‌باب: كيف الإشعار للميت؟ وقال الحسن: الخرقة الخامسة تشد بها الفخذين والوركين تحت الدرع - نجاح القاري شرح صحيح البخاري - كتاب الجنائز - جـ ١

‌

‌باب: كَيْفَ الإِشْعَارُ لِلْمَيِّتِ؟ وَقَالَ الْحَسَنُ: الْخِرْقَةُ الْخَامِسَةُ تَشُدُّ بِهَا الْفَخِذَيْنِ وَالْوَرِكَيْنِ تَحْتَ الدِّرْعِ

.

قَالَ الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ رحمه الله:

1261 -

حَدَّثَنَا أحمد، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ: أَنَّ أَيُّوبَ أَخْبَرَهُ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ سِيرِينَ يَقُولُ: جَاءَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ - رضى الله عنها - امْرَأَةٌ مِنَ الأنصار مِنَ اللَاّتِي بَايَعن، قَدِمَتِ الْبِصْرَةَ، تُبَادِرُ ابْنًا لَهَا؛ فَلَمْ تُدْرِكْهُ -، فَحَدَّثَتْنَا قَالَتْ دَخَلَ عَلَيْنَا النَّبي صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ نَغْسِلُ ابْنَتَهُ-؛ فَقَالَ:«اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ -إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ- بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَاجْعَلْنَ فِي الآخِرَةِ كَافُورًا، فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِى» .

قَالَتْ: فَلَمَّا فَرَغْنَا أَلْقَى إِلَيْنَا حَقْوَهُ؛ فَقَالَ: «أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ» ، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ، وَلَا أَدْرِى أَيُّ بَنَاتِهِ، وَزَعَمَ أَنَّ الإِشْعَارَ ألْفُفْنَهَا فِيهِ، وَكَذَلِكَ كَانَ ابْنُ سِيرِينَ يَأْمُرُ بِالْمَرْأَةِ أَنْ تُشْعَرَ وَلَا تُؤْزَرَ.

قَالَ الشَّارِحُ رحمه الله:

(باب) بالتنوين (كَيْفَ الإِشْعَارُ لِلْمَيِّتِ؟) أورد فيه حديث أم عطية رضي الله عنها أيضًا، وإنما أفرد له هذه الترجمة؛ لقوله في هذا السياق:"وزعم أن الإشعار ألففنها فيه" على ما سيجئ -إن شاء الله تعالى- (وقال الحسن) أي: البصري (الخرقة الخامسة) فيه إشارة إلى أنَّ الميت يكفن بخمسة أثواب؛ لكن هذا في حق النساء، وأما في حق الرجال؛ فثلاثة، وهي كفن السنة

(1)

على ما عرف في موضعه (يشد) الغاسل (بها الفخذين والوركين) الورِك بكسر الراء: ما فوق الفخذ

(2)

،

وفي رواية يُشَدُّ الفخذان والوركان على البناء للمفعول (تحت الدرع)

(1)

بكسر الدال: وهو القميص هنا.

[51 ب/س]

ومطابقته للترجمة من حيث إن شد الفخذين /والوركين بالخرقة الخامسة: هو لفها، وقد فسر الإشعار في آخر الحديث باللف، ولهذا المقدار يستأنس في وجه المطابقة

(2)

، وقول الحسن في الخرقة الخامسة، قال به زفر، وقالت طائفة يشد على صدرها؛ لينضم أكفانها، فكأنَّ المصنف أشار إلى موافقة قول زفر

(3)

، ولا يكره القميص للمرأة على الراجح عند الشافعية والحنابلة

(4)

.

[114 أ/ص]

(حدثنا أحمد) هكذا وقع غير منسوب في رواية الأكثرين. ولابن شبويه، عن الفربري أحمد بن صالح

(5)

(قال: حدثنا ابن وهب) أي: عبد الله بن وهب كما في رواية

(6)

(قال: أخبرنا ابن جريج) عبد الملك (أن أيوب) السختياني (أخبره، قال: سمعت ابن سرين) محمدًا (يقول: جاءت أم عطية) رضي الله عنها (امرأة من الأنصار) مرفوع على أنه عطف بيان، ولا يجب في عطف البيان أن يكون من الأعلام والكنى / (من اللاتي بايعن النبي) وفي نسخة رسول الله صلى الله عليه وسلم))

(7)

، وكلمة (من) في الموضعين بيانية، ويحتمل أن يكون الثانية للتبعيض، فافهم.

(قدمت البصرة) بيان لقوله: جاءت، أو بدل منه (تبادر ابنًا لها) جملة حالية من المبادرة، وهي الإسراع، والمعنى: أنها أسرعت في المجيء إلى بصرة؛ لأجل ابنها الذي كان فيها (فلم تدركه) إما لأنه مات قبل مجيئها، أو خرج من البصرة إلى موضع آخر (فحدثتنا) أي: أم عطية، والقائل بهذا ابن سيرين (قالت: دخل علينا النبي، وفي رواية رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نغسل ابنته-؛

فقال: اغسلنها ثلاثًا، أو خمسًا، أو أكثر من ذلك) بكسر الكاف (إن رأيتن ذلك) بكسر الكاف -أيضًا- خطابًا لأم عطية؛ لأنها كانت الغاسلة (بماء وسدر، واجْعَلْنَ في) الغسلة

(الآخرة كافورًا؛ فإذا فرغتن، فآذنني قالت) أم عطية (فلما فرغنا ألقى إلينا حقوه) بفتح الحاء وكسرها، أي: إزاره.

(فقال: أشعرنها إياه) أي: اجعلنه شعارًا لها، قال أيوب:(ولم يزد) أي: ابن سيرين، وفي رواية، ولم تزد بالفوقية، أي: أم عطية

(1)

(على ذلك) بخلاف حفصة أخته؛ فإنها زادت في روايتها عن أم عطية رضي الله عنها أشياء منها البداءة بالميامن ومواضع الوضوء، قال أيوب أيضًا:(ولا أدري أي بناته صلى الله عليه وسلم) كانت المغسولة؛ فأي مبتدأ محذوف الخبر، ولا ينافي هذا ما قاله آخرون: إنها زينب إذ عدم علمه لا ينافي علم الغير (وزعم) أيوب (أن الإشعار) هو اللف؛ فمعنى قوله: اشعرنها (الففنها فيه) أمر من الإلفاف؛ فذكر الإشعار الذي هو المصدر، ثم فسره بصيغة الأمر طلبًا للاختصار، ولا التباس فيه للقرينة الدالة على ذلك (وكذلك كان ابن سيرين) محمد، وكان أعلم التابعين بعلم الموتى (يأمر بالمرأة أن تُشعر) بضم أوله وفتح ثالثه على البناء للمجهول، أي: تلف (ولا تؤزر)

(2)

بضم التاء، وسكون الهمزة، وفتح الزاي المخففة، ويروى بفتح الهمزة، وتشديد الزاي: من التأزير، أي: ولا يجعل الشعار عليها مثل الإزار؛ لأنَّ الإزار لا يعم البدن بخلاف الشعار

(3)

.