الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال الحنابلة: إن المريض مخير بين التقديم والتأخير كالمسافر. وهذا هو الأصوب؛ لأنه في الحقيقة هو الأرفق بالمريض.
القول الثاني: أنه لا يجوز الجمع بسبب المرض، وهو قول الشافعية (1)؛ لأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم مع أنه مرض أمراضًا كثيرة ولم ينقل عنه أنه جمع بسبب المرض.
والصحيح أنه يجوز الجمع بسبب المرض؛ وذلك أن المشقة الحاصلة بسببه أشد من الحاصلة بسبب السفر، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يرفع الحرج عن أمته بسبب الجمع حين سُئِلَ ابن عباس عن جمعه صلى الله عليه وسلم من غير خوف ولا مطر قال: أراد أن لا يحرج أمته (2).
ثالثًا: الجمع بسبب المطر والثلج والبرد ونحو ذلك:
ذهب جمهور الفقهاء إلى جواز الجمع بسبب المطر المبلل للثياب والثلج والبرد، واحتجوا لذلك بما جاء في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:"صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة الظهر والعصر جميعًا والمغرب والعشاء جميعًا" وزاد مسلم: "في غير خوف ولا سفر"(3).
وهذا هو الراجح.
لكن أي الصلاتين تجمع، الظهر والعصر أم المغرب والعشاء؟
(1) المجموع شرح المهذب، للإمام النووي (4/ 383).
(2)
أخرجه مسلمٌ في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الجمع بين الصلاتين في الحضر، برقم (705).
(3)
أخرجه مسلمٌ في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الجمع بين الصلاتين في الحضر، برقم (705).
اختلف الفقهاء في ذلك:
1 -
فالمالكية (1) والحنابلة (2) على أنه لا يجوز الجمع بين الظهر والعصر بسبب المطر ونحوه، وإنما يجمع بين المغرب والعشاء، وذلك لأن المشقة في المغرب أشد؛ لأجل الظلمة.
2 -
أما الشافعية (3) فيرون أنه يجوز الجمع بين الظهر والعصر كذلك بسبب المطر، لحديث ابن عباس المتقدم أنه جمع بين الظهر والعصر، ولأن العلة هي وجود المطر سواء كان ذلك في الليل أو النهار، وهذا هو الراجح.
أما الجمع بسبب الريح الشديدة والظلمة فقد اختلف فيه الفقهاء:
1 -
فالمالكية (4) والشافعية (5) على المنع. وهو وجه عند الحنابلة (6).
2 -
ويرى الحنابلة جواز الجمع من أجل الريح الشديدة في الليلة الباردة؛ لأن ذلك عذر في ترك الجمعة والجماعة.
والذي يظهر جواز الجمع مع الريح الشديدة الباردة؛ لحصول المشقة بها، لكن بقيدين:
الأول: كون الريح شديدة؛ وهي ما خرج عن العادة، أما المعتادة فلا يباح لها الجمع.
الثاني: كونها باردة، والمراد بها ما تشق على الناس.
(1) جواهر الإكليل (1/ 92).
(2)
المغني (3/ 132 - 133).
(3)
مغني المحتاج (1/ 274).
(4)
حاشية الدسوقي (1/ 370).
(5)
المجموع (4/ 383)، مغني المحتاج (1/ 275).
(6)
المغني (3/ 134).