الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المَبْحَثُ الثَّالِثُ: مَنْهَجُ المُؤَلِّفِ فِي هَذا الكِتَابِ
.
لقد سلك الإمام يوسف زادة في منهجه هذا أسلوبًا لا يختلف في جملته عن منهج عامة شراح البخاري، وإن كان رحمه الله لم يكتب منهجه في مقدمة شرحه إلا أننا يمكن أن نتوصل إلى منهجه من خلال ثنايا شرحه وما بسط القول فيه، ونستطيع أن نحدد منهج المؤلف في كتابه هذا بالنقاط التالية:
1.
شرع المؤلِّف في شرح "صحيح البخاري" على وجهه ونسق أبوابه، وقد مشى فيه على ترتيب المؤلّف. فإن جاء الحديث منقطعا وصَلَهُ من طريق البخاري، أو من غير طريقه، معتمدًا في ذلك على نقل الأئمة وما رواه الثقات، وبهذا يرى الناظر في "نجاح القاري" موقع آثار "البخاري" من الاشتهار والصِّحَّة.
2.
فإن بدأ بشرح كتاب من الكتب، فغالبًا ما يبدأ بضبط عنوان الكتاب: كـ: الجمعة، الجنائز، السّلَم. . ، ومعناه. فإذا كانت فائدة تتعلّق به ذكرها.
كما جاء في أول كتاب الجنائز "بسم الله الرحمن الرحيم. (كتاب الجنائز) ، وفي رواية بتقديم كتاب الجنائز على البسملة على قياس مفتتح سور القران، وفي أخرى: " باب ما جاء في الجنائز"، وفي أخرى: " باب في الجنائز"، بالتنوين في باب"
(1)
.
3.
تأثر المصنف كثيرًا بالإمام العيني، وأكثر النقولات الفقهية أخذها عنه، فإن كتاب "عمدة القاري" للعيني يعد الكتاب الأكثر استفادة منه في شرحه، ويأتي بعدها فتح الباري، ثم إرشاد الساري.
4.
عنايته بالرواة: التعريف برجال الإسناد وتعيينهم والكلام عليهم باختصار، فإذا كان هناك راوٍ مجروح فإنه في الغالب ما يوضح ذلك، ومن منهجه أنه يذكر في أوّل مرّة جميع ما يتعلق به من: اسمه، وكنيته، ولقبه، وما يعرف به، ثمّ يذكر أقوال العلماء فيه، ثمّ يذكر تاريخ حياته، وإذا كان في
(1)
كما في (ص:151).
حياته شيء يميز به عن غيره من عبادة وورع وجهاد وعلم فهو يذكره. ثمّ إذا ورد الراوي مرةً أخرى فهو يذكر كنيته واسمه وما يعرف به، ثمّ يشير إلى مكان أول مرة وَرَدَ ذِكْرُهُ فيه
(1)
.
واعتمد في ترجمة الصحابة على كتاب" الاستيعاب في معرفة الأصحاب" لابن عبد البر
(2)
و"معرفة الصحابة" لابن منده،
(3)
كما اعتمد في الكلام على باقي الرجال في الغالب على "تهذيب الكمال"
(4)
وأحيانًا على "تاريخ البخاري الكبير"
(5)
و"الجرح والتعديل"
(6)
لابن أبي حاتم.
5.
ومن منهجه أنه يهتمّ كثيرًا بالفرق بين نسخ البخاريّ ورواته، فمثلًا يقول:(حدثنا) وفي رواية: حدثني بالإفراد، أو يقول:(حدثنا) وفي رواية: أخبرنا
(7)
.
6.
عنايته باللغة والغريب: فاهتمامه انصبَّ في ضبط اللَّفظ الوارد في الباب، سواء اختلف رسمه بحسب الروايات التي انحدر منها، أو حركته بحسب اللغات التي رويت عن العرب، وهذا شأنه في
(1)
كما في (ص:775).
(2)
وهو مطبوع بتحقيق: علي محمد البجاوي، دار الجيل، بيروت، الطبعة: الأولى، 1412 هـ - 1992 م، وهو الذي اعتمدنا عليه.
(3)
وهو مطبوع بتحقيق: عامر حسن صبري، في مطبوعات جامعة الإمارات العربية المتحدة، الطبعة: الأولى، 1426 هـ - 2005 م، وهو الذي اعتمدنا عليه.
