الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليه: بأن العلم من مقولة "أن ينفعل"، والحكم -وهو الإِيقاع أو الانتزاع- من مقولة "أن يفعل"، فكيف يصح تقسيم العلم إِلى التصور وإِلى (1) التصديق؟.
وأجيب: لا محيص عنه إِلا بتقسيمه إِلى التصور الساذج، وإِلى التصور مع التصديق، كما فعله (2) في الإِشارات (3)، أو المراد بالعلم أعم من الإِدراك، وهو الأمر المشترك بين الإِدراك والهيئة اللاحقة به المحتملة للصدق والكذب، (4) وهو المعنى الذهني المقيد بعدم غيرهما، فيصح تقسيمه (5) إِلى الإِدراك (6) الذي هو (7) التصور، وإِلى الهيئة المذكورة التي هي التصديق كذا قيل، وفيه نظر. (8)
* * *
والذكر الحكمي:
هو الكلام الخبري، تخيّله، أو لفظ به.
وما عنه الذكر الحكمي -وهو مفهوم الكلام الخبري-: إما أن يحتمل
(1) في (ظ): أو إِلى التصديق.
(2)
انظر: الإِشارات والتنبيهات 1/ 182.
(3)
هو كتاب: الإشارات والتنبيهات في المنطق والحكمة للشيخ الرئيس أبي علي الحسين ابن عبد الله، الشهير بـ (ابن سيناء)، المتوفى سنة 428 هـ. والكتاب مطبوع.
(4)
نهاية 3 ب من (ظ).
(5)
نهاية 4 ب من (ب).
(6)
نهاية 7 من (ح).
(7)
في (ب) و (ظ): هي.
(8)
في (ح) -هنا-: "وعن أبي المعالي: والمرتضى العلوم كلها ضرورية" وهذا الكلام قد ذكر في الصفحة السابقة. فمجيئه هنا تكرار.
متعلقه -وهو النسبة الواقعة بين طرفي الخبر في الذهن؛ فإِن الحكم وهو التصديق، يتعلق بها- النقيض بوجه، أوْ لا، والثاني: العلم، والأول: إِما أن يحتمله عند الذاكر لو قدّره، أوْ لا، والثاني: الاعتقاد، فإِن طابق فصحيح، وإلا ففاسد، والأول: إِما أن يحتمل النقيض وهو راجح، أوْ لا، فالراجح: الظن، والمرجوح: الوهم، والمساوي: الشك. (1)
فيقال في حد كل منها: ما عنه ذكر حكمي، ثم يذكر ما امتاز به: من احتمال النقيض، وعدمه.
ولم يجعل الحكم مورد القسمة، لئلا يخرج الوهم والشك عنها عند من يمنع مقارنتها (2) للحكم.
والحكم غير المطابق: جهل مركب، والبسيط: عدم معرفة الممكن بالفعل لا بالقوة. (3)
* * *
العقل: بعض العلوم الضرورية، عند أصحابنا والجمهور.
(1) في هامش (ب): اليقين هو: الاعتقاد الجازم، والظن: رجحان أحد النقيضين، والوهم: المرجوح منهما، والشك: المستوى بينهما.
(2)
كذا في النسخ الثلاث. ولعل الصواب: مقارنتهما، أي: الوهم والشك. وانظر: شرح الكوكب المنير 1/ 73.
(3)
جاء في التعريفات للجرجاني / 36: الجهل: اعتقاد الشيء على خلاف ما هو عليه، والجهل البسيط: عدم العلم عما من شأنه أن يكون عالماً، والجهل المركب: عبارة عن اعتقاد جازم غير مطابق للواقع.
قال أحمد: "العقل غريزة"، (1) قال القاضي (2):"يعني: غير مكتسب"، وقال أبو محمد البربهاري (3) من أصحابنا: "ليس بجوهر (4)، ولا
(1) جاء في العدة 85/ - 86: "وقال أحمد فيما رواه أبو الحسن التميمي في كتاب العقل عن محمد بن أحمد بن مخزوم عن إبراهيم الحربي عن أحمد أنه قال: العقل غريزة، والحكمة فطنة، والعلم سماع، والرغبة في الدنيا هوى، والزهد فيها عفاف.
