الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وثبت عن النخعي (1)، وسُلِك لدفع ما هو أقبح منه، وقاله أبو الخطاب أيضًا، وذكره ابن عقيل (2) عن قوم، وبعَّده بأنه يلزمهم تحريم الميتة في الضرورة، وسلك لبقاء النفس.
ولأن المقتضي لقبح الخبر الكاذب:
إِما نفس الخبر فيلزم قبحه مع صدقه، أو عدم الخبر عنه فيكون العدم علة لأمر ثبوتي، أو هما (3) فجزء علته، أو خارج: فإِما لازم للخبر، أو عدم المخبر عنه، أو هما، فيلزم ما لزم، أو لازم لخارج: عاد التقسيم [في الخارج](4) وتسلسل، أو غير لازم، فيمكن مفارقته له، فلا يقبح الخبر الكاذب.
="أما في المعاريض ما يغني المسلم عن الكذب؟ ".
وفي النهاية لابن الأثير، مادة "ندح" 5/ 35: فيه: (إِن في المعاريض لمندوحة عن الكذب). أي: سعة وفسحة. يقال: ندحت الشيء، إِذا وسعته. وإنك لفي ندحة ومندوحة من كذا. أي: سعة. يعني: أن في التعريض بالقول من الاتساع ما يغني الرجل عن تعمد الكذب.
(1)
هو: أبو عمران إِبراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود النخعي، من مذحج، من أكابر التابعين صلاحًا وصدق رواية وحفظًا للحديث، من أهل الكوفة، ولد سنة 46 هـ، وتوفي مختفيًا من الحجاج سنة 96 هـ.
انظر: طبقات ابن سعد 6/ 188، وحلية الأولياء 4/ 219، ووفيات الأعيان 1/ 25، وتاريخ الإِسلام 3/ 335، وغاية النهاية 1/ 29، وتهذيب التهذيب 1/ 177.
(2)
انظر: الواضح 1/ 29 أ.
(3)
نهاية 41 من (ح).
(4)
ما بين المعقوفتين زيادة من (ح).
ورد: بجواز كون عدم المخبر عنه شرطاً في القبح، والشرط غير مؤثر.
ويأتي تعليل (1) أمر ثبوتي بعدم. (2)
واحتج الآمدي (3): لو كان ذاتيًا: لزم قيام العَرَض بالعَرَض؛ لأن الحسن (4) زائد على الفعل، وإِلا لزم تعقله بتعقله، والحسن وجودي، لقيامه بالفعل، لأنه صفته، ولأن نقيضه:[لا](5) حسن، وهو عدمي لاتصاف العدم به، وإِلا استلزم محلاً وجوديًا، والعرض لا يقوم إِلا بجوهر أو بما (6) يقوم به قطعًا للتسلسل.
ورد: بأن الاستدلال بصورة النفي على الوجود دور، فإِنه قد يكون ثبوتيًا كـ "اللامعدوم"(7)، أو منقسمًا كـ "كاللا امتناع"(8) يصدق على
(1) في (ظ): تعلل.
(2)
يأتي ذلك في القياس.
(3)
انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 84.
(4)
نهاية 21 ب من (ب).
(5)
ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب).
(6)
في (ب): "أو ما"، بدون الباء.
(7)
قوله: "كاللامعدوم" مثبت من (ب) و (ح). وكانت هذه الكلمة موجودة في (ظ) ثم محيت وبقي منها: "كالا". ثم كتب في هامشها: لعله "كالانعدام". وفي شرح العضد 1/ 206: ثبوتياً كاللاامتناع.
(8)
في (ب): "كالامتناع". والمثبت من (ح)، لكنه رسم هكذا:"كاللامتناع" وكانت مرسومة في (ظ) كما في (ح)، ثم جعلت "كالامتناع". وفي شرح العضد 1/ 207: أو منقسمًا
…
كاللا معلوم.
موجود ومعدوم ممكنين.
وبمنع أن العدم ليس صفة ذاتية للشيء، لاقتضاء (1) كل أمر باتصافه بنقيض مباينه، فإِن الإِنسان يتصف بكونه لا فرسًا.
ولا نسلم امتناع قيام عرض بعرضٍ قائمٍ بجوهر.
وبانطباق الدليل على الإِمكان بأنه ثبوتي؛ لأن نقيضه: لا إِمكان.
