الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خامسًا: وقت صلاة العشاء
.
اتفق الفقهاء (1) على أن وقت صلاة العشاء حين يغيب الشفق، لكنهم اختلفوا في معنى الشفق؛ فالجمهور على أن الشفق هو الحمرة، وذهب أبو حنيفة (2) إلى أن الشفق هو البياض الذي يظهر في جو السماء بعد ذهاب الحمرة التي تعقب غروب الشمس، والفرق بين الشفقين ما يعادل اثنتي عشرة دقيقة.
أما نهاية وقت العشاء فهو محل خلاف بين الفقهاء:
1 -
فالحنفية والشافعية وغير المشهور عند المالكية أن آخر وقت العشاء حين يطلع الفجر الصادق (3).
واحتجوا لذلك بما رواه الترمذيُّ وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أول وقت العشاء حين يغيب الشفق، وآخره حين يطلع الفجر"(4).
2 -
يرى المالكية في المشهور عندهم أن آخر وقت العشاء إلى ثلث الليل؛ لحديث إمامة جبريل المتقدم وفيه: "أنه صلاها -يعني: العشاء- في اليوم الثاني في ثلث الليل"(5).
(1) انظر في ذلك: بداية المجتهد (1/ 51 - 52)، جواهر الإكليل (1/ 33)، ونهاية المحتاج (1/ 353 - 354).
(2)
بدائع الصنائع (1/ 94 - 95).
(3)
المراجع السابقة.
(4)
أخرجه الترمذيُّ في أبواب الصلاة، باب ما جاء في مواقيت الصلاة عن النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (285)، والحديث ليس فيه:"وآخره حين يطلع الشمس" وهذه الزيادة غير موجودة عند الترمذيّ وغيره، ولذلك قال ابن حجر:"لم أجدها -يعني: هذه الزيادة- ومن هنا كان الحديث بهذا اللفظ ضعيفًا لكن الشطر الأول منه صحيح".
(5)
أخرجه الترمذيُّ في أبواب الصلاة، باب مواقيت الصلاة، باب منه. والحديث صححه الألباني في صحيح سنن الترمذيُّ (1/ 71) برقم (151).
3 -
أما الحنابلة فيرون أن آخر وقت العشاء الاختياري إلى نصف الليل، وبعده إلى طلوع الفجر وقت ضرورة، يعني: يكون لمريض شفي من مرضه أو حائضٍ أو نفساء ونحو ذلك.
والصحيح من هذه الأقوال أن آخر وقت العشاء هو نصف الليل، والأدلة على ذلك ظاهرة، منها:
1 -
حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "
…
ووقت العشاء إلى نصف الليل .... " (1).
2 -
حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه، وفيه "أن جبريل عليه السلام جاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: قم فصل" وذكر الحديث بطوله، وفيه: "ثم جاءه العشاء حين ذهب نصف الليل، أو قال: ثلثه، فصلى العشاء" إلى أن قال:"ما بين هذين وقت"(2).
3 -
حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وفيه قوله صلى الله عليه وسلم "إن للصلاة أولًا وآخرًا
…
وأول وقت العشاء الآخرة حين يغيب الشفق وإن آخر وقتها حين ينتصف الليل" (3).
فهذه الأدلة بعمومها تدل على أن آخر وقت العشاء نصف الليل، وهذا ثابت من قوله وفعله صلى الله عليه وسلم. ولهذا كان الراجح هو أن آخر وقت صلاة العشاء هو نصف الليل. وهذا هو اختيار الشيخين (4) رحمهما الله.
(1) أخرجه مسلمٌ في كتاب المساجد، باب أوقات الصلوات الخمس، برقم (612).
(2)
أخرجه النسائي في كتاب المواقيت، باب أول وقت العشاء، برقم (526). وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي (488)، والترمذيُّ في أبواب الصلاة، باب ما جاء في مواقيت الصلاة عن النبي صلى الله عليه وسلم، رقم (149). وصححه الألباني، برقم (127)
(3)
أخرج الترمذيُّ في أبواب الصلاة، باب مواقيت الصلاة باب منه. والحديث صححه الألباني في صحيح سنن الترمذيّ (1/ 71)، برقم (151).
(4)
مجموع فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله (10/ 386)، والشرح الممتع، لشيخنا محمَّد الصالح العثيمين رحمه الله (2/ 115).