الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابٌ: هَلْ يُخْرَجُ المَيِّتُ مِنَ القَبْرِ وَاللَّحْدِ لِعِلَّةٍ
.
قَالَ الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ رحمه الله:
1350 -
حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌو: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ: أَتَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَىٍّ بَعْدَ مَا أُدْخِلَ حُفْرَتَهُ فَأَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ، فَوَضَعَهُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَنَفَثَ عَلَيْهِ مِنْ رِيقِهِ، وَأَلْبَسَهُ قَمِيصَهُ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَكَانَ كَسَا عَبَّاسًا قَمِيصًا. قَالَ سُفْيَانُ: وَقَالَ أَبُو هَارُونَ: وَكَانَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَمِيصَانِ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلْبِسْ أَبِى قَمِيصَكَ الَّذِى يَلِى جِلْدَكَ. قَالَ سُفْيَانُ: فَيُرَوْنَ أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم أَلْبَسَ عَبْدَ اللَّهِ قَمِيصَهُ مُكَافَأَةً لِمَا صَنَعَ.
قَالَ الشَّارِحُ رحمه الله:
(بَابٌ) بالتنوين (هَلْ يُخْرَجُ) على البناء للمفعول (المَيِّتُ مِنَ القَبْرِ وَاللَّحْدِ
(1)
) بعد دفنه (لِعِلَّةٍ) أي: لأجل سبب من الأسباب؛ كأن دفن بلا غسل، أو في كفن مغصوب، أو لحقه بعد الدفن سيل.
وإنما أورد الترجمة على سبيل الاستفهام، ولم يذكر جوابه اكتفاء بما في أحاديث الثلاثة عن جابر رضي الله عنه؛ لأن في الحديث الأول إخراج الميت من قبره لعلة، وهي إقماص النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أبي بقميصه الذي يلي جسده.
وفي الحديث الثاني والثالث إخراجه أيضًا لعلة، هي تطييب قلب جابر، ففي الأول لمصلحة الميت، وفي الثاني والثالث لمصلحة الحي، ويتفرع على هذين الوجهين جواز إخراج الميت من قبره إذا كانت الأرض مغصوبة أو ظهرت مستحقة أو توزعت بالشفعة، وكذلك نقل الميت من موضع إلى موضع، فذكر في الجوامع، وإن نقل ميلًا أو ميلين فلا بأس به
(2)
، وقيل: ما دون السفر، وقيل: لا يكره السفر أيضا
(3)
.
(1)
(اللحد والقبر) في ب.
(2)
المحيط البرهاني (5/ 359).
(3)
الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف (5/ 464).
وعن عثمان رضي الله عنه، أنه أمر بقبور كانت عند المسجد أن تحول إلى البقيع، وقال: توسعوا في مسجدكم
(1)
، وقيل: لا بأس في مثله.
[228 أ/ص]
وقال المازري: ظاهر مذهبنا جواز نقل الميت من بلد إلى بلد، وقد مات سعد بن /أبي وقاص رضي الله عنه بالعقيق ودفن بالمدينة وكذلك سعيد بن زيد
(2)
.
وفي الحاوي قال الشافعي: لا أحب نقله إلا أن يكون بقرب مكة أو المدينة أو بيت المقدس، فاختار أن ينقل إليها لفضل الدفن فيها
(3)
.
وقال البغوي ، والبندنيجي: يكره نقله،
(4)
وقال القاضي حسين والدارمي: يحرم نقله، قال النووي: هذا هو الأصح
(5)
.
ولم ير أحد بأسا أن يحول الميت من قبره إلى غيره، وقال قد نبش معاذ امرأته وحول طلحة
(6)
.
فإن قيل: ما فائدة قوله: واللحد مع تناول القبر له؟ فالجواب: أنه أشار إلى جواز الإخراج لعلة، سواء كان وحده في القبر، نبه عليه بقوله: من القبر، أو كان معه غيره، نبه عليه بقوله: واللحد؛ لأن والد جابر رضي الله عنهما، كان في اللحد ومعه غيره، فأخرجه جابر وجعله في قبر وحده؛ حيث قال في حديثه:"ودفن معه آخر في قبره. . . . إلى آخره".
(7)
.
(حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ) المعروف بابن المديني قال (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) وهو ابن عيينة. كذا نص عليه الحافظ المِزِّي في الأطراف (قَالَ عَمْرٌو) وهو ابن دينار (سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ: أَتَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَىٍّ) بضم الهمزة وفتح الموحدة وتشديد المثناة التحتية، ابن سلول بفتح السين المهملة. وأُبَيُّ هو أبو مالك بن الحارث بن عبيد. وسلول امرأة من
(1)
لم أقف على هذا الأثر وأورده العيني في "عمدة القاري"(8/ 164).
(2)
شرح التلقين (1/ 1201).
(3)
الحاوي (3/ 26).
(4)
شرح السنة (5/ 466).
(5)
المجموع (5/ 303).
(6)
المغني (2/ 281).
(7)
عمدة القاري (8/ 164).
