الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب: غُسْلِ الْمَيِّتِ وَوُضُوئِهِ بِالْمَاءِ وَالسِّدْرِ
.
قَالَ الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ رحمه الله:
وَحَنَّطَ ابْنُ عُمَرَ -رضى الله عنهما- ابْنًا لِسَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، وَحَمَلَهُ وَصَلَّى، وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ -رضى الله عنهما-:"الْمُسْلِمُ لَا يَنْجُسُ حَيًّا وَلَا مَيِّتًا". وَقَالَ سَعْدٌ: "لَوْ كَانَ نَجِسًا مَا مَسِسْتُهُ". وَقَالَ النَّبي صلى الله عليه وسلم: «الْمُؤْمِنُ لَا يَنْجُسُ» .
1253 -
حَدَّثَنَا إسماعيل بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عن أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، عن مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عن أُمِّ عَطِيَّةَ الأنصاريَّةِ - رضى الله عنها - قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ تُوُفِّيَتِ ابْنَتُهُ؛ فَقَالَ: «اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا، أَوْ خَمْسًا، أَوْ أَكْثَرَ مَنْ ذَلِكَ -إِنْ رَأَيْتُنَّ- ذَلِكَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَاجْعَلْنَ فِي الآخِرَةِ كَافُورًا أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ، فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِي» ، فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ؛ فَأَعْطَانَا حِقْوَهُ؛ فَقَالَ:«أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ» .
قَالَ الشَّارِحُ رحمه الله:
(باب غُسْلِ الْمَيِّتِ وَوُضُوئِهِ بِالْمَاءِ وَالسِّدْرِ) بكسر السين المهملة، وإسكان الدال المهملة، وفي آخره راء: شجر النبق يدق أوراقه، ويستعمل في الحمامات
(1)
.
وهذه الترجمة مشتملة على أمور:
الأول: غسل الميت، واختلف فيه؛ فقال أصحابنا: هو واجب على الأحياء بالسنة، وإجماع الأمة: أما السنة؛ فقوله صلى الله عليه وسلم: "للمسلم على المسلم ست حقوق"، وذكر منها: "إذا مات أن
(1)
العين، باب السين والدال والراء معهما (7/ 224).
يغسله"
(1)
، وقد أجمعت الأمة على هذا، وفي شرح (الوجيز) الغسل، والتكفين، /والصلاة: فرض كفاية بالإجماع
(2)
، وكذا نقل النووي الإجماع: على أن غسل الميت فرض كفاية
(3)
.
[47 ب/ص]
وقال الحافظ العسقلاني: وهو ذهول شديد؛ فإنَّ الخلاف مشهور جدًا عند المالكية حتَّى أن القرطبي رجح في شرح مسلم أنَّه سنة
(4)
، ولكن الجمهور على وجوبه وقد ردَّ ابن العربي على من لم يقل بذلك، أي: بالوجوب، وقال: توارد به القول والعمل، وغسل الطاهر المطهر؛ فكيف من سواه
(5)
.
وقال العيني: إن قوله: أي قول القرطبي سنة، معناه: سنة مؤكدة، وهي في قوة الوجوب؛ فلا ذهول هذا
(6)
، وأصل وجوب غسل الميت ما رواه عبد الله بن أحمد في المسند: "أن آدم عليه السلام غسلته الملائكة، وكفنوه، وحنطوه، وحفروا له، وألحدوا، وصلوا عليه، ثُمَّ دخلوا قبره؛ فوضعوه فيه، ووضعوا عليه اللبن، ثُمَّ خرجوا من قبره، ثُمَّ حثوا عليه التراب، ثُمَّ قالوا: يا بني آدم هذا سبيلكم
(7)
"، ورواه البيهقي بمعناه
(8)
.
(1)
قال الزيلعي في (نصب الراية)(2/ 257): فهذا حديث ما عرفته، ولا وجدته، والذي وجدناه من هذا النوع ما أخرجاه في "الصحيحين" عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:"حق المسلم على المسلم خمس: "رد السلام. وعيادة المريض. واتباع الجنائز. وإجابة الدعوة. وتشميت العاطس"، انتهى.
(2)
الوجيز (5/ 114).
(3)
المجموع (5/ 113).
(4)
المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (8/ 71).
(5)
عارضة الأحوذي شرح صحيح التِّرْمِذِي (4/ 209). وفتح الباري (3/ 126).
(6)
عمدة القاري (8/ 36).
(7)
مسند أحمد بن حنبل، حديث عتي بن ضمرة السعدي عن أُبَيّ بن كعب (35/ 162)، (21240) من طريق: حماد بن سلمة، عن حميد، عن الحسن، عن عتي، عن أُبَيّ بن كعب. وأخرجه الحاكم في "المستدرك"، كتاب الجنائز (1/ 495)، (1275) من طريق: إسماعيل، عن يونس، به، وقال:«هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، وهو من النوع الذي لا يوجد للتابعي إلا الراوي الواحد، فإن عتي بن ضمرة السعدي ليس له راو غير الحسن، وعندي أن الشيخين عللاه بعلة أخرى، وهو أنه روي عن الحسن، عن أبي دون ذكر عتي» وقال الذهبي: رواه هشيم وابن عليه عنه، لم يخرجاه؛ لأن عتي بن ضمرة لم يروعنه غير الحسن وله علة.
(8)
السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الجنائز، باب الحنوط للميت (3/ 567) (6699) من طريق: يونس بن عبيد، عن الحسن، عن عتي، عن أُبَيّ بن كعب.
[106 أ/ص]
وأما سبب وجوب غسل الميت؛ فقيل: هو الحدث، فإنَّ الموت سبب لاسترخاء المفاصل
(1)
، وقال الشيخ أبو عبد الله الجرجاني، وغيره من مشايخ العراق: إنما وجب لنجاسة الميت؛ إذ الآدمي له دم مسفوح كسائر الحيوانات، ولهذا يتنجس البئر بموته فيها، وفي (البدائع)، عن محمد بن شجاع: أن الآدمي لا ينجس بالموت كرامة له؛ لأنه لو تنجس لما حكم بطهارته بالغسل كسائر الحيوانات /التي حكم بنجاستها بالموت
(2)
، وسيأتي قول ابن عباس رضي الله عنها "أنَّ المؤمن لا ينجس حيًا وميتًا".
وقال بعض الحنابلة: ينجس بالموت، ولا يطهر بالغسل
(3)
، وينجس الثوب الذي ينشف به كسائر الميتات، وهذا باطل بلا شك، وخرق للإجماع
(4)
، والمشهور عند الجمهور: أنه غسل تعبدي يشترط فيه ما يشترط في سائر الاغسال الواجبة والمندوبة، وقيل: شرع احتياطًا لاحتمال أن يكون عليه جنابة، وفيه نظر؛ لأنَّ لازمه أن لا يشرع غسل من هو دون البلوغ، وهو خلاف الإجماع، والله أعلم
(5)
.
