الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكلف أبو لهب (1) بتصديق النبي صلى الله عليه وسلم في إِخباره، ومنه: أنه (2) لا يصدقه، فقد كلف بتصديقه بعدم تصديقه.
ورد: كلفوا بتصديقه، وعلمُ الله بعدمه (3) وإِخباره به لا يمنع الإِمكان الذاتي، كما سبق. (4)
لكن لو كلفوا بتصديقه بعد علمهم بعدمه، لكان من باب (5) ما علم المكلف امتناع وقوعه، ومثله غير واقع، لانتفاء فائدة التكليف -وهي الابتلاء- لا لأنه محال.
مسألة
الكفار مخاطبون بالإِيمان إِجماعًا.
وكذا بغيره عند أحمد (6) وأكثر أصحابه (7)(وش ع ر)
(1) هو عبد العزى بن عبد المطلب بن هاشم، عم النبي صلى الله عليه وسلم من أشد الناس عداوة للمسلمين، كان أحمر الوجه فلقب في الجاهلية بأبي لهب، مات سنة 2 هـ بعد وقعة بدر بأيام، ولم يشهدها.
انظر: الروض الأنف 1/ 265، 2/ 78 - 79، وتاريخ الإسلام للذهبي 1/ 84، 169.
(2)
في (ظ) أن.
(3)
في (ح): بعد موته.
(4)
انظر: ص 262 - 263 من هذا الكتاب.
(5)
نهاية 36 ب من (ب).
(6)
انظر: العدة/ 835، والتمهيد/ 40أ، والواضح 1/ 305 ب.
(7)
في (ب): وأصحابه.
والرازي (1) والكرخي (2) وغيرهما من الحنفية.
وعن أحمد (3): يخاطبون بالنهي لا الأمر، وقاله الجرجاني (4) الحنفي وأبو حامد (5) الإِسفراييني الشافعي (6).
وللمالكية كالقولين. (7)
وذكر بعض أصحابنا (8) رواية: لا يخاطبون بالفروع [وحكي عن (ع)]. (9)
(1) انظر: أصول الجصاص/ 107 ب.
(2)
حكاه الجصاص في أصوله/ 107 ب.
(3)
انظر: العدة/ 359، والتمهيد/ 40أ، والواضح 1/ 306 أ.
(4)
حكاه في التمهيد/ 40أ، والواضح 1/ 306 أ.
(5)
هو: أحمد بن محمد بن أحمد الإِسفراييني، من أعلام الشافعية، ولد في إِسفرايين سنة 344 هـ، ورحل إِلى بغداد، فتفقه فيها وعظمت مكانته، وتوفي بها سنة 406 هـ. من مؤلفاته: أصول الفقه، والرونق في الفقه.
انظر: طبقات الفقهاء للشيرازي/ 103، ووفيات الأعيان 1/ 72، وطبقات الشافعية للسبكي 4/ 61، والبداية والنهاية 2112.
(6)
حكاه في التمهيد/ 40أ، والواضح 1/ 306أ. والذي في الإِحكام للآمدي 1/ 144، والمحصول 1/ 2/ 399: أن أبا حامد الإِسفراييني يقول: لا يخاطبون مطلقًا.
(7)
انظر: شرح تنقيح الفصول/ 162.
(8)
انظر: المسودة/ 46 - 47.
(9)
ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح).
وجه الأول: قوله تعالى: (ومن يفعل ذلك يلق أثامًا)(1)، ولهذا يحد على الزنا، ومن أحكامنا: لا يحد على المباح.
وقوله: (ولله على الناس حج البيت) الآية (2).
وقوله: (لم يكن الذين (3) كفروا) إِلى قوله: (ويؤتوا الزكاة)(4).
وقوله: (لم نك من المصلين) إِلى قوله: (وكنا نكذب). (5)
واستدل: لو اشترط في التكليف بمشروط وجود شرطه، لم تجب صلاة على محدث، ولا قبل نيتها.
ورد: بأن الشرط تابع يجب بوجوب مشروطه.
(1) سورة الفرقان: آية 68: (والذين لا يدعون مع الله إِلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إِلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثامًا).
(2)
سورة آل عمران: آية 97: (ولله على الناس حج البيت من استطاع إِليه سبيلاً ومن كفر فإن الله غني عن العالمين).
(3)
نهاية 74 من (ح).
(4)
سورة البينة: الآيات 1 - 5: (لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة * رسول من الله يتلو صحفًا مطهرة * فيها كتب قيمة * وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إِلا من بعد ما جاءتهم البينة * وما أمروا إِلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة).
(5)
سورة المدثر: الآيات 43 - 46: (قالوا لم نك من المصلين * ولم نك نطعم المسكين * وكنا نخوض مع الخائضين:* وكنا نكذب بيوم الدين).
