الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مشروعًا عند الأمم السابقة، وهذا دليل رحمة الله بهذه الأمة وتخفيفه عنها. ففي حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أعطيت خمسًا لم يعطهن أحد قبلي" إلى أن قال: "وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل"(2).
هل التيمم رخصة أم عزيمة
؟
اختلف الفقهاء في هذه المسألة؛ فذهب الجمهور (1) إلى أن التيمم رخصة للمسافر والمقيم، وقال الحنابلة (2) وبعض المالكية (3): إنه عزيمة.
والصحيح أن التيمم عزيمة في حق العادم للماء، ورخصة في حق الواجد للماء العاجز عن استعماله.
وثمرة الخلاف هنا تكمن في الآتي:
أن الرخصة لا تستباح بالمعصية؛ فمتى سافر الإنسان سفر معصية ثم لم يجد ماء فتيمم للصلاة، فعلى من قال بأنه رخصة يجب عليه الإعادة؛ لأن التيمم رخصة فلا تستباح بمحرم. وإن قلنا بأنه عزيمة فنقول بأن صلاته صحيحة ولا إعادة عليه مع ثبوت الإثم عليه بسفره سفر المعصية.
شروط التيمم:
للتيمم شروط بعضها مجمع عليها وبعضها يختلف فيها بين العلماء، ومن هذه الشروط:
(1) مغني المحتاج (1/ 87)، المجموع (2/ 238).
(2)
كشاف القناع (1/ 161)، المغني (1/ 311).
(3)
مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل (1/ 325).
1 -
النية؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات"(1)
2 -
الإسلام.
3 -
العقل.
4 -
التمييز.
وهذه الشروط الثلاثة شروط لكل عبادة، إلا التمييز في الحج فإنه لا يشترط.
5 -
دخول وقت الصلاة:
وهذا الشرط اختلف فيه الفقهاء:
أ- فذهب الجمهور (2) إلى اشتراط دخول الوقت لما يتيمم له من فرض أو نفل له وقت مخصوص، واستدلوا على ذلك بقوله تعالى:{إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} (3)، والقيام إلى الصلاة لا يكون إلا بعد دخول الوقت لا قبله. وقالوا أيضًا بأن التيمم ضرورة، فلذلك لم يجز قبل الوقت.
ب- وذهب الحنفية (4) إلى جواز التيمم قبل الوقت لأكثر من فرض ولغير الفرض أيضًا؛ لأن التيمم يرفع به الحدث إلى وجود الماء وليس يبيح فقط، وقاسوا ذلك على الوضوء، وهذا هو الصحيح وهو اختيار الشيخ ابن العثيمين (5)؛ لأنه بدل عن الماء فيقوم مقامه إلى أن يوجد.
(1) أخرجه البخاريُّ في باب بدء الوحي برقم (1)، ومسلمٌ في كتاب الإمارة، باب قوله صلى الله عليه وسلم:"إنما الأعمال بالنية"، وأنه يدخل فيه الغزو وغيره من الأعمال، برقم (1907) من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
(2)
انظر: القوانين الفقهية (ص: 37)، مغني المحتاج (1/ 105)، كشاف القناع (1/ 161).
(3)
سورة المائدة: 6.
(4)
بدائع الصنائع (1/ 54)، وحاشة ابن عابدين (1/ 161).
(5)
الشرح الممتع (1/ 378).
6 -
تعذراستعمال الماء لعدمه أو لخوف استعماله:
أما دليل عدم الماء فللأدلة التي سقناها آنفًا في مشروعية التيمم، أما دليل الخوف من استعمال الماء كأن يكون به مرض فيخاف إن استعمل الماء في الوضوء أو الغسل زاد مرضه أو تأخر بُرْؤُهُ، فهنا يجوز التيمم، دليل ذلك قوله تعالى:{وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} (1).
وعن عمرو بن العاص رضي الله عنه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه في غزوة ذات السلاسل فاحتلم في ليلة باردة شديدة البرد فأشفق إن اغتسل هلك، فتيمم ثم صلى بأصحابه صلاة الصبح"(2) فأقره صلى الله عليه وسلم على فعله هذا، لكن إن خاف إن استعمل الماء لبرودته وكان عنده ما يمكن به تسخين الماء وجب عليه أن يقوم بتسخين الماء، ولا يعدل إلى التيمم؛ لأنه في حكم واجد الماء في هذه الحالة.
7 -
أن يكون بتراب طهور مبيح غير مخترق له غبار باليد:
وهذا الشرط هو مذهب الشافعية (3) والحنابلة (4) واختاره أبو يوسف من الحنفية (5)، أما الحنفية (6) والمالكية واختاره الشيخ ابن العثيمين (7)، فقالوا بأنه يجوز بكل ما تصاعد على الأرض، فلا يختص التيمم بالتراب، وهذا هو الصحيح
(1) سورة المائدة: 6.
(2)
أخرجه البخاريُّ تعليقًا (الفتح 1/ 454)، وقواه ابن حجر في الفتح (1/ 454).
(3)
المجموع (2/ 245).
(4)
المغني (1/ 240)، كشاف القناع (1/ 165).
(5)
حاشية ابن عابدين (1/ 167).
(6)
المرجع السابق.
(7)
الشرح الصغير (1/ 188).