الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما يشرع بعد الموت:
1 -
اتفق الفقهاء على أنه إذا مات الميت شُدَّ لحِيَاهُ وغمضت عيناه؛ لفعله بخلاف صلى الله عليه وسلم بأبي سلمة رضي الله عنه؛ فقد روى مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على أبي سلمة وقد شق بصره فأغمضه وقال: "إذا حضرتم موتاكم فأغمضوا البصر"(1).
2 -
يتولى أرفق أهله به إغماضه بأسهل ما يقدر عليه، ويشد لِحْيَاهُ بعصابة عريضة يشدها في لحيه الأسفل ويربطها فوق رأسه ويقول مع تغميضه:"بسم الله وعلى ملة رسول الله" ويدعو للميت بقوله: "اللَّهم يسر عليه أمره وسهل عليه ما بعده وأسعده بلقائك، واجعل ما خرج إليه خيرًا مما خرج منه".
3 -
يشرع أيضًا تليين مفاصل المتوفى ورد ذراعيه إلى عَضُدَيْهِ، ويرد أصابع كفيه ثم يمدها، ويرد فخذيه إلى بطنه وساقيه إلى فخذيه ثم يمدها أيضًا.
4 -
يستحب أيضًا أن تنزع ثياب المتوفى الذي مات فيها وَيُسَجَّى جميع بدنه بثوب، فقد روى البخاري ومسلمٌ عن عائشة رضي الله عنها:"أن النبي صلى الله عليه وسلم حين توفي سُجِّيَ بِبُرْدِ حِبَرَهٍ"(2).
5 -
ينبغي أن يجعل الميت على شيء مرتفع؛ كسرير أو لوح مرتفع؛ لئلا تصيبه نَدَاوَةُ الأرض فيتغير ريحه، ولئلا تؤذيه هَوَامُّ الأرض، ولذلك يجعل على بطنه حديد أو طين يابس؛ لئلا ينتفخ، هذا إذا لم يكن هناك سرعة في تجهيزه وليس هناك ثلاجات تحفظ الميت.
(1) أخرجه أحمد في المسند (4/ 125) رقم (17176)، وابن ماجه في كتاب الجنائز، باب ما جاء في تغميض الميت برقم (1455)، وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه (1/ 245) رقم (1190).
(2)
أخرجه البخاريُّ في كتاب اللباس، باب البُرُود والحِبَرَة والشَّمْلَة، برقم (5477).
6 -
يستحب لأهل الميت أن يخبروا جيرانه وأصدقاءه وأقاربه، وذلك ليقوموا بتجهيزه وتغسيله وتكفينه والصلاة عليه والدعاء له. ويكره النَّعْيُ؛ وهو النداء في الناس بموته؛ لحديث حذيفة رضي الله عنه:"سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن النعي"(1).
أما الإعلام به لا على صورة نعي الجاهلية المشتمل على ذكر المفاخر ونحو ذلك، فلا بأس به (2)؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه:"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعى النَّجَاشِيَّ في اليوم الذي مات فيه، خرج إلى المصلى فصف بهم وكبر أربعًا"(3)، وحديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلًا أسود أو امرأة سوداء كان يَقُمُّ المسجد فمات فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عنه فقالوا: مات، قال:"أفلا كنتم آذَنْتُمُوني به، دُلُّوني على قبره"، أو قال:"قبرها"، فأتى قبرها فصلى عليها (4).
7 -
يستحب المسارعة بقضاء دين الميت؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه"(5).
(1) أخرجه ابن ماجه في كتاب الجنائز، باب ما جاء في النهي عن النعي (1/ 474)، برقم (1476)، والترمذيُّ في كتاب الجنائز، باب ما جاء في كراهية النعي، (3/ 313)، برقم (986) وقال: حسنٌ صحيحٌ.
(2)
المغني، لابن قدامة (2/ 226)، الإنصاف (2/ 468)، شرح صحيح مسلم، للنووي (7/ 21)، فتح الباري (3/ 116)، و (8/ 340).
(3)
أخرجه البخاريُّ في كتاب الجنائز، باب الرجل ينعي إلى أهل الميت بنفسه (1/ 420)، برقم (1188)، وفي باب التكبير على الجنازة أربعًا
…
إلخ (1/ 447)، برقم (1268)، ومسلمٌ في كتاب الجنائز، باب في التكبر على الجنازة (2/ 656)، برقم (951). واللفظ للبخاري.