ورده الآمدي (2): بأن الإِمكان تقديري، فنقيضه: نفي التقدير، والمقدر ليس عرضًا. فقيل له: فمثله (3) في الحسن. فقال: يخرج عن كونه صفة ثابتة للذات وهو المطلوب.
واستدل: فعل العبد ليس اختياريًا، فلا يوصف بهما (4) لذاته إِجماعاً؛ لأنه إِن لم يمكنه تركه فضروري (5)، وإن أمكنه: فإِن افتقر إِلى مرجح عاد التقسيم وتسلسل، وإلا كان اتفاقيًا.
ورد: بالقطع بأنه اختياري (6)، للعلم بالفرق بين الضرورة والاختيار، كحركة الإِنسان في أرض مستوية وإِلى أسفل، والتشكيك في الضروري لا يستحق جواباً.
(1) في (ب): "لاقتفا".
(2)
انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 85.
(3)
نهاية 17 أمن (ظ).
(4)
في (ظ): بها.
(5)
نهاية 42 من (ح).
(6)
في (ب):اختاري.
وبلزوم الدليل في فعل الله، وأن لا يوصف فعل العبد بحسن ولا قبح شرعًا لكونه غير مختار.
والحق أن المرجح هو الاختيار، ولزوم الفعل (1) به لا ينافي القدرة عليه.
ولا وجه لمن ذكر هذا الدليل وضَعَّفه، (1/ 1) ثم يحتج فيقول: لو حسن الفعل أو قبح لذاته أو لصفته (2) لم يكن الباري مختارًا في الحكم، لأن الحكم بالمرجوح على خلاف المعقول فيلزم الآخر، فلا اختيار. ولهذا لم يذكره الآمدي وغيره، لكن عندهم أن أفعاله تعالى لا تعلل، والخصم يخالفهم.
وكذا لم يذكروا ما احتج (3) به هذا (3/ 1) على الجبائية -لضعفه- (4) من: أن الفعل لو حسن أو قبح لغير الطلب، لم يكن تعلق الطلب لنفس الفعل، بل لذلك الاعتبار، لتوقفه عليه، والتعلق نسبة بينهما، وهي لا تقف إِلا عليهما (5).
ورد: بتعلق الطلب بالفعل بشرط حسنه، فالتعلق -الذي هو نسبة- متوقف على هذا الشرط.
(1) في (ب) و (ظ): العقل. (1/ 1) انظر: مختصر ابن الحاجب بشرح العضد 1/ 203، 209.
(2)
في (ب) و (ح): "أو صفته" بدون اللام.
(3)
نهاية 22 أمن (ب). (3/ 1) انظر: مختصر ابن الحاجب بشرح العضد 1/ 209.
(4)
قوله: "لضعفه" ضرب عليه في (ظ). وفي (ب) ما يشير إلى سقوط هذه الكلمة في بعض النسخ.
(5)
في (ظ) إِلا عليها.
ووجه الثاني: أن حسن الإِيمان والصدق النافع وقبح ضدهما معلوم ضرورة بإِجماع العقلاء.
ورد (1): إِنما علم بعرف أو شرع أو برهان، ولمخالفة أكثر العقلاء أو كثير منهم فيه، ثم: لا يلزم كونه ذاتيًا إِلا أن يتجرد عن أمر خارج وهو ممنوع.
رد الأول: بأن غير أهل الأديان كهم في هذا بل أكثر، فدل أن طريقه العقل، ذكره في التمهيد (2)، والأصل عدم أمر خارج.
وأيضًا: (3) من استوى في غرضه الصدق والكذب يؤثر الصدق، وليس إِلا لحسنه في ذاته.
رد: بمنع تساويهما لتنافيهما، ثم: بمنع إِيثاره، ثم: لا يلزم في الغائب؛ لأنه يقبح منا التمكين من المعاصي، لا من الله.
وأيضًا (4): يلزم إِفحام الرسل؛ لأن المدعو يمتنع عن النظر في المعجزة حتى (5) يعلم وجوبه، ولا وجوب قبل الشرع.
