الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صلاة الصبح إلا لنازلة تحلّ بالمسلمين، فهنا يشرع القنوت في الصبح وغيره من الصلوات الأخرى كما سنبيّنه إن شاء الله.
أما جعل ذلك سنة يداوم عليها فليس بمشروع، دليل ذلك:
1 -
ما رواه البخاريّ ومسلمٌ عن أنس رضي الله عنه قال: "قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الفجر شهرًا يدعو في قنوته على أحياء من أحياء العرب ثم تركه"(1).
2 -
ما رواه الترمذيّ عن سعد بن طارق الأشجعيّ رضي الله عنه قال: "قلت لأبي: يا أبت، إنّك قد صلّيت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي ها هنا بالكوفة نحو خمس سنين، أكانوا يقنتون؟ قال: أي بني محدث"(2) وفي لفظ آخر عند النسائيّ: "يا بني، إنها بدعة"(3).
وقال الإِمام الترمذيُّ: "والعمل عليه عند أكثر أهل العلم"(4).
أما احتجاجهم بحديث: "ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا" فهو حديث ضعيف لا يحتجّ به كما بيَّنا ذلك في الهامش عند تحقيقنا لهذا الحديث.
الموطن الثاني: القنوت في الوتر
.
اختلف الفقهاء في حكم القنوت في الوتر على أربعة أقوال:
(1) أخرجه مسلمٌ في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب القنوت في جميع الصلاة إذا نزلت بالمسلمين نازلة، برقم (677).
(2)
أخرجه الترمذيُّ في أبواب الصلاة، باب ما جاء في ترك القنوت، برقم (402)، أحمد في المسند (3/ 472)، رقم (15920)، وابن ماجه، باب ما جاء في القنوت في صلاة الفجر، برقم (1241).
(3)
أخرجه النسائي في كتاب التطبيق، ترك القنوت، برقم (1080).
(4)
سنن الترمذيُّ (2/ 252).
القول الأول: أن القنوت في الوتر واجب في جميع السنة، وهذا هو قول أبي حنيفة (1) وخالفه صاحباه أبو يوسف ومحمَّد (2) فقالا بأنه سنة في كل السنة.
القول الثاني: أنه لا يشرع القنوت في الوتر، وهذا هو المشهور عند المالكيّة (3)، وفي رواية عن مالك (4) أنه يقنت في الوتر في العشر الأواخر من رمضان.
القول الثالث: أنه يستحبّ القنوت في الوتر في النصف الأخير من شهر رمضان خاصّة. وهذا مذهب الشافعية (5). وفي وجه آخر عندهم أنه يقنت في جميع رمضان، وفي وجه آخر أنه يقنت في جميع السنة بلا كراهيّة، ولا يسجد للسهو لتركه في غير النصف الأخير (6).
القول الرابع: أنه يسنّ القنوت في الوتر في جميع السنة، وهذا هو المشهور عند الحنابلة (7) وعليه المذهب.
والأظهر -والله أعلم- أن قنوت الوتر، سنة لكن لا يداوم عليه؛ لأنه لم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقنت في الوتر، فالصحابة الذين رووا الوتر لم يذكروا القنوت فيه، فلو كان صلى الله عليه وسلم يفعله دائمًا لنقلوه إلينا جميعًا، وكون أحد الصحابة روى ذلك عنه دل على أنه كان يفعله أحيانًا، أي: لا يداوم عليه.
(1) البحر الرائق (2/ 43 - 45)، بداع الصنائع (1/ 273)، مجمع الأنهر (1/ 128).
(2)
المرجع السابق.
(3)
القوانين الفقهية (ص: 66)، منح الجليل (1/ 157).
(4)
المرجع السابق.
(5)
روضة الطالبين (1/ 330).
(6)
المرجع السابق.
(7)
شرح منتهى الإرادات (1/ 226)، كشاف القناع (1/ 489).