خزاعة، وهي أم أبي مالك بن الحارث، وأم عبد الله ابن أبي خولة بنت المنذر بن حرام من بني النجار، وعبد الله سيد الخزرج في الجاهلية وكان رأس المنافقين
(1)
.
قال الواقدي: مرض عبدالله بن أبي في ليال بقين من شوال ومات في ذي القعدة سنة تسع من الهجرة، وكان مرضه عشرين ليلة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوده فيها، فلما كان اليوم الذي توفي فيه دخل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يجود بنفسه. فقال: قد نهيتك عن حب اليهود. فقال: قد أبغضهم أسعد
(2)
بن زرارة فما نفعه؟ ثم قال: يا رسول الله ليس هذا بحين عتاب. هو الموت فأحضر غسلي وأعطني قميصك الذي يلي جلدك فكفني فيه وصلِّ علي واستغفر لي، ففعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم
(3)
.
[229 أ/س]
(بَعْدَ مَا أُدْخِلَ) على البناء للمفعول (حُفْرَتَهُ) أي قبره (فَأَمَرَ بِهِ) أي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعبدالله بن أُبَيٍّ أي: بإخراجه من قبره (فَأُخْرِجَ، فَوَضَعَهُ) رسول الله صلى الله عليه وسلم / (عَلَى رُكْبَتَيْهِ) بالتثنية.
(وَنَفَثَ عَلَيْهِ) وفي رواية: "ونفث فيه"
(4)
أي: (مِنْ رِيقِهِ) والنفث بالمثلثة: شبيه بالنفخ، وهو أقل من التفل. قاله في الصحاح.
(5)
وزاد ابن الأثير في النهاية: لأن التفل لا يكون إلا ومعه شيء من الريق
(6)
. وقيل: هما سواء؛ أي يكون معهما ريق
(7)
.
[100 ب/ص]
(وَأَلْبَسَهُ قَمِيصَهُ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ) جملة معترضة أي فالله أعلم بسبب إلباس رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه/ قميصه؛ لأن مثل هذا لا يفعل إلا مع مسلم. وقد كان يظهر من عبد الله هذا ما يقتضي خلاف ذلك، لكنه صلى الله عليه وسلم، اعتمد ما كان يظهر منه من الإسلام، وأعرض عما كان يتعاطاه، مما يقتضي خلاف ذلك. حتى نزل قوله تعالى:{وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا} [التوبة: 84] كما سبق.
(1)
الطبقات الكبرى (3/ 408).
(2)
[سعد] في ب.
(3)
المغازي (3/ 1057).
(4)
إرشاد الساري (2/ 444).
(5)
الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية [نفث](1/ 295).
(6)
النهاية في غريب الحديث والأثر [نَفَثَ](5/ 88).
(7)
مشارق الأنوار على صحاح الآثار (2/ 19).
(وَكَانَ) أي عبد الله (كَسَا عَبَّاسًا) عم النبي، صلى الله عليه وسلم ورضى عنه (قَمِيصًا) وفي رواية:"قميصه"
(1)
. فكافأه رسول الله صلى الله عليه وسلم بإلباسه قميصه؛ وذلك أنه رضي الله عنه لما أسر يوم بدر، وأُتى به المدينة لم يجدوا قميصًا يصلح له إلا قميصَ عبدالله بن أبي؛ لأن العباس رضي الله عنه كان طويلًا جدًا وكذلك عبدالله بن أبي
(2)
، قال أنس رضي الله عنه:"شهدت رجليه وقد فضلتا السرير من طوله"
(3)
.
(قَالَ سُفْيَانُ) هو ابن عيينة. (وَقَالَ أَبُو هريرة) كذا في كثير من الروايات، وفي مستخرج أبي نعيم أيضًا. ووقع في رواية أبي ذر: قال سفيان: "وقال أبو هارون"، وهو كذلك عند الحميدي في الجمع بين الصحيحين
(4)
، وجزم به المِزِّي
(5)
. وقيل: هو الصواب، وأبو هريرة تصحيف
(6)
.
وأبو هارون هذا: هو موسى بن أبي عيسى الحَنَّاط، بالحاء المهملة وبالنون المشددة، المدني
(7)
، وقيل: هو إبراهيم بن العلاء الغنوي من شيوخ البصرة، وكلاهما من أتباع التابعين
(8)
.
فالحديث معضل، وقد أخرجه الحميدي في مسنده عن سفيان فسماه عيسى، ولفظه: حدثنا عيسى بن أبي موسى
(9)
قال الحافظ العسقلاني: فهذا هو المعتمد
(10)
.
(1)
فتح الباري (3/ 215).
(2)
أسد الغابة في معرفة الصحابة (3/ 163).
(3)
المغازي (3/ 1058).
(4)
الجمع بين الصحيحين البخاري ومسلم، المتفق عليه من مسند أبي عبد الله جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري (2/ 348)(1564).
(5)
تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف، جمال الدين أبو الحجاج يوسف بن عبد الرحمن المزي (المتوفى: 742 هـ) المحقق: عبد الصمد شرف الدين، المكتب الإسلامي، والدار القيّمة، الطبعة: الثانية: 1403 هـ، 1983 م (13/ 443)(19602).
