الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثاني
عَنْ أنسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: أَنفَجنَا أَرْنَبًا بِمَرِّ الظهرَانِ، فَسَعَى القوم فَلَغَبُوا، وَأَدرَكْتُهَا فَأَخَذتُهَا، فأتيْتُ بِهَا أبا طَلْحَةَ، فَذَبَحَهَا، وَبَعَثَ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِوَرِكِهَا وَفَخِذِهَا، فَقَبِلَهَا (1).
أما أبو طلحة؛ فاسمه: زيد بن سهل بن الأسود بن حَرام بن عمرو بن زيد مناة ابن عديِّ بن عمرِو بن مالكِ بن النجار، أحدُ النقباء، شهد العقبة وبدرًا وأحدًا والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو نقيب، روي له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم اثنان وتسعون حديثًا، اتفقا منها على حديثين، وانفرد البخاري بحديث، ومسلم بآخر.
وروى عنه: عبد الله بن عباس، وأنس بن مالك، وزيد بن خالد الجهني رضي الله عنهم، وابنه عبد الله بن أبي طلحة، وابن ابنه إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، وسعيد بن يسار أبو الحباب.
مات بالمدينة سنة اثنتين وثلاثين، وقيل: أربع وثلاثين، وصلى عليه عثمان بن عفان رضي الله عنه، وهو ابن سبعين سنة، وقيل: توفي بالشام، وغزا البحر، فمات فيه، وعاش بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين سنة يسرد الصوم، وروى له أصحاب السنن والمساند.
وأبو طلحة هذا، هو القائل:
أنا أبو طلحةَ، واسمي زيدُ
…
في كلِّ يومٍ في سلاحي صَيْدُ
وهو ربيب أنسِ بن مالك، خلفَ بعد أبيه مالكِ بن النضر على أمه أمِّ سليم بنت ملحان، فولد له منها عبد الله بن أبي طلحة والد إسحاق وإخوته، والله أعلم (2).
(1) رواه البخاري (2433)، كتاب: الهبة وفضلها، باب: قبول هدية الصيد، ومسلم (1953)، كتاب: الصيد والذبائح، باب: إباحة الأرنب.
(2)
قلت: قد تقدم للشارح رحمه الله ذكر أخبار أبي طلحة رضي الله عنه في أوائل الجزء =
ومَرُّ الظهران -بفتح الميم وتشديد الراء-، والظهران: -بفتح الظاء المعجمة؛ مثل تثنية الظهر-، ويقال له: مر ظهران، ويقال له: الظهران من غير إضافة مر إليه: اسم موضع على بريدين من مكة، وقيل: على إحدى وعشرين ميلًا، وقيل: على ستة عشر ميلًا (1).
وقوله: "أَنْفَجْنا أرنبًا"؛ يقال: أَنْفَجْتُ الأرنب -بفتح الهمزة وسكون النون، وبفتح الفاء وسكون الجيم-، فنفج؛ أي: أثرته فثار، كأنه يقول: أثرناه، ودعوناه، فعدا (2).
والأرنب؛ حيوان معروف.
وقوله: "فسعَوا عليه فَلَغَبوا"؛ معناه: عدوا عليه وطلبوه فَأَعْيوا، ولغبوا؛ بفتح الغين المعجمة على المشهور الفصيح من اللغتين، وحكى الجوهري وغيره كسرها، وهي ضعيفة.
وفي الحديث: جواز إثارة الصيد والعدو في طلبه.
وفيه: أنه يملك بأخذه ووضع اليد عليه.
وفيه: هدية الصيد وقبوله.
وفيه: جواز أكل الأرنب وحله؛ حيث إنه ذبح وأهدي، ولو لم يكن حلالًا، لما ذبح، وقيل: هو مذهب مالك، وأبي حنيفة، والشافعي، وأحمد، والعلماء كافة، إلا ما حكي عن عبد الله بن عمرو بن العاص، وابن أبي ليلى: أنهما كرهاها.
ودليل الجمهور هذا الحديث مع أحاديث مثله، ولم يثبت في النهي عنها شيء، والله أعلم.
= الأول من هذا الكتاب، فلا حاجة لذكره ثانية، إلا إن كان للسهو في ذكره نصيب، والعصمة لله وحده.
(1)
انظر: "معجم البلدان" لياقوت (4/ 63)، و"تهذيب الأسماء واللغات" للنووي (3/ 326).
(2)
انظر: "غريب الحديث" لابن قتيبة (2/ 392)، و "مشارق الأنوار" للقاضي عياض (2/ 20).