الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكم من دفن بلا غسل:
إذا دفن الميت من دون تغسيل فلا يخلو من إحدى حالتين:
الأولى: أن يدفن ولم يُهَلْ عليه التراب، فلا خلاف بين الفقهاء في أنه يخرج ويغسل.
الثانية: أن يدفن حتى يفرغ من دفنه، وقد اختلف فيه الفقهاء:
1 -
فالحنفية (1) وهو قول عند الشافعية (2) أنه لا ينبش لأجل تغسيله؛ لأن في ذلك مُثْلَةً له، وقد نُهِينا عن المثلة.
2 -
ويرى المالكية (3) والحنابلة (4) وهو القول الصحيح عند الشافعية (5) أنه ينبش ويغسل ما لم يتغير ويُخَفْ عليه أن ينفسخ. وهذا هو الصحيح.
كيفية تغسيل الميت:
* إذا شرع في تغسيل الميت فإنه يستر ما بين سرته وركبتيه، وذلك وجوبًا.
* ثم يجرده من ثيابه، وقد اختلف الفقهاء في تجريد الميت من ثيابه:
1 -
فالحنفية (6) والمالكية (7) وهو قول عند الشافعية (8) ورواية عن الإِمام
(1) حاشية ابن عابدين (1/ 582).
(2)
روضة الطالبين (2/ 140).
(3)
مواهب الجليل (2/ 233، 234).
(4)
المغني (3/ 500).
(5)
روضة الطالبين (2/ 140).
(6)
حاشية ابن عابدين (1/ 574).
(7)
الشرح الصغير (1/ 548).
(8)
المجموع (5/ 127).
أحمد (1) أنه يجرد من ثيابه؛ لأن المقصود من الغسل هو التطهير، وحصوله بالتجريد أبلغ، ولأنه لو غُسّل في ثوبه تنجس الثوب بما يخرج وقد لا يطهر.
2 -
وذهب الشافعية (2) وهو الصحيح عندهم وهو رواية عن الإِمام أحمد (3)، إلى أنه يغسل في قميصه، قال الإِمام أحمد:"يعجبني أن يغسل الميت وعليه ثوب رقيق ينزل الماء فيه"(4) وذهب القاضي (5) إلى أن هذا هو السنة، أي: يغسل الميت في قميصه، واحتج لذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم غسل في قميصه.
والصحيح: ما ذهب إليه الأولون، بدليل قول الصحابة رضي الله عنهم حين أرادوا تغسيل النبي صلى الله عليه وسلم قالوا:"هل نجرد رسول الله صلى الله عليه وسلم من ثيابه كما نجرد موتانا"(6)، فهذا دليل على أنهم كانوا يجردون موتاهم، وكذلك دليل النظر؛ من أن تجريده
أبلغ في التطهير، والمقام يقتضي التطهير.
* فإذا انتهى من تجريده فينبغي أن يرفع رأس الميت برفق إلى قرب جلوسه، ثم يعصر بطنه بيده؛ ليخرج ما كان متهيئًا للخروج، لكن إذا كان الميت امرأة حاملًا، فلا يعصر بطنها؛ لئلا يسقط الجنين. يصب الماء مع عصره برفق؛ حتى يزيل الخارج.
* يأخذ الغاسل خرقة يلفها على يده أو يلبس قفازًا ثم يُنَجِّيهِ؛ ليطهر السبيلين.
(1) المغني (3/ 368).
(2)
المجموع (5/ 127).
(3)
المغني (3/ 368).
(4)
المرجع السابق.
(5)
المرجع السابق
(6)
أخرجه أبو داود في كتاب الجنائز، باب في ستر الميت عند غسله، رقم (3141)، وأحمدُ في المسند (6/ 267) رقم (26349) من حديث عائشة رضي الله عنها.
* ينوي الغاسل بعد ذلك وضوء الميت، ثم يشرع في الوضوء ولا يدخل الماء في فيه ولا أنفه، وإن كان فيه أذى أزاله بخرقة يبلها ويجعلها على أصبعه فيمسح أسنانه وأنفه حتى ينظفهما. وهذا هو الصحيح، أي: لا يمضمضه، كما ذهب لذلك المالكية (1) والشافعية (2)، فإنه لا يغني ما ذكرناه عن المضمضة والاستنشاق عندهم.