(6)
عمدة القاري (8/ 164).
(7)
تهذيب الكمال في أسماء الرجال، موسى بن أبي عيسى الحناط الغفاري (29/ 132)(6290).
(8)
عمدة القاري (8/ 164).
(9)
مسند الحميدي، أحاديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه (2/ 333)(1284) ولكن بلفظ (حدثنا موسى بن أبي عيسى).
(10)
فتح الباري (3/ 215).
(وَكَانَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَمِيصَانِ، فَقَالَ لَهُ) أي للنبي صلى الله عليه وسلم (ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ) هو عبدالله أيضًا سماه به النبي صلى الله عليه وسلم وكان اسمه الحباب، فقال: أنت عبد الله والحباب شيطان. وكان قد أسلم وحسن إسلامه وشهد بدرًا مسلمًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان يصعب عليه صحبة أبيه مع المنافقين
(1)
. وهو الذي جلس على باب المدينة ومنع أباه في غزوة المريسيع من دخولها
(2)
.
[229 أ/ص]
(يَا رَسُولَ اللَّهِ، /أَلْبِسْ) أمر من الإلباس (أَبِى) عبدالله بن أُبَيٍّ (قَمِيصَكَ الَّذِى يَلِى جِلْدَكَ. قَالَ سُفْيَانُ) هو ابن عيينة.
(فَيُرَوْنَ) بضم الياء على البناء للمفعول أي: يظنون (أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم أَلْبَسَ عَبْدَ اللَّهِ) أيْ: ابن أُبَيٍّ (قَمِيصَهُ مُكَافَأَةً لِمَا صَنَعَ) مع عمه العباس رضي الله عنه فجازاه من جنس فعله.
وهذا التعليق أخرجه البخاري في أواخر الجهاد في باب كسوة الأسارى قال: حدثنا عبدالله بن محمد، حدثنا ابن عيينه، عن عمرو، وسمع جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: لما كان يوم بدر أتى بأسارى، وأتى بالعباس ولم يكن عليه ثوب، فنظر النبي صلى الله عليه وسلم له قميصًا، فوجدوا قميص عبدالله بن أُبَيٍّ يقدر عليه، فكساه النبي صلى الله عليه وسلم إياه، فلذلك نزع النبي صلى الله عليه وسلم قميصه الذي ألبسه. قال ابن عيينة: كانت له عند النبي صلى الله عليه وسلم يد فأحبَّ أن يكافئه"
(3)
.
وفي الحديث: جواز إخراج الميت من قبره لعلة. وقد مر ذكره مستوفى
(4)
. ومن العلة أن يكون دفن بلا غسل أو لحق الأرض المدفون فيها سيل أو نداوة. قاله الماوردي في أحكامه.
(5)
.
وقال ابن المنذر: اختلف العلماء في نبش من دفن ولم يغسل؛ فأكثرهم يجيز إخراجه وغسله، وهذا قول مالك والشافعي، إلا أن مالكًا قال: مالم يتغير، وكذا عندنا ما لم يتغير بالنتن
(6)
، وقيل: ينبش ما دام فيه جزء من عظم وغيره
(7)
.
(1)
الاستيعاب في معرفة الأصحاب، (3/ 940).
(2)
تفسير الطبري (22/ 666).
(3)
صحيح البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب الكسوة للأسارى (4/ 60)(3008).
(4)
بابُ: الْكَفَنِ فِي الْقَمِيصِ الَّذِى يُكَفُّ أَوْ لَا يُكَفُّ، وَمَنْ كُفِّنَ بِغَيْرِ قَمِيصٍ.
(5)
الأحكام السلطانية (1/ 373).
(6)
الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف (5/ 343).
(7)
روضة الطالبين وعمدة المفتين (2/ 140).
وقال أبو حنيفة وأصحابه: إذا وضع في اللحد ولم يغسل لا ينبغي أن ينبشوه. وبه قال أشهب
(1)
.
وكذلك اختلفوا فيمن دفن بغير صلاة؛ قال ابن المنذر: فعندنا لا ينبش بل يصلى على القبر، اللهم إلا أن لا يهال عليه التراب فإنه يخرج ويصلى عليه
(2)
، نص عليه الشافعي لعلة المشقة، وأنه لا يسمى نبشًا.
وقيل: ترفع لبنة وهو في لحده مما يقابل وجهه لينظر بعضه فيصلَّى
(3)
عليه. وقال ابن الهاشم
(4)
: يخرج ما لم يتغير. وهو قول سحنون
(5)
.
وقال أشهب: إن ذكروا ذلك قبل أن يهال عليه التراب أخرج وصلي عليه، وإن أهالوا فليترك وإن لم يصَلَّ عليه
(6)
.
وعن مالك: إذا نسيت الصلاة على الميت حتى فرغ من دفنه لا أرى أن ينبشوه كذلك ولا يصلى على قبره ولكن يدعون له
(7)
.
