الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال غيره: هو شراب العسل، وهو خمر أهل اليمن (1).
وفي الحديث دليل: على تحريمه، وتحريم كل مسكر.
وأهل الحجاز يرون أن المراد بالشراب: الجنس والعين، والكوفيون يحملونه على القدر المسكر.
وعلى قول الأكثرين الأولين؛ يكون المراد بكونه أنه مسكر بالقوة؛ أي: فيه صلاحية ذلك، والله أعلم.
* * *
الحديث الثالث
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: بَلَغَ عُمَرَ رضي الله عنه: أَن فُلَانًا بَاعَ خَمْرًا، فَقَالَ: قَاتَلَ اللهُ فُلَانًا! ألَمْ يَعْلَمْ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "قَاتَلَ اللهُ اليَهُودَ! حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ، فَجَمَلُوهَا فَبَاعُوهَا"(2).
جملوها: أذابوها.
فلان المبهم في هذا الحديث الذي باع الخمر، وقال عمر رضي الله عنه: قاتله الله؛ هو: سمرةُ بنُ جندب. قاله الخطيب البغدادي في "مبهماته"، وابن بشكوال، والله أعلم (3).
وتقدم الكلام على الشحوم وأحكامها وما يتعلق بذلك من الأدهان في آخر باب: العرايا، من كتاب: البيوع.
(1) انظر: "مشارق الأنوار" للقاضي عياض (1/ 77)، و"النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (1/ 94)، و"شرح مسلم" للنووي (13/ 169)، و"لسان العرب" لابن منظور (8/ 4)، (مادة: بتع).
(2)
رواه البخاري (2110)، كتاب: البيوع، باب: لا يذاب شحم الميتة ولا يباع وَدَكُه، ومسلم (1582)، كتاب: المساقاة، باب: تحريم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام.
(3)
انظر: "غوامض الأسماء المبهمة" لابن بشكوال (2/ 604).
قلت: قد جاء مصرّحًا باسم سمرة بن جندب رضي الله عنه في رواية مسلم، فعزو ذلك إلى الخطيب وابن بشكوال من الغرابة بمكان، والله أعلم.
وفي الحديث دليل: على تحريم الخمر وبيعها.
وفيه دليل: على تحريم بيع ما حرمت عينه مطلقًا.
وفيه دليل: على استعمال الصحابة رضي الله عنهم القياسَ في الأمور من غير نكير؛ لأن عمر رضي الله عنه قاس بيعَ الخمر عند تحريم عينها على بيع الشحوم عند تحريمها، وهو قياس من غير شك.
وفيه دليل: على تأكيد جواز استعمال القياس؛ حيث دعا عمر رضي الله عنه على مَنْ خالفه فباعها بقوله: قاتل الله فلانًا.
وفيه دليل على تحريم الحيل المحرمة، والدعاء على فاعلها، والله أعلم.
* * *