الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الموطن الثالث: القنوت عند النازلة
.
اختلف الفقهاء في حكم القنوت عند النازلة على أربعة أقوال:
القول الأول: أنّه لا يقنت في غير الوتر إلا لنازلة كفتنة وبلية، فيقنت الإمام في الصلاة الجهريّة (1).
القول الثاني: أنّه لا يقنت للنازلة في غير الصبح مطلقًا، لا بوتر ولا بسائر الصلوات عند الضرورة، وهذا هو المشهور عند المالكيّة (2).
القول الثالث: أنّه إذا نزل بالمسلمين نازلة كوباء وقحط أو مطر يضرّ بالعمران أو الزرع أو خوف عدوّ أو أسر عالم، قنتوا في جميع الصلوات وهذا هو المشهور عند الشافعيّة (3)، وبه قال بعض المالكيّة (4).
القول الرابع: وعند الحنابلة أنه يكره في غير وتر إلا أن ينزل بالمسلمين نازلة فإنّه يسنّ للإمام الأعظم القنوت فيما عدا الجمعة من الصلوات المكتوبة لرفع النازلة (5).
والذي يظهر من هذه الأقوال: أن الأولى فيها مراعاة عموم الأدلّة التي جاءت في ذلك؛ فالذي يظهر من الأدلة أنه صلى الله عليه وسلم كان يقنت أول وقوع النازلة في الصلوات الخمس، ثمّ يتركه في الظهر والعصر والعشاء ويبقيه في المغرب والفجر، ثمّ يتركه في المغرب ويبقيه في الفجر ثمّ يتركه إذا زالت النازلة.
(1) البحر الرائق (2/ 47، 48).
(2)
فتح الجليل (1/ 157)، مواهب الجليل (1/ 539).
(3)
روضة الطالبين (1/ 254)، المجموع (3/ 494).
(4)
شرح الزرقاني على خليل (1/ 212).
(5)
انظر في ذلك: المبدع (2/ 13)، كشاف القناع (1/ 494)، شرح منتهى الإرادات (1/ 229)، المغني (2/ 587).
وإذا كان القنوت لغير نازلة بل هو لحاجة المسلمين والدّعاء لهم وعلى أعدائهم، فإنّ المستحبّ أن يدعو بين الحين والآخر، هذا هو الذي نرجّحه في قنوت النوازل.
دليل هذا الترجيح ما يلي:
أولًا: كونه صلى الله عليه وسلم كان يقنت في الصلوات الخمس:
عن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال: "قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرًا متتابعًا في الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح في دبر كل صلاة إذا قال سمع الله لمن حمده من الركعة الأخيرة"(1).
ثانيًا: قنوته صلى الله عليه وسلم في الظهر والعشاء والفجر:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "لأقربن لكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان أبو هريرة يقنت في الركعة الأخيرة من صلاة الظهر والعشاء الآخرة وصلاة الصبح بعد ما يقول سمع الله لمن حمده فيدعو للمؤمنين ويلعن الكفار"(2) وفي رواية "وصلاة العصر" بدل من "صلاة العشاء".
ثالثًا: قنوته صلى الله عليه وسلم في صلاة المغرب والفجر:
عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: "إنّ النّبي صلى الله عليه وسلم كان يقنت في المغرب
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الوتر، باب القنوت في الصلوات، برقم (1443)، وأحمدُ في المسند (1/ 301)، رقم (2746).
(2)
أخرجه البخاريُّ في كتاب صفة الصلاة، باب فضل اللَّهم ربنا ولك الحمد، برقم (764)، ومسلمٌ في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب القنوت في جميع الصلاة إذا نزلت بالمسلمين نازلة، برقم (676) واللفظ للبخاري.