الثاني: وضوء الميت؛ فوضوؤه سنة، كما في الاغتسال في حالة الحياة، غير أنَّه لا يمضمض، ولا يستنشق عندنا؛ لأنهما متعسران
(6)
، وقال صاحب (المغني): ولا يدخل الماء فاه، ولا منخريه في قول أكثر أهل العلم، وهو قول: سعيد بن جبير، والنخعي، والثوري، وأحمد. وقال الشافعي: يمضمض ويستنشق، كما يفعله الحي
(7)
. وقال النووي: المضمضة جعل الماء في فيه
(8)
. قال العيني: وهذا خلاف ما قاله أهل
(1)
تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشِّلْبِيِّ، عثُمَّان بن علي بن محجن البارعي، فخر الدين الزيلعي الحنفي شهاب الدين أحمد بن محمد بن أحمد بن يونس بن إسماعيل بن يونس الشِّلْبِيُّ، المطبعة الكبرى الأميرية - بولاق، القاهرة الطبعة: الأولى، 1313 هـ (1/ 235). والجوهرة النيرة، أبو بكر بن علي بن محمد الحدادي العبادي الزَّبِيدِيّ اليمني، المطبعة الخيرية، الطبعة: الأولى، 1322 هـ (1/ 103).
(2)
البناية شرح الهداية، أبو محمد محمود بن أحمد بن موسى بن أحمد بن حسين الغيتابى الحنفِي بدر الدين العينى، دار الكتب العلمية - بيروت، لبنان، الطبعة: الأولى، 1420 هـ - 2000 م (3/ 181).
(3)
شرح العمدة في الفقه، أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني أبو العباس، تحقيق د. سعود صالح العطيشان، الناشر مكتبة العبيكان، 1413، مكان النشر الرياض (1/ 362).
(4)
ينطر: عمدة القاري (8/ 36).
(5)
فتح الباري (3/ 126)
(6)
ينطر: عمدة القاري (8/ 36).
(7)
المغني لابن قدامة (2/ 165).
(8)
المجموع (5/ 131).
اللغة؛ فقال الجوهري المضمضة تحريك الماء في الفم
(1)
، وإمام الحرمين لم يصوب من قال مثل ما قال النووي
(2)
.
الثالث: استعمال السدر، والحكم فيه عندنا أن الماء يغلي بالسدر أو بالحرض، وهو الإشنان مبالغة في التنظيف، فإنْ لم يكن السدر أو الإشنان؛ فالماء القراح
(3)
، وذكر في (المحيط)، و (المبسوط): أنَّه يغسل أولًا بالماء القراح، ثُمَّ بالماء الذي يطرح فيه السدر، وفي الثالثة: يجعل الكافور في الماء ويغسل
(4)
، هكذا روى عن ابن مسعود رضي الله عنه، وعند سعيد بن المسيب، والنخعي، والثوري: يغسل في المرة الأولى والثانية بالماء القراح، والثالثة بالسدر
(5)
.
وقال الشافعي: يختص السدر بالأولى
(6)
، وبه قال ابن الخطاب من الحنابلة، وعن أحمد: يستعمل السدر في الثلاث كلها؛ وهو قول عطاء، وإسحاق، وسليمان بن حرب
(7)
. وقال الزين ابن المنير: جعلهما آلة لغسل الميت، وهو مطابق لحديث الباب؛ لأنَّ قوله بماء وسدر يتعلق بقوله: اغسلنها
(8)
، وظاهرٌ أن السدر يخلط في كل مرة من مرات الغسل، وهو مشعر بأن غسل الميت للتنظيف لا للتطهير؛ لأنَّ الماء المضاف لا يتطهر به. انتهى
(9)
.
(1)
ينظر الصحاح، مادة مضمض (3/ 1106).
(2)
ينطر: نهاية المطلب في دراية المذهب، عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن محمد الجويني، أبو المعالي، ركن الدين، الملقب بإمام الحرمين، حققه وصنع فهارسه: أ. د/ عبد العظيم محمود الدّيب، دار المنهاج، الطبعة: الأولى، 1428 هـ-2007 م (3/ 9) وعمدة القاري (8/ 36).
(3)
عمدة القاري (8/ 36).
(4)
المحيط البرهاني (2/ 157)، والمبسوط للسرخسي (2/ 59).
(5)
ينطر: عمدة القاري (8/ 36).
(6)
الأم للشافعي (1/ 321)
(7)
المغني لابن قدامة (2/ 166).
(8)
[اغسلينها] في ب
(9)
ينطر: عمدة القاري (8/ 36).
[107 أ/س]
وقد يمنع لزوم كون الماء يصير مضافًا بذاك لاحتمال أن لا يغير السدر وصف الماء بأن يمعك بالسدر، ثُمَّ يغسل بالماء في كل مرة؛ فإنَّ لفظ الخبر لا يأبى ذلك
(1)
، وقال القرطبي: يجعل السدر في ماء، ويخضخض إلى أن يخرج رغوته، ويدلك به جسده، ثُمَّ يصب عليه الماء القراح؛ فهذه غسلة
(2)
، وأعلى ما ورد في ذلك /ما رواه أبو داود مِنْ طَريقِ قتادة، عن ابن سيرين: أنه كان يأخذ الغسل، عن أم عطية؛ فيغسل بالماء والسدر مرتين، والثالثة: بالماء والكافور
(3)
، قال ابن عبد البر: كان يقال كان ابن سيرين أعلم التابعين بذلك
(4)
.
وقال ابن العربي: من قال الأولى: بالماء والقراح، والثانية: بالماء والسدر، أو العكس، والثالثة: بالماء والكافور؛ فليس هو في لفظ الحديث. انتهى
(5)
. وكأن قائله أراد أن يقع إحدى الغسلات بالماء الصرف المطلق؛ لأنه المطهر في الحقيقة، وأما المضاف؛ فلا.
وتمسك بظاهر الحديث: ابن شعبان، وابن الفرضي، وغيرهما من المالكية؛ فقالوا: غسل الميت إنما هو للتنظيف؛ فيجري بالماء المضاف كماء الورد ونحوه، قالوا: وإنما يكره من جهة السرف
(6)
، وكرهت الشافعية، وبعض الحنابلة الماء المسخن
(7)
، وخير مالك ذكره في (الجواهر)، وفي بعض كتب الشافعية، قيل: المسخن أولى بكل حال، وهو قول إسحاق.
وفي الدراية: وعند الشافعي، وأحمد: الماء البارد أفضل إلا أن يكون عليه وسخ، أو نجاسة لا يزول إلا بالماء الحار، أو يكون البرد شديدًا
(8)
.
فإنَّ قيل ترجم المؤلف: بالوضوء، ولم يأت له بحديث.
(1)
فتح الباري (3/ 136)
(2)
المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (8/ 72)
(3)
سنن أبي داود، كتاب الجنائز، باب كيف غسل الميت (3/ 198)، (3147).
(4)
الاستذكار (3/ 8).
(5)
عارضة الأخوذي شرح صحيح التِّرْمِذِي (4/ 210).
(6)
فتح الباري (3/ 126).