(1) من قوله: "ورد" إِلى قوله: "عدم أمر خارج" أثبت من (ب) و (ظ). وجاء الكلام في
(ح) هكذا: "قال أبو الخطاب وغيره: ومنهم من قال أعرفه بالنظر. فهو مقر بالحسن والقبح، ومدع غير طريق الجماعة. فيقال: غير أهل الأديان كهم في هذا بل أكثر. فدل أن طريقه العقل. ورد: إِنما علم بعرف أو شرع أو برهان. ولمخالفة أكثر العقلاء فيه. ثم لا يلزم كونه ذاتيًا إِلا أن يتجرد عن أمر خارج، وهو ممنوع".
(2)
انظر: التمهيد/ 202 أ.
(3)
في (ح): ولأن.
(4)
في (ح): ولأنه.
(5)
في (ب): يعتي.
ورد: يلزم مثله في النظر، فإِنه غير ضروري، فيمتنع ما لم يجب، ولا يجب (1) ما لم ينظر، على أن النظر لا يتوقف على وجوبه؛ لأنه قد (2) ينظر من لا يعلم وجوبه، تم: لو توقف فوجوبه شرعي، نظر أو لم ينظر، ثبت عنده الشرع أوْ لا، وغايته تكليف غافل عن وجوب المكلف به.
ورد [الجواب](3) الأول: باقتضاء العقل وجوب النظر للأمن. والثاني: بأن الأصل [عدمه](4). وبمنع الثالث للعذر.
وأيضًا: لو كانا شرعيين جاز إِظهار المعجزة للكاذب، والنهي عن الطاعة والأمر بالمعصية، ولم يقبح شيء من الكفر قبل السمع.
ورد الأول: بأنه لا يمتنع لذاته. بل عادة، والثاني: بأنه لا يمتنع ورود (5) الشرع بخلافه، وبالتزام الثالث، كذا ذكره الأشعرية.
وأما أصحابنا: فقال أبو الحسن التميمي: لا يجوز (6) أن يرد الشرع بما يخالف حكم العقل إِلا بشرط منفعة تزيد في العقل -أيضًا- على ذلك الحكم، كذبح الحيوان، والبط، والفصد، وقال أيضًا:(7) لا يجوز أن يرد
(1) في (ح) -هنا- زيادة "على". وعبارته: ولا يجب على ما لم ينظر.
(2)
نهاية 17 ب من (ظ).
(3)
ما بين المعقوفتين زيادة من (ح).
(4)
ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح).
(5)
نهاية 22 ب من (ب).
(6)
انظر: العدة/ 190أ، والتمهيد/ 200 أ.
(7)
انظر: المرجعين السابقين.
بحظر موجبات العقل أو إِباحة محظوراته.
وقال القاضي والحلواني (1) وغيرهما: ما يعرف ببدائه العقول وضروراتها -كالتوحيد وشكر المنعم وقبح الظلم- لا يجوز أدن يرد الشرع بخلافه، وإِلا فلا يمتنع أن يرد. ومعناه قول أبي الخطاب (2) قال (3): وقيل: يرد بما لا يقتضيه العقل إِذا كان العقل لا يحيله.
قال القاضي وغيره (4) -فيما لا يجوز أدن يرد الشرع بخلاف العقل-: لا يقع فيه الخلاف الآتي في مسألة الأعيان، بل هو على صفة واحدة لا يتغير.
وطرد ابن عقيل قول الوقف فيها في الجميع (5) وأبطل قول الحظر والإِباحة قبل السمع باتفاق العقلاء أنه لا يجوز وروده قبله إِلا بما يجيزه
(1) يوجد شخصان من الحنابلة بهذه النسبة:
أحدهما: أبو الفتح محمد بن علي بن محمد بن عثمان بن المراق، الحلواني، الفقيه الحنبلي الزاهد، ولد سنة 439 هـ، وسمع الحديث، ودرس الفقه أصولاً وفروعًا حتى برع فيه، وأفتى، توفي سنة 505 هـ.
من مؤلفاته: كفاية المبتدي في الفقه، وكتاب في أصول الفقه، ومختصر العبادات.
انظر: طبقات الحنابلة 2/ 257، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 106.
والآخر: ابنه عبد الرحمن. وقد تقدمت ترجمته ص 132 من -هذا الكتاب. ولم يتبين لي المراد منهما -هنا- بهذه النسبة.
(2)
انظر: التمهيد/ 200 أ.
(3)
انظر: المرجع السابق.
(4)
انظر: العدة/ 186أ، والمسودة 485.
(5)
حكاه في المسودة/ 485.