[230 أ/س]
وروى سعيد بن منصور عن شريح بن عبيد أن رجالًا قبروا صاحبًا لهم لم يغسلوه ولم يجدوا له كفنًا، فوجدوا معاذ بن جبل رضي الله عنه فأخبروه فأمرهم أن يخرجوه، ثم غسل وكفن وحنط /وصُلِّيَ عليه
(8)
.
وفي الحديث أيضًا: أنه نفث صلى الله عليه وسلم من ريقه، وهو حجة ترد على من رأى نجاسة الريق والنخامة، وهو قول عن سلمان الفارسي رضي الله عنه وإبرهيم النخعي
(9)
والظاهر أنه ليس بثابت عنهما؛
(1)
النَّوادر والزِّيادات (1/ 630). والمبسوط (2/ 74) وبدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، (1/ 319).
(2)
الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف (5/ 343).
(3)
[فيصلَّ] في ب.
(4)
وقال ابن القاسم، التوضيح (10/ 75)، عمدة القاري (8/ 165).
(5)
النَّوادر والزِّيادات (2/ 15).
(6)
النَّوادر والزِّيادات (1/ 630).
(7)
شرح صحيح البخارى لابن بطال (3/ 336).
(8)
ذكره المجد في المنتقى من أخبار المصطفى، لمجد الدين أبي البركات عبدالسلام بن تيمية الحراني، الطبعة الأولى، مطبعة المعاهد- القاهرة، 1351 هـ -1932 م، (2/ 118)، وعزاه لسعيد بن منصور.
(9)
روى ذلك ابن أبي شيبة في المصنف، كتاب الطهارات النخاع والبزاق يقع في البئر (1/ 152).
إذ العلماء كلهم على خلافه، والسنن وردت برده، والشارع صلى الله عليه وسلم علمنا النظافة والطهارة وبه طهرنا الله من الأدناس، فريقه صلى الله عليه وسلم يتبرك به ويستشفى
(1)
.
وفي الحديث أيضًا أن الشهداء لا تأكل الأرضُ لحومَهم، وقيل: أربعة لا تعدو عليهم الأرض ولا هوامها: الأنبياء، والعلماء والشهداء والمؤذنون، وقيل: ذلك لأهل أحد خاصة كرامة لهم. والله أعلم
(2)
.
قَالَ الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ رحمه الله:
1351 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - قَالَ: لَمَّا حَضَرَ أُحُدٌ دَعَانِى أَبِى مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ: مَا أُرَانِى إِلَاّ مَقْتُولًا فِى أَوَّلِ مَنْ يُقْتَلُ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم، وَإِنِّى لَا أَتْرُكُ بَعْدِى أَعَزَّ عَلَىَّ مِنْكَ، غَيْرَ نَفْسِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِنَّ عَلَىَّ دَيْنًا فَاقْضِ، وَاسْتَوْصِ بِأَخَوَاتِكَ خَيْرًا. فَأَصْبَحْنَا فَكَانَ أَوَّلَ قَتِيلٍ، وَدُفِنَ مَعَهُ آخَرُ فِى قَبْرٍ، ثُمَّ لَمْ تَطِبْ نَفْسِى أَنْ أَتْرُكَهُ مَعَ الآخَرِ فَاسْتَخْرَجْتُهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَإِذَا هُوَ كَيَوْمِ وَضَعْتُهُ هُنَيَّةً غَيْرَ أُذُنِهِ.
قَالَ الشَّارِحُ رحمه الله:
(حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ) هو ابن مسرهد قال: (أَخْبَرَنَا) وفي رواية: حدثنا (بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ
(3)
) بكسر الموحدة وسكون الشين المعجمة، والمفضل بضم الميم وتشديد الضاد المعجمة.
[101 ب/س]
قال: (حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ عَنْ عَطَاءٍ) هو ابن أبي رباح (عَنْ جَابِرٍ) هو ابن عبدالله (رضي الله عنه) قال الجياني: كذا روى هذا الإسناد عن البخاري إلا أبا علي بن السكن وحده، فإنه قال في روايته: / شعبة عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن جابر رضي الله عنه
(4)
.
(1)
التوضيح (10/ 75).
(2)
شرح صحيح البخارى لابن بطال (3/ 337).
(3)
هو: بشر بن المفضل بن لاحق الرقاشي، أبو إسماعيل البصري، ثقة ثبت عابد، من الثامنة، مات سنة ست أو سبع وثمانين ومائة، تهذيب الكمال (4/ 147)(707)، وتقريب التهذيب (ص: 124) (703).
(4)
فتح الباري (3/ 315). وعمدة القاري (8/ 166).
وأخرجه أبو نعيم من طريق أبي الأشعث، عن بشر بن المفضل، فقال: سعيد بن يزيد عن أبي نضرة، عن جابر رضي الله عنه
(1)
. وقال بعده: ليس أبو نضرة من شرط البخاري. قال: وروايته عن حسين عن عطاء عزيزة جدًا.
