الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والفعل الواحد بالشخص
- له جهة واحدة- يستحيل كونه واجباً حراماً، لتنافيهما، إِلا عند من قال بتكليف المحال عقلاً وشرعًا.
وأما الصلاة في الدار المغصوبة:
فمذهب أحمد وأكثر أصحابه: لا تصح، وقاله الظاهرية والزيدية (1) والجبائية، وحكاه بعضهم (2) عن أكثر المتكلمين، فوهم.
فعلى هذا (3): لا يسقط الطلب [بها](4)، وكذا عندها خلافاً لابن
(1) الزيدية: إِحدى فرق الشيعة، وهم أتباع زيد بن علي بن الحسين بن علي، وقد ساقوا الإمامة في أولاد فاطمة، ولم يجوزوا ثبوت إِمامة في غيرهم، إِلا أنهم جوزوا أن يكون كل فاطمي -عالم زاهد شجاع سخي خرج بالإمامة- إِمامًا واجب الطاعة، سواء أكان من أولاد الحسن أم من أولاد الحسين.
وجوزوا خروج إمامين في قطرين يستجمعان هذه الخصال، ويكون كل واحد منهما واجب الطاعة
ولما كان زيد بن علي يذهب هذا المذهب أراد أن يحصل الأصول والفروع حتى يتحلى بالعلم، فتتلمذ في الأصول على واصل بن عطاء الغزال رأس المعتزلة، فاقتبس منه الاعتزال، وصارت أصحابه كلها معتزلة.
وكان من مذهبه جواز إِمامة المفضول مع قيام الأفضل.
وكان لا يتبرأ من الشيخين.
ولما عرفت شيعة الكوفة أنه لا يتبرأ من الشيخين رفضوه، فسميت رافضة.
انظر: الفرق بين الفرق/ 29، والملل والنحل 1/ 249، والفرق الإسلامية/ 57.
(2)
انظر: مختصر ابن الحاجب بشرح العضد 2/ 2.
(3)
انظر: المحصول 1/ 2/ 485.
(4)
ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب) و (ح).
الباقلاني، وادعاه إِجماعًا.
وهي دعوى لا دليل (1) عليها، ولا إِجماع، ثم: لا وجه (2) لسقوط العبادة عند (3) فعل باطل، ومع أنه لا يعرف عن أحد قبله، لا يبعد أنه خلاف الإِجماع.
وعن أحمد: تصح مع التحريم، اختارها الخلال (4) وابن عقيل في فنونه وغيرهما (وم ش).
وعنه: إِن علم التحريم [لم تصح](5) وإلا صحت.
وحكى بعض أصحابنا قولاً: تصح مع الكراهة (وهـ). (6)
لنا: تعلق الوجوب والحرمة بفعل المكلف، وهما متلازمان في هذه الصلاة، فالواجب متوقف على الحرام، وما لا يتم الواجب إِلا به واجب،
(1) نهاية 25 أمن (ظ).
(2)
نهاية 61 من (ح).
(3)
نهاية 31 ب من (ب).
(4)
هو: أبو بكر أحمد بن محمد بن هارون الخلال، مفسر عالم باللغة والحديث، من كبار الحنابلة من أهل بغداد، وهو جامع علم أحمد ومرتبه، توفي سنة 311 هـ.
من مؤلفاته: تفسير الغريب، وطبقات أصحاب ابن حنبل، والسنة، والعلل، والجامع لعلوم الإِمام أحمد.
انظر: طبقات الحنابلة 2/ 12، ومناقب الإِمام أحمد/ 512، وتذكرة الحفاظ 3/ 7، والبداية والنهاية 11/ 148.
(5)
ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح).
(6)
انظر: التوضيح على التنقيح 2/ 228، وكشف الأسرار 1/ 278.
فالحرام واجب، وهو تكليف بالمحال.
ولأن شغل الحيز حرام، وهو داخل في مفهومي الحركة والسكون الداخلين في مفهومها، فدخل في مفهومها؛ لأنه جزؤها، فالصلاة التي جزؤها حرام غير واجبة، لوجوب الجزء الحرام إِن استلزم وجوبها وجوب أجزائها، وإِلا كان الواجب بعض أجزاء الصلاة لا نفسها لتغاير الكل والجزء.
واعترض الآمدي (1) وغيره: بأن العبد إِذا أمر بخياطة ثوب، ونهي عن مكان مخصوص، فجمع بينهما كان طائعًا عاصيًا للجهتين إِجماعًا، وما سبق جار فيه، [فالجواب واحد]. (2)
ولقائل أن يقول: صورة الإِلزام لازمة في الصلاة في المكان النجس، والجواب واحد.
ثم: في كلام أصحابنا ما يقتضي الفرق؛ فقال في الروضة (3) بعد أن احتج للصحة بالأمر بالخياطة، قال (4): ومن منع الصحة قال: متى أخل مرتكب النهي بشرط العبادة أفسدها، ونية التقرب بالصلاة شرط، والتقرب بالمعصية محال.
وهذا معنى قول أبي الخطاب (5): من شرط الصلاة الطاعة، ونيته بها
(1) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 117.
(2)
ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح).
(3)
انظر: الروضة/ 43.
(4)
لعل المناسب حذف كلمة: قال.
(5)
انظر: الانتصار لأبي الخطاب 1/ 255 أ.
أداء الواجب، وحركته معصية، ونية أداء الواجب بما يعلمه غير واجب -بل معصية- محال.
وقال (1) أيضًا -ومعناه كلام القاضي (2) وغيره-: من شرط (3) العبادة إِباحة الموضع، وهو محرم، فهو كالنجس.
ولأن الأمر بالصلاة لم يتناول هذه للنهي عنها، وهي غصب، لشغل ملك غيره بغير حق، فلا يجوز كونها واجبة من جهة أخرى.
[قالوا: الغصب للدار، والصلاة غيرها.
رد: بما سبق.
وقال ابن عقيل (4): لا يملك الآدمي عين شيء عند الفقهاء أجمع، بل التصرف، فالمصلي غاصب بصلاته، والله يملك العين، وعند المعتزلة: لا (5)؛ لأن الملك: القدرة، ولا تقع (6) على موجود]. (7)
وأما (8) صوم العيد، فيحرم إِجماعًا. (9)
(1) نهاية 62 من (ح).
(2)
انظر: العدة/ 443.
(3)
انظر: الانتصار لأبي الخطاب 1/ 256 ب.
(4)
انظر: الواضح 2/ 47 ب.
(5)
قالوا: بأن الأعيان لا يملكها مالك، لا القديم ولا غيره. انظر: الواضح 2/ 47 ب.
(6)
أي: القدرة.
(7)
ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح).
(8)
نهاية 25 ب من (ظ).
(9)
انظر: الشرح الكبير 3/ 110 - 111، والبحر الرائق 2/ 277، وبداية المجتهد 1/ 317.
ولا يصح عند أحمد (وم ش). (1)
وعن أحمد: يصح (2) فرضًا. (3)
وعنه: عن (4) نذره المعين (وهـ)، (5) وزاد أبو حنيفة:(6) ونفلاً (7).
فنقول: لو صحت بالجهتين لصح بهما.
وفرّق بأن صومه لا ينفك عن الصوم بوجه، فلا جهتان.
وبأن اعتبار تعدد الجهة في نهي التحريم بدليل، وهو الأمر بالصلاة، والنهي عن الغصب (8).
رد الأول: بأن هذه الصلاة إِن تناولها الأءمر فهي محرمة.
والثاني: بأنه الأمر بالصوم، والنهي عن صوم العيد.
* * *
(1) انظر: المجموع 6/ 488، والمدونة 1/ 214، 215، 216 وحاشية العدوي 1/ 397، والشرح الكبير 11/ 345.
(2)
انظر: الإنصاف 3/ 35، والشرح الكبير 11/ 345.
(3)
نهاية 32 أمن (ب).
(4)
انظر: المرجعين السابقين.
(5)
انظر: الهداية 1/ 131، والبحر الرائق 2/ 316، وكشف الأسرار 1/ 270.
(6)
انظر: المبسوط 3/ 81، 95.
(7)
في (ظ): ونقلاً.
(8)
في (ظ): الغضب.
وأما من خرج من الغصب تائبًا فتصح توبته فيها، ولم يعص بحركة خروجه عند ابن عقيل وغيره (وش ر).
وقال ابن عقيل (1): لم يختلفوا (2) لا يعد واطئًا -بنزعه- في الإِثم، بل في التكفير، وكإِزالة محرم طيباً بيده، وكأثر فعله بعلة عدم القدرة، ولعدم غصبه بعدم نيته، والمالك في الحقيقة الله، والآدمي مستخلف، وغرضه الضمان، وهو باق بصورة الفعل.
قال ابن برهان (3): "قاله الفقهاء والمتكلمون كافة"، خلافًا لأبي الخطاب في الانتصار (4)؛ قال:"لكن يفعله ندفع أكبر المعصيتين بأقلهما (5)؛ ولهذا: الكذب معصية يجوز فعله لدفع قتل مؤمن ظلماً كذلك (6) "، وقاله أبو شمر (7) المرجئ وأبو هاشم المعتزلي. (8)
(1) انظر: المسودة/ 86.
(2)
لعل المناسب زيادة "أنه" هنا، فيكون الكلام: لم يختلفوا أنه لا يعد.
(3)
انظر: المسودة/ 85، والوصول لابن برهان/ 22 ب.
(4)
انظر: الانتصار 1/ 255 ب.
(5)
في (ظ): بأقلها.
(6)
في (ب): لذلك.
(7)
هو: ممن جمع بين الإِرجاء في الإِيمان، ونفي القول بالقدر -يعني: قال بالقدر على مذهب القدرية المعتزلة- وهو من تلاميذ النظام إِبراهيم بن سيار المتوفى سنة 231 هـ، فهو من رجال منتصف القرن الثالث الهجري.
انظر: الفرق بين الفرق/ 202، والتبصير في الدين/ 90، الملل والنحل 1/ 34.
(8)
انظر: المسودة/ 85، 87، والمستصفى 1/ 89، والوصول لابن برهان/ 22 ب.
وضعّف: بأنه تكليف بالمحال، لتعلق الأمر والنهي بالخروج.
واستصحب أبو المعالي حكم المعصية مع الخروج مع أنه غير منهي عنه. كذا قيل (1) عنه.
وقيل (2) عنه: إِنه طاعة -لأخذه في ترك الغصب- معصية؛ لأنه في ملك غيره، مستند إِلى فعل متعدٍّ (3)، كالصلاة (4).
وضعّف: بأنه لا جهتين لخروجه، لتعذر امتثاله به لو كان منهياً عنه، (5) ولو كان له جهتان لم يتعذر.
وقال بعض أصحابنا (6): نظير المسألة توبة المبتدع الداعي إِلى بدعته، (7) وفيها روايتان، أصحهما الجواز، والأخرى اختيار ابن شاقلا:[لا](8) لإضلال غيره.
وقال بعضهم (9): من قال لزوجته: "إِذا وطئتك فظانت طالق ثلاثًا"، أو:
(1) انظر: مختصر ابن الحاجب بشرح العضد 4/ 2.
(2)
انظر: المسودة/ 85، وهذا هو الذي ذكره في البرهان/ 301.
(3)
لعل المناسب زيادة "فيه"، فيكون الكلام: إِلى فعل متعد فيه.
(4)
يعني: كالصلاة في الدار المغصوبة.
(5)
نهاية 63 من (ح).
(6)
انظر: المسودة/ 87.
(7)
في (ح): بدعة.
(8)
ما بين المعقوفتين لها يرد في (ح).
(9)
انظر: المرجع السابق/ 85 - 86.