ابن ماجة، كتاب الجنائز، باب ما جاء في استحباب اللحد (1/ 496)(1557)، هاشم بن القاسم، حدثنا مبارك ابن فضالة، حدثني حميد الطويل عن أنس بن مالك، وهذا إسناد حسن من أجل مبارك بن فضالة، وأخرجه أحمد في "مسنده"، مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه (19/ 408)(12415) عن أبي النضر هاشم بن القاسم، بهذا الإسناد.
(3)
السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الجنائز، جماع أبواب التكبير على الجنائز (4/ 90) (7056) وقال: أبو بردة هذا هو عمرو بن يزيد التميمي الكوفي، وهو ضعيف في الحديث ضعفه يحيى بن معين وغيره.
(4)
الطبقات الكبرى (2/ 228).
[98 ب/ص]
ثم الحكمة في اختياره صلى الله عليه وسلم اللحد على الشق لكونه أستر للميت، واختيار السنة للأنصار فإنه صلى الله عليه وسلم قال لهم:"المحيا محياكم والممات مماتكم"
(1)
فأراد إعلامهم بأنه إنما يموت عندهم، ولا يريد الرجوع إلى بلده مكة فوافقهم / أيضًا في صفة الدفن.
وفيه حديث رواه السلفي عن أُبَيّ بن كعب رضي الله عنه يرفعه: "اللحد لآدم وغسل بالماء وترا وقالت الملائكة: هذه سنة ولده من بعده"
(2)
.
(حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ) المروزي وفي رواية محمد بن مقاتل قال: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ) هو ابن المبارك المروزي قال: (أَخْبَرَنَا لَيْثُ) وفي رواية الليث بلام التعريف (بْنُ سَعْدٍ) إمام مصر.
قال: (حَدَّثَنِى) بالإفراد (ابْنُ شِهَابٍ) الزهري (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ) الأنصاري رضي الله عنه.
(أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ فِى ثَوْبٍ وَاحِدٍ ثُمَّ يَقُولُ: أَيُّهُمْ) أيْ: أيُّ القتلى (أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ. فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى أَحَدِهِمَا قَدَّمَهُ فِى اللَّحْدِ) مما يلى القبلة /وحق لقارئ القرآن الذي خالط لحمه ودمه وأخذ بمجامعه، أن يقدم على غيره في حياته في الإمامة، وفي مماته في القبر.
[224 أ/ص]
وفي الحديث تقديم الأفضل، فيقدم الرجل ولو ابنا، ثم الصبي، ثم الخنثى، ثم المرأة. فإن اتحد النوع قدم بالأفضلية المعروفة في نظائره؛ كالأفقه والأقرأ، إلا الأب فيقدم على الابن وإن فضله الابن لحرمة الأبوة، وكذا الأم مع البنت.
(وَقَالَ:) صلى الله عليه وسلم (أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلَاءِ) أي: حفيظ عليهم، أراقب أحوالهم، وأشفع لهم.
(1)
جزء من حديث طويل أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب فتح مكة (3/ 1407)(1780).
(2)
أمالي المحاملي - رواية ابن يحيى البيع، أبو عبد الله البغدادي الحسين بن إسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن سعيد بن أبان الضبي المحاملي (المتوفى: 330 هـ) المحقق: د. إبراهيم القيسي، المكتبة الإسلامية، دار ابن القيم - عمان - الأردن، الدمام، الطبعة: الأولى، 1412 (1/ 360)(403)، من طريق روح بن أسلم، عن حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن الحسن عن عتي عن أُبَي، وقال الضياء المقدسي في" الأحاديث المختارة" (4/ 21) (1252):[فيه] روح بن أسلم، وقد تكلم فيه غير واحد من الأئمة، والمشهور غير مرفوع، والله أعلم.
