الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الظاء واللام وما يثلثهما
•
(ظلل - ظلظل):
{لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا} [النساء: 57]
"ظِلُّ كل شيء: كِنّه. وكل ما أَكَنَّك فقد أظلك. والظُلّة -بالضم: الغاشية/ ما سَتَرك من فوق/ الشيء يُسْتَتَر به من الحرّ والبرد، وهي كهيئة الصُفَّة (هي بهو مظلل أمامَ الدار أو داخلها). المِظَلّة -بكسر الميم وفتحها: أعظمُ ما يكون من بيوت الشَعَر. أظلُّ الإنسان: بُطُون أَصَابعه وهو مما يلي صَدْرَ القَدَم من أصل الإبهام إلى أصل الخنصر. وهو من الإبل: باطن المَنْسِم - كمنزل (وهو للبَعير كالظفر للإنسان). ويقال للدم الذي في الجوف مُسْتَظِلّ -بكسر الظاء. ويقال استظَلَّت العين إذا غارت. والظليلة: مُسْتَنْقع ماء قليل في مسيل، وهي شِبْه حُفْرة في باطن مسيل ماء، ينقطع السيل ويبقى ذلك الماء فيها ".
° المعنى المحوري
حَجْب (أشعة) الشمس أو غيرها بكِنّ يَحْمِي المكتنَّ وراءه (1) أو تحته - كالكِنّ الذي يُظِلّ، وكالظُلَّة والمِظَلّة المذكورتين يكنان ما تحتهما، وكالأظل -وهو مكنون لا يحتك بما يحتك به القدم. وكدم الجوف الذي
(1)(صوتيًّا): الظاء تعبر عن غلظ أو كثافة نافذة، واللام تعبر عن امتداد مع استقلال، والفصل منهما يعبر عن كن كثيف يلزم الشيء (أي يعلق به) مع تميزه عنه كظل الشجرة كثيف لا يفارقها. وفي (ظلم) تعبر الميم عن تضام والتئام واستواء ظاهر، والتركيب يعبر عن تضام (الظاهر) والتئامه على كثافة التئامًا يحول دون ما وراءه كما في الظَلَم - محركة: الجبل، وبالفتح - الثلج.
ليس في عروق، وحَدَقِة العين الغائرة، وماء الظليلة. ومن هذا "الظليلة: الروضة الكثيرة الحرَجات " (الحرجة شَجَرةٌ أو شَجَرٌ كثيف لا يوصل إلى ما تحته من المرعى من كثافته). ومنه كذلك الظُلْظل -بالضم: السفن، وهي المَظَلّة -بفتح الميم، فