الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ عَذَابِ القَبْرِ مِنَ الغِيبَةِ وَالبَوْلِ
قَالَ الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ رحمه الله:
1378 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ طَاوُسٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما -: مَرَّ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى قَبْرَيْنِ فَقَالَ: «إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ مِنْ كَبِيرٍ - ثُمَّ قَالَ -: بَلَى؛ أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ يَسْعَى بِالنَّمِيمَةِ، وَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ» . قَالَ: ثُمَّ أَخَذَ عُودًا رَطْبًا فَكَسَرَهُ بِاثْنَتَيْنِ ثُمَّ غَرَزَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى قَبْرٍ، ثُمَّ قَالَ:«لَعَلَّهُ يُخَفَّفُ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا» .
قَالَ الشَّارِحُ رحمه الله:
(بَابُ) بيان (عَذَابِ القَبْرِ) الحاصل (مِنَ الغِيبَةِ) بكسر الغين؛ وهي ذكر الإنسان في غيبته بما يسوءه وإن كان متصفًا به، والغَيب والغَيبة، بالفتح: هو ما غاب عن العيون سواء كان محصلًا في القلوب أو غير محصل، تقول: غاب عنه غيبًا وغيبة.
(1)
.
(وَ) بيان عذاب القبر الحاصل من أجل عدم الاستبراء من (البَوْلِ) وقد روى أصحاب السنن الأربعة "استنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه"
(2)
وخصهما بالذكر لتعظيم أمرهما، لا لنفي الحكم عما عداهما، فلا يلزم من ذكرهما حصر أسباب عذاب القبر فيهما.
(1)
النهاية في غريب الحديث والأثر [غَيَبَ](3/ 399).
(2)
سنن ابن ماجه، كتاب الطهارة وسننها، باب التشديد في البول (1/ 125)(348) من طريق أبي عوانة، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة. وأخرجه الدارقطني في سننه، كتاب الطهارة، باب نجاسة البول والأمر بالتنزه منه والحكم في بول ما يؤكل لحمه (1/ 233)(465) بهذا الإسناد. واخرجه الحاكم في "المستدرك"، كتاب الطهارة (1/ 293)(653) بهذا الإسناد، وقال:«هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولا أعرف له علة ولم يخرجاه، وله شاهد من حديث أبي يحيى القتات» . وقال الذهبي: على شرطهما ولا أعلم له علة وله شاهد.
(حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ) وهو ابن سعيد قال: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ) هو ابن أبي حازم (عَنِ الأَعْمَشِ) سليمان بن مهران (عَنْ مُجَاهِدٍ) هو ابن جبر (عَنْ طَاوُسٍ) هو ابن كيسان.
(قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ) وفي رواية: "عن ابن عباس"
(1)
(رضى الله عنهما - مَرَّ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى قَبْرَيْنِ فَقَالَ: «إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ مِنْ كَبِيرٍ) أي: تركه ودفعه أو عند من فعله، أو عند الناس (ثُمَّ قَالَ صلى الله عليه وسلم: بَلَى) إنه كبير من جهة الدين.
(أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ يَسْعَى بِالنَّمِيمَةِ) المحرمة (وَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ) من الاستتار، وهو مجاز عن الاستنزاه. كما مر الكلام فيه.
(قَالَ) ابن عباس رضي الله عنهما (ثُمَّ أَخَذَ عُودًا رَطْبًا) وفي رواية أخرى: "ثم أخذ جريدة رطبة"
(2)
. (فَكَسَرَهُ) أي: العود (بِاثْنَتَيْنِ) بتاء التأنيث، وفي رواية:"باثنين، بحذفها"
(3)
(ثُمَّ غَرَزَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى قَبْرٍ) من القبرين المذكورين.
(ثُمَّ قَالَ: «لَعَلَّهُ يُخَفَّفُ عَنْهُمَا) العذاب، وقوله: يخفف على صيغة البناء للمفعول من التخفيف.
[118 ب/ص]
(مَا لَمْ يَيْبَسَا) أي: مدة دوام / عدم يبسهما.
[270 أ/ص]
فإن قيل: ليس للغيبة التي هي أحد جُزءَي الترجمة ذكر في الحديث، فالجواب: أن الغيبة/ من لوازم النميمة؛ لأن الذي ينم ينقل كلام الرجل الذي يغتابه، ويقال: الغيبة والنميمة أختان، ومن نمّ
(1)
إرشاد الساري (2/ 468).
(2)
نفس المصدر (2/ 468).
(3)
إرشاد الساري (2/ 468).
عن أحد فقد اغتابه.
واعترض عليه ابن رشيد: بأنه لا يلزم من الوعيد على النميمة بثبوته على الغيبة وحدها؛ لأن مفسدة النميمة أعظم، وإذا لم تساوها لم يصح إلحاقها بها؛ إذ لا يلزم من التعذيب على الأشد التعذيب على الأخف
(1)
.
وأجيب بأنه لا يلزم في الإلحاق المساواة، والوعيد على الغيبة التي تضمنتها النميمة موجودة فيصح الإلحاق بهذا الوجه، ويحتمل أن يكون أورد ذلك على معنى التوقع والحذر فيكون قصد التحذير عن الغيبة لئلا يكون له في ذلك نصيب، وقد وقع في بعض طرق هذا الحديث بلفظ "الغيبة"، وقد جرت عادة البخاري بالإشارة إلى ما ورد في بعض طرق الحديث في الترجمة
(2)
.
وقد مر هذا الحديث في "باب: من الكبائر أن لا يستر من البول" في كتاب" الوضوء"
(3)
.
(1)
فتح الباري (3/ 242).
(2)
فتح الباري (3/ 242).
(3)
صحيح البخاري (1/ 3)(216).