الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي الانتصار -في قول البينة "عمدنا قتله"-: لا يقال: لو كان الوعيد إِكراها لكنا مكرهين على العبادات، فلا ثواب؛ لأن أصحابنا قالوا: يجوز أن يقال: إِننا مكرهون عليها، والثواب بفضله لا مستحقاً عليه عندنا، ثم العبادات تفعل للرغبة.
ويبيح الإِكراه ما قبح ابتداء، خلافاً للمعتزلة، بناء منهم على التحسين.
وسبق (1) فيه أبي الخطاب.
لنا: إِباحة كلمة الكفر به بالآية (2)، والإِجماع.
والمكرَه بحق مكلف (و).
مسألة
يجوز تكليف المعدوم بمعنى: أن الخطاب يعمه إِذا وُجد أهلاً، ولا يحتاج خطاباً آخر عند أصحابنا، وحكي (3) عن (ر) وبعض الشافعية،
=وأخرجه البخاري -أيضًا- في صحيحه 8/ 60، 8/ 105، 9/ 114.
وأخرجه مسلم في صحيحه 58 - 59، والترمذي في سننه 4/ 135 - 136 وقال:"حسن صحيح"، وابن ماجه في سننه/ 1435 - 1436، وأحمد في مسنده 5/ 228، 230، 234، 236، 238، 242.
(1)
انظر: ص 164، 167 من هذا الكتاب.
(2)
سورة النحل: الآيات 105 - 106: (إِنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون * من كفر بالله من بعد إِيمانه إِلا من أكره وقلبه مطمئن بالإِيمان ولكن من شرح بالكفر صدرًا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم).
(3)
حكاه في التمهيد/ 46 ب.
وحكاه الآمدي (1) عن طائفة من السلف والفقهاء.
فليس الخلاف لفظياً، كما قاله (2) الجرجاني الحنفي، وإِنما قول الأشعرية:"يجوز تكليف المعدوم" بمعنى: تعلق الطلب القديم بالفعل من المعدوم حال وجوده وفهمه، وذكره (3) بعض أصحابنا عن أبي الخطاب.
والمعتزلة قالوا هم وأكثر الشافعية: (4) ولا يعمه الحكم إِلا بدليل: نص، أو إِجماع، أو قياس.
فلهذا قال الجرجاني: الخلاف لفظي.
وللحنفية (5) في عموم الحكم له بغير دليل قولان. (6)
قال (7) أحمد: لم يزل الله يأمر بما يشاء ويحكم، وقال (8) -أيضاً-: لم يزل متكلماً إِذا شاء، وقال القاضي: إِذا أراد أن يسمعنا.
(1) انظر: الإحكام للآمدي 2/ 274.
(2)
انظر: العدة/ 392.
(3)
قوله: "وذكره بعض أصحابنا عن أبي الخطاب" مثبت -هنا- من (ح). وقد جاء ذكره في (ب) و (ظ) متأخرًا، وذلك بعد قوله:"وأكثر الشافعية". ولعل الصواب إِثباته هنا. انظر: التمهيد/ 46 ب.
(4)
جاء هنا في (ب) و (ظ): "وذكره بعض أصحابنا عن أبي الخطاب" وقد أشرت قبل قليل إِلى ما رأيته صوابًا في محل إِثباته.
(5)
انظر: فواتح الرحموت 1/ 146، وتيسير التحرير 2/ 238، وأصول السرخسي 2/ 334.
(6)
نهاية 39 ب من (ب)، وهي نهاية 81 من (ح).
(7)
و (8) انظر: العدة/ 386.
وقال الآمدي (1): يجوز تكليف المعدوم عندنا، خلافاً لباقي الطوائف.
وحكى (2) غيره (3) المنع عن (4)(هـ ع).
وفي كلام القاضي (5)، وغيره: أن المعدوم مأمور.
وكذا ترجم (6) ابن برهان المسألة: بأن المعدوم مأمور منهي.
وزيَّفه (7) أبو المعالي، وقال: بل حقيقة المسألة: هل يتصور أمر ولا مأمور؟.
وذهب بعضهم (8) إِلى تكليفه تبعاً لموجود.
وبعضهم (9) إِلى أنه أمر إِعلام.
