الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الرابع
عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الحارِثِ بْنِ الحارِثِ رضي الله عنه قَالَ: تَزَوَّجْتُ أُمَّ يَحْيَى بِنْتَ أَبِي الحارثِ إهَابٍ، فجاءتني أَمَةٌ سَودَاءُ، فَقَالَتْ: قَدْ أَرْضَعْتكُمَا، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَأَعْرَضَ عَنِّي، قال: فَتنَحَّيْتُ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، قَالَ:"وَكَيْفَ زَعَمَتْ أَنْ قَدْ أَرْضَعَتْكُمَا؟ "(1).
أما عقبة بن الحارث؛ فكنيته أبو سِرْوَعة -بكسر السين المهملة-. قال أبو عمر النمري: قال الزبير -يعني: ابن بكار-: وهو قول أهل الحديث.
وأما أهل النسب، فإنهم يقولون: إن عقبة هذا هو أخو أبي سروعة، وإنهما أسلما جميعًا يوم الفتح. قال ابن الأثير: وهو أصح.
قال النمري: عقبة بن الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف بن قصي، قرشي نوفلي، وهو حجازي مكي، له حديث واحد، ما أحفظ له غيره في شهادة امرأة على الرضاع. قال: وقيل: بل كان أبو سروعة أخاه لأمه، وهو أثبت عند مصعب.
وأصح من هذا كله ما رواه سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار: أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: الذي قتل خبيبًا: أبو سروعة عقبةُ بن الحارث بن عامر بن نوفل.
وقال أبو محمد عبد الغني المقدسي الحافظ: روى له البخاري ثلاثة أحاديث، وروى له أبو داود، والترمذي، والنسائي.
وقال أبو حاتم بن حبان البستي الحافظ: وكان أبوه -يعني: الحارث- أحدَ المطعمين يوم بدر مع المشركين، وأمه درة بنت أبي لهب بن عبد المطلب، والله أعلم (2).
(1) رواه البخاري (2516)، كتاب: الشهادات، باب: شهادة الإماء والعبيد، قلت: وهو مما انفرد به البخاري عن مسلم، وفات الشارح رحمه الله التنبيه على ذلك.
(2)
وانظر ترجمته في: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (5/ 447)، و"التاريخ الكبير" للبخاري (6/ 430)، و"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (6/ 309)، و"الثقات" لابن حبان (3/ 279)، =
وأما التي تزوجها أم يحيى بنت أبي إهاب؛ فاسمها غنية بنت أبي إهاب بن عزيز بن قيس بن سويد بن ربيعة بن زيد بن عبد الله بن دارم، قاله أبو القاسم خلف بن بشكوال الحافظ. وقال: حكى ذلك في "المؤتلف والمختلف" الدارقطني عن الزبير بن بكار (1).
وأما الأمة السوداء؛ فلا أعلم اسمها، والله أعلم.
أما إعراضه صلى الله عليه وسلم عن عقبة لما ذكر ما قالت المرأة السوداء له؛ فلأنه حكاية مجردة تهوش عليه نكاحه من غير تثبت، فلما ذكرت له المرأة السوداء أنها قد أرضعتهما، قوي ما حكاه قوة توجب التوقف عن النكاح، والأخذ بالاحتياط له؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم:"كيفَ وقد زعمَتْ أن قد أرضعَتكما".
وفي هذا الحديث دليل: على سؤال أهل العلم عن الوقائع الحادثة.
وفيه: دليل على التثبت فيها، والإعراض عن السائل عنها أول وهلة.
وفيه دليل: على الأخذ بالورع والإرشاد إليه.
وفيه دليل: على الاحتياط للأعراض من الأقوال التي لم تتثبت.
وقد تمسك به بعض الناس على قبول شهادة المرضعة وحدها على الرضاع، ويحتاج ذلك إلى قبول شهادة الأمة في ذلك وجوازه. والعلماء يحملون الأمر في ذلك على الورع والاحتياط للأبضاع دون التحريم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:"كيفَ وقد قيلَ"(2).
* * *
= و"المستدرك" للحاكم (3/ 490)، و "الاستيعاب" لابن عبد البر (3/ 1072)، و"أسد الغابة" لابن الأثير (4/ 48)، و"تهذيب الأسماء واللغات" للنووي (1/ 308)، و"تهذيب الكمال" للمزي (20/ 192)، و"الإصابة في تمييز الصحابة" لابن حجر (4/ 518)، و "تهذيب التهذيب" له أيضًا (7/ 212).
(1)
انظر: "غوامض الأسماء المبهمة" لابن بشكوال (1/ 453 - 454).
(2)
رواه البخاري (1947)، كتاب: البيوع، باب: تفسير المشبهات.