واحتج في العدة (1) والتمهيد (2): بأنه مخاطب بالإيمان -وهو شرط العبادة- ومن خوطب بالشرط -كالطهارة- كان مخاطبًا بالصلاة.
[وكذا احتج ابن عقيل (3): بخطابه بصدق (4) الرسل، وهي (5) مشروطة بمعرفة الله، وهي (6) على النظر، وأن هذا -لقوته- مفسد لكل شبهة للخصم]. (7)
قالوا: لو كلف بالعبادة لصحت، ولأمكنه الامتثال، وفي الكفر لا يمكنه، وبإِسلامه تسقط.
رد: معنى التكليف: استحقاق العقاب، ويصح بشرطه، ويسلم ويفعلها كالمحدث.
ولا ملازمة بين التكليف والقضاء، بدليل الجمعة، مع أنه بأمر جديد، وفيه تنفير عن الإِيمان.
وأبطل في الواضح (8) بالمرتد؛ لا تصح منه وهو مخاطب (9).
(1) انظر: العدة/ 364.
(2)
انظر: التمهيد/ 41 أ.
(3)
انظر: الواضح / 1/ 307 ب، 308 أ.
(4)
كذا في النسختين. ولعل المناسب: بتصديق الرسل.
(5)
كذا في النسختين. ولعل المناسب: وهو مشروط.
(6)
يعني: متوقفة على النظر.
(7)
ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح).
(8)
انظر: المرجع السابق 1/ 310 ب، 311 أ.
(9)
في (ظ) ونسخة في هامش (ب): مخالف.
فقيل له: لالتزامه (1) حكم الإِسلام.
فقال: وهذا ألزمه الشرع.
وذكر غيره فيه الخلاف.
قالوا: (2) المنهي عنه يصح تركه مع كفره، ويترتب عليه حكمه وهو الحد (3) والتعزير، وهو محرم كالكفر.
وأجاب ابن عقيل (4) وغيره: وهو (5) لا يصح منه إِلا على وجه مكابدة النفس، لاحترام الناهي.
والحد لالتزامه حكمنا عقوبة، ولنا (6) كفارة أو بلوى.
ونمنعه من المحرم لا الكفر.
وقال بعضهم: قولهم: "لا يكفي مجرد ترك وفعل" فيه (7) نظر.
وفائدة الخلاف عند الأصحاب: زيادة العقاب في الآخرة، قال في (8)
(1) في نسخة في هامش (ب): لإِلزامه.
(2)
في (ح): قال.
(3)
نهاية 30 أمن (ظ).
(4)
انظر الواضح 1/ 309 ب- 310 أ.
(5)
ضرب في (ظ) على قوله: وهو.
(6)
يعني: أهل الإسلام.
(7)
في (ب): وفيه.
(8)
نهاية 37 أمن (ب).
التمهيد (1): حسب.
وفي الانتصار -فيمن أسلم على أكثر من عشر (1/ 1) نسوة-: قولهم -يعني الحنفية-: "النهي عن الجمع قائم في حال الشرك" لا يصح؛ لأن -عندهم- الكفار غير مخاطبين، وهو رواية لنا.
[وفي الواضح (2) إِذا علم أنه مكلف كان أدعى له إِلى الاستجابة، وينتفع به إِذا آمن]. (3)
وقال ابن الصيرفي (4) الحراني من أصحابنا: "يتفرع عنه مسائل (5):
منها: ظهار الذمي يصح عندنا، لا عندهم؛ لتعقبه كفارة ليس من أهلها.
ومنها: أن الكفار لا يملكون أموالنا بالاستيلاء -في صحيح المذهب-
(1) انظر: التمهيد / 40 أ. (1/ 1) كذا في النسخ. ولعله: أربع.
(2)
انظر: الواضح 1/ 311أ.
(3)
ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح).
(4)
هو: أبو زكريا يحيى بن أبي منصور بن أبي الفتح بن رافع بن علي بن إِبراهيم، جمال الدين الحبيشي، فقيه حنبلي إِمام، ولد بحران سنة 583 هـ، وسافر إِلى الموصل وبغداد سنة 607 هـ، ثم استقر بدمشق، وكانت له حلقة بجامعها، وبها توفي سنة 678 هـ.
من مؤلفاته: نوادر المذهب، وانتهاز الفرص فيمن أفتى بالرخص.
انظر: ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب 2/ 295، وشذرات الذهب 5/ 363.
(5)
انظر: التمهيد للأسنوي/ 122، وتخريج الفروع على الأصول للزنجاني/ 98، 338، والقواعد والفوائد الأصولية لابن اللحام/ 49.