(7)
المجموع (5/ 124) والمغني لابن قدامة (2/ 196).
(8)
عمدة القاري (8/ 36).
فالجواب: أنَّه اعتمد على المعهود من الاغتسال عن الجنابة، ويمكن أنْ يقال: إنَّه اعتمد على ما ورد في بعض طرق حديث الباب حديث أم عطية: "أبدَانَ بميامنها ومواضع الوضوء منها"
(1)
، وكأنه أراد أن الوضوء لم يرد الأمر به مجردًا، وإنما ورد البداءة بأعضاء الوضوء؛ كما يشرع في غسل الجنابة، أو أراد أنَّ الاقتصار على الوضوء لا يجزئ الورود الأمر بالغسل
(2)
.
[48 ب/س]
وقال الزين ابن المنير بعد ما ذكر الوجه الأول: أو أراد وضوء الغاسل أي: لا يلزمه وضوء، ولهذا /ساق أثر ابن عمر رضي الله عنها وتعقبه الحافظ العسقلاني: بأنَّ في عود الضمير إلى الغاسل، ولم يتقدم له ذكر بعد، إلا أن يُقال تقدير الترجمة: باب غسل الحي الميت؛ لأنَّ الميت لا يتولى ذلك بنفسه؛ فيعود الضمير إلى المحذوف
(3)
، وهذا كما قال العيني: تعسف، وإن كان له وجه على رجوع الضمير إلى أقرب الشيئين إليه أولى
(4)
.
(وَحَنَّطَ) بالحاء المهملة، وتشديد النون، أي: طيب بالحنوط، واستعمله، وهو كل شيء خلط
(5)
للميت خاصة، كذا قاله الكرماني
(6)
، وتبعه الحافظ العسقلاني
(7)
، وفي الصحاح: الحنوط ذريرة، وهو طيب للميت
(8)
، وقال العيني: الحنوط عطر مركب من أنواع الطيب يجعل على رأس الميت ولحيته ولبقية جسده -إن تيسر-
(9)
، وفي المحيط لا بأس بسائر الطيب في الحنوط غير الزعفران والورس في حق الرجال، ولا بأس بهما في حق النساء
(10)
؛ فيدخل فيه المسك، وأجازه أكثر
(1)
صحيح البخاري، كتاب الوضوء، باب التيمن في الوضوء والغسل (1/ 45)(167).
(2)
عمدة القاري (8/ 36).
(3)
فتح الباري (3/ 126).
(4)
عمدة القاري (8/ 36).
(5)
سقط (من الطيب) الكواكب الدراري (7/ 61).
(6)
الكواكب الدراري (7/ 61).
(7)
فتح الباري (3/ 126).
(8)
الصحاح مادة حنط (3/ 1120).
(9)
عمدة القاري (8/ 36).
(10)
المحيط البرهاني (2/ 173).
العلماء، وأمر به علي رضي الله عنه، واستعمله: أنس، وابن عمر، رضي الله عنهم وابن المسيب
(1)
، وبه قال مالك والشافعي، وأحمد، وإسحاق
(2)
. وكرهه: عطاء، والحسن، ومجاهد، وقالوا: إنَّه ميتة
(3)
.
واستعماله في حنوط النَّبي صلى الله عليه وسلم حجة عليهم، وفي (الروضة): ولا بأس بجعل المسك في الحنوط، وقال النخعي: يوضع الحنوط على الجبهة والراحتين والركبتين والقدمين، وفي (المفيد): وإن لم يفعل؛ فلا يضر، وقال ابن الجوزي والقرافي: يستحب في المرة الثالثة شيء من الكافور، قال: وقال أبو الحنيفة: لا يستحب
(4)
. قال العيني: نقلهما ذلك عنه خطأ
(5)
[107 أ/ص]
(ابْنُ عُمَرَ) ابن الخطاب رضي الله عنه (ابْنًا لِسَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ) أحد العشرة المبشرة العدوي القرشي، أسلم قديمًا، ومات بالعقيق، ونقل إلى المدينة، ودفن بها /سنة إحدى وخمسين
(6)
، واسم ابنه هذا عبد الرحمن، كذا في نسخة أبي الجهم العلاء بن موسى عن الليث عن نافع: أنه رأى عبد الله بن عمر رضي الله عنها حنط عبد الرحمن بن سعيد بن زيد رضي الله عنهم.
(7)
(وَحَمَلَهُ وَصَلَّى) عليه (وَلَمْ يَتَوَضَّأْ) وهذا التعليق وصله: مالك في موطأه، عن نافع: أن ابن عمر رضي الله عنها حنط ابنًا لسعيد بن زيد، وحمله، ثُمَّ دخل المسجد؛ فصلى ولم يتوضأ
(8)
.
(1)
رواه عنهم ابن أبي سيبة في مصنفه، باب: في المسك في الحنوط من رخص فيه (2/ 460 - 461)، (11031 - 11032 - 11034 - 11036).
(2)
الإشراف على مذاهب العلماء، أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري، المحقق: صغير أحمد الأنصاري أبو حماد، الناشر: مكتبة مكة الثقافية، رأس الخيمة - الإمارات العربية المتحدة، الطبعة: الأولى، 1425 هـ - 2004 م (2/ 337).
(3)
رواه عنهم ابن أبي سيبة في مصنفه، باب: من كان يكره المسك في الحنوط (2/ 461)، (11041 - 11042 - 1143).
(4)
كشف المشكل من حديث الصحيحين (4/ 475)، الذخيرة (2/ 449).
(5)
عمدة القاري (8/ 36).
(6)
الاستيعاب في معرفة الأصحاب (2/ 620)(982).
(7)
تغليق التعليق على صحيح البخاري (2/ 460).
(8)
موطأ مالك، باب ما لا يجب منه الوضوء، كتاب الطهارة، (1/ 25)، (18).
ومطابقته للترجمة من حيث إن التحنيط يستلزم الغسل، ومن حيث إنَّ قوله: لم يتوضأ يدل على أن الغاسل ليس عليه وضوء؛ فيطابق الترجمة على تقدير
(1)
عود الضمير في قوله: ووضوؤه إلى الغاسل المذكور حكمًا، وقال الحافظ العسقلاني: وقيل: تعلق هذا الأثر، وما بعده بالترجمة من جهة أن المصنف يرى أنَّ المؤمن لا ينجس بالموت، وإن غسله إنما هو للتعبد؛ لأنه لو كان نجسًا لم يطهره الماء والسدر، ولا الماء وحده، ولو كان نجسًا ما مسَّه ابن عمر رضي الله عنها، ولغسل ما مسه من أعضائه
(2)
، وتعقبه العيني بأنه ليس بين هذا الأثر، وبين الترجمة من هذه الجهة البعيدة تعلق أصلًا، نعم هذا الذي ذكره يصلح أن يكون وجه التطابق بين الترجمة، وبين أثر ابن عباس رضي الله عنها الآتي ذِكْرُهُ إذ إيراده أثر ابن عباس رضي الله عنها في هذا الباب يدلُّ على أنه يرى رأي ابن عباس رضي الله عنها، ويفهم منه أن غسل الميت عنده أمر تعبدي هذا
(3)
، وأنت خبير بأن ما ذكره الحافظ العسقلاني ليس من البعد بهذه المثابة، ثُمَّ قال الحافظ العسقلاني، وكأنه أشار إلى تضعيف ما أخرجه أبو داود من طريق عمرو بن عمير عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا:"من غسل الميت؛ فليغتسل، ومن حمله؛ فليتوضأ"
(4)
. رواته ثقات إلا عمرو بن عمير؛ فليس بمعروف.