(2)
وأخرجه أبو داود، وابن سعد، والحاكم، والطبراني من طريقه، عن أبي نضرة عن جابر. وأبو نضرة هو: المنذر بن مالك العبدي
(3)
.
ولفظ رواية أبي داود: حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا حماد بن زيد، عن سعيد بن يزيد أبي سلمة، عن أبي نضرة، عن جابر رضي الله عنه، قال: دفن مع أبي رجل، فكان في نفسي من ذلك حاجة، فأخرجته بعد ستة أشهر، فما أنكرت منه شيئًا، إلا شعيرات كن في لحيته مما يلي الأرض"
(4)
.
(قَالَ) أي: جابر رضي الله عنه (لَمَّا حَضَرَ أُحُدٌ) أي: وقعته وإسناد الحضور إليه مجازي، وكانت وقعة أحد في سنة ثلاث من الهجرة، خرج صلى الله عليه وسلم إليها عشية الجمعة لأربع عشرة خلت من شوال
(5)
.
وقال [ابن]
(6)
مالك: كانت أُحُد وخيبر في أول النهار وقد مر تفصيلها
(7)
.
(دَعَانِى أَبِى) عبد الله رضي الله عنه (مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ مَا أُرَانِى) بضم الهمزة، أي ما أظن نفسي (إِلَاّ مَقْتُولًا فِى أَوَّلِ مَنْ يُقْتَلُ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم).
(1)
معرفة الصحابة (3/ 1720).
(2)
فتح الباري (3/ 315).
(3)
تهذيب الكمال في أسماء الرجال، المنذر بن مالك بن قطعة (1)(28/ 508)(6183).
(4)
سنن أبي داود، كتاب الجنائز، باب في تحويل الميت من موضعه للأمر يحدث (3/ 218)(3232)، إسناده صحيح. أبو نضرة: هو المنذر بن مالك بن قطعة العبدي. وأخرجه بنحوه البخاري (1351) * والمستدرك على الصحيحين، كتاب معرفة الصحابة رضي الله عنهم ذكر مناقب عبد الله بن عمرو بن حرام، (3/ 224)(4913)، وقال:" هذا حديث صحيح على شرط مسلم" وسكت عنه الذهبي. وأخرجه ابن سعد في"الطبقات الكبرى"(3/ 425).
(5)
الطبقات الكبرى، غزوة احد (2/ 28).
(6)
زاد "ابن".
(7)
البداية والنهاية (5/ 338).
/وذكر الحاكم في مستدركه عن الواقدي: أن سبب ظنه ذلك منام رآه، وذلك أنه رأى بشر
(1)
بن عبد المنذر، وكان ممن استشهد ببدر يقول له:"أنت قادم علينا في هذه الأيام"، فقصها على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هذه شهادة"
(2)
.
[230 أ/ص]
وفي رواية أبي علي بن السكن عن أبي نضرة عن جابر رضي الله عنه أن أباه قال له: "إني معرض بنفسي للقتل"
(3)
الحديث.
وقال ابن التين: إنما قال ذلك بناء على ما كان عزم عليه، وإنما قال: من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إشارة إلى ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم أن بعض أصحابه سيقتل
(4)
.
(وَإِنِّى لَا أَتْرُكُ بَعْدِى أَعَزَّ عَلَىَّ مِنْكَ، غَيْرَ نَفْسِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِنَّ) بالفاء، وفي رواية:"وإن" بالواو
(5)
(عَلَىَّ دَيْنًا) كانت عليه أوسق تمر ليهودي (فَاقْضِ) بحذف ضمير المفعول وفي رواية الحاكم "فاقضِه"
(6)
أي: أدِّ الدَّيْنَ عني.
(وَاسْتَوْصِ) أي: اطلب الوصل (بِأَخَوَاتِكَ خَيْرًا) يقال: وصيت الشيء بكذا إذا وصلته إليه.
(1)
"مبشر" في ب هو الصحيح
(2)
المستدرك على الصحيحين، كتاب معرفة الصحابة رضي الله عنهم ذكر مناقب عبد الله بن عمرو بن حرام (3/ 225)(4915)، من طريق أبي عبد الله محمد بن أحمد الأصبهاني، ثنا الحسن بن جهم، ثنا الحسين بن الفرج، ثنا محمد بن عمر، عن شيوخه، إسناد معضل لأن به موضع انقطاع وموضع إرسال، وفيه الحسين بن الفرج الخياط قال ابن حجر في "لسان الميزان" (3/ 200) (2592): قال ابن مَعِين: كذاب يسرق الحديث. وفيه متهم بالوضع: وهو محمد بن عمر الواقدي. وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة"(3/ 249) بهذا الإسناد.
(3)
التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (13/ 142)، وأخرجه الجرجاني "المعجم في أسامي شيوخ أبي بكر الإسماعيلي" أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن العباس بن مرداس الإسماعيلي الجرجاني (المتوفى: 371 هـ)، د. زياد محمد منصور، مكتبة العلوم والحكم - المدينة المنورةالطبعة: الأولى، (3/ 794)(399). من طريق بندار بن بشار، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن أبي مسلمة، عن أبي نضرة، عن جابر بن عبد الله.