* بعد فراغه من الوضوء يقوم بتغسيل الميت، فيغسل رأسه وَلِحْيَتَهُ برغوة سِدْرٍ ونحوه من أَشْنَانٍ أو صابون، ثم يصب الماء على سائر جسده فيبدأ بشِقِّه الأيمن من الأمام من صفحة العنق اليمنى ثم يده اليمنى من المنكب إلى الكف، ثم شِقِّ صدره وجنبه الأيمن وفخذيه وساقه وقدمه، ثم يقلبه على جنبه الأيسر، ويفعل مثل ما فعل في الأيمن.
* ثم يفيض الماء على جميع بدنه.
* الواجب في غسل الميت أن يغسله مرة واحدة. والمستحب ثلاثًا كل غسلة بالماء والسِّدر أو ما يقوم مقامه، لكن يجعل في الآخرة كافورًا أو غيره من الطيب إن أمكن هذا لغير المحرم.
* إن رأى الغاسل الزيادة على الثلاث لكون الميت لم يُنَقَّ أو غير ذلك، غسله خمسًا أو سبعًا، ويستحب أن لا يقطع ذلك إلا على وتر، لكن هل يزيد على السبع؟ قال الإِمام أحمد: لا يزيد على السبع (3).
والصحيح أنه إن احتاج إلى الزيادة عن السبع جاز له الزيادة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم
(1) الشرح الصغير (1/ 548).
(2)
المجموع (5/ 122).
(3)
المغني (3/ 379).
لغاسل ابنته: "سبعًا أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك"(1).
* إذا خرج من الميت شيء بعد الفراغ من تغسيله وهو على مُغْتَسَلِه، فقد اختلف في ذلك الفقهاء:
1 -
فالحنفية (2) والمالكية (3) وهو الأصح عند الشافعية (4) ذهبوا إلى أنه يعاد غسله وإنما يغسل ذلك الموضع.
2 -
وذهب الحنابلة (5) وهو قول عند الشافعية (6) إلى أنه يغسل إلى خمس أو سبع.
والصحيح أن يقال: إذا خرج قبل السبع وجب غسل المحل وإعادة الغسل ويجعله تسعًا، وإن خرج بعد السبع وجب غسل المحل والوضوء، وإن خرج بعد التكفين لم يجب غسل المحل ولا إعادة الوضوء.
* دليل ما ذكرناه من صفة تغسيل الميت ما رواه البخاري ومسلمٌ من حديث أم عطية رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لغاسلات ابنته زينب: " [ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها](7) [واغسلنها وترًا ثلاثًا أو خمسًا أو سبعًا أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك بماء وسدر واجعلن في الآخرة كافورًا أو شيئًا من كافور، فإذا
(1) أخرجه البخاريُّ في كتاب الجنائز، باب ما يجعل الكافور في آخره، رقم (1200)، ومسلمٌ في كتاب الجنائز، باب في غسل الميت، رقم (939)، من حديث أم عطية رضي الله عنها.
(2)
حاشية ابن عابدين (1/ 575).
(3)
الشرح الصغير (1/ 547).
(4)
روضة الطالبين (2/ 102).
(5)
المغني (3/ 379).
(6)
روضة الطالبين (2/ 102).
(7)
أخرجه البخاريُّ في كتاب الجنائز، باب يبدأ بميامن الميت، رقم (1197)، ومسلمٌ في كتاب الجنائز، باب في غسل الميت، رقم (939).
فرغتن فآذِنَّني] " (1).
* إذا كان الميت امرأة فإنه ينقض ضفائرها حين الغسل؛ لتغسل جيدًا، ثم نجعل ثلاث ضفائر وتلقى خلفها.
* إذا كان بعض أعضاء الجسد مفصولة بسبب حادث أو نحوه، غسلت ووضعت في مكانها من الجسد.
* إذا انتهى الغاسل من التغسيل فإنه يجفف البدن بثوب نظيف بعد الفراغ من الغسل؛ لئلا تبتل أكفانه.
(1) أخرجه الترمذيُّ في أبواب الجنائز، باب ما جاء في غسل الميت، رقم (990) وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذيُّ (1/ 290) رقم (789).