الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجهر في الصلاة الجهرية والإسرار في الصلاة السرية:
يسن للمصلي أن يجهر بالقراءة في الصلاة الجهرية؛ وهي الفجر والمغرب والعشاء، والإسرار في الصلاة السرية؛ وهي الظهر والعصر؛ لورود ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم. عن جبير بن مُطْعِمٍ قال:"سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور"(1)، وعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال:"سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ} في العشاء، ما سمعت أحدًا أحسن صوتًا أو قراءة منه"(2).
أما الإسرار: فعن أبي معمر قال: "سألنا خبابًا: أكان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر والعصر؟ قال: نعم، قلنا: بأي شيء كنتم تعرفون؟ قال: باضطراب لحيته"(3).
وضع اليدين مفرجتي الأصابع على الركبتين في الركوع:
دليل ذلك حديث عقبة بن عمرو قال: "ألا أصلي لكم كما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي؟ فقلنا: بلى، فقام، فلما ركع وضع راحتيه على ركبتيه وجعل أصابعه من وراء ركبتيه
…
ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، وهكذا كان يصلي بنا" (4).
البداية بوضع الركبتين قبل اليدين في السجود:
وقد اختلف الفقهاء في هذه الكيفية على قولين:
(1) أخرجه البخاريُّ في كتاب صفة الصلاة، باب الجهر في المغرب، برقم (731)، ومسلمٌ في كتاب الصلاة، باب القراءة في الصبح، برقم (463).
(2)
أخرجه البخاريُّ في كتاب صفة الصلاة، باب القراءة في العشاء، برقم (735)، ومسلمٌ في كتاب الصلاة، باب القراءة في العشاء، برقم (464).
(3)
أخرجه البخاريُّ في كتاب صفة الصلاة، باب القراءة في الظهر، برقم (726).
(4)
أخرجه النسائي في كتاب التطبيق، باب مواضع أصابع اليدين في الركوع، برقم (1037). وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي (1/ 223) برقم (992).
القول الأول: أن السنة هي وضع الركبتين قبل اليدين حين الهوي إلى السجود. وهذا هو قول جمهور الفقهاء من الحنفية (1) والشافعية (2) والحنابلة (3)، وهو قول الشيخين ابن باز وابن العثيمين (4).
استدلوا لذلك بما روي عن وائل بن حجر رضي الله عنه قال: "رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه، وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه"(5) وكان عمر رضي الله عنه وابن مسعود يفعلان ذلك (6).
القول الثاني: وهو قول المالكية (7) وإحدى الروايتين عن أحمد (8) وهو قول أصحاب الحديث (9)، وبه قال أحمد شاكر (10) والألباني (11) وغيرهم، أن المصلي الأفضل في حقه تقديم اليدين على الركبتين عند السجود، واحتجوا لذلك بأدلة منها:
1 -
حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم -قال: "إذا سجد أحدكم فلا يَبْرُكْ
(1) حاشية ابن عابدين (1/ 325).
(2)
مغني المحتاج (1/ 170).
(3)
كشاف القناع (1/ 350).
(4)
مجموع فتاوى سماحة الشيخ (11/ 159)، مجموع فتاوى ورسائل الشيخ (13/ 217).
(5)
أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه؟ برقم (838)، والترمذيُّ في أبواب الصلاة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في وضع الركبتين قبل اليدين في السجود، برقم (268).
(6)
انظر: شرح معاني الآثار، للطحاوي (1/ 256).
(7)
حاشية الدسوقي (1/ 250).
(8)
المحرر (1/ 63)، المبدع (1/ 452).
(9)
عون المعبود (1/ 311)
(10)
تحقيق سنن الترمذيّ، لأحمد شاكر (2/ 59).
(11)
صفة صلاة النبي، للألباني (ص: 122).
كما يَبْرُكُ البعير وليضع يديه قبل ركبتيه" (1).
2 -
بوّب البخاري لذلك بابًا قال فيه: "باب يَهْوِي بالتكبير حين سجد، وقال نافع: كان ابن عمر رضي الله عنهما يضع يديه قبل ركبتيه"(2).
وفي رواية: قال نافع: "كان ابن عمر يضع يديه قبل ركبتيه ويقول: كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك"(3).
قالوا: فهذا ابن عمر رضي الله عنهما وهو أشد الصحابة متابعة للنبي صلى الله عليه وسلم يصف هُوِيَّ النبي بالسجود أنه يقدم يديه على ركبتيه، فيكون بروك البعير خلافه.
قال الأوزاعي: "أدركت الناس يضعون أيديهم قبل ركبهم"(4)، وقالوا أيضًا: إن ركبة البعير في يده، كما جاء ذلك عند أعلام أهل اللغة كعلقمة والأسود وذكر ذلك الأزهري (5).
قال الإِمام الطحاوي: "إن البعير ركبتاه في يديه وكذلك سائر البهائم وبنو آدم ليسوا كذلك"(6).
فإذا كانت ركبة البعير في يده والبعير حين يخر إنما يخر على ركبتيه اللتين في يده ويرمي بنفسه على الأرض فيحدث سقوطه صوتًا، فأمر الرسول بمخالفة
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه؟ برقم (840)، والنسائيُّ في كتاب التطبيق، باب أول ما يصل إلى الأرض من الإنسان في سجوده، برقم (1091) وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (1/ 158).
(2)
كتاب صفة الصلاة، والأثر علقه البخاري بصيغة الجزم تحت حديث رقم (770).
(3)
وأخرجه ابن خزيمة في كتاب الصلاة، باب البدء بوضع الركبتين على الأرض قبل اليدين إذا سجد المصلي، برقم (626) وصححه الألباني في صحيح ابن خزيمة.
(4)
صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم (ص: 122).
(5)
تهذيب اللغة (10/ 216).
(6)
شرح معاني الآثار، للطحاوي (1/ 254).