(4)
أخرجه البخاريُّ في كتاب الصلاة، باب التقاضي والملازمة في المسجد (1/ 175) برقم (446)، ومسلمٌ في كتاب الجنائز، باب الصلاة على القبر (2/ 659) برقم (956). واللفظ للبخاري.
(5)
أخرجه الترمذيُّ في أبواب الجنائز، باب ما جاء أن نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه برقم (1078) وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذيُّ (1/ 312) رقم (860) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
لكن إن كان الميت فقيرًا وعليه دين، فقال الحنابلة (1): إن تعذر الوفاء استحب للورثة أو غيرهم أن يتكفلوا عنه، فالكفاله بدين الميت صحيحة عند أكثر الفقهاء، وخالف أبو حنيفة (2) فقال: الكفالة لا تصح على ميت مُفْلِسٍ.
والصحيح ما ذهب إليه أكثر الفقهاء وهو استحباب ذلك.
8 -
يسن الإسراع بتجهيز الميت إن تيقن موته ولا يؤخر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا ينبغي لجيفة مسلم أن تحبس بين ظَهْرَانِي أهله"(3)، ولقوله صلى الله عليه وسلم:"أسرعوا بالجنازة؛ فإن تك صالحة فخير تقدمونها إليه، وإن يك سوى ذلك فشر تضعونه عن رقابكم"(4).
9 -
يحرم النَّوْحُ والصياح وشق الجيوب وغير ذلك من دعوى الجاهلية، وذلك في منزل الميت أو في أثناء الجنازة أو في أي محل آخر، وذلك لورود النهي عن ذلك؛ فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه:"إن رسول الله صلى الله عليه وسلم برئ من الصالقة والحالقة والشَّاقَّة (5) "(6).
وعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "ليس منا من ضرب الخدود وشق
(1) غاية المنتهى (1/ 228).
(2)
حاشية ابن عابدين (4/ 270).
(3)
أخرجه أبو داود في كتاب الجنائز، باب التعجيل بالجنازة وكراهية حبسها، برقم (3159).
(4)
أخرجه البخاريُّ في كتاب الجنائز، باب السرعة بالجنازة، برقم (1252)، ومسلمٌ في كتاب الجنائز، باب الإسراع بالجنازة برقم (944)، واللفظ للبخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(5)
الصالقة: التي ترفع صوتها بالبكاء، والحالقة: هي التي تحلق شعرها عند المصيبة، والشاقة: هي التي تشق ثوبها عند المصيبة. شرح النووي على صحيح مسلم (2/ 110).
(6)
أخرجه البخاريُّ في كتاب الجنائز، باب ما ينهى من الحلق عند المصيبة برقم (1234)، ومسلمٌ في كتاب الإيمان، باب تحريم ضرب الخدود وشق الجيوب والدعاء بدعوى الجاهلية، برقم (104).
الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية" (1).
أما البكاء بغير رفع الصوت، أي: بدمع العين، فهذا جائز؛ لقوله صلى الله عليه وسلم عند موت ابنه إبراهيم:"إن العين تَدْمَعُ والقلب يحزن، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، إنا لله وإنا إليه راجعون"(2).
وجاء في صحيح البخاري وصحيح مسلم: عن أسامة بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم رفع إليه ابن لابنته ونفسه تَتَقَعْقَعُ، ففاضت عيناه وقال:"هذه رحمه جعلها الله في قلوب عباده"(3).
(1) أخرجه البخاريُّ في كتاب الجنائز، باب ليس منا من ضرب الخدود، برقم (1235)، ومسلمٌ في كتاب الإيمان، باب تحريم ضرب الخدود وشق الجيوب والدعاء بدعوى الجاهلية برقم (103).
(2)
أخرجه البخاريُّ في كتاب الجنائز، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم:"إنا بك لمحزونون"، برقم (1241)، ومسلمٌ في كتاب الفضائل، باب رحمته صلى الله عليه وسلم الصبيان والعيال وتواضعه وفضل ذلك، برقم (2315).
(3)
أخرجه البخاريُّ في كتاب الجنائز، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه، برقم (1224)، ومسلمٌ في كتاب الجنائز، باب البكاء على الميت، برقم (923).