الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب مَا قِيلَ فِى أَوْلَادِ الْمُسْلِمِينَ
قَالَ الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ رحمه الله:
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ مَاتَ لَهُ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ كَانَ لَهُ حِجَابًا مِنَ النَّارِ، أَوْ دَخَلَ الْجَنَّةَ» .
قَالَ الشَّارِحُ رحمه الله:
(باب مَا قِيلَ فِى أَوْلَادِ الْمُسْلِمِينَ) غير البالغين (قَالَ) وفي رواية: "وقال"(أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ مَاتَ لَهُ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ) أي: سن التكليف الذي يكتب فيه الحنث وهو الإثم (كَانَ) بالإفراد واسمها ضمير يعود إلى الموت المفهوم مما سبق أي: كان موتهم (لَهُ حِجَابًا مِنَ النَّارِ) ويروي: كانوا؛ أي: الأولاد له حجابًا من النار.
(أَوْ دَخَلَ الْجَنَّةَ) وهذا تعليق من البخاري. قال الحافظ العسقلاني: لم أره موصولًا من حديثه على هذا الوجه الذي ذكره تعليقًا
(1)
.
نعم، عند أحمد من طريق عوف، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ:"ما من مسلمين يموت لهما ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث، إلا أدخلهما الله وإياهم- بفضل رحمته- الجنة"
(2)
.
(1)
فتح الباري (3/ 245).
(2)
مسند الإمام أحمد بن حنبل، مسند أبي هريرة رضي الله عنه (16/ 364)(6)، من طريق إسحاق، أخبرنا عوف، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، إسناده صحيح. وأخرجه النسائي (4/ 25)(1876) بهذا الإسناد.
ولمسلم من طريق سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا: "لا يموت لإحداكن ثلاثة من الولد فتحتسب
(1)
إلا دخلت الجنة"
(2)
الحديث.
وله من طريق أبي زرعة عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لامرأة: " دفنت ثلاثة؟. قالت: نعم، قال: لقد احتظرت بحظار شديد من النار"
(3)
.
وفي صحيح أبي عوانة من طريق عاصم عن أنس رضي الله عنه: مات ابن للزبير فجزع عليه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "من مات له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث، كانوا له حجابًا من النار"
(4)
.
قال الزين ابن المنير: تقدَّم في أوائل الجنائز ترجمة: "من مات له ولد فاحتسب"، وفيها الحديث الذي رواه سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" لا يموت لمسلم ثلاثة من الولد فيلج النار إلا تحلة القسم"
(5)
، وإنما ترْجَم بهذه هنا لمعرفة مآل الأولاد ،ووجه انتزاع ذلك من الأحاديث المذكورة هنا من حيث إن من يكون سببًا في حجب النار عن الأبوين ودخولهما الجنة فأولى أن يحجبوا عنها ويدخلوا الجنة، وذلك معلوم من فحوى الخطاب
(6)
.
وقال النووي: أجمع من يعتد به من علماء المسلمين على أن من مات من أطفال المسلمين فهو من أهل الجنة، وتوقف فيه بعضهم لحديث عائشة رضي الله عنها يعني الذي أخرجه مسلم بلفظ:
(1)
في صحيح مسلم (فتحتسبه).
(2)
صحيح مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب فضل من يموت له ولد فيحتسبه (4/ 2028)(2632).
(3)
صحيح مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب فضل من يموت له ولد فيحتسبه (4/ 2030)(2636).
(4)
أخرجه ابن حجر في "تغليق التعليق"(2/ 498) من طريق أبي عوانة، عن محمد بن عوف الحمصي، عن الهيثم بن جميل، عن سلام بن سليم، عن عاصم بن سليمان عن أنس بن مالك، وقال: كذا رواه أبو عوانة في صحيحه وهو من زياداته على مسلم، إسناده متصل، رجاله ثقات. وأخرجه البزار في مسنده، مسند أبي حمزة أنس بن مالك (13/ 105)(6472) بهذا السند، وقال: وهذا الحديث لم يروه عن عاصم، عن أنس إلا سلام، ولا عن سلام إلا الهيثم بن جميل.
(5)
صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب فضل من مات له ولد فاحتسب (3/ 73)(1251).
(6)
فتح الباري (3/ 244).
"توفي صبي، من الأنصار فقلت: طوبى له عصفور من عصافير الجنة لم يعمل سوءًا ولم يدركه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أو غير ذلك، يا عائشة؟ إن الله تعالى خلق للجنة أهلًا، خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم، وخلق للنار أهلا، خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم"
(1)
.
[272 أ/ص]
والجواب عنه من وجهين؛ أحدهما: أنه لعله نهاها عن /المسارعة إلى القطع من غير دليل. والثاني: أنه صلى الله عليه وسلم قال ذلك قبل أن يطلع على أن أطفال المسلمين في الجنة
(2)
.
وقال القرطبي: نفى بعضهم الخلاف؛ وكأنه عني: ابن أبي زيد
(3)
، فإنه أطلق الإجماع في ذلك، ولعله أراد إجماع من يعتد بهم
(4)
، وقال المازري: الخلاف في غير أولاد الأنبياء. انتهى
(5)
.
وروى عبدالله ابن الإمام أحمد في زيادات المسند عن علي رضي الله عنه مرفوعًا: "أن المسلمين وأولادهم في الجنة، وأن المشركين وأولادهم في النار، ثم قرأ {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ} [الطور: 21]
(6)
الآية. وهذا أصح ما ورد في تفسير هذه الآية وبه جزم ابن عباس رضي الله عنهما
(7)
.
قَالَ الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ رحمه الله:
(1)
صحيح مسلم، كتاب القدر، باب معنى كل مولود يولد على الفطرة (4/ 2050)(2662).
(2)
شرح صحيح مسلم (16/ 207).
(3)
هو: أبو محمد عبد الله بن (أبي زيد) عبد الرحمن النفزي، القيرواني، المالكي (المتوفى: 386 هـ) صاحب "النَّوادر والزِّيادات على مَا في المدَوَّنة"
(4)
عمدة القاري (8/ 210).
(5)
شرح التلقين (1/ 1156).
(6)
مسند الإمام أحمد بن حنبل، مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه (2/ 348)(1131) من طريق محمد بن عثمان، عن زاذان، عن علي، إسناده ضعيف لجهالة محمد بن عثمان، قال الذهبي في لسان الميزان (5/ 279) (964):"محمد" بن عثمان لا يدرى من هو فتشت عنه في أماكن وله خبر منكر ثم ذكر ثم ساق هذا الحديث، وأورده الهيثمي في "المجمع" (7/ 217) وقال: رواه عبد الله بن أحمد، وفيه محمد بن عثمان ولم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح.
(7)
فتح الباري (3/ 245).
1381 -
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إبراهيم حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنَ النَّاسِ مُسْلِمٌ يَمُوتُ لَهُ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ إِلَاّ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ إِيَّاهُمْ» .
قَالَ الشَّارِحُ رحمه الله:
(حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إبراهيم) أي: ابن كثير الدورقي قال: (حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ) بضم المهملة وفتح اللام وتشديد التحتانية، إسماعيل بن إبراهيم البصري، وعليّة أمه وقد مر في:"باب حب الرسول من الإيمان"، قال:(حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنَ النَّاسِ مُسْلِمٌ يَمُوتُ لَهُ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ) وسقط في رواية قوله: "من الولد"
(1)
(لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ إِلَاّ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ إِيَّاهُمْ) وقد مر الحديث في أوائل كتاب الجنائز، وقد مضى الكلام فيه مستوفي هناك.
قَالَ الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ رحمه الله:
1382 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِىِّ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ سَمِعَ الْبَرَاءَ - رضى الله عنه - قَالَ: لَمَّا تُوُفِّىَ إبراهيم عليه السلام قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ لَهُ مُرْضِعًا فِى الْجَنَّةِ» .
قَالَ الشَّارِحُ رحمه الله:
(حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ) هشام بن عبدالملك الطيالسي، قال:(حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) أي: ابن الحجاج
(1)
عمدة القاري (8/ 211).