لنا: قوله: (لأنذركم به ومن بلغ)(10)، وقوله:(فاتبعوه)(11).
(1) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 153.
(2)
في (ح): وحكاه.
(3)
انظر: المسودة/ 44.
(4)
نهاية 32 ب من (ظ).
(5)
انظر: العدة/ 386.
(6)
انظر: المسودة/ 45. وقال ابن برهان في كتابه الوصول/ 20 أ: مسألة: المعدوم يجوز أن يكون مأموراً بشرط الوجود
…
(7)
انظر: المسودة/ 45، والبرهان للجويني / 274.
(8)
و (9) انظر: العدة/ 387، والتمهيد/ 46 ب.
(10)
سورة الأنعام: آية 19: (وأوحي إِليّ هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ).
(11)
سورة الأنعام: آية 153: (وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه).
وكالأمر بالوصية لمعدوم متأهل، وخيفة الموصي الفوت لا أثر له.
ولحسن لوم المأمور في الجملة بإِجماع العقلاء على تأخره عن الفعل مع قدرته وتقدم أمره.
ولأنه أزلي، وتعلقه بغيره جزء من حقيقته، والكل ينتفي بانتفاء الجزء، وكلام (1) القديم صفته، وإِنما تطلب الفائدة في (2) سماع الخاطب به إِذا وجد.
ولأن التابعين والأئمة لم يزالوا يحتجون بالأدلة، وهو دليل التعميم، والأصل عدم اعتبار غيره، ولو كان لنقل. (3)
قالوا: تكليف ولا مكلف محال.
رد: مبني على التقبيح العقلي.
ثم: بالمنع في المستقبل، كالكاتب يخاطب من يكاتبه بشرط وصوله، ويناديه، وأمر الموصي والواقف، وليس مجازا، لأنه لا يحسن نفيه.
قال ابن عقيل (4): ولا أقرب إِلى ذلك من أسماء الله المشتقة. (5)
(1) من قوله: "وكلام" إلى قوله: "إِذا وجد" مثبت من (ب) و (ح)، وقد أثبت في هامش (ظ) من إِحدى النسخ، وقال مثبته:"ذُكر بعدُ" يعني: في (ظ)، وستأتي الإِشارة إليه بعد قوله:"أسماء الله المشتقة".
(2)
في (ح): "بسماع".
(3)
جاء -هنا- في (ظ): "قالوا لا يقال للمعدوم: تأس. رد: يقال بشرط وجوده أهلاً".
وسيأتي ذلك في (ب) و (ح) بعد قوله: "أسماء الله المشتقة".
(4)
انظر: الواضح 2/ 12 ب.
(5)
جاء -هنا- في (ظ): "وكلام القديم صفته، وإِنما تطلب الفائدة في سماع المخاطب به إِذا وجد". وقد أشرت إِلى هذا قبل قليل.
قلوا: (1) لا يقال للمعدوم: ناس (2).
رد: يقال بشرط وجوده أهلاً.
قالوا: العاجز غير مكلف، فهذا (3) أولى.
رد: بالمنع عند كل قائل بقولنا، بل مكلف بشرط قدرته وبلوغه وعقله، وإنما رفع عنه القلم في الحال، [أو](4) قلم الإثم، بدليل النائم.
قالوا: لو كان لمدح وذم.
ورده أصحابنا بوجهين: المنع، لأن الله مدح (5) وذم، ثم: لعدم الامتثال والتفريط. (6)
قالوا: من شرط القدرة وجود المقدور.
رد: بالمنع؛ فإِن القدرة صفة لله ولا مقدور.
قالوا: يلزم التعدد في القديم.
(1) من قوله: "قالوا: لا يقال للمعدوم" إِلى قوله: "يقال بشرط وجوده أهلاً" مثبت من (ب) و (ح)، وقد أشرت قبل قليل إِلى مكان وروده في (ظ).
(2)
في (ظ): تأس.
(3)
في (ب) و (ح): فهنا.
(4)
ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح).
(5)
في التمهيد / 47 أ: مدح الأنبياء والصالحين، وذم إِبليس في كلامه، وهو القرآن، وذلك قبل خلق الجميع.
(6)
أي: عدم إِمكان الفعل أو الترك؛ لأنه ليس بإِيجاب مضيق. انظر: العدة/ 390.