وروى التِّرْمِذِي وابن حبان مِنْ طَريقِ: سهل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه نحوه
(5)
، وهو معلول؛ لأنَّ أبا صالح لم يسمعه من أبي هريرة، وقال ابن أبي حاتم، عن أبيه الصواب، عن أبي
(1)
[تقد] في أ.
(2)
فتح الباري (3/ 126 - 127).
(3)
ينظر عمدة القاري (8/ 37).
(4)
سنن أبي داود، كتاب الجنائز، باب في الغسل من غسل الميت (3/ 201)، (3161) إسناده ضعيف لجهالة عَمرو بن عُمير، قال ابن حجر في "التقريب" (ص: 425) (5082): مجهول من الثالثة.
(5)
سنن التِّرْمِذِي، أبواب الجنائز، باب ما جاء في الغسل من غسل الميت (3/ 309)، (993) من طريق" عبد العزيز بن المختار، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، «حديث أبي هريرة حديث حسن»، وقد روي عن أبي هريرة موقوفًا. وأخرجه ابن حبان في "صحيحه"، كتاب الطهارة، ذكر الأمر بالوضوء من حمل الميت (3/ 435)(1161)، من طريق: حماد بن سلمة، به.
هريرة: موقوف
(1)
. وقال أبو داود بعد تخريجه: هذا منسوخ ولم يبين ناسخه
(2)
. وقال الذهلي فيما حكاه الحاكم في تاريخه: ليس في من غسل ميتًا؛ فليغتسل حديث ثابت. انتهى
(3)
.
[108 أ/س]
وقد اخْتُلِفَ في الذي يغسل الميت؛ فقال بعض أهل العلم من أصحاب النَّبي صلى الله عليه وسلم، وغيرهم إذا غسل ميتًا؛ فعليه الغسل، وقال: بعضهم عليه الوضوء
(4)
. وقال مالك بن أنس: استحب الغسل من غسل الميت، ولا أرى ذلك واجبًا
(5)
، وهكذا قال الشافعي
(6)
وقال أحمد: من غسل ميتًا، أرجو أن لا يجب عليه الغسل؛ /فأما الوضوء، فأقل ما فيه، أي: فهو أقلُّ ما في غسل الميت، وقال إسحاق: لا بدَّ من الوضوء
(7)
.
وقد روى عن عبد الله بن المبارك أنه قال لا يغتسل ولا يتوضأ من غسل الميت، وقال مالك في (العتبية): أدركت النَّاس على أنَّ غاسلَ الميت يغتسل، واستحسنه ابن القاسم وأشهب، وقال ابن حبيب: لا غسل عليه، ولا وضوء
(8)
، وفي (التوضيح): وللشافعي قولان: الجديد: هذا، والقديم: الوجوب
(9)
، وبالغسل قال ابن المسيب وابن سيرين والزهري، قاله: ابن المنذر
(10)
، وقال الخطابي: لا
(1)
فتح الباري (3/ 137).
(2)
سنن أبي داود، كتاب الجنائز، باب في الغسل من غسل الميت (3/ 202)، (3162) قال أبو داود:" أدخل أبو صالح بينه وبين أبي هريرة في هذا الحديث يعني إسحاق مولى زائدة، قال: وحديث مصعب ضعيف فيه خصال ليس العمل عليه ".
(3)
فتح الباري (3/ 137).
(4)
رواه عنهم ابن أبي شيبة في مصنفه في بأبي (من قال ليس على غاسل الميت غسل، ومن قال على غاسل الميت غسل)، (2/ 469 - 470).
(5)
الاستذكار (3/ 12).
(6)
والمجموع (5/ 142).
(7)
مسائل الإمام أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه (3/ 1378)،والمغني لابن قدامة (1/ 123)
(8)
النَّوادر والزِّيادات على مَا في المدَوَّنة من غيرها من الأُمهاتِ، أبو محمد عبد الله بن (أبي زيد) عبد الرحمن النفزي، القيرواني، المالكي (المتوفِي: 386 هـ)، تحقيق: جماعة من العلماء، دار الغرب الإسلامي، بيروت، الطبعة: الأولى، 1999 م (1/ 546).
(9)
التوضيح (9/ 447) والمجموع (5/ 142).
(10)
الإشراف على مذاهب العلماء (2/ 330)، والتوضيح (9/ 447).
أعلم أحدًا قال بوجوب الغسل فيه
(1)
، وأوجب أحمد وإسحاق الوضوء منه، والجمهور على عدم وجوب واحد منهما، ثُمَّ إنه لا يشترط غسل الغاسل، ولا وضوؤه حين يباشر الغسل، ولو كان جنبًا، أو حائضًا، أو كافرًا ذكره القهستاني.
(وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: الْمُسْلِمُ لَا يَنْجُسُ) بفتح الجيم، ويقال بضمها (حَيًّا وَلَا مَيِّتًا) وجه مطابقته للترجمة قد ذكر؛ فلا نعيده، وهذا التعليق وصله: ابن أبي شيبة، عن سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عطاء، عن ابن عباس رضي الله عنها:"أنَّه قال: لا تنجسوا موتاكم؛ فإنَّ المؤمن ليس بنجس حيًا، ولا ميتًا"
(2)
، وقوله:"لا تنجسوا" أي: لا تقولوا إنهم نجس.
ورواه سعيد بن منصور أيضًا عن سفيان نحوه موقوفًا
(3)
، ورواه الحاكم مرفوعًا بإسناده إلى ابن عباس رضي الله عنها قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تنجسوا موتاكم؛ فإنَّ المسلم لا ينجس حيًا، ولا ميتًا"، وقال: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه
(4)
.
[48 ب/ص]
وقد أخرجه الدارقطني من رواية عبد الرحمن بن يحيى المخزومي عن سفيان أيضًا مرفوعًا
(5)
.
(وَقَالَ سَعْدٌ) أي: ابن أبي وقاص رضي الله عنه، /وفي رواية: وقال سعيد بزيادة الياء، قال الحافظ العسقلاني: والأول أولى
(6)
، وقال العيني: والأول أشهر وأصح
(7)
(لَوْ كَانَ نَجِسًا) بكسر الجيم (مَا مَسِسْتُهُ) بكسر السين الأولى، ووجه مطابقته ظاهر: مما تقدم.
(1)
معالم السنن (1/ 307).
(2)
مصنف ابن أبي شيبة، من قال ليس على غاسل الميت غسل (2/ 469) (11134) من طريق: سفيان بن عيينة، عن عمرو، عن عطاء، عن ابن عباس، اسناده صحيح رجاله ثقات.