(4)
وهو مطبوع بتحقيق: د. بشار عواد معروف، في مؤسسة الرسالة - بيروت، الطبعة: الأولى، 1400 - 1980. وهو الذي اعتمدنا عليه.
(5)
طبع تحت مراقبة: محمد عبد المعيد خان، في دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد - الدكن، وهو الذي اعتمدنا عليه.
(6)
طبع في مجلس دائرة المعارف العثمانية - بحيدر آباد الدكن - الهند، دار إحياء التراث العربي -بيروت، الطبعة: الأولى، 1271 هـ 1952 م، وهو الذي اعتمدنا عليه.
(7)
كما في (ص:251).
أكثر الأحاديث المحتملة للاختلاف المذكور، معتمدًا في اختياره أو ترجيحه أقوال من سبقه من أهل الفن، على كبار أهل اللِّسان كالخليل بن أحمد، وابن السِّكّيت، وغيرهما.
7.
يتعرّض في شرحه لكثير من العلوم، كعلوم الحديث والمصطلح، والفقه ومسائله، واللغة ومباحثها، وما يُستنبط من الحديث. ومن خلالها تظهر إمامة يوسف زادة في الفقه، من خلال مناقشاته وإيراداته وإنصافه وتحرّره من التقليد المذموم. يعني بذكر المذاهب الأربعة في شرحه عناية خاصّة، ولا يُغفل بقيّة المذاهب.
8.
ومن منهجه يشرح الحديث كلمةً كلمةً، ويذكر وجه مطابقة الحديث للترجمة والباب، حيث قال في موضع" ومطابقة الحديث للترجمة من حيث إنَّه يدُّل على أنَّ من مات ولم يشرك بالله شيئا فإنَّه يدخل الجنة، وهو معنى قوله في الترجمة: " من كان آخر كلامه لا إله إلا الله "، فأنَّ ترك الإشراك هو التوحيد والقول بلا إله إلا الله هو التوحيد بعينه".
9.
ويحكم على الأحاديث بالصحة والضعف من خلال الشرح، وهذا كثير في كتابه.
10.
ويهتم كثيرًا بذكر المناقشات بين ابن حجر والعيني، وأنه يرجح ما يراه راجحًا، وكثيرًا ما يخالف العيني.
11.
ومن منهجه يذكر مَنْ أخرج مع البخاريّ هذا الحديث، وأيضًا يذكر مواضع رواية البخاري لهذا الحديث، حيث قال في موضع:"وقد أخرج متنه المؤلف في المظالم واللباس والطب والنذور والنكاح والاستئذان والاشربة، وأخرجه مسلم في الأطعمة، والترمذي في الأستئذان واللباس، والنسائي في الجنائز والإيمان والنذر والزينة، وابن ماجة في الكفارات واللباس"
(1)
.
ولا يذكر جميع مواضع الأحاديث التي وردتْ في صحيح البخاري، ولا يؤخذ عليه هذا، لأنه لم يلزم نفسه أنْ يذكر جميع المواضع.
(1)
كما في (ص: 172)
والشارح من عادته أنه يذكر الكتب الستة هنا، ولكنْ أحيانًا يذكر غير الكتب الستة، وأحيانًا لا يذكر بعض الكتب الستة.
12.
ومن منهجه أنه يذكر في نهاية كلّ كتابٍ جميع ما في هذا الكتاب من الأحاديث المرفوعة والمعلقة، وكذلك ما ورد من الآثار، حيث ذكر ذلك لنا عندما جَمَعَ ما في صحيح البخاري بنفسه وقال:" وقد بينتُ ذلك مفصلًا في آخر كلّ كتاب من كتب هذا الجامع"
(1)
.
وذكر في خاتمة كتاب الجنائز بقوله: " قد اشتملت كتاب الجنائز من الأحاديث المرفوعة على مائتي حديث وعشرة أحاديث، المعلق من ذلك والمتابعة ستة وخمسون حديثًا والبقية موصولة، المكرر من ذلك فيه وفيما مضى مائة حديث وتسعة أحاديث والخالص مائة حديثٍ وحديثٌ وافقه مسلم على تخريجها سوى أربعةً وعشرين حديثًا"
(2)
.
(1)
انظر: نسخة مكتبة الآثار، المجلد الثلاثين، لوحة رقم (664).
(2)
كما في (ص: 1066).