الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ مَنْ يَدْخُلُ قَبْرَ المَرْأَةِ
.
قَالَ الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ رحمه الله:
1342 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا هِلَالُ بْنُ عَلِىٍّ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ: شَهِدْنَا بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ عَلَى الْقَبْرِ، فَرَأَيْتُ عَيْنَيْهِ تَدْمَعَانِ فَقَالَ:«هَلْ فِيكُمْ مِنْ أَحَدٍ لَمْ يُقَارِفِ اللَّيْلَةَ» . فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: أَنَا. قَالَ: «فَانْزِلْ فِى قَبْرِهَا» . فَنَزَلَ فِى قَبْرِهَا فَقَبَرَهَا. قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: قَالَ فُلَيْحٌ: أُرَاهُ يَعْنِى الذَّنْبَ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: (لِيَقْتَرِفُوا) أَىْ لِيَكْتَسِبُوا.
قَالَ الشَّارِحُ رحمه الله:
(بَابُ مَنْ يَدْخُلُ قَبْرَ المَرْأَةِ) لأجل إلحادها (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ) بكسر المهملة وتخفيف النون، العَوفي بفتح العين المهملة والواو وبالفاء، الباهلي البصري قال:(حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ) بضم الفاء على صيغة التصغير قال الواقدي: اسمه عبد الملك، وفليح لقب غلب عليه.
(1)
وسقط في روايةٍ لفظُ بن سليمان
(2)
، وقد مر ذكرهما في كتاب العلم.
[214 أ/ص]
قال: (حَدَّثَنَا هِلَالُ بْنُ عَلِىٍّ) هو ابن أسامة /العامري (عَنْ أَنَسٍ) هو ابن مالك (رضي الله عنه قَالَ: شَهِدْنَا بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم) أم كلثوم زوج عثمان بن عفان رضي الله عنها (وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ عَلَى) جانب (الْقَبْرِ) ، والجملة الاسمية حالية (فَرَأَيْتُ عَيْنَيْهِ تَدْمَعَانِ) بفتح الميم، وفيه جواز البكاء بلا صياح ونياح وغيرهما مما ينكر شرعًا.
(فَقَالَ) صلى الله عليه وسلم (هَلْ فِيكُمْ مِنْ أَحَدٍ لَمْ يُقَارِفِ اللَّيْلَةَ) بالقاف وبالفاء، أي: لم يباشر المرأة ولم يجامعها، ومثله في الكناية قوله تعالى:{أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة: 187]. وقد كان من عادة أدب القران يكني عن الجماع باللمس لبشاعة التصريح، فعكس، فكنى
(1)
الطبقات الكبرى، فليح بن سليمان (5/ 485)(1421).
(2)
إرشاد الساري (2/ 438).
عن الجماع بالرفث، وهذا أبشع تقبيحًا لفعلهم لينزجروا عنه، وكذلك كني في هذا الحديث عن المباح بالمحظور ليصون جانب بنت الرسول عما ينبئ عن الأمر المستهجن
(1)
.
(فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ) وهو زيد بن سهل الأنصاري رضي الله عنه (أَنَا) لم أقارف الليلة (قَالَ) صلى الله عليه وسلم (فَانْزِلْ فِى قَبْرِهَا).
[94 ب/س]
وفيه: أنه لا يُنْزِلُ الميت في قبره إلا الرجالُ متى وجدوا، وإن كان الميت امرأة، بخلاف النساء فإنهن ضعفن عن ذلك غالبًا، وقد كان عثمان رضي الله عنه أولى بذلك من أبي طلحة رضي الله عنه؛ لأن الزوج أحق من غيره بمواراة زوجته، وإن خالط غيرها من أهله تلك الليلة
(2)
؛ لأن منظوره أكثر من منظور محارمه، لكن لما كان عثمان رضي الله عنه قارف تلك الليلة، فباشر جارية له، وبنت رسول الله صلى الله عليه وسلم محتضرة لم يعجبه صلى الله عليه وسلم /ذلك لكونه شغل عن المحتضرة مع جلالة محل ابنته صلى الله عليه وسلم ورضي بها عنها، فأدبه بما قال
(3)
، والله أعلم بالحال (قال فَنَزَلَ) أبو طلحة رضي الله عنه (فِى قَبْرِهَا فَقَبَرَهَا) أي: ألحدها رضي الله عنها وفي رواية سقط قوله: "فقبرها"
(4)
.
(قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ) عبدالله، وفي رواية: قال ابن مبارك، بدون اللام
(5)
(قَالَ فُلَيْحٌ) يعني ابن سليمان المذكور (أُرَاهُ) بضم الهمزة أي: أظنه صلى الله عليه وسلم (يَعْنِى) بقوله: "يقارف"(الذَّنْبَ) لكن الراجح هو التفسير الأول، ويؤيده ما في بعض الروايات بلفظ:"لا يدخل القبر أحد قارف أهله البارحة. فتنحى عثمان رضي الله عنه "
(6)
.
[215 أ/س]
وقال ابن حزم: معاذ الله /أن يتبجح أبو طلحة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه لم يذنب تلك الليلة. هذا
(7)
. وقد أنكر الطحاوي تفسيره بالجماع؛ فقال: بل معناه: لم يقاول؛ لأنهم كانوا يكرهون الحديث بعد العشاء
(8)
.
(1)
إرشاد الساري (2/ 438).
(2)
[الليل] في ب.
(3)
الكواكب الدراري (7/ 829). فتح الباري (3/ 159).
(4)
إرشاد الساري (2/ 438).
(5)
إرشاد الساري (2/ 438).
(6)
أخرجه البخاري في تأريخه الأوسط (1/ 18)(50).
(7)
المحلى (3/ 370).
(8)
شرح مشكل الآثار (6/ 322)(2512).
وقد تقدم الكلام على هذا الحديث في باب الميت يعذب ببعض بكاء أهله.
ثم إن هذا التعليق وصله الإسماعيلي من طريق ابن المبارك وكذا أخرجه أحمد عنه
(1)
. ووقع في رواية أبي الحسن القابسي في أصله "قال أبو المبارك: قال أبو الحسن: هو أبو المبارك محمد بن سنان، يعني أبو المبارك كنية محمد بن سنان، شيخ البخاري المذكور. وتعقبه أبو على الجياني بأن قال: لا أعلم بينهم خلافًا في أن محمد بن سنان يكنى: أبا بكر، والصواب: ابن المبارك، كما في بقية الطرق
(2)
.
وفي التلويح وروى هذا الحديث البخاري في "التاريخ الأوسط" بإسناده وانتهى إلى قوله: "فنزل في قبرها"
(3)
ولم يذكر التفسير الذي ذكره في الجامع. والله أعلم.
(قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ) يريد البخاري نفسه. قيل: أراد بهذا تأييد ما قاله ابن المبارك عن فليح (لِيَقْتَرِفُوا) أي: معناه (أَيْ لِيَكْتَسِبُوا) أو أراد أن يوجه الكلام المذكور وأن لفظ المقارفة في الحديث أريد به ما هو أخص من ذلك وهو الجماع
(4)
.
وهذا التفسير مرويٌّ عن ابن عباس رضي الله عنهما أخرجه الطبري من طريق على بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال في قوله تعالى: {وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ (113)}
…
[الأنعام: 113]: "وليكتسبوا ما هم مكتسبون"
(5)
ثم إن هذا التفسير سقط في رواية الحموي والمستملى وثبت في رواية الكشميهني
(6)
.
(1)
مسند الإمام أحمد بن حنبل، (21/ 83) (13383) تقدم تخريجه في (ص: 452).
(2)
تهذيب التهذيب، حرف الميم، من كنيته أبو المبارك (12/ 220).
(3)
تأريخ الأوسط (1/ 18)(50).
(4)
فتح الباري (3/ 209).
(5)
تفسير الطبري (9/ 505).
(6)
فتح الباري (3/ 209). وعمدة القاري (8/ 152).