الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في مادة أصول الفقه من تصور الأحكام الشرعية
لا حاكم إِلا الله:
فالعقل لا يحسن ولا يقبح، ولا يوجب ولا يحرم، عند أكثر أصحابنا -قاله أبو الخطاب (1) وغيره- منهم: ابن عقيل (2) وذكره مذهب أحمد (3)[وأهل السنة والفقهاء](4)، والقاضي (5) وتعلّق بقول أحمد:"ليس في السنة قياس، ولا تضرب (6) لها الأمثال، ولا تدرك بالعقل، وِإنما هو الاتباع"(7). ورده أبو الخطاب (8): بأنه إِن صح عنه فالمراد به الأحكام الشرعية (9).
(1) انظر: التميهيد/ 195 أ.
(2)
انظر: الواضح 1/ 6 ب.
(3)
نهاية 20 أمن (ب).
(4)
ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح).
(5)
انظر: العدة/ 422، 190أ، والمعتمد للقاضي/ 21.
(6)
نهاية 38 من (ح).
(7)
رواه عبدوس بن مالك العطار عن أحمد. انظر: العدة/ 190 أ- ب، والتمهيد/ انظر: التمهيد/ 201 أ.
(8)
انظر التمهيد/ 201 أ.
(9)
التي سنها الرسول صلى الله عليه وسلم وشرعها. انظر: التمهيد/ 201 أ.
وهو قول الأشعرية وبعض الجهمية (1)، قال الآمدي (2): وأكثر العقلاء، وأن عندهم يطلقان باعتبار موافقة الغرض ومخالفته، وباعتبار (3) أمر الشارع بالثناء على فاعله فيعمّ [فعل الله و](4) الواجب والمندوب، أو ذمّه فيختص الحرام، وباعتبار ما لفاعله -مع العلم والقدرة- فعله، بمعنى نفي الحرج، فيعم المباح -زاد بعضهم: والمكروه- والقبيح ما قابله، وهذه الاعتبارات إِضافية لا ذاتية، لاختلافها باختلاف الأغراض، وأمر الشارع، وأحوال الفاعلين.
أما فعل الله فحسنٌ بعد الشرع بالاعتبار الثاني والثالث، وقبله بالثالث، وفعل العاقل قبل الشرع حصن بالأول والثالث، وبعده بالجميع.
وفعل الله بالاعتبار الأول مسألة (5) فعله وأمره لعلة وحكمة، أو بهما (6): ينكره كثير من أصحابنا كالقاضي (7) وكثير من المالكية (8)
(1) انظر: المحصول 1/ 1/ 160، والتمهيد/ 201 أ.
(2)
انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 79.
(3)
في (ظ): "باعتبار" بدون الواو.
(4)
ما بين المعقوفتين زيادة من (ح).
(5)
في هامش (ظ): هذه المسألة ليست بمسألة مبتدأة، وإينما المعنى: وفعل الله تعالى باعتبار موافقة الغرض هو مسألة فعله وأمره لعلة أو حكمة أو لهما. فقوله "فعله" مجرور بإضافة "مسألة" إِليه.
(6)
في (ظ) أولهما.
(7)
انظر: العدة/ 421، والمعتمد للقاضي 1/ 107، 148.
(8)
انظر: شرح تنقيح الفصول/ 90.
والشافعية، وقاله الجهمية (1) والأشعرية والظاهرية وغيرهم.
ويثبته آخرون من أصحابنا وغيرهم، وذكره بعضهم إِجماع السلف والجمهور، وقاله (2) المعتزلة والكرامية والشيعة (3)، للنصوص، ولئلا يكون أمر الشارع بأحد المتماثلين ترجيحًا بلا مرجح.
(1) تقدم ذكر "الأشعرية" على ذكر "الجهمية" في (ظ).
(2)
قوله: "وقاله المعتزلة والكرامية والشيعة" مثبت من (ب). وقد جاء متأخرًا في (ح) و (ظ). وسأشير إِليه بعد قليل. ولعل الصواب: ثبوته هنا. وقد كان مثبتًا -هنا- في (ح)، ثم ضرب عليه، وأثبت متأخرًا.
(3)
الشيعة: إِحدى الفرق المشهورة، وهم الذين شايعوا علياً رضي الله عنه على الخصوص، وقالوا بإمامته نصاً ووصاية من الرسول- عليه السلام إِما جليًا، وإما خفياً، واعتقدوا أن الإِمامة لا تخرج من أولاده، وإِن خرجت فبظلم يكون من غيره، أو بتقية منه ومن أولاده.