(وَأَمَرَ بِدَفْنِهِمْ بِدِمَائِهِمْ، وَلَمْ يُصَلِّ) صلى الله عليه وسلم (عَلَيْهِمْ وَلَمْ يَغْسلْهُمْ) بفتح أوله وسكون ثانيه.
قَالَ الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ رحمه الله:
1348 -
وَأَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِىُّ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لِقَتْلَى أُحُدٍ: «أَىُّ هَؤُلَاءِ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ» . فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى رَجُلٍ قَدَّمَهُ فِى اللَّحْدِ قَبْلَ صَاحِبِهِ. وَقَالَ جَابِرٌ: فَكُفِّنَ أَبِى وَعَمِّى فِى نَمِرَةٍ وَاحِدَةٍ
1348 م - وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ: حَدَّثَنِى الزُّهْرِىُّ حَدَّثَنَا مَنْ سَمِعَ جَابِرًا - رضى الله عنه.
قَالَ الشَّارِحُ رحمه الله:
قال أبو عبدالله البخاري: (وَأَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِىُّ) هو عبد الرحمن (عَنِ الزُّهْرِىِّ) محمد بن مسلم بن شهاب (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ) رضي الله عنه قال: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لِقَتْلَى أُحُدٍ: أَىُّ هَؤُلَاءِ) القتلى (فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى رَجُلٍ قَدَّمَهُ فِى اللَّحْدِ قَبْلَ صَاحِبِهِ) وهذا طريق منقطع؛ لأن ابن شهاب الزهري لم يسمع من جابر؛ لأن جابرًا رضي الله عنه توفي سنة ثمان وثمانين
(1)
وفي الكاشف: سنة ثمان وسبعين
(2)
. ومولد الزهري سنة ثمان وخمسين قاله الواقدي
(3)
.
وقال أبو زرعة الدمشقي: مولده سنة خمسين
(4)
قال العيني: لقيه ممكن، ولكن سماعه منه لم يثبت، وأما طريق ابن شهاب الأول فمتصل
(5)
.
(وَقَالَ جَابِرٌ) رضي الله عنه (فَكُفِّنَ أَبِى) عبدالله بن عمرو بن حرام (وَعَمِّى) عمرو بن الجموح بن زيد بن حرام.
(1)
عمدة القاري (8/ 160).
(2)
الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة [حرف الجيم](1/ 287).
(3)
الطبقات الكبرى (5/ 356)، تهذيب الكمال في أسماء الرجال (26/ 441).
(4)
تاريخ أبي زرعة الدمشقي، عبد الرحمن بن عمرو بن عبد الله بن صفوان النصري المشهور بأبي زرعة الدمشقي الملقب بشيخ الشباب (المتوفى: 281 هـ)، أبي الميمون بن راشد، دراسة وتحقيق: شكر الله نعمة الله القوجاني (أصل الكتاب رسالة ماجستير بكلية الآداب - بغداد)، مجمع اللغة العربية - دمشق (1/ 584).
(5)
عمدة القاري (8/ 160).
ذكر في التلويح أن قوله: عمى، يتبادر منه إلى الذهن أنه عم جابر رضي الله عنه وليس كذلك؛ لأنه عمرو بن الجموح بن زيد بن حرام وعبدالله أبو جابر هو ابن عمرو بن حرام فهو ابن عمه وزوج أخته هند بنت عمرو، فسماه عمًا تعظيمًا له وتكريمًا. ذكره أبو عمر وغيره
(1)
.
وقال الكرماني: قوله: "عمي" قيل: هذا تصحيف "عمرو" أو وهم؛ لأن المدفون مع أبيه هو عمرو بن الجموح الأنصاري الخزرجي السلمي، ويحتمل أن يجاب عنه أنه أطلق العم عليه مجازًا كما هو عادتهم فيه، لا سيما وقد كان بينهما قرابة
(2)
.
وقال النووي: إن عبد الله وعمرًا كانا صهرين
(3)
.
