الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الركن الذي يليه، فهنا يسقط عنه الإتيان به ولا يرجع إليه، بل يستمر في صلاته ويسجد للسهو.
ثالثًا: الشك:
لا يخلو الشك في الصلاة من حالتين:
الحالة الأولى: أن يترجح عنده أحد الأمرين، فيعمل بما ترجح عنده، فيتم صلاته ويسلم ثم يسجد للسهو ويسلم.
فلو شك في الركعة هل هي الثانية أو الثالثة لكن ترجح عنده أنها الثالثة، فإنه يجعلها الثالثة ثم يسجد للسهو.
الحالة الثانية: أن لا يترجح عنده أحد الأمرين، فيعمل باليقين، وهو الأقل، ثم يتم صلاته ويسجد للسهو قبل أن يسلم ثم يسلم.
أحكام متعلقة بالشك في الصلاة:
1 -
من شك في صلاته فعمل باليقين أو بما ترجح عنده ثم تبين له أنه لا زيادة ولا نقص، هل يلزمه سجود السهو؟ على قولين:
قيل: إنه يسقط عنه سجود السهو، لزوال موجب السجود وهو الشك. وقيل بأنه لا يسقط عنه؛ ليراغم به الشيطان، ولأنه أدى جزءًا من صلاته شاكًا فيه حين أداه. وهذا هو الراجح.
2 -
إذا جاء المأموم فوجد إمامه راكعًا فركع معه غير أنه شك هل أدرك معه الركوع أم لا، فما المشروع في حقه؟
الجواب: هذه الحال لا تخلو من أمرين:
الأمر الأول: أن يشك هل أدرك الإِمام في ركوعه أم لا ثم يترجح عنده أحد الأمرين -أي: أنه أدرك الركوع مع الإِمام أو أنه لم يدرك الركوع مع الإِمام- فهنا يعمل بما ترجح عنده فيتم صلاته ثم يسلم ثم يسجد للسهو ويسلم.
الأمر الثاني: أن يشك هل أدرك الركوع أم لا ولا يترجح عنده، فهنا يعمل باليقين فيبني على الأقل، وهو أن الركعة فاتته، فيتم صلاته ثم يسجد للسهو قبل أن يسلم ثم يسلم.
3 -
إذا سها الإِمام وجب على المأموم متابعة إمامه في سجود السهو؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "إنما جعل الإِمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه" إلى قوله صلى الله عليه وسلم: "وإذا سجد فاسجدوا"(1).
فيسجد المأموم مع إمامه، سواء كان سجوده للسهو قبل السلام أو بعده، إلا أن يكون المأموم مسبوقًا، أي قد فاته شيء من صلاته -فهنا لا يتابعه في السجود بعده؛ لتعذر ذلك؛ لأنه لا يمكن أن يسلم مع إمامه، لكن الواجب عليه أن يقضي ما فاته من صلاته ويسلم ثم يسجد للسهو بعد السلام.
4 -
إذا سها المأموم دون الإِمام هل يلزمه سجود السهو؟
في هذه المسألة لا يخلو المأموم من حالتين:
الحالة الأولى: أن يسهو المأموم ولم يفته شيء من الصلاة؛ بمعنى أنه يدرك الصلاة من أولها مع الإِمام ثم يطرأ عليه نِسْيَانٌ، فيسجد حال ركوع الإِمام مثلًا أو يقوم حال جلوس الإِمام، فهنا لا سجود عليه؛ لأن سجوده يؤدي إلى الاختلاف عن الإِمام واختلال متابعته، ولأن الإِمام يتحمل السهو عن المأموم في هذه الحالة.
(1) أخرجه البخاريُّ في كتاب الجماعة والأمامة، باب إقامة الصف من تمام الصلاة، رقم (689)، ومسلمٌ في كتاب الصلاة، باب ائتمام المأموم بالإمام، رقم (414) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
الحالة الثانية: أن يكون المأموم مسبوقًا بركعة أو أكثر ثم سها مع إمامه أو فيما قضاه بعده، فهنا لا يسقط عنه سجود السهو، بل يلزمه الإتيان به.
5 -
محل سجود السهو في الصلاة:
اختلف الفقهاء في موضع سجود السهو في الصلاة:
أ- فالحنفية (1) يرون أن سجود السهو يكون بعد السلام مطلقًا، سواء في الزيادة أو النقصان.
ب- أما المالكية (2) فإنهم يفرقون بين الزيادة والنقصان، فإن كان السهو عن نقصان فالسجود يكون قبل السلام، وإن كان عن زيادة فيكون بعد السلام، وإن جمع بين زيادة ونقص فيسجد قبل السلام؛ ترجيحًا لجانب النقص.
ج- أما الشافعية (3) فالأظهر عندهم أنه يكون قبل السلام، وفي قول آخر: إن شاء قبل السلام وإن شاء بعده.
د- أما الحنابلة (4) فيرون أن سجود السهو كله قبل السلام، إلا في الموضعين اللذين ورد النص بسجودهما بعد السلام، وهما إذا سلم من نقص ركعة فأكثر، وإذا تحرى الإِمام فبنى على غالب ظنه، فهنا يكون محل سجود السهو بعد السلام. وهذا هو الراجح؛ لما فيه من جمع بين الأدلة، والجمع أولى من الترجيح.
6 -
حكم من سها عن سجود السهو:
إذا سها المصلي عن سجود السهو فقد اختلف الفقهاء في هذه المسألة على أقوال:
(1) رد المحتار على الدر المختار (1/ 492 - 495).
(2)
الشرح الصغير (1/ 378 - 379).
(3)
المجموع، للنووي (4/ 69).
(4)
المغني، لابن قدامة (2/ 22 - 23)، مغني المحتاج (1/ 209).
أ- فالحنفية (1) يرون أنه يلزمه سجود السهو ما دام في المسجد.
ب- والمالكية (2) يفرقون بين سجود السهو الذي قبل السلام والذي بعده؛ فإن سها عن سجود السهو البعدي يقضيه متى ذكره، ولو بعد سنين، فلا يسقط بطول الزمان. أما السجود القبلي فإنهم قيدوه بعدم خروجهم من المسجد رقم يطل الزمان وهو في مكانه أو قربه.
ج- أما الشافعية (3) فيرون أنه إن طال الفصل فإنه يسقط.
د- أما الحنابلة (4) فيرون أنه إن نسي سجود السهو قضاه، وذلك بشرطين: الأول: أن يكون في المسجد، الثاني: أن لا يطول الفصل. وهذا هو الأقرب.
7 -
حكم استجابة الإِمام للمأمومين ومتابعتهم.
ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الإِمام إذا زاد في صلاته وتيقن المأموم أنه قام لركعة زائدة، فإن الواجب على المأموم أن ينبه الإِمام، وذلك بالتسبيح، أي قول سبحان الله، للرجال، أما النساء فالمشروع في حقهن التصفيق.
لكن إذا كان الإِمام على يقين أو غلب على ظنه أنه مصيب والمأموم يرى أنه مخطئ، فهنا لا يستجيب لهم، ولا يجوزُ للمأمومين إذا كانوا كثرة ويرون أن الإِمام قد زاد في الصلاة، متابعةُ الإِمام على الزيادة.
(1) رد المحتار على الدر المختار (1/ 505).
(2)
الشرح الصغير (1/ 387 - 389).
(3)
المجموع (4/ 156).
(4)
المغني (2/ 432).