الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صفة الوضوء:
صفة الوضوء على ما ذكرناه تكون كالآتي:
أن ينوي بقلبه الوضوء، ثم يسمي قائلًا:"بسم الله"، ويغسل كفيه ثلاثًا استحبابًا -لغير القائم من نوم الليل-، ثم يتمضمض ويستنشق بغرفة واحدة بيده اليمنى ثلاثًا ويستنثر ثلاثًا بيده اليسرى، ثم يغسل وجهه ثلاثًا، ثم يغسل يده اليمنى من أطراف أصابعه مع مرفقه ثلاث مرات ويخلل أصابعه، ثم اليسرى كذلك، ثم يمسح رأسه مرة واحدة يقبل بيديه ويدبر ويمسح أذنيه، ثم يغسل رجله اليمنى ثلاثًا مع الكعبين مخللًا أصابع رجليه ثم اليسرى مثل ذلك.
فإذا انتهى من ذلك قال: "أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله"(1) ويزيد كما في رواية الترمذيُّ: "اللَّهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين"(2).
أحكام تتعلق بالنية:
أولًا: تعريف النية: النية: هي القصد، أي: العزم على فعل العبادة.
ثانيًا: محل النية: النية محلها القلب، فلا يعلم نيات العباد إلا الله تعالى، لكن هل ينطق بها؟ في المسألة أقوال:
القول الأول: أنه يسن النطق بها سرًا، وهذا هو المشهور عند الحنابلة (3).
(1) أخرجه مسلمٌ في كتاب الطهارة، باب ذكر المستحب عقب الوضوء، برقم (234).
(2)
أخرجه الترمذيُّ في أبواب الطهارة، باب ما بعد الوضوء، برقم (55)، وصححه الألباني في صحيح الترمذيُّ (1/ 18) برقم (48).
(3)
الإنصاف (1/ 307)، منتهى الإرادات (1/ 49).
القول الثاني: أنه يسن النطق جهرًا، وهذا هو قول الشافعية (1).
القول الثالث: أنه لا ينطق بها وأن التعبد لله بالنطق بها بدعة ينهى عنه، ويدل لذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يكونوا ينطقون بالنية إطلاقًا، وهذا مذهب مالك (2) وإحدى الروايتين عند الحنابلة (3)، واختارها شيخ الإسلام ابن تيمية (4)، والشيخ العثيمين (5).
ثالثًا: حكم النية في الوضوء: النية شرط في العبادات كلها، فهي شرط لصحة العمل وقبوله وإجزائه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:"إنما الأعمال بالنيات"(6).
واشتراط النية في الوضوء هو مذهب الحنابلة (7)، وذهب الشافعية (8) والمالكية (9) إلى أنها ركن في الوضوء، أما الحنفية فقالوا بأنها سنة في طهارة الماء، وإنما تشترط في التيمم.
والراجح: هو اشتراطها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات"، فقد نفى أن يكون له عمل شرعي بدون نية.
(1) المجموع (1/ 358).
(2)
الشرح الكبير (1/ 234).
(3)
الإنصاف (1/ 307)، الإقناع (1/ 38).
(4)
الفتاوى (22/ 233).
(5)
الممتع (1/ 224).
(6)
أخرجه البخاريُّ في باب بدء الوحي برقم (1)، ومسلمٌ في كتاب الإمارة، باب قوله صلى الله عليه وسلم:"إنما الأعمال بالنية"، وأنه يدخل فيه الغزو وغيره من الأعمال برقم (1907) من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
(7)
حاشية الروض المربع (1/ 189)، الإنصاف (1/ 307).
(8)
المجموع (1/ 309).
(9)
الشرح الصغير (1/ 177)، حاشية الدسوقي (1/ 78).
رابعًا: متى يعقد المتوضئ النية؟
انعقاد النية له حالتان:
الأولى: أن يعقد نيته عند أول مسنونات الوضوء إن وجد قبل واجب، مثل أن ينوي عند التسمية قبل غسل الكفين ثلاثًا عند من قال بسنية التسمية.
الثانية: أن يعقد نيته عند أول واجبات الطهارة، فهنا يجب أن ينوي قبل التسمية عند من قال بوجوبها، فهنا يجب عليه الإتيان بها.
خامسًا: هل يجب استصحاب النية حتى يفرغ المتوضئ من وضوئه؟
النية في هذه المسألة لها أربع حالات:
الأولى: أن يستصحب ذكرها من أول الوضوء إلى آخره، وهذا أكمل الأحوال.
الثانية: أن تغيب عن خاطره ولم ينو القطع، وهذا يسمى استصحاب حكمها.
الثالثة: أن ينوي قطعا أثناء الوضوء لكن استمر، فهنا لا يصح وضوؤه؛ لعدم استصحاب الحكم لقطعه النية في أثناء العبادة.
الرابعة: أن ينوي قطع الوضوء بعد الفراغ منه، فهذا لا ينتقض وضوؤه، والقاعدة في ذلك: أن قطع نية العبادة بعد الفراغ منها لا أثر له.
ساسًا: في ذكر بعض صور النية:
الصورة الأولى: أن ينوي رفع الحدث، مثل أن يتوضأ بنية رفع الحدث الذي حصل له، فهنا متى توضأ بهذه النية صح وضوؤه.
الصورة الثانية: أن ينوي الطهارة لما تجب له، مثل أن ينوي الطهارة لشيء لا يباح إلا بالطهارة كالصلاة والطواف ومس المصحف، فإن نوى الطهارة للصلاة ارتفع حدثه، وإن لم ينو رفع الحدث؛ لأن الصلاة لا تصح إلا بعد رفع الحدث.
الصورة الثالثة: أن ينوي الطهارة لما تسن له، فإذا نوى ما تسن له الطهارة ارتفع حدثه.
الصورة الرابعة: أن ينوي بالطهارة تجديدًا للوضوء، فهنا الصحيح أنه يرتفع حدثه، ولا يشترط كون التجديد مسنونًا.
الصورة الخامسة: إذا كان ناسيًا الحدث ثم تطهير بنية التجديد فهذه محل خلاف، والصحيح أنه يرتفع حدثه.
الصورة السادسة: من كان عليه أحداث ثم تطهر عن أحدهما أجزأه عن الآخر، مثل أن تكون المرأة عليها غسل حيض وجنابة فاغتسلت بنية رفع حدث الحيض أجزأها هذا الغسل وارتفع حدث الجنابة بذلك.
الصورة السابعة: أن يغتسل غسلًا مسنونًا عن غسل واجب، ففي هذه المسألة تفصيل: إن كان ناسيًا أجزأه عن الواجب، أما إن كان متذكرًا أن عليه غسلًا واجبًا ثم اغتسل للمسنون كإحرام أو أي غسل مسنون آخر، فالمذهب يرى عدم الإجزاء، ويرى بعضهم الإجزاء، قال الشيخ ابن العثيمين: القول بالإجزاء في النفس منه شيء، أما إن كان ناسيًا فهو معذور (1).
(1) الممتع (1/ 201).