الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إذا سمع المرء بعض الأذان هل يقضي ما فاته من السماع ويجيبه فيما بقي أم يجيبه فيما بقي فقط
؟
الجواب: للفقهاء فيها قولان:
القول الأول: أنه يستحب أن يجيبه في جميع الأذان ما سمعه منه وما لم يسمع. وهذا قول الشافعية (1) وقول أكثر الحنابلة (2). واستدلوا لذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: "فقولوا بمثل ما يقول"(3) ولم يقل بمثل ما سمعتم.
القول الثاني: أنه يستحب له أن يجيبه فيما سمع فقط. وهو رأي لبعض المالكية (4) وقول لبعض الحنابلة (5) وبه قال سماحة الشيخ محمَّد بن إبراهيم (6) رحمه الله.
واحتجوا لذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا سمعتم" فالإجابة للمؤذن متعلقة بالسماع؛ لأنه قال: "فقولوا مثل ما يقول" ولم يقل مثل ما قال وهذا هو القول الصحيح؛ لأن الأذان عبادة، فما فات من ألفاظه فات محل إجابة السامع فيها. وهذا هو الأقرب والله أعلم.
حكم توحيد الأذان:
من الأمور الفقهية المستجدة في العصر الحديث ما تراه في بعض البلدان من
(1) مغني المحتاج (1/ 140).
(2)
حاشية على منتهى الإرادات، لعثمان النجدي (1/ 146).
(3)
أخرجه البخاريُّ في كتاب الأذان، باب ما يقول إذا سمع المنادي، برقم (586)، ومسلمٌ في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لمن سمعه، برقم (383).
(4)
الشرح الكبير، للعدوي (1/ 319).
(5)
حاشية على منتهى الإرادات، لعثمان النجدي (1/ 146).
(6)
مجموع فتاوى سماحة الشيخ محمَّد بن إبراهيم رحمه الله (2/ 134).
توحيد الأذان في جميع البلد، بمعنى أنه يؤذن مؤذن واحد لجميع المساجد الموجودة وذلك من خلال استخدام التقنية الحديثة، فهل يشرع هذا العمل؟
ولما كان الأذان له أدلته الشرعية المناطة به كما ذكرنا ذلك من خلال فقه الأذان ولا مانع من استخدام الوسائل الحديثة في الإعلام به وأنه يتعين على الأمة الأخذ بها لأن فيها نفعًا عظيمًا للأمة -لكن هذا مع مراعاة النصوص الشرعية التي وردت بذلك-.
فلا ينبغي مثلًا استخدام الشريط المسجل للإعلام بالأذان ووضعه من خلال مكبرات الصوت، لما يأتي:
1 -
أنه لا بد أن يكون لكل جماعة مؤذن خاص بها يؤذن ويقيم كما قال صلى الله عليه وسلم لعثمان بن أبي العاص: "أنت إمامهم، واقتد بأضعفهم، واتخذ مؤذنًا لا يأخذ على آذانه أجرًا"(1) وقوله صلى الله عليه وسلم: "ما من ثلاثة في قرية لا يؤذن ولا تقام فيهم الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان، فعليك بالجماعة؛ فإن الذئب يأكل القاصية"(2).
وجه الدلالة في قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يؤذن ولا تقام فيهم الصلاة" فقوله: "فيهم" أي في مكان وجودهم التي ستقام فيه الصلاة، ومع توحيد الأذان لم يكن المؤذن فيهم بل بعيدًا عنهم بعشرات بل بمئات الكيلو مترات.
وقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم"(1).
(1) أخرجه أحمد في مسنده (4/ 21) رقم (16314)، أبو داود في كتاب الصلاة، باب أخذ الأجر على التأذين برقم (531)، والترمذيُّ في أبواب الصلاة، باب ما جاء في كراهية أن يأخذ المؤذن على أذانه أجرًا، برقم (209) وقال الترمذيُّ: حسنٌ صحيحٌ ..
(2)
أخرجه أحمد في مسنده برقم (21758) وحسنه الألباني في الثمر المستطاب (1/ 117).
أكبركم" (1). فقوله صلى الله عليه وسلم "فليؤذن لكم" دليل على أن المؤذن لا بد أن يكون من الجماعة الحاضرة، ومع توحيد الأذان يكون المؤذن من غير الجماعة الحاضرة.
2 -
أن توحيد الأذان فيه تهوين وتقليل من شأن هذه الشعيرة العظيمة التي جعلها النبي صلى الله عليه وسلم دليلًا على إسلام البلد وإسلام أهلها.
3 -
أن في توحيد الأذان حجرًا على العمل الصالح وجعله على فرد معين، وبالتالي لا يؤذن بهذه الطريقة آلاف البشر الذين يريدون حصول الأجر بالأذان.
4 -
أن توحيد الأذان قد يحصل معه عطل فني في بعض الأجهزة المستخدمة في نقله وبالتالي ستتعطل هذه الشعيرة في بعض المساجد بل في بعض البلدان.
ومن هنا نرى أنه لا يشرع العمل بتوحيد الأذان لما ذكرناه من هذه الأدلة.
(1) أخرجه البخاريُّ في كتاب الأذان، باب من قال: ليؤذن في السفر مؤذن واحد، برقم (602)، ومسلمٌ في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (674).