الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بابُ الرَّهْنِ وغيرِه
الرَّهْنُ في اللغة: الثبوت، يقال: رَهَنَ بالمقام؛ أي: أقام به، وثبت فيه.
وفي الشرع: جعلُ عينِ مال وثيقةً بدين؛ ليستوفى منها عند تعذر استيفائه ممن عليه.
وجَمْعُ الرَّهْنِ: رِهان، كحَبْل وحِبَال، ويقال: رُهُنَ -بضم الهاء-.
واختلفوا في رُهن، هل هو جمع رَهْن، أم جمع رِهَان، فيكون جمع الجمع؟
قال الأكثرون: جمعُ رِهان، وقال أبو عمرو بن العلاء: جمع رَهْنِ، كَسَقْفٍ وَسُقُفٍ.
ويقال: رَهَنْت الشيء، وهو الأفصح المشهور، وأرهنته، رباعيًّا، ومنهم من منعه، وأَرْهَنْتهُ إياه، والرّاهِن: دافع الرهن، والمرْتَهِن: آخذه، والشيء: رَهْنٌ، ورَهين، والأنثى: رَهينة (1).
* * *
الحديث الأول
عَن عَائشِةَ رضي الله عنها: أَن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم اشتَرَى من يَهُودِيٍّ طَعَامًا، وَرَهَنَهُ دِرعًا مِن حَدِيدٍ (2).
(1) انظر: "غريب الحديث" لابن قتيبة (1/ 320)، و"تحرير ألفاظ التنبيه" للنووي (ص: 193 - 194).
(2)
رواه البخاري (1962)، كتاب: البيوع، باب: شراء النبي صلى الله عليه وسلم بالنسيئة، ومسلم (1603)، =
أمّا اليهودي المرهونُ عنده درعُ النبي صلى الله عليه وسلم على طعام؛ فقد ذكر الخطيب البغدادي في "المبهمات" من رواية أنس حديثه، وقال: ويقال له: أبو الشحم (1).
وقد نطق الكتاب العزيز بجواز الرَّهْنِ في قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: 283].
وفي الحديث أحكام:
منها: جواز معاملة الكفار، وعدم اعتبار الجواز في معاملاتهم.
ومنها: جواز الرهن في الحضر، وقد وقع التصريح به في غير هذه الرواية.
واتفق العلماء على جواز الرهن في السفر عند عدم الكاتب، وقال مجاهد بن جبر التابعي: لا يجوز إلا في هذه الصورة؛ لظاهر الآية، وجوّزه الباقون في الحضر والسفر، وقالوا: الآية خرج الكلام فيها على الأعمّ الأغلب، لا على سبيل الشرط، والحديث يدل بمجموع طرقه على جوازه مطلقًا من غير سفر، ولا عند عدم كاتب، والله أعلم.
ومنها: جواز الشراء بالثمن المؤجل المؤخر قبضه؛ لأن الرهن إنما يحتاج إليه حيث يكون الثمن مؤجلًا، أو حيث لا يتأتى إقباضه في الحال غالبًا.
ومنها: جواز رهن السلاح.
ومنها: جواز رهنه عند الكفار من أهل الذمة والمعاهدين.
ومنها: ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من الفقر والحاجة والتقلل من الدنيا، والزهد فيها، مع تمكينه صلى الله عليه وسلم منها وعرضها عليه، وإعراضه عنها، والله أعلم.
* * *
= كتاب: المساقاة، باب: الرهن وجوازه في الحضر والسفر.
(1)
وانظر: "تلخيص الحبير" لابن حجر (3/ 35).