قال الدكتور/ أحمد بن سير المباركي في تعليقه على العدة: "كيف تصح نسبة هذا النقل إلى الإِمام أحمد، مع أن في سنده -كما ترى- أبا الحسن التميمي، وهو وضاع، ومحمد بن أحمد بن مخزوم، وهو كذاب، ومن لا يتورع عن الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يتورع عن الكذب على غيره". انظر: العدة 86/ - الهامش.
(2)
قال القاضي في العدة/ 86: ومعنى قوله: "غريزة": أنه خلق الله ابتداء، وليس باكتساب للعبد، خلافًا لما حكي عن بعض الفلاسفة أنه اكتساب.
(3)
هو الحسن بن علي بن خلف البربهاري، شيخ الحنابلة في وقته، من أهل بغداد، ولد سنة 233 هـ، وتوفي سنة 329 هـ، كان شديد الإِنكار على أهل البدع بيده ولسانه. من مؤلفاته: شرح كتاب السنة. والبربهاري: نسبة إلى البربهار، وهي أدوية كانت تجلب من الهند، ويقال لجالبها: البربهاري.
انظر: طبقات الحنابلة 2/ 18، ومناقب أحمد لابن الجوزي/ 512، والمنتظم 6/ 323، والمنهج الأحمد 2/ 21، وشذرات الذهب 2/ 319.
(4)
في التعريفات/ 35: الجوهر: ماهية إِذا وجدت في الأعيان كانت لا في موضوع
…
وفي كشاف اصطلاحات الفنون 1/ 302: والجوهر عند المتكلمين هو الحادث المتحيز بالذات، والمتحيز بالذات هو القابل للإشارة الحسية بالذات بأنه هنا أو هناك. ويقابله العرض.
عرض، (1) ولا اكتساب، وإِنما هو فضل من (2) الله". (3)
قال بعض أصحابنا: هذا يقتضي أنه القوة المدركة، كما دل عليه كلام أحمد، ليس هو نفس الإِدراك. (4)
وقال (5) أبو الحسن التميمي: (6) ليس بجسم، (7) ولا عرض، وإِنما هو نور في القلب، فهو كالعلم. (8)
(1) في التعريفات/ 64: العرض: الموجود الذي يحتاج في وجوده إِلى موضع -أي محل- يقرم به، كاللون المحتاج في وجوده إِلى جسم يحله ويقوم به، والأعراض على نوعين: قارّ الذات، وهو الذي يجتمع أجزاؤه في الوجود، كالبياض والسواد، وغير قارّ الذات، وهو الذي لا يجتمع أجزاؤه في الوجود، كالحركة والسكون.
(2)
في (ب): وإِنما هو من فضل الله.
(3)
جاء في العدة/ 84: وقال أبو محمد البربهاري: وليس العقل باكتساب، وإِنما هو فضل من الله، ذكره في شرح السنة في جزء وقع إِلي. وانظر: التمهيد/ 8 أ.
(4)
انظر: المسودة / 558. وهذا الموضع هو نهاية 5 أمن (ب).
(5)
في (ظ): "فقال".
(6)
هو: عبد العزيز بن الحارث بن أسد بن الليث، أبو الحسن التميمي، فقيه حنبلي، له اطلاع على مسائل الخلاف، ولد سنة 317، وتوفي سنة 371 هـ، صنف كتباً في الأصول والفرائض. انظر: تاريخ بغداد 10/ 461، وطبقات الحنابلة 2/ 139، والمنتظم 7/ 110، والمنهج الأحمد 2/ 66.
(7)
الجسم: جوهر قابل للأبعاد الثلاثة. وقيل الجسم هو المركب المؤلف من الجوهر. انظر: التعريفات/ 34.
(8)
جاء في العدة / 84: وقال أبو الحسن التميمي عبد العزيز بن الحارث من أصحابنا في كتاب العقل: العقل ليس بجسم، ولا صورة، ولا جوهر، وإنما هو نور، فهو كالعلم. وانظر: التمهيد/ 8 أ.
