الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفيه دليل: على أن العمل الذي ليس بمخلص لله تعالى لا يأتي بخير مطلقًا، لا في الدنيا، ولا في الآخرة.
وفيه دليل: على ذم البخل والبخلاء.
وفيه دليل: على أن من توقف مع الشرع في أعماله ونياته لا يسمى بخيلًا، بل هو الكريم حقيقة وشريعة، والله أعلم.
* * *
الحديث الثالث
عَنْ عُقبةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه قَالَ: نَذَرَت أُختِي أَنَّ تَمْشِيَ إلَى بَيْتِ اللهِ الحَرَامِ حَافِيةً، فَأَمَرَتنِي أَن أَسْتَفتيَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَاسْتَفْتَيْتُهُ، فَقَالَ:"لِتَمْشِ وَلتَرْكَبْ"(1).
أما عقبة بن عامر؛ فتقدم ذكره.
وأما أخته؛ فهي: أم حِبان -بكسر الحاء المهملة-، بنتُ عامر بن نابي، وأسلمت وبايعت، ذكر ذلك الأمير أبو نصر علي بن ماكولا في "المختلف والمؤتلف" عن مُحَمَّد بن سعد، وحكاه عنه أبو القاسم بن بشكوال في "مبهماته"، قال: ولم يذكرها أبو عمر بن عبد البر في الصَّحَابَة، وهي من شرطه، والله أعلم (2).
أما قوله صلى الله عليه وسلم: "لِتمشِ ولتركبْ"؛ فمعناه: تمشي في وقت قدرتها على المشي، وتركب إذا عجزت عن المشي، ولحقتها مشقة ظاهرة، فتركب، وعليها دم، وقد روى أبو داود في "سننه" من رواية عكرمة عن ابن عباس: أن أخت
(1) رواه البُخَارِيّ (1767)، كتاب: الإحصار وجزاء الصيد، باب: من نذر المشي إلى الكعبة، ومسلم (1644)، كتاب: النذر، باب: من نذر أن يمشي إلى الكعبة.
(2)
انظر: "غوامض الأسماء المبهمة" لابن بشكوال (2/ 837)، و"الطبقات الكبرى" لابن سعد (8/ 395)، و"الإصابة في تمييز الصحابة" لابن حجر (8/ 186).
عقبة بن عامر رضي الله عنهم نذرت أن تمشي إلى البيت، فأمرها النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أن تركب وتهدي هديًا (1).
وفي رواية في "سنن أبي داود" -أَيضًا-، عن عقبة بن عامر قال: إن أختي نذرت أن تحج ماشية، وأنها لا تطيق ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن اللهَ لغنيٌّ عن مشيِ أختِكَ، فلتركبْ ولِتُهْدِ بَدَنَةً"(2).
وفي الحديث أحكام:
منها: صحة النذر إلى الذهاب إلى بيت الله عز وجل الحرام، فإن نذره ماشيًا، لزمه الذهاب ماشيًا، لكن هل يلزمه الذهاب ماشيًا من المكان الذي نذر منه، أو من الميقات؛ فيه وجهان:
أحدهما: من المكان الذي نذر منه، إذا كان أبعد من الميقات؛ لأنه من نذر الذهاب إليه، لزمه قصده بحج أو عمرة بلا خلاف، فيلزمه الإحرام من ميقاته.
والثاني: يلزمه الذهاب ماشيًا من الميقات، إن لم يحرم قبله، وهو الأصح، فيحرم -أَيضًا- منه، إما بحج أو عمرة، ولا يجوز -على الوجهين- أن يترك المشي إلى أن يرمي في الحج ويفرغ من العمرة.
ومذهب مالك: أن نذر المشي إلى بيت الله الحرام لازم، سواء أطلقه أو علقه، فيحتاج إلى تأويل قوله صلى الله عليه وسلم:"ولتركبْ"، فيمكن أن يحمل على حالة العجز عن المشي؛ فإنَّها تركب، فلو ركب من غير عذر، فقد أساء، وعليه دم، لأن كان لعذر، جاز.
وهل يلزمه دم؟ فيه قولان: أصحهما: يلزمه، والثاني: لا يلزمه، بل يستحب الدم.
(1) رواه أبو داود (3296)، كتاب: الأيمان والنذور، باب: من رأى عليه كفارة إذا كان في معصية.
(2)
رواه أبو داود (3303)، كتاب: الأيمان والنذور، باب: من رأى عليه كفارة إذا كان في معصية.