(3)
كما جاء في فتح الباري (3/ 127).
(4)
المستدرك على الصحيحين، كتاب الجنائز، (1/ 542) (1422) من طريق: سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس، وقال الذهبي: على شرطهما.
(5)
سنن الدار القطني، كتاب الجنائز، باب المسلم ليس بنجس (2/ 430)(1811)، من طريق: ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس.
(6)
فتح الباري (3/ 127).
(7)
ينظر عمدة القاري (8/ 38).
وهذا التعليق وصله: ابن أبي شيبة، عن يحيى بن سعيد القطان، عن الجعد، عن عائشة بنت سعد، قالت:"أوذن سعد تعني: أباها بجنازة سعيد بن زيد رضي الله عنه، وهو بالعقيق؛ فجاءه، فغسله، وكفنه، وحنطه، ثُمَّ أتى داره؛ فاغتسل، ثُمَّ قال: لم أغتسل من غسله، ولو كان نجسًا ما مسسته، أو ما غسلته، ولكني اغتسلت من الحر"
(1)
.
[108 أ/ص]
وفي رواية: لو علمت أنه نجس لم أمسه
(2)
، ذكره سمويه في فوائده
(3)
، مِنْ طَريقِ أبي واقد المدني، /وفي هذا الأثر فائدة حسنة: وهي أن العالم إذا عمل عملًا يخشى أن يلتبس على من رآه ينبغي له أن يعلمهم بحقيقة الأمر؛ لئلا يحملوه على غير محمله
(4)
.
(وَقَالَ النَّبي صلى الله عليه وسلم الْمُؤْمِنُ لَا يَنْجُسُ) هذا طرف من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وقد تقدم موصولًا في (باب: الجنب يمشي في السوق) من كتاب (الغسل)، قال: لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا جنب-؛ فأخذ بيدي، فمشيت معه؛ حتَّى قعد، فانسللت*
(5)
، فأتيت الرحل؛ فاغتسلت، ثُمَّ جئت -وهو قاعد-؛ فقال: أين كنت يا أبا هريرة؟ فقلت له، فقال صلى الله عليه وسلم: "سبحان الله يا أبا هريرة
(6)
إن المؤمن لا ينجس"
(7)
.
(1)
مصنف ابن أبي شيبة، من قال ليس على غاسل الميت غسل (2/ 469)(11139)، من طريق يحيى بن سعيد القطان، عن الجعد، عن عائشة بنت سعد، إسناده صحيح.
(2)
كما جاء في فتح الباري (3/ 127) وقال: وقد وجدت عن سعيد بن المسيب شيئًا من ذلك أخرجه سمويه في فوائده مِنْ طَريقِ أبي واقد المدني قال: قال سعيد بن المسيب: "لوعلمت أنه نجس لم أمسه".
(3)
هو: إسماعيل بن عبد الله بن مسعود العبديّ الأصبهاني، أبو بشر: حافظ متقن، من أهل أصبهان. رحل في طلب الحديث رحلة واسعة. يلقب بسمّوية (أوسمّويه، بهاء غير منقوطة). له (الفوائد) في الحديث. ينظر الأعلام للزركلي (1/ 318).
(4)
فتح الباري (3/ 127).
(5)
*انسللت أي: ذهبت خفية.
(6)
[أبا هر] في صحيح البخاري.
(7)
صحيح البخاري، كتاب الغسل، باب: الجنب يخرج ويمشي في السوق (1/ 65)، (285).
ووجه الاستدلال به: أنَّ صفة الإيمان لم تسلب بالموت، وإذا كانت باقية؛ فهو غير نجس، ووقع في نسخة الصنعاني هنا، قال أبو عبد الله -وهو البخاري نفسه-: النجس القذر، وأراد بذلك نفِي هذا الوصف، وهو النجس عن المسلم حقيقة وحكمًا.
(حَدَّثَنَا إسماعيل بْنُ عَبْدِ اللَّهِ) بن أبي أويس ابن أخت مالك (قَالَ حَدَّثَنِي) بالإفراد (مَالِكٌ) الإمام (عن أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، عن مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ
(1)
) وفي رواية ابن جريج، عن أيوب، سمعت ابن سيرين، وسيأتي في (باب: كيف الإشعار؟)
(2)
، وقد رواه أيوب أيضًا عن حفصة بنت سيرين، كما سيأتي بعد أبواب
(3)
، وهذا حديث أم عطية، عن محمد وحفصة ابني سيرين، وحفظت منه حفصة ما لم يحفظ محمد كما سيأتي مبينًا.
وقال ابن المنذر ليس في أحاديث غسل الميت أعلى من حديث أم عطية، وعليه عوَّل الأئمة
(4)
.
(عن أُمِّ عَطِيَّةَ) اسمها نسيبة بضم النون بنت كعب، ويقال: بنت الحارث
(5)
(الأنصاريَّةِ) وقد شهدت غسل ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحكت ذلك فأتقنت، وكانت تغسل الميتات. ورجال إسناد
(1)
محمد ابن سيرين الأنصاري أبو بكر ابن أبي عمرة البصري ثقة ثبت عابد كبير القدر كان لا يرى الرواية بالمعنى من الثالثة مات سنة عشر ومائة، تهذيب الكمال (25/ 344)(5280)، وتقريب التهذيب (1/ 483)(5947).
(2)
صحيح البخاري، كتاب الجنائز باب: كيف الإشعار للميت؟ (2/ 75)، (1261).
(3)
صحيح البخاري، كتاب الجنائز باب ما يستحب أن يغسل وترا (2/ 74)، (1254).
(4)
الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف، أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري، تحقيق: أبو حماد صغير أحمد بن محمد حنيف، الناشر: دار طيبة - الرياض - السعودية، الطبعة: الأولى - 1405 هـ، 1985 م (5/ 333).
(5)
هي: نسيبة بالتصغير ويقال بفتح أولها بنت كعب ويقال بنت الحارث أم عطية الأنصارية صحابية مشهورة مدنية ثم سكنت البصرة، تهذيب الكمال (35/ 315)(7940).
هذا الحديث: ما بين مدني، وبصري، وفيه رواية: تابعي، عن تابعي، عن صحابية، وقد أخرج متنه مسلم أيضًا في (الجنائز)، وكذا أبو داود والتِّرْمِذِي والنسائي
(1)
.
[109 أ/س]
(قَالَتْ دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ تُوُفِّيَتِ) على صيغة المجهول (ابْنَتُهُ) هي زينب زوج أبي العاص بن الربيع والدة أمامة، وأمامة هي التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحملها في الصلاة؛ فإذا سجد وضعها، وإذا قام حملها، وزينب أكبر بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوَّج بها أبو العاص بن الربيع؛ فولدت له عليًا وأمامة، وتوفيت زينب في سنة ثُمَّان؛ قاله الواقدي، وقال قتادة عن ابن حزم: في أول سنة ثُمَّان
(2)
، وحكاه الطبري في الذيل
(3)
، ولم يقع في رواية البخاري ابنته هذه مسماة نعم قد وردت مسماة عند مسلم مِنْ طَريقِ عاصم الأحول عن حفصة عن أم عطية رضي الله عنها قالت:"لما ماتت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: اغسلنها"
(4)
، /فذكر الحديث، وهذا هو المروي الأكثر.
