الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أوقات الصلاة:
لقد جاءت نصوص الكتاب والسنة بتفصيل أوقات الصلوات المفروضة، وذلك على النحو الآتي:
أولًا: وقت صلاة الصبح:
اتفق الفقهاء على أن أول وقت الصبح هو طلوع الفجر الصادق، ويسمى الفجر الثاني، وسمي صادقًا؛ لأنه بين وجه الصبح وَوَضَحِه، وعلامته بياض ينتشر في الأفق عرضًا.
أما آخر وقتها فهو بطلوع الشمس، فمتى طلعت الشمس فقد انتهى وقت صلاة الصبح، دليل ذلك ما رواه الترمذيُّ في السنن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن للصلاة أولًا وآخرًا، وإن أول وقت صلاة الظهر حين تزول الشمس وآخر وقتها حين يدخل وقت العصر، وإن أول وقت صلاة العصر حين يدخل وقتها وإن آخر وقتها حين تصفر الشمس، وإن أول وقت المغرب حين تغرب الشمس وإن آخر وقتها حين يغيب الأفق، وإن أول وقت العشاء الآخرة حين يغيب الأفق وإن آخر وقتها حين ينتصف الليل، وإن أول وقت الفجر حين يطلع الفجر وإن آخر وقتها حين تطلع الشمس"(1).
أيهما أفضل لصلاة الصبح: الإسفار بها أم التغليس
؟
1 -
ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الأفضل لصلاة الصبح التغليس، واستدلوا لذلك بحديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "كن نساء المؤمنات يشهدن مع رسول الله الفجر متلفعات بمروطهن، ثم ينقلبن إلى بيوتهن حين يقضين الصلاة لا يعرفهن
(1) أخرجه الترمذيُّ في أبواب الصلاة، باب مواقيت الصلاة، باب منه. والحديث صححه الألباني في صحيح سنن الترمذيُّ (1/ 71)، برقم (151).
أحد من الغلس" (1) أي: لا يعرفهن أحد من الظلمة.
2 -
وذهب الحنفية (2) إلى أن الإسفار أفضل، ومعنى الإسفار هو أن يؤخر الصلاة إلى أن ينتشر الضوء، وتمكين كل من يريد الصلاة جماعة أن يسير في الطريق دون أن يلحقه ضرر، كأن تَزِلَّ قدمه أو يقع في حفرة أو غير ذلك من الأضرار، واستدلوا لذلك بحديث:"أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر"(3) وعللوا لذلك أيضًا بأنهم قالوا إن الإسفار فيه تكثير للجماعة، وفي التغليس تقليل لها، فكان الأفضل الإسفار. واستثنوا من ذلك صلاة الفجر بمزدلفة يوم النحر، فإنهم قالوا بأنه يستحب فيها التغليس. وهذا عند جميع الفقهاء (4).
قلنا: والذي يظهر أن الأولى للإمام أن يدخل في الصلاة بالتغليس وينصرف في الإسفار هذا هو الذي تقتضيه الأدلة، وهذا هو ما رجحه الطحاوي رحمه الله في شرح معاني الآثار (5).
أما قوله صلى الله عليه وسلم: "أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر" فليس معناه تأخير الصلاة حتى يسفر الفجر، وإنما معناه أن الإِمام يطيل في صلاة الفجر، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يطيل في صلاة الفجر ليخرج منها في الإسفار، فعن أبي بَرْزَةَ الأسلمي قال:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينصرف من الصبح، فينظر الرجل إلى وجه جليسه الذي يعرف فيعرفة"(6).
(1) أخرجه البخاريُّ في كتاب مواقيت الصلاة، باب وقت الفجر، برقم (553).
(2)
تبيين الحقائق، للزيلعي (1/ 82).
(3)
أخرجه الترمذيُّ في أبواب الصلاة، باب ما جاء في الإسفار بالفجر، والحديث صححه الألباني في صحيح سنن الترمذيُّ (1/ 52)، برقم (154).
(4)
جواهر الإكليل (1/ 51)، وحاشية الدسوقي (1/ 248).
(5)
شرح معاني الآثار (1/ 179).
(6)
أخرجه مسلمٌ في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب التبكير بالصبح في أول وقتها، وهو التغليس، وبيان قدر القراءة فيها، برقم (647).