[119 ب/ص]
(عَنْ عَدِىِّ بْنِ ثَابِتٍ
(1)
) الأنصاري الكوفي التابعي المشهور
(2)
، وثقه أحمد والنسائي والعجلي والدارقطني، إلا أنه كان يغلو في التشيع لكن احتج به الجماعة
(3)
/ ولم يخرج له في الصحيح شيئًا مما يقوي بدعته
(4)
.
(أَنَّهُ سَمِعَ الْبَرَاءَ) أي: ابن عازب (رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا تُوُفِّىَ إبراهيم) وزاد الإسماعيلي من طريق عمرو بن مرزوق عن شعبة بسنده: "ابن رسول صلى الله عليه وسلم
(5)
".
(قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ لَهُ مُرْضِعًا فِى الْجَنَّةِ») بضم الميم أي: من يتم رضاعه في الجنة، ويروي بفتح الميم أي: رضاعًا، وفي رواية الإسماعيلي من طريق عمرو بن مرزوق:"مرضعًا ترضعه في الجنة". قال ابن التين: يقال امرأة مرضع بلا هاءٍ مثل حائض، بمعنى الاسم ،وإذا بني من الفعل تثبت الهاء؛ قال تعالى:{يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ}
(6)
[الحج: 2] ق:: {يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ} المصدر نفسه (3/ 245). [الحج:2]
(7)
، ومطابقته للترجمة ظاهرة.
(1)
هو: عدي بن ثابت الأنصاري الكوفي، ثقة، رمي بالتشيع، من الرابعة، مات سنة ست عشرة، تهذيب الكمال (19/ 522)(3883)، وتقريب التهذيب (ص: 388) (4539).
(2)
تهذيب الكمال في أسماء الرجال، ثابت الأنصاري، والد عدي بن ثابت (4/ 387)(837).
(3)
خلاصة تذهيب تهذيب الكمال في أسماء الرجال، أحمد بن عبد الله بن أبي الخير بن عبد العليم الخزرجي الأنصاري الساعدي اليمني، صفي الدين (المتوفى: بعد 923 هـ)، المحقق: عبد الفتاح أبو غدة، مكتب المطبوعات الإسلامية/دار البشائر، حلب - بيروت، الطبعة: الخامسة، 1416 هـ (263).
(4)
مقدمة فتح الباري (1/ 425).
(5)
فتح الباري (3/ 245).
(6)
المصدر نفسه (3/ 245).
(7)
سقط من أوب (ترونها)
[273 أ/س]
ثم إنه لا خلاف أن جميع أولاد النبي صلى الله عليه وسلم من خديجة رضي الله عنها سوى إبراهيم فإنه من مارية القبطية، /وكان ميلاده في ذي الحجة سنة ثمان، وقال الواقدي: مات إبراهيم يوم الثلاثاء لعشر خلون من ربيع الأول سنة عشر وهو ابن ثمانية عشر شهرًا ودفن في البقيع
(1)
.
(تذييل) وفي مسند الفريابي: "أن خديجة رضي الله عنها دخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موت القاسم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي تبكي، فقالت: يا رسول الله لو كان عاش حتى يستكمل الرضاعة لهون عليَّ. فقال صلى الله عليه وسلم: إن له مرضعًا في الجنة يستكمل رضاعته فقالت: لو أعلم ذلك لهون عليَّ. فقال: إن شئت أسمعتك صوته في الجنة فقالت:
(2)
بل أصدق الله ورسوله"
(3)
.
قال السهيلي: وهذا فقهها رضي الله عنها كرهت أن تؤمن بهذا الأمر معاينة فلا يكون لها أجر الإيمان بالغيب هذا
(4)
.
(1)
الطبقات الكبرى (1/ 115).
(2)
فقال في ب
(3)
الروض الأنف في شرح السيرة النبوية لابن هشام، حديث تزويج رسول الله صلى الله عليه وسلم خديجة رضي الله عنها:(2/ 157)، ولم يذكر السند.
(4)
المصدر نفسه (2/ 157).