وإِنما سميت الشيعة شيعة لمشايعتهم علياً وأولاده، والمشايعة: الوالاة والمناصرة، والشيعة: الأولياء والأنصار والأصحاب والأحزاب
…
ويجمعهم القول بوجوب التعيين والتنصيص، وثبوت عصمة الأئمة -وجوبًا- عن الكبائر والصغائر، والقول بالتولي والتبرؤ قولاً وفعلاً وعقدًا لا في حال التقية، ويخالفهم بعض الزيدية في ذلك.
وقد افترقوا إِلى فرق كثيرة، وأصولهم ثلاث فرق: غلاة، وزيدية، وإمامية، وبعضهم يميل في الأصول إِلى الاعتزال، وبعضهم إِلى السنة، وبعضهم إِلى التشبيه.
انظر: الفرق بين الفرق/ 29، والملل والنحل 1/ 234، والفرق الإِسلامية/ 33، والحور العين/ 178.
وجوزت طائفة الأمرين.
وعند الأولين ترجح لمجرد المشيئة (1)، ويقولون: علل الشرع أمارات محضة، وبعضهم يقول: بالمناسبة ثبت الحكم عندها لا بها، وبعضهم كالغزالي -وقاله من أصحابنا أبو الخطاب وأبو (2) محمد (3) بن المَنِّي وصاحب الروضة- يقول:(4) الشارع جعل الوصف المناسب موجباً لحسن
(1) جاء -هنا- في (ح) و (ظ): "قاله المعتزلة والكرامية والشيعة".
وقد أثبت في (ب) متقدماً، كما أشرت إِلى ذلك قبل قليل. وقلت: لعل ذكره هناك هو الصواب.
(2)
نهاية 39 من (ح).
(3)
كذا في النسخ. ولم أجد في أصحابنا: "أبو محمد بن المنِّي". والموضوع بين أمرين:
1 -
إضافة "غلام" بين "أبو محمد" و "ابن"، فيكون هكذا: و "أبو محمد غلام ابن المني" وهو: الفخر إسماعيل".
2 -
حذف "أبو محمد" أو إِبدالها بـ "أبو الفتح"، فيكون هكذا:"وابن المنِّي" أو "وأبو الفتح بن المنِّي". والأمر الثاني هو ما أميل إِليه استنادًا إِلى سياق هذا الكلام في شرح الكوكب المنير 1/ 318.
وابن المنِّي هو: نصر بن فتيان بن مطر النهرواني ثم البغدادي، أبو الفتح، المعروف بـ "ابن المني"، الفقيه الزاهد، فقيه العراق، ولد سنة 501 هـ، وصرف همته طول عمره إِلى الفقه أصولاً وفروعًا، وقام بعدة رحلات علمية، قرأ الفقه عليه خلق كثير في الشام وبغداد وغيرهما، توفي سنة 583 هـ.
انظر: ذيل طبقات الحنابلة 1/ 358، وشذرات الذهب 4/ 276.
(4)
في (ح): نقول.
الفعل وقبحه، لا أنه [كان](1) حسناً وقبيحًا قبله، كما يقوله (2) المثبتون.
ومن أهل السنة (3) من يسمي الحكمة "غرضًا" حتى من المفسرين كالثعلبي (4) -كقول المعتزلة- ومنهم من لا يطلقه؛ لأنه يوهم المقصود الفاسد.
وقال (5) أبو الحسن التميمي من أصحابنا: "العقل (6) يحسن ويقبح، ويوجب ويحرم"، وقاله أبو الخطاب (7)، وقال:(8)"وهو قول عامة العلماء من الفقهاء والمتكلمين وعامة الفلاسفة"، وقاله الحنفية (9).
(1) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح).
(2)
نهاية 20 ب من (ب).
(3)
انظر: المعتمد للقاضي/ 107، 148، ومنهاج السنة 2/ 240.
(4)
هو: أبو إِسحاق أحمد بن محمد بن إِبراهيم الثعلبي، مفسر من أهل نيسابور، وله اشتغال بالتاريخ، توفي سنة 427 هـ.
من مؤلفاته: عرائس المجالس في قصص الأنبياء، والكشف والبيان في تفسير القرآن، ويعرف بـ "تفسير الثعلبي".
انظر: اللباب 1/ 237، وإنباه الرواة 1/ 191، ووفيات الأعيان/ 791، والبداية والنهاية 12/ 40.
(5)
حكاه في العدة/ 190أ، وفي التمهيد/ 201 أ.
(6)
نهاية 16 أمن (ظ).
(7)
انظر: التمهيد/ 201 أ.
(8)
انظر: المرجع السابق.
(9)
في كشف الأسرار 4/ 231: والقول الصحيح هو قولنا: أن العقل غير موجب=
وللمالكية (1) والشافعية (2) وأهل الحديث قولان.
