الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب: قَوْلِ الرَّجُلِ لِلْمَرْأَةِ عندَ القَبْرِ: اصْبِرِي
.
قَالَ الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ رحمه الله:
1252 -
حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضى الله عنه-، قَالَ: مَرَّ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بِامْرَأَةٍ عندَ قَبْرٍ؛ وَهِىَ تَبْكِى، فَقَالَ:«اتَّقِى اللَّهَ وَاصْبِرِى» .
-
قَالَ الشَّارِحُ رحمه الله:
(باب: قَوْلِ الرَّجُلِ لِلْمَرْأَةِ عندَ القَبْرِ: اصْبِرِي) والقصد من هذه الترجمة: جواز مخاطبة الرجال للنساء بما فيه موعظة، وأمر بمعروف، ونهي عن منكر، أو تعزية.
وعَبَّرَ (بالرجل) إشارة إلى أن ذلك لا يختص بالنَّبي صلى الله عليه وسلم، وإن كان ما في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم، وأطلق المرأة لتتناول العجوز والشابة، لما يترتب عليه من المصالح الدينية، واقتصر على ذكر الصبر دون التقوى؛ لأنه المتيسر، حينئذ المناسب لما هي فيه
(1)
.
(حَدَّثَنَا آدَمُ) هو ابن أبي إياس
(2)
(قال حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) أي: ابن الحجاج (قال حَدَّثَنَا ثَابِتٌ) البناني
(3)
(عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضى الله عنه- قَالَ: مَرَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم بِامْرَأَةٍ عندَ قَبْرٍ، وَهِىَ) أي: والحال أنها (تَبْكِى، فَقَالَ) صلى الله عليه وسلم لها (اتَّقِى اللَّهَ) بأن لا تجزعي؛ فإنَّ الجزع يحبط الأجر
(4)
، (وَاصْبِرِى) فإنَّ الصبر يجزك الأجر، قال الله -تعالى-:{إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (10)} [الزُّمَر: 10] أي بغير مكيال ولا ميزان، وهو تمثيل للتكثير.
(1)
عمدة القاري (8/ 35).
(2)
هو: آدم بن أبي إياس، واسمه عبد الرحمن بن محمد، ويقال: ناهية، بن شعيب الخراساني المروذي. تهذيب الكمال (2/ 301)(294).
(3)
هو: ثابت بن أسلم البناني، أبو محمد البصري، وبنانة هم بنو سعد بن لؤي بن غالب، ويقال: إنهم بنو سعد بن ضبيعة بن نزار، ويقال: هم في ربيعة بن نزار باليمامة، تهذيب الكمال (4/ 342)(811).
(4)
[بأن لا تجزعي؛ فإنَّ الجزع يحبط الأجر] سقط في ب.
وعن ابن عباس رضي الله عنها: لَا يُهْتَدَى إلَيْهِ حِسَابُ الْحِسَابِ ولا يعرف
(1)
.
وعن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: "ينصب الله الموازين يوم القيامة؛ فيؤتى بأهل الصلاة، فيوفون أجورهم بالموازين، ويؤتى بأهل الصدقة؛ فيوفون أجورهم بالموازين، ويؤتى بأهل الحج؛ فيوفون أجورهم بالموازين، ويؤتى بأهل البلايا؛ فلا ينصب لهم ميزان، ولا ينشر لهم ديوان، ويصب عليهم الأجر صبًّا، قال الله -تعالى-: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (10)} حتَّى يتمنى أهل العافية في الدنيا أن أجسادهم تقرض بالمقاريض مما يذهب به أهل البلاء من الفضل"
(2)
، والله أعلم.
[106 أ/س]
وقال ابن بطال: أراد صلى الله عليه وسلم أن لا يجتمع عليها مصيبتان: مصيبة فقد الولد، ومصيبة فقد الأجر الذي يبطله الجزع؛ فأمرها بالصبر الذي لا بد للجازع من الرجوع إليه بعد سقوط أجره، ولذا قال صلى الله عليه وسلم:"الصبر عند الصدمة الأولى" يعني أن الصبر عند قوة المصيبة أشد، فالثواب عليه أكثر؛ لأنه إذا طالت /تسلى المصائب، فيصير الصبر طبعًا؛ فلا يؤجر عليه مثل ذلك، وقيل: مصيبة لم يذهب فرح ثوابها ألم حزنها، فهي المصيبة الدائمة، والحزن الباقي
(3)
.
وقال الحسن: الحمد لله الذي آجرنا على ما لا بد لنا منه
(4)
، وفي الحديث: جواز زيارة القبور، وفيه: الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وفيه: الدلالة على تواضعه صلى الله عليه وسلم وكونه لم ينهرها، وفيه:
(1)
الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل (4/ 118).
(2)
رواه الطَّبراني في معجمه، باب العين (12/ 182)، (12829). مختصًرا فقال: ثنا السري بن سهل الجنديسابوري، ثنا عبد الله بن رشيد، ثنا مجاعة بن الزبير، عن قتادة، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس. إسناده ضعيف فيه: السرى بن سهل عن عبد الله بن رشيد، قال الذهبي في "لسان الميزان" (4/ 22) (3364):"لا يحتج به ولا بشيخه قاله البيهقي". وعن الطبراني رواه أبو نعيم في الحلية (3/ 91) في ترجمة جابر بن زيد بسنده ومتنه.
(3)
شرح صحيح البخارى لابن بطال (3/ 250).
(4)
غريب الحديث، أحمد بن محمد بن إبراهيم الخطابي البستي أبو سليمان، تحقيق عبد الكريم إبراهيم العزباوي، جامعة أم القرى، 1402 هـ، مكة المكرمة، أحاديث التابعين (3/ 87). وشرح صحيح البخاري لابن بطال (3/ 249).
أنَّ النهي عن البكاء بعد الموت، وفيه: الموعظة للباكي بتقوى الله والصبر. والحديث أخرجه: أبو داود، والتِّرْمِذِي، والنسائي
(1)
أيضًا.
(1)
صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب قول الرجل للمرأة عند القبر: اصبري (2/ 73)، (1252) *صحيح مسلم، كتاب الجنائز، باب في الصبر على المصيبة عند أول الصدمة (2/ 637)، (926) *سنن أبي داود، كتاب الجنائز، باب: الصبر عند الصدمة (3/ 192)، (3124) *سنن التِّرْمِذِي، أبواب الجنائز، باب: ما جاء أن الصبر في الصدمة الأولى (3/ 305)، (988) *سنن الكبرى للنسائي، الأمر بالاحتساب، والصبر عند نزول المصيبة (2/ 398)، (2007).