وذهب (1) بعض الناس إِلى أنه اكتساب (2)، وبعضهم [إِلى (3)] أنه كل العلوم الضرورية، وبعضهم: أنه جوهر بسيط، (4) وبعضهم: أنه مادة وطبيعة. (5)
قال القاضي وأصحابه: "قال أصحابنا: العقل يختلف، فعقل بعض الناس أكثر من بعض (ع ر) "(6) -ووافقهم (7) ابن عقيل- لحديث أبي سعيد: (8) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للنساء: (أليست (9) شهادة إِحداكن مثل
(1) نهاية 8 من (ح).
(2)
وهم بعض الفلاسفة. انظر: العدة/ 86.
(3)
ما بين المعقوفتين زيادة من (ح).
(4)
قال في التعريفات/ 36:
…
واعلم أن الجوهر ينقسم إِلى بسيط روحاني كالعقول والنفوس المجردة، وإِلى بسيط جسماني كالعناصر، وإِلى مركب في العقل دون الخارج، كالماهيات الجوهرية المركبة من الجنس والفصل، وإِلى مركب منهما، كالمولدات الثلاث.
(5)
في التعريفات/ 61: "الطبيعة: عبارة عن القوة السارية في الأجسام بها يصل الجسم إِلى كماله الطبيعي.
وانظر هذه الأقوال الأخيرة في: العدة/ 86 - 87، والمعتمد للقاضي/ 101 - 102.
(6)
قال القاضي في العدة/ 94: وذكر أصحابنا أنه يصح أن يكون عقل أكمل من عقل، وأرجح
…
خلافاً للمتكلمين من المعتزلة والأشعرية في قولهم: لا يصح أن يكون عقل أكمل من عقل، وأرجح. وانظر: التمهيد/ 9أ، والمسودة/ 560.
(7)
أي: وافق المخالفين، فقال: لا تتفاوت العقول. انظر: الواضح 1/ 6 ب.
(8)
الخدري.
(9)
في (ح): أليس.
نصف شهادة الرجل؟) قلن: بلى، قال:(فذلكن من نقصان عقلها).
متفق عليه. (1)
ولأنه إِجماع؛ لأن الناس يقولون: عقل فلان أكثر.
وذكر بعض أصحابنا (2): أن مراد أصحابنا غير الضروري (3)، بل الغريزي (4)، والتجربي. (5)
(1) ورد هذا الحديث بألفاظ متعددة، وطرق مختلفة: أخرجه البخاري في صحيحه 1/ 64، 3/ 35، من حديث أبي سعيد. وأخرجه مسلم في صحيحه/ 86 - 87، من حديث ابن عمر، ومن حديث أبي سعيد، ومن حديث أبي هريرة.
(2)
انظر: المسودة/ 559.
(3)
في هامش (ظ): الضروري مثل: استحالة اجتماع الضدين وكون الجسم الواحد في مكانين، فالعقلاء في هذا متساوون. قال في التمهيد: ولعمري أن العقلاء في هذا متساوون، لكن من عقله كثير يتدبر دقائق العلوم، ويتفكر في الأشياء، وليس كل الأجسام تظهر، ولا كل ضدين يعرف، وإِنما الكثير العقل يتدبر ذلك بقوى عقله. ذكره في أول الكتاب، في باب الحدود.
(4)
قال في المسودة في بيان استعمالات لفظ "العقل"
…
الثاني: أنه غريزة تقذف في القلب، وهو معنى رسم المحاسبي والإمام أحمد فيما حكاه عنه الحربي، وهذا هو الذي يستعد به الإِنسان لقبول العلوم النظرية وتدبر الأمور الخفية، وهذا المعنى هو محل الفكر وأصله، وهو في القلب كالنور، وضوؤه مشرق إِلى الدماغ، ويكون ضعيفًا في مبتدأ العمر، فلا يزال يربي حتى تتم الأربعون، ثم ينتهي نماؤه، فمن الناس من يكثر ذلك النور في قلبه، ومنهم من يقل، وبهذا كان بعض الناس بليدًا، وبعضهم ذكيًا، بحسب ذلك. انظر: المسودة/ 558 - 559.
(5)
قال في المسودة -في بيان إِطلاقات العقل-/ 559: الرابع: شيء يستفاد من التجارب يسمى عقلاً.