وحكى ابن التين عن الداودي: أنَّ البنت المذكورة هي أم كلثوم زوج عثُمَّان رضي الله عنها، ولم يذكر مستنده.
(1)
صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب غسل الميت ووضوئه بالماء والسدر (2/ 73)، (1253). *وصحيح مسلم، كتاب الجنائز، باب في غسل الميت (2/ 646)، (939). *وسنن أبي داود، كتاب الجنائز، باب كيف غسل الميت (3/ 197)، (3142). *سنن التِّرْمِذِي، أبواب الجنائز، باب ما جاء في غسل الميت (3/ 306)، (990). *وسنن النسائي، كتاب الجنائز، غسل الميت بالماء والسدر (4/ 28)، (1881).
(2)
البداية والنهاية، أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثُمَّ الدمشقي (المتوفِي: 774 هـ)، تحقيق: عبد الله بن عبد المحسن التركي، دار هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان، الطبعة: الأولى، 1418 هـ - 1997 م، 1424 هـ / 2003 م (8/ 241 - 242).
(3)
المنتخب من ذيل المذيل، محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي، أبو جعفر الطبري، الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت - لبنان (ص 2).
(4)
وصحيح مسلم، كتاب الجنائز، باب في غسل الميت (2/ 648)، (939).
وتعقبه المنذري بأنَّ أم كلثوم توفيت والنَّبي صلى الله عليه وسلم ببدر؛ فلم يشهدها
(1)
، وهو غلط منه؛ فإنَّ التي توفيت حينئذ رقية، وعزاه النووي تبعًا لعياض إلى بعض أهل السير
(2)
.
قال الحافظ العسقلاني: وهو قصور شديد؛ فقد أخرجه ابن ماجة، عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن عبد الوهاب الثقفي عن أيوب، ولفظه:"دخل علينا ونحن نغسل ابنته أم كلثوم"
(3)
، وهذا الإسناد على شرط الشيخين، ويمكن الجمع: بأن تكون أم عطية حضرتهما جميعًا؛
(4)
فقد جزم ابن عبد البر في ترجمتها بأنها كانت غاسلة الميتات، والله أعلم
(5)
.
(فَقَالَ) صلى الله عليه وسلم (اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا) وفي رواية هشام بن حسان عن حفصة: اغسلنها وترًا ثلاثًا، أو خمسًا
(6)
، وكلمة "أو" هنا للتنويع، والنص على الثلاث أولًا إشارة إلى أن المستحب الإيتار، ألا ترى أنه نقلهن من الثلاث إلى الخمس دون الأربع، وقال الحافظ العسقلاني:"أو" هنا للترتيب، لا للتخيير
(7)
. وتعقبه العيني: بأنه لم ينقل عن أحد أن أو يجيء للترتيب، وقد ذكر النحاة أن "أو" تأتي لاثني عشر معنى، وليس فيها ما يدل على أنها تجيء للترتيب
(8)
.
والظاهر: أنه أخذه من الطيبي؛ فإنَّه نقل من المظهر شرح المصابيح أن "أو" فيه للترتيب دون التخيير؛ إذ لو حصل النقاء بالغسلة الأولى استحب التثليث، وكره التجاوز عنه؛ فإنْ حصل
(1)
مختصر سنن أبي داود، للحافظ المنذري (4/ 300). تحقيق: أحمد محمد شاكر ومحمد حامد الفقي، مطبعة السنة المحمدية، 1368 هـ -1949 م.
(2)
إِكمَالُ المُعْلِمِ بفَوَائِدِ مُسْلِم، عياض بن موسى بن عياض بن عمرون اليحصبي السبتي، أبو الفضل (المتوفى: 544 هـ) الدكتور يحْيَى إسماعيل، دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع، مصر، الطبعة: الأولى، 1419 هـ - 1998 م (3/ 388).
(3)
سنن ابن ماجة، كتاب الجنائز، باب ما جاء في غسل الميت (1/ 468)، (1458) إسناده صحيح.
(4)
فتح الباري (3/ 127).
(5)
الاستيعاب في معرفة الأصحاب (4/ 1947).
(6)
صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب يلقى شعر المرأة خلفها (2/ 75)(1263)
(7)
فتح الباري (3/ 129).
(8)
ينظر عمدة القاري (8/ 38).
بالثانية، أو الثالثة استحب التخميس، وإلا فالتسبيع والمنع باقٍ فيه، وكذا في نقل الطيبي عن المظهر نظر؛ إذ هو مخالف للنحو
(1)
.
(أَوْ أَكْثَرَ مَنْ ذَلِكَ) بكسر الكاف؛ لأنَّه خطاب للمؤنث، أي: من الخمس، أي: سبعًا كما في رواية أيوب عن حفصة "ثلاثًا، أو خمسًا، أو سبعًا"
(2)
، وسيأتي في الباب الذي يليه، وليس في الروايات أكثر من السبع؛ إلا في رواية أبي داود "أو سبعًا، أو أكثر من ذلك -إن رأيتنه-"
(3)
.
[109 أ/ص]
[49 ب/س]
ويُستفاد من هذا: استحباب الإيتار بالزيادة على السبع؛ لأنَّ ذلك أبلغ في التنظيف، وكره أحمد مجاورة السبع، وقال ابن عبد البر: لا أعلم أحدًا قال بمجاورة السبع، وساق مِنْ طَريقِ قتادة أن ابن سيرين كان يأخذ الغسل عن أم عطية: ثلاثًا، وإلا خمسًا، وإلا فسبعًا، قال؛ فرأينا أن الأكثر من ذلك سبع
(4)
، /وقال الماوردي: الزيادة على السبع سرف
(5)
، وقال أبو حنيفة: لا يزاد على الثلاث
(6)
، وقال ابن المنذر: بلغني أن جسد الميت يسترخي بالماء؛ /فلا أحب الزيادة على ذلك
(7)
.
(إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ) من الرأي أي: إن أدى بكن اجتهادكن إلى أكثر من ثلاث، أو خمس للإنقاء؛ لا للتشهي؛ فإنَّ ذلك يكون من قبيل الإسراف، كما في ماء الطهارة، وقال ابن المنذر: إنما فوض الرأي إليهن بالشرط المذكور، وهو الإيتار
(8)
، وحكى ابن التين عن بعضهم قال: يحتمل
قوله: إن رأيتن أن يرجع إلى الأعداد المذكورة، ويحتمل أن يكون معناه: أنْ رأيتن أن تفعلن ذلك، وإلا
(1)
شرح مشكاة المصابيح للطيبي (4/ 1384)، وعمدة القاري (8/ 38). .
(2)
صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب ما يستحب أن يغسل وترا (2/ 74)، (1254).