(4)
عمدة القاري (8/ 166).
(5)
إرشاد الساري (2/ 444).
(6)
المستدرك على الصحيحين كتاب معرفة الصحابة (3/ 224)(4913) تقدم تخريجه في (ص: 822).
وقال ابن بطال: أي: اقبل وصيتي بالخير إليهن وكانت له تسع أخوات باختلاف فيه، فوكد عليه فيهن مع ما كان في جابر من الخير، فوجب لهن عليه حق القرابة، وحق وصية الأب، وحق اليتيم، وحق الإسلام
(1)
.
وفي الصحيح: "لما قال له صلى الله عليه وسلم: تزوجت بكرًا أم ثيبًا؟ قال: بل ثيبًا، فقال: هلا بكرًا تلاعبها وتلاعبك. قال إن أبي ترك أخوات كرهت أن أضم إليهن خرقاء مثلهن"
(2)
فلم ينكر عليه ذلك.
(فَأَصْبَحْنَا فَكَانَ) أبي (أَوَّلَ قَتِيلٍ) قتل ودفن (وَدُفِنَ مَعَهُ آخَرُ) وفي رواية: "ودفنت معه رجلًا آخرَ"
(3)
، بالنصب على المفعولية أي: دفنته. ودفنت معه رجلًا آخر، هو عمرو بن الجموح بن زيد حرام الأنصاري، وكان صديق والد جابر وزوج أخته هند بنت عمرو، فكان جابر رضي الله عنه سماه عمًّا تعظيمًا.
وقال ابن إسحاق في المغازي: حدثني أبي عن رجال من بني سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال حين أصيب عبد الله بن عمرو وعمرو بن الجموح: "اجمعوا بينهما فإنهما كانا متصادقين في الدنيا"
(4)
.
وفي مغازي الواقدي عن عائشة رضي الله عنها أنها رأت هندًا بنت عمرو تسوق بعيرًا لها، عليه زوجها عمرو بن الجموح، وأخوها عبد الله بن عمرو بن حرام لتدفنهما بالمدينة، ثم أمر رسول الله رضي الله عنه برد القتلى إلى مضاجعهم
(5)
.
[231 أ/س]
وروى أحمد في مسنده بإسناد حسن من حديث أبي قتادة قال: " قتل عمرو بن الجموح وابن أخيه يوم أحد فأمر بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم /فجعلا في قبر واحد"
(6)
.
(1)
عمدة القاري (8/ 166).
(2)
أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب استئذان الرجل الإمام (4/ 51) (2967) بلفظ:"هل تزوجت بكرًا أم ثيبًا؟ "، فقلت:"تزوجت ثيبًا. . . . ".
(3)
إرشاد الساري (2/ 445).
(4)
مصنف ابن أبي شيبة (7/ 367)(36757) من طريق، عيسى بن يونس، عن محمد بن إسحاق، عن أبيه، عن أشياخ، من الأنصار، وشيوخ والد محمد بن إسحاق مبهمون، وذكره ابن حجر "فتح الباري"(3/ 216) وحسنه.
(5)
المغازي للواقدي، غَزْوَةُ أُحُدٍ (1/ 266).
(6)
مسند الإمام أحمد بن حنبل، تتمة مسند الأنصار، حديث أبي قتادة الأنصاري (37/ 247)(22553) من طريق حميد بن زياد، أن يحيى بن النضر حدثه، عن أبي قتادة، إسناده حسن من أجل حميد بن زياد أبو ضخر، قال ابن حجر في "التقريب" (ص: 181) (1546).
وقال أبو عمر في التمهيد: ليس هو ابن أخيه، وإنما هو ابن عمه
(1)
.
(فِى قَبْرٍ) واحد، وفي رواية: في قبره
(2)
(ثُمَّ لَمْ تَطِبْ نَفْسِى أَنْ أَتْرُكَهُ) أيْ: بتركه؛ فكلمة "أن" مصدرية (مَعَ الآخَرِ) وفي رواية: "مع آخر". بدون اللام
(3)
.
(فَاسْتَخْرَجْتُهُ) من قبره (بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) من يوم دفنه. فإن قيل: وقع في الموطأ عن عبدالرحمن بن أبي صعصعة، أنه بلغه" أن عمرو بن الجموح وعبد الله بن عمرو الأنصاريين كانا قد حفر السيل قبرهما، وكانا في قبر واحد، فحفر عنهما ليغيرا من مكانهما، فوجدا لم يتغيرا، كأنهما ماتا بالأمس، وكان بين أحد، ويوم حفر عنهما ست وأربعون سنة"
(4)
.
وهذا يخالف في الظاهر ما ذكره جابر رضي الله عنه فالجواب: أنه جمع بينهما ابن عبد البر بتعدد القصة
(5)
.
ورد عليه الحافظ العسقلاني بقوله: وفيه نظر؛ لأن الذي في حديث جابر أنه دفن أباه في قبر وحده بعد ستة أشهر، وفي حديث الموطأ أنهما وجدا في قبر واحد بعد ست وأربعين سنة، فإما أن المراد بكونهما في قبر واحد قرب المجاورة، أو أن السيل غرق أحد القبرين فصارا كقبر واحد
(6)
.
وقد ذكر بن إسحاق القصة في المغازي، فقال: حدثني أبي عن أشياخ من الأنصار قالوا: لما ضرب معاوية رضي الله عنه عينه التي مرت على قبور الشهداء انفجرت العين عليهم فجئنا فأخرجناهما يتثنيان تثنيا كأنهما دفنا بالأمس
(7)
.
وقال العيني: والأوجه أن يقال: المروي عن عبدالرحمن بن أبي صعصعة بلاغ فلا يقاوم المروي عن جابر.
(فَإِذَا هُوَ) كلمة: إذا، للمفاجأة. وهو مبتدأ خبره (كَيَوْمِ وَضَعْتُهُ فيه
(8)
) بإضافة يوم إلى وضعته، والكاف بمعنى: المثل، واليوم بمعنى: الوقت.
(1)
التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (19/ 240).
(2)
إرشاد الساري (2/ 445).
(3)
إرشاد الساري (2/ 445).
(4)
موطأ الإمام مالك، كتاب الجهاد باب الدفن في قبر واحد من ضرورة (2/ 470)(49) ورجاله ثقات، لكنه مرسل.
(5)
التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (19/ 241).
(6)
فتح الباري (3/ 216).
(7)
سيرة ابن هشام (2/ 98) ودلائل النبوة (3/ 291)، وقال ابن حجر في "فتح الباري" (3/ 216): وله شاهد بإسناد صحيح عند بن سعد من طريق أبي الزبير عن جابر.
(8)
"فيه" زاد على أصل البخاري
[101 ب/ص]
(هُنَيَّةً) بضم الهاء وتشديد المثناة التحتية / مصغر هنا، أي: قريبًا، وانتصابه على الحال.
وقوله: (غَيْرَ أُذُنِهِ) مستثنى مما قبله، وحاصل المعنى: استخرجت أبي من قبره ففاجأته قريبًا مثل الوقت الذي وصفته فيه، غير أن أذنه تغير بسبب التصاقها بالأرض، وهذا المذكور هو رواية المروزي والجرجاني وأبي ذر، وفي رواية ابن السكن والنسفي:" كيوم وضعته في القبر غير هنية في أذنه" بتقديم غير وزيادة في
(1)
.
وقال الحافظ العسقلاني: وهو تصغير "هنة" أي: شيء، وصغره لكونه أثرًا يسيرًا
(2)
، نقله عن القاضي عياض، يريد: غير أثر يسير غيرته الأرض من أذنه. قاله القاضي وهذا هو الصواب
(3)
.
وحكى ابن التين أنه في روايته بفتح الهاء وسكون التحتية بعدها همزة ثم مثناة فوقية ثم هاء الضمير، ومعناه: على حالته
(4)
.
[231 أ/ص]
ووقع في رواية ابن أبي خيثمة والطبراني من طريق غسان بن مضر /عن أبي سلمة بلفظ: "وهو كيوم دفنته إلا هنية عند أذنه"
(5)
وهو موافق من حيث المعنى لرواية ابن السكن التي صوبها القاضي عياض.
ووقع في رواية أبي نعيم من طريق أبي الأشعث: "غير هنية عند أذنه"
(6)
.
ووقع في رواية الحاكم: "فإذا هو كيوم وضعته غير أذنه"
(7)
سقط منه لفظ هنية، وكذلك ذكره الحميدي في الجمع في أفراد البخاري
(8)
.
(1)
عمدة القاري (8/ 167).
(2)
ينطر: فتح الباري (3/ 217).
(3)
مشارق الأنوار على صحاح الآثار [هـ ن](2/ 271).
(4)
عمدة القاري (8/ 167).
(5)
التاريخ الكبير المعروف بتاريخ ابن أبي خيثمة، المؤلف: أبو بكر أحمد بن أبي خيثمة (المتوفى: 279 هـ)، المحقق: صلاح بن فتحي هلال، الفاروق الحديثة للطباعة والنشر - القاهرة، الطبعة: الأولى، 1427 هـ - 2006 م (2/ 633)(2665).
(6)
معرفة الصحابة (3/ 1718)(4340).
(7)
المستدرك على الصحيحين، كتاب معرفة الصحابة (3/ 224) (4913) تقدم تخريجه في (ص: 822).
(8)
الجمع بين الصحيحين البخاري ومسلم، أفراد البخاري (2/ 362)(1583).
والمراد بالأذن: بعضها، ووقع في رواية ابن السكن من طريق شعبة عن أبي مسلمة بلفظ:" غير أن طرف أذن أحدهم تغير"
(1)
.
ووقع في رواية ابن سعد من طريق أبي هلال عن أبي مسلمة: "إلا قليلا من شحمة أذنه"
(2)
.
ووقع في رواية أبي داود من طريق حماد بن زيد، عن أبي مسلمة:"إلا شعيرات كن من لحيته مما يلي الأرض"
(3)
.
ويُجْمَعُ بين هذه الرواية وغيرها بأن المراد الشعيرات التي تتصل بشحمة الأذن، وأفادت هذه الرواية سبب تغير ذلك دون غيره.
فإن قلت: روى الطبراني بإسناد صحيح عن محمد بن المنكدر عن جابر رضي الله عنه: "أن أباه رضي الله عنه قتل يوم أحد ثم مثلوا فجدعوا أنفه وأذنيه"
(4)
الحديث. وأصله في مسلم. فالجواب: أنه محمول على أنهم قطعوا بعض أذنيه لا جميعهما. والله أعلم.
قَالَ الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ رحمه الله:
1352 -
حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنِ ابْنِ أَبِى نَجِيحٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - قَالَ دُفِنَ مَعَ أَبِى رَجُلٌ فَلَمْ تَطِبْ نَفْسِى حَتَّى أَخْرَجْتُهُ فَجَعَلْتُهُ فِى قَبْرٍ عَلَى حِدَةٍ.
(1)
المعجم في أسامي شيوخ أبي بكر الإسماعيلي، (3/ 794)(399)، تقدم تخريجه في (ص: 823).
(2)
الطبقات الكبرى (3/ 425).
(3)
سنن أبي داود، كتاب الجنائز، (3/ 218) (3232) تقدم تخريجه في (ص: 822).
(4)
مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، كتاب الجنائز، باب ما جاء في البكاء (3/ 19) (4045). وقال: رواه الطبراني في الكبير، ورجاله ثقات، وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (3/ 217): له أصل في صحيح مسلم.
قَالَ الشَّارِحُ رحمه الله:
(حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ) المعروف بابن المديني قال: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ
(1)
) الضبعي البصري، وقد مر في كسوف القمر.
(عَنْ شُعْبَةَ عَنِ ابْنِ أَبِى نَجِيحٍ) بفتح النون وكسر الجيم آخره حاء مهملة بينهما مثناة تحتية ساكنة، عبد الله، واسم أبي نجيح: يسار، بمثناة تحتية ومهملة مخففة
(2)
.
(عَنْ عَطَاءٍ) هو ابن أبي رباح (عَنْ جَابِرٍ) الأنصاري (رضي الله عنه) كذا في رواية الأكثرين عن ابن أبي نجيح عن عطاء.
وحكى عن [الجياني]
(3)
أنه وقع عند أبي علي بن السكن عن مجاهد بدل عطاء قال: والذي رواه غيره هو الأصح
(4)
. وكذا أخرجه النسائي عن ابن أبي نجيح، عن عطاء، عن جابر رضي الله عنه
(5)
.
(قَالَ: دُفِنَ مَعَ أَبِى) عبدالله رضي الله عنه (رَجُلٌ) هو عمرو بن الجموح كما مر؛ أي: في قبر واحد (فَلَمْ تَطِبْ نَفْسِى) أن أتركه مع الآخر (حَتَّى أَخْرَجْتُهُ) من ذلك القبر (فَجَعَلْتُهُ فِى قَبْرٍ عَلَى حِدَةٍ) بكسر الحاء المهملة وتخفيف الدال المهملة المفتوحة نحو عدة.
[232 أ/س]
وفي قصة والد جابر رضي الله عنهما /من الفوائد: الإشارة إلى بر الأولاد بالآباء خصوصا بعد الوفاة.
ومنها: قوة إيمان عبد الله رضي الله عنه لاستثنائه النبي صلى الله عليه وسلم؛ حيث قال: "غير النبي صلى الله عليه وسلم ".
(1)
هو: سعيد بن عامر الضُبَعي، أبو محمد البصري، ثقة صالح، وقال أبو حاتم: ربما وهم، من التاسعة، مات سنة ثمان ومائتين وله ست وثمانون، تهذيب الكمال (10/ 510)(2300)، وتقريب التهذيب (ص: 237) (2328).
(2)
هو: عبد الله بن أبي نجيح يسار المكي، أبو يسار الثقفي مولاهم، ثقة، رمي بالقدر وربما دلس، من السادسة مات سنة إحدى وثلاثين ومائة أو بعدها، تقريب التهذيب (ص: 326) (3662)، وتهذيب الكمال في أسماء الرجال، عبد الله بن أبي نجيح (16/ 215)(3612).
(3)
[الجيالي] في أ.
(4)
فتح الباري (3/ 217).
(5)
السنن الصغرى للنسائي، كتاب الجنائز، باب إخراج الميت من القبر بعد أن يدفن فيه (4/ 84)(2021).
ومنها: كرامته بوقوع الأمر على ما ظن، وكرامته بكون الأرض لم تبل جسده مع لبثه فيها، والظاهر أن ذلك لمكان الشهادة.
ومنها: فضيلة جابر رضي الله عنه لعمله بوصية أبيه بعد موته في قضاء دَيْنِهِ.
(1)
والله أعلم.
(1)
شرح النووي على صحيح مسلم (11/ 36).