(فِى نَمِرَةٍ وَاحِدَةٍ) بفتح النون وكسر الميم بردة من صوف أو غيره مخططة
(4)
.
[225 أ/س]
وقال القزاز: هي دراعة فيها لونان سواد وبياض. /ويقال للسحابة إذا كانت كذلك: نمرة
(5)
.
وقال الكرماني: النمرة بردة من صوف يلبسها الأعراب، وهي بكسر الميم وسكونها، ويجوز كسر النون مع سكون الميم
(6)
.
ذكر الواقدي وابن سعد أنهما كفنا في نمرتين فإن صح حمل على أن النمرة الواحدة شقت بينهما نصفين
(7)
.
وفي طبقات ابن سعد أن ذلك كان بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولفظه: "قالوا: وكان عبدالله بن عمرو بن حرام أول قتيل قتل من المسلمين يوم أحد، قتله سفيان بن عبد شمس، وقال رسول الله
(1)
الاستيعاب (3/ 1168).
(2)
كواكب الدراري (7/ 124).
(3)
تهذيب الأسماء واللغات (2/ 25).
(4)
مشارق الأنوار على صحاح الآثار [ن م ر](2/ 13).
(5)
فتح لباري (3/ 213)
(6)
كواكب الدراري (7/ 124).
(7)
المغازي (1/ 267) والطبقات الكبرى (3/ 562).
- صلى الله عليه وسلم: ادفنوا عبدالله بن عمرو وعمرو بن الجموح لما كان بينهما من الصفاء. وقال: ادفنوا هذين المتحابين في الدنيا في قبر واحد"
(1)
.
(وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ) بالمثلثة أبو محمد العبدي قال النسائي: ليس به بأس إلا في الزهري. وقال يحيى بن معين: ضعيف
(2)
.
(حَدَّثَنِى الزُّهْرِىُّ) قال: (حدثني
(3)
مَنْ سَمِعَ جَابِرًا رضي الله عنه) هو المسمى في رواية الليث وهو عبدالرحمن بن كعب بن مالك قال الكرماني: واعلم أن الفرق بين هذه الطرق أن الليث ذكر عبدالرحمن واسطة بين الزهري وجابر، والأوزاعي لم يذكر الواسطة بينهما، وسليمان ذكر واسطة مجهولًا فاعلم ذلك
(4)
.
وقال الدارقطني: اضطرب فيه الزهري، ومنع الحافظ العسقلاني الاضطراب بأن الحاصل من الاختلاف فيه على الثقات، أن الزهري حمله عن شيخين، وأما إبهام سليمان لشيخ الزهري وحذف الأوزاعي له فلا يؤثر ذلك في رواية من سماه؛ لأن الحجة لمن ضبط وزاد إذا كان ثقة، لا سيما إذا كان حافظًا
(5)
.
وتعقبه العيني: بأن الاختلاف على الثقات والإبهام مما يورث الاضطراب، ولا يندفع ذلك بما ذكره
(6)
.
(1)
الطبقات الكبرى (3/ 562)، من طريق الوليد بن مسلم قال: حدثني الأوزاعي عن الزهري عن جابر بن عبد الله، به موضع انقطاع بين محمد بن شهاب الزهري وجابر بن عبد الله الأنصاري، وباقي رجاله ثقات عدا محمد بن سعد الهاشمي، قال بن حجر في "التقريب" (ص: 480) (5903): صدوق فاضل.
(2)
سليمان بن كثير العبدي البصري، أبو داود، وأبو محمد، لا بأس به في غير الزهري، من السابعة مات سنة ثلاث وثلاثين ومائة، تقريب التهذيب (ص: 254) (2602). وتهذيب الكمال في أسماء الرجال (12/ 58).
(3)
في أصل البخاري (حَدَّثَنَا).
(4)
كواكب الدراري (7/ 125).
(5)
فتح لباري (3/ 213)
(6)
عمدة القاري (8/ 160).