(3)
سنن أبي داود، كتاب الجنائز، باب كيف غسل الميت (3/ 197)(3146)، من طريق: محمد بن عبيد، حدثنا حماد، عن أيوب، عن محمد عن أم عطية، بمعنى حديث مالك، وزاد في حديث حفصة عن أم عطية بنحو هذا، إسناده صحيح.
(4)
التمهيد (1/ 374).
(5)
الحاوي الكبير (3/ 10).
(6)
المنتقى شرح الموطأ، أبو الوليد سليمان بن خلف بن سعد بن أيوب بن وارث التجيبي القرطبي الباجي الأندلسي، مطبعة السعادة - بجوار محافظة مصر الطبعة: الأولى، 1332 هـ (1/ 48).
(7)
الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف (5/ 326).
(8)
الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف (5/ 325).
فالإنقاء يكفي، أي: ولو بواحد، ثُمَّ الزيادة على الثلاثة مختصة بالميت دون الحي؛ فإنه لا يزيد على الثلاث، والفرق أن طهارة الحي محض تعبد، وهنا لمقصود هو الإنقاء
(1)
.
(بِمَاءٍ وَسِدْرٍ) الباء يتعلق بقوله: اغسلنها، قال الطيبي: ناقلًا عن المظهر قوله بماء وسدر لا يقتضي استعمال السدر في جميع الغسلات، والمستحب استعماله
(2)
في الكرة الأولى؛ ليزيل الأقذار، ويمنع من تسارع الفساد
(3)
، وقال ابن العربي: قوله بماء وسدر أصل في جواز التطهير بالماء المضاف إذا لم يسلب الإطلاق
(4)
، وقال ابن التين: قوله بماء وسدر هو السنة في ذلك والخطمي مثله؛ فإنَّ عدم فما يقوم مقامه كالأشنان والنطرون، قيل: ولا معنى لطرح ورق السدر في الماء، كما يفعله العامة، بل يحك الميت بالسدر، ويصب عليه الماء؛ فتحصل طهارته بالماء
(5)
وعن ابن سيرين أنه كان يأخذ الغسل عن أم عطية فيغسل بالماء والسدر مرتين والثالثة بالماء والكافور، ومنهم من ذهب إلى أن الغسلات كلها بالماء والسدر، وهو قول أحمد ذكره أبو عمر
(6)
.
(وَاجْعَلْنَ فِي) الغسلة (الآخِرَةِ) ويروي الأخيرة (كَافُورًا، أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ) وهو شك من الراوي، والأول محمول على الثاني؛ لأنه نكرة في سياق الإثبات؛ فيصدق بكل شيء منه؛ ولو قليلًا، وظاهره جعل الكافور في الماء، وبه قال البعض، وقال النخعي والكوفيون: إنما يجعل الكافور في الحنوط أي بعد انتهاء الغسل والتجفيف
(7)
، قيل: والحكمة في الكافور مع كونه يطيب مواضع استعماله أنَّ الجسم يتصلب به، وتنفر الهوام من رائحته، وفيه: إكرام الملائكة، ويرتدع ما يتحلل من الفضلات، ويمنع إسراع الفساد إليه لشدة برودته، وهذا هو السر في جعله في الأخيرة؛ إذ لو كان في الأول مثلًا لأذهبه الماء.
(1)
فتح الباري (3/ 129).
(2)
[استعمالها] في ب.
(3)
شرح مشكاة المصابيح للطيبي (4/ 1385).
(4)
عارضة الأحوذي شرح صحيح التِّرْمِذِي (4/ 210).
(5)
عمدة القاري (8/ 40).
(6)
التمهيد (1/ 375).
(7)
فتح الباري (3/ 129).
[110 أ/س]
وهل يقوم المسك مع الكافور؟ قال الحافظ العسقلاني: إن نظر إلى مجرد التطيب؛ فنعم، وإلا فلا
(1)
، وقال العيني: بل ينظر إن كان يوجد فيه ما ذكر من الأمور في الكافور ينبغي أن يقوم، وإلا فلا إلا عند الضرورة؛ /فيقوم غيره مقامه
(2)
.
(فَإِذَا فَرَغْتُنَّ) من غسلها (فَآذِنَّنِي) بمد الهمزة، وكسر المعجمة، وتشديد النون الأولى المفتوحة، وكسر الثانية: أمر لجماعة الإناث أي: أعلمنني
(3)
(فَلَمَّا فَرَغْنَا) بصيغة الماضي لجماعة المتكلمين، وفي رواية؛ فلما فرغن بصيغة الماضي الغائب للجمع المؤنث
(4)
(آذَنَّاهُ) بمد الهمزة، وفتح المعجمة، وتشديد النون أي: أعلمناه (فَأَعْطَانَا حِقْوَهُ) بفتح المهملة، وقد تكسر، وهي لغة هذيل، وسكون القاف، والجمع: آحق وآحقاء وحقاء
(5)
. وقال الحافظ العسقلاني: والحقو في الأصل معقد الإزار أي: الخصر، وأطلق على الإزار مجازًا سمي به ما يشدُّ على الحقو توسعًا، وفي رواية ابن عون، عن محمد بن سيرين بلفظ؛ فنزع من حقوه إزاره، والحقو في هذا على حقيقته
(6)
، وقال العيني: هو مشترك بين المعنيين، والدليل على ذلك أنَّ الجوهري قال: الحقو الإزار، وثلاثة أحق، ثُمَّ قال: والحقو أيضًا الخصر، ومشد الإزار
(7)
، والله أعلم
(8)
.
(فَقَالَ أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ) أمر من الإشعار، وهو إلباس الثوب الذي يلي بشرة الإنسان، أي: اجعلهن هذا الإزار شعارها، وسمي: شعارًا؛ لأنه يلي شعر الجسد، والدثار ما فوق الشعار
(9)
، والحكمة فيه -والله أعلم- التبرك بآثاره الشريفة، وإنما آخره إلى فراغهن من الغسل، ولم يناولهن إياه أولًا؛ ليكون قريب العهد من جسده الشريف، حتَّى لا يكون بين انتقاله من جسده إلى جسدها
(1)
فتح الباري (3/ 129).
(2)
عمدة القاري (8/ 40).
(3)
(أي أعلمنني) سقط من ب
(4)
ارشاد الساري (2/ 384).
(5)
المحكم والمحيط الأعظم، باب الحاء والقاف والواو (3/ 456)، ولسان العرب (14/ 189).
(6)
فتح الباري (3/ 129).
(7)
الصحاح تاج اللغة، مادة "حقا"(6/ 2316).
(8)
عمدة القاري (8/ 40).
(9)
تهذيب اللغة، باب: العين والشين مع الراء (1/ 267).
فاصل، قال العيني: وهذا هو الأصل في التبرك بآثار الصالحين، واختلف في صفة إشعارها إياه؛ فقيل: يجعل لها مئزرًا، وقيل: تلف فيه
(1)
.
