الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلت: وينبغي أن يقال: إن غلب في العادة التشبه بالنساء في ذلك أن يكون حراما، والله أعلم.
وأما جعله في اليد اليمنى، فمجمع عليه، وعلى جواز جعله في اليسار، ولا كراهة في واحدة منهما.
واختلف السلف في أيتهما أفضل؟ ففعله كثيرون منهم في اليمين، وكثيرون في اليسار، واستحب مالك رحمه الله اليسار، وكره اليمين.
ولأصحاب الشافعي في ذلك وجهان؛ الصحيح: أن اليمين أفضل؛ لأنه زينة، واليمين أشرف وأحق بالزينة والإكرام، والله أعلم.
* * *
الحديث السادس
عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطاب رضي الله عنه: أَن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ لَبُوسِ الحَرِيرِ، إلَّا هَكَذَا، وَرَفَعَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إصْبَعَيْهِ: السَّبَّابَةَ وَالوُسْطَى (1).
وَلِمُسْلِم: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ لُبْسِ الحَرِيرِ، إلَّا مْوِضعَ إصْبَعَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ (2).
وهذا الحديث جمع فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم النهي عن لبس الحرير، وما رخص منه، ومقداره، وفيه: الرد على من توسع فيه بالزيادة على أربع أصابع.
والمراد بالأصابع: أصابع الآدمي، لا أصابع الذراع القاسمي؛ بدليل إشارته صلى الله عليه وسلم برفعه إصبعيه: السبابة والوسطى.
(1) رواه البخاري (5490)، كتاب: اللباس، باب: لبس الحرير وافتراشه للرجال، وقدر ما يجوز منه، ومسلم (2069)، كتاب: اللباس والزينة، باب: تحريم استعمال إناء الذهب والفضة على الرجال والنساء.
(2)
رواه مسلم (2069)، (3/ 1643)، كتاب: اللباس والزينة، باب: تحريم استعمال إناء الذهب والفضة على الرجال والنساء.
ولا شك أن الرخصة بالإصبعين والثلاث والأربع من الحرير، أعمُّ من كونها سدًى ولحمة، أو بعضها من هذا حريرًا، ومن الآخر غيره مما يصدق عليه اسم الحرير.
وقد توسع الفقهاء فيه باعتباره بالوزن أو الظهور، إذا كانا مختلطين، ونسج منهما، ويحتاجون إلى الاعتذار عن هذا الحديث، إما بتأويل وبعدم معارض.
ويدخل في الإباحة العَلَمُ في الثوب والعِمامة وغيرهما، إذا لم يزد على أربع أصابع، وهو مذهب الشافعي وجمهور العلماء.
وعن مالك رواية بمنعه، وعن بعض أصحابه رواية بإباحة العَلَم بلا تقدير أربع أصابع، بل قالوا: يجوز وإن عظم.
وهما قولان مردودان بصراحة هذا الحديث، والله أعلم.
ويدخل في النهي عن لبوس الحرير: جميعُ الملبوسات من القبع والكلوتة والقباء والجبة والدراعة والفرجية، وسائر وجوه استعماله، إلا فيما استثناه الشرع في محاله وضروراته ورخصه.
وقد ذكرت ذلك جميعه مع أحكام الذهب في كتاب، "الإيضاح"، وبينته أحسن بيان، فمن أراد معرفة شيء من ذلك، فليطلبه منه، والله أعلم بالصواب.
* * *