وذكر (3) أبو نصر السِّجْزي (4)، وأبو القاسم الزَّنْجاني (5): أن الأول (6)
=بنفسه، لا كما قال الفريق الأول -يعني المعتزلة- وغير مهدر أيضًا، لا كما قال الفريق الثاني -يعني الأشاعرة- فإن من أنكر معرفة الله تعالى بدلالات العقول وحدها فقد قصر، ومن ألزم الاستدلال بلا وحي ولم يعذره بغلبة الهوى- مع أنه ثابت في أصل الخلقة- فقد غلا
…
الخ. وفي تيسير التحرير 2/ 150: قول الحنفية عين قول المعتزلة.
وانظر: فواتح الرحموت 1/ 25. فالذي يظهر أن الحنفية عنهم قولان في المسألة.
(1)
انظر: شرح تنقيح الفصول/ 88، وشرح العضد 1/ 199.
(2)
انظر: المنخول 151، وغاية المرام/ 235.
(3)
انظر: كتاب الرد على المنطقيين/ 421.
(4)
هو عبيد الله -وقيل: عبد الله- بن سعيد بن حاتم السجزي الوائلي البكري، من حفاظ الحديث، جاء ذكره في طبقات الأحناف، أصله من سجستان، ونسبته إِليها على غير قياس، سكن مكة، وتوفي بها سنة 444 هـ.
من مؤلفاته: الإبانة عن أصول الديانة في الحديث.
انظر: المنتظم 8/ 310، والجواهر المضية 1/ 338، وتذكرة الحفاظ 3/ 297، وتاج التراجم/ 39، والرسالة المستطرفة/ 39.
(5)
في كتاب الرد على المنطقيين/ 421: سعد بن علي.
وهو: أبو القاسم سعد بن علي بن محمد بن علي بن الحسين الزنجاني، الحافظ الزاهد الورع، الشافعي، ولد في حدود سنة 380 هـ. سمع بمصر وبزنجان وبدمشق، وجاور بمكة، وصار شيخ حرمها، وروى عنه كثيرون، توفي بمكة سنة 471 هـ.
والزنجاني: نسبة إِلى "زنجان" وهي بلدة على حد أذربيجان.
انظر: المنتظم 8/ 320، وطبقات الشافعية للسبكي 4/ 383، والنجوم الزاهرة 5/ 108، وشذرات الذهب 3/ 339.
(6)
وهو نفي الحسن والقبح العقليين. انظر: الرد على المنطقيين/ 421.
أحدثه الأشعري.
وقالت المعتزلة والكرامية والرافضة (1) بالثاني، فقدماء المعتزلة: بغير صفة في الفعل بل لذاته، وقيل: بصفة لازمة، وقيل به في القبيح، والجبائية: بصفة عارضة: فإِن كانت بالقياس إِلى شيء آخر فهي اعتبار، لملاحظة العقل المحل المجاوز عنه إِلى غيره، وإلا فهي وجه تشبيهاً بوجه الإِنسان؛ لامتيازه به.
(1) من المحققين من يجعل "الرافضة" مرادفة لـ "الشيعة"، فيقسمها إِلى أصناف الشيعة، وهي: غلاة، وزيدية، وإمامية.
واعترض على ذلك بأن الزيدية ليست من الرافضة؛ لأنهم أتباع زيد بن علي الباقون على اتباعه، والرافضة هم الذين كانوا معه ثم تركوه، لأنهم طلبوا منه أن يتبرأ من الشيخين، فقال: لا. فرفضوه وتفرقوا عنه. وجاء تعيينهم في الملل والنحل بأنهم شيعة الكوفة. وجاء في الحور العين: وسميت الرافضة من الشيعة رافضة لرفضهم زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وتركهم الخروج معه حين سألوه البراءة من أبي بكر وعمر فلم يجبهم إِلى ذلك.
وقال المعترض: وقد يطلق بعض الناس اسم الرافضي على كل من يتولى أهل البيت، فتدخل الزيدية على هذا الأساس.
ومن المحققين من يجعل "الرافضة" مرادفة لـ "الإِمامية" التي هي صنف من أصناف الشيعة، كما فعل الإمام أبو الحسن الأشعري، فقد قسم الشيعة إِلى ثلاثة أقسام: غلاة، وإمامية "رافضة"، وزيدية. وقال: الرافضة "الإِمامية"
…
وإِنما سموا رافضة لرفضهم إِمامة أبي بكر وعمر
…
قال: وهم يدعون "الإِمامية" لقولهم بالنص على إِمامة علي بن أبي طالب
…
أهـ. وما ذكره حسن.
انظر: الفرق بين الفرق/ 21، والملل والنحل 1/ 251، والحور العين/ 184، ومقالات الإِسلاميين 1/ 88 - 89.