الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث السادس
عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ أَحَقَّ الشُّرُوطِ أَن تُوفُوا بِهِ: مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الفُرُوجَ"(1).
أَمَّا عقبة بن عامر؛ فاختلف في كنيته على أقوال، أشهرها: أبو حماد، ويقال: أبو سعاد، ويقال: أبو أسد، ويقال: أبو عامر، ويقال: أبو عمرو، ويقال: أبو الأسود، ويقال: أبو عبس، وهو عقبة بن عامر بن عبس بن عمرو بن عدي بن عمرو بن رفاعة بن مودوعة بن عدي بن غنم بن الربعة بن رشدان بن قيس بن جهينة.
رُوي له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسة وخمسون حديثًا، اتفقا على تسعة، وللبخاري حديث، ولمسلم تسعة، روى عنه من الصحابة: جابر، وابن عباس، وأبو أمامة، ومسلمة بن مخلد، وجماعة من التابعين كثر، وروى له أصحاب السنن والمساند، وكان يقال له: عقبة بن عامر الجهني، وكان واليًا بمصر من قبل معاوية بن أبي سفيان، ثم عزله بمسلمة بن مخلد، وكان من الرماة، وكان يخضب بالسواد، ويقول: نسوِّدُ أعلاها، وتأبى أصولها (2). وابتنى بمصر دارًا، وكان له بدمشق دار بناحية قنطرة سنان من باب توما، ومات بمصر في آخر خلافة معاوية، سنة ثمان وخمسين، ودفن بمقبرتها العظمى، وقبره مشهور بها، وزرته في سنة سبع مئة (3).
(1) رواه البخاري (2572)، كتاب: الشروط، باب: الشروط في المهر عند عقد النكاح، ومسلم (1418)، كتاب: النكاح، باب: الوفاء بالشروط في النكاح.
(2)
رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(25025)، وابن سعد في "الطبقات الكبرى"(4/ 343)، والطبراني في "المعجم الكبير"(17/ 268)، وابن عبد البر في "التمهيد"(21/ 85)، وقال: هو بيت محفوظ له:
نسود أعلاها وتأبى أصولها
…
ولا خير في الأعلى إذا فسد الأصل
(3)
وانظر ترجمته في: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (4/ 343)، و "التاريخ الكبير" للبخاري (6/ 430)، و "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (6/ 313)، و "الثقات" لابن حبان (3/ 280)، =
وأَمَّا ما حكاه الحافظ أبو عمر بن عبد البر رحمه الله في "استيعابه" عن خليفة بن خياط: أنه قال: قتل عقبة بن عامر يوم النهروان شهيدًا، سنة ثمان وثلاثين، فقال: وهذا غلط منه، وفي كتابه بعد: وفي سنة ثمان وخمسين توفي، وقوله رحمه الله موافق للحفاظ، وتغليطه لخليفة، وكتابه صحيح. والله أعلم.
وأخذ بظاهر هذا الحديث: الإمامُ أحمد، وجماعة، وألزموا الوفاء بالشروط، وإن لم يكن مقتضى العقد؛ كأن لا يتزوج عليها، ولا يتسرى، ولا يخرجها من البلد، ولا يسكن بها إلا في بيت معين، ولا يقسم لها، ولا ينفق عليها، ونحو ذلك.
وحمل الإمام الشافعي وأكثر العلماء هذا الحديث على شروط لا تنافي مقتضى النكاح ومقاصده؛ كاشتراط العِشْرة بالمعروف، والإنفاق عليها، وكسوتها، وسكناها بالمعروف، وأنه لا يقصر في شيء من حقوقها، ويقسم لها كغيرها، وأنها لا تخرج من بيته إلا بإذنه، ولا تنشز عليه، ولا تصوم تطوعًا بغير إذنه، ولا تأذن في بيته إلا بإذنه، ولا تتصرف في متاعه إلا برضاه، ونحو ذلك.
فأَمَّا شرط ينافي مقتضاه؛ كشرط ألَّا يقسم لها، أو لا يتسرى عليها، أو لا ينفق عليها، فلا يجب الوفاء به، ويلغو الشرط، ويصح النكاح بمهر المثل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:"كلُّ شرط ليسَ في كتابِ اللهِ فهو باطل"(1).
قال شيخنا أبو الفتح الإمام رحمه الله: وفي حمل الحديث على ما هو من مقتضيات العقد، ضعف، قال: لأنها أمور لا تؤثر الشروط في إيجابها، فلا تستند الحاجة إلى تعليق الحكم بالاشتراط فيها، ومقتضى الحديث: أن لفظ:
= و "الاستيعاب" لابن عبد البر (3/ 1073)، و "تاريخ دمشق" لابن عساكر (40/ 486)، و "أسد الغابة" لابن الأثير (4/ 51)، و"تهذيب الأسماء واللغات" للنووي (1/ 308)، و"تهذيب الكمال" للمزي (20/ 202)، و"سير أعلام النبلاء" للذهبي (2/ 467)، و "الإصابة في تمييز الصحابة" لابن حجر (4/ 520) ، و "تهذيب التهذيب" له أيضًا (7/ 216).
(1)
تقدم تخريجه.