وفي الحديث: استحباب استعمال السدر والكافور في حق الميت، وفيه: جواز استعمال المسك، وكل ما شابهه من الطيب، وأجاز المسك: أكثر العلماء، وأمرَ علي رضي الله عنه به في حنوطه، وقال: هو من فضل حنوط النَّبي صلى الله عليه وسلم
(2)
، واستعمله: أنس، وابن عمرم، وسعيد بن المسيب
(3)
. وكرهه: عمر، وعطاء، والحسن، ومجاهد. وقال عطاء والحسن: إنَّه ميتة
(4)
، وفي استعمال الشارع له في حنوطه حجة عليهم، وقد مّرَّ أيضًا، وقال أصحابنا: المسك حلال للرجال والنساء، وفيه أيضًا ما يدل على أن النساء أحق بغسل المرأة من الزوج، وبه قال الحسن والثوري والشعبي وأبو حنيفة
(5)
، والجمهور على خلافه، وهو قول الثلاثة والأوزاعي وإسحاق
(6)
.
[110 أ/ص]
/وفي (التوضيح): وقد وصت فاطمة رضي الله عنها زوجها عليًا رضي الله عنه بذلك
(7)
، وكان بحضرة الصحابة، ولم ينكر أحد فصار إجماعًا
(8)
،
(1)
عمدة القاري (8/ 41).
(2)
رواه عنه ابن أبي شيبة في مصنفه، كتاب الجنائز، في المسك في الحنوط من رخص فيه (2/ 461)، (11036).
(3)
رواه عنهم ابن أبي شيبة في مصنفه، كتاب الجنائز، في المسك في الحنوط من رخص فيه (2/ 461)، (11031 - 11034).
(4)
رواه عنهم ابن أبي شيبة في مصنفه، كتاب الجنائز، من كان يكره المسك في الحنوط (2/ 462)، (11039 - 11043).
(5)
مختصر اختلاف العلماء، أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة بن عبد الملك بن سلمة الأزدي الحجري المصري المعروف، المحقق: د. عبد الله نذير أحمد، دار البشائر الإسلامية - بيروت الطبعة: الثانية، 1417 هـ (1/ 177).
(6)
النوادر والزيادات (1/ 549) والمجموع (5/ 115) والمغني (2/ 201).
(7)
مسند الشافعي، الباب الثالث والعشرون في صلاة الجنائز وأحكامها (1/ 206)(571). *والمستدرك على الصحيحين، كتاب معرفة الصحابة رضي الله عنهم ذكر وفاة فاطمة رضي الله عنها والاختلاف في وقتها (3/ 179)(4769). *وسنن البيهقي الكبرى، كتاب الجنائز، باب الرجل يغسل امرأته إذا ماتت (3/ 556)(6661).
(8)
التمهيد (1/ 380 - 381).
[49 ب/ص]
وقال العيني: فيه نظر؛ لأنَّ صاحب المبسوط والمحيط والبدائع وآخرون
(1)
قالوا: إنَّ ابن مسعود رضي الله عنه سأل في ذلك؛ فقال: إنها زوجته في الدنيا والآخرة، وعنى بذلك أن الزوجية باقية بينهما لم تنقطع بالموت. قالوا: وفيه نظر؛ لأنه لو بقيت الزوجية بينهما لما تزوج أمامة بنت زينب بعد موت فاطمة رضي الله عنها وقد مات عن أربع حرائر، ووصية فاطمة عليًا رضي الله عنها بغسلها. رواه البيهقي، وابن الجوزي، وفي إسناده عبد الله بن نافع، قال يحيى: ليس بشيء، وقال النسائي: متروك. وأما المرأة إذا غسلت زوجها، وهي معتدة؛ فهو جائز في العدة
(2)
، /وفيه أيضًا جواز تكفين المرأة في ثوب الرجل
(3)
.
(تتمة) قوله: اغسلنها، قال: بزيزة استدل به على وجوب غسل الميت وهو مبني على أن قوله: فيما بعد إن رأيتن ذلك، هل يرجع إلى الغسل، أو إلى العدد؟ والثاني: أرجح؛ فثبت المدعى
(4)
.
قال ابن دقيق العيد: لكن قوله: ثلاثًا ليس للوجوب على المشهور من مذاهب العلماء، ويتوقف الاستدلال به على تجويز إرادة المعنيين المختلفين بلفظ واحد؛ لأنَّ قوله: ثلاثًا غير مستقل بنفسه؛ فلا بد أن يكون داخلًا تحت صيغة الأمر؛ فيراد بلفظ الأمر الوجوب بالنسبة إلى أصل الغسل والندب بالنسبة إلى الإيتار. انتهى
(5)
.
(1)
المحيط البرهاني (2/ 159) والمبسوط (2/ 71) تحفة الفقهاء، محمد بن أحمد بن أبي أحمد، أبو بكر علاء الدين السمرقندي، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، الطبعة: الثانية، 1414 هـ - 1994 م (1/ 241).
(2)
التحقيق في أحاديث الخلاف، جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي، المحقق: مسعد عبد الحميد محمد السعدني، دار الكتب العلمية - بيروت، الطبعة: الأولى، 1415، مسألة يجوز للزوج أن يغسل زوجته (2/ 6)، (861).
(3)
عمدة القاري (8/ 41).
(4)
فتح الباري (3/ 129).
(5)
إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام، تقي الدين أبو الفتح محمد بن علي بن وهب بن مطيع القشيري، المعروف بابن دقيق العيد، المحقق: مصطفِي شيخ مصطفِي ومدثر سندس، الناشر: مؤسسة الرسالة، الطبعة: الطبعة الأولى 1426 هـ - 2005 م (1/ 249).
وقواعد الشافعية لا تأبى عن ذلك، لكن قواعد الحنفية لا تساعده، من ثم ذهب الكوفيون وأهل الظاهر والمزني إلى إيجاب الثلاث، وقالوا: إن خرج منه شيء بعد ذلك يغسل موضعه، ولا يعاد غسل الميت. وجاء عن الحسن مثله: أخرجه عبد الرزاق، عن هشام بن حسَّان، عن ابن سيرين، قال:"يغسل ثلاثًا؛ فإنَّ خرج منه شيء بعد، فخمسًا؛ فإنَّ خرج منه شيء غسل سبعًا"، قال هشام، وقال الحسن: يغسل ثلاثًا؛ فإنَّ خرج منه شيء غسل ما خرج ولم يزد على الثلاث
(1)
،
[111 أ/س]
وقيل: وجه الثلاث بعد ما حصل النقاء بالغسلة الواحدة المبالغة فيه؛ ليلقي الله -تعالى- بأكمل الطهارات، وجعل الكافور فيه؛ ليكون طيب الرائحة عند اللقاء، وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالغسل يوم الجمعة لمن ليس عليه نجاسة /زيادة في التطهير؛ لمناجاة ربه، فالميت أحوج إلى ذلك للقاء الله والملائكة
(2)
.
(1)
مصنف عبدالرزاق، كتاب الجنائز، باب عصر الميت (3/ 404)(6095)(6096).
(2)
شرح صحيح البخاري لابن بطال (3/ 252).