الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كانت لحيوان غير مأكول كالهرة وما دونها في الخلقة؛ لقوله تعالى: {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ} (1)، فالآية سيقت للامتنان، والظاهر شمول الآية لحالتي الحياة والموت، وهذا هو الراجح.
في طهارة جلد الميتة بالدباغ:
اختلف الفقهاء في هذه المسألة:
1 -
فذهب الحنابلة (2) إلى أن جلد الميتة النجسة لا يطهر بالدباغ، ويباح استعماله بعد الدبغ في يابس لا مائع، بشرط أن يكون الجلد لحيوان طاهر في الحياة، سواء كان مأكول اللحم كالشاة، أو لَا كالهرة.
وقد استدل الحنابلة بما رواه أحمد وغيره عن عبد الله بن حكيم قال: "أتانا كتاب النبي صلى الله عليه وسلم وأنا غلام ألا تنتفعوا بإهاب ميتة ولا عصب"(3).
وجه الدلالة عندهم من الحديث ما يلي:
1 -
أن النهي يدل على التحريم.
2 -
ولأن الميتة نجسة العين، ونجس العين لا يمكن تطهيره.
3 -
ولأن الجلد جزء من الميتة فكان حرامًا، ولقد قال الله تعالى:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} (4)، فلم يطهر بالدبغ كاللحم (5).
(1) سورة النحل: 80.
(2)
المغني (1/ 92)، الشرح الكبير (1/ 164)، الإنصاف (1/ 166).
(3)
أخرج أحمد (4/ 310)، وأبو داود، في كتاب الحمام، باب من روى ألا ينتفع بإهاب الميتة، برقم (4127)، (4128)، والترمذيُّ، في كتاب اللباس، باب ما جاء في جلود الميتة إذا دبغت، برقم (1729) وقال: حديثٌ حسنٌ
(4)
سورة المائدة: 3.
(5)
الانتصار في المسائل الكبار (1/ 158).
2 -
وذهب الحنفية (1) والشافعية (2) وهو رواية عن أحمد (3) إلى أن جلد الميتة يطهر بالدباغ إلا جلد الخنزير والكلب؛ لنجاسة عينها، وهذا هو الصحيح، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية (4)، والشيخ ابن العثيمين (5)، دليل ذلك:
1 -
ما رواه مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: تُصدّق على مولاة لميمونة بشاة، فماتت فمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"هلا أخذتم إهابها فدبغتموه، فانتفعتم به؟ فقالوا: إنها ميتة، فقال: إنما حرم أكلها"(6).
2 -
وما روى أحمد وأبو داود والنسائيُّ عن ميمونة قالت: إن النبي صلى الله عليه وسلم مر بشاة يجرونها فقال: "هلا أخذتم إهابها؟ قالوا: إنها ميتة، قال: يطهرها الماء والقرظ"(7).
3 -
وما جاء في صحيح مسلم عن ابن عباس-رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا دبغ الإهاب فقد طهر"(8)، فهذه الأدلة تدل على طهارة جلد الميتة إذا دبغ.
(1) رد المحتار على الدر المختار (1/ 136).
(2)
المجموع (1/ 214، 221، 225).
(3)
المغني (1/ 66).
(4)
مجموع الفتاوى (21/ 90).
(5)
الشرح الممتع (1/ 98، 102).
(6)
أخرجه البخاريُّ، في كتاب البيوع، باب جلود الميتة قبل أن تدبغ برقم (2108)، ومسلمٌ، في كتاب الحيض، باب طهارة جلود الميتة بالدباغ (1/ 276) برقم (363) واللفظ لمسلم.
(7)
أخرجه أحمد (1/ 334)، وأبو داود، في كتاب، باب في أهب الميتة، برقم (4126)، والنسائيُّ، في كتاب الفرع والعتيرة، باب ما يدبغ به جلود الميتة، برقم (4248).
(8)
أخرجه مسلمٌ في صحيحه، كتاب الحيض، باب طهارة جلود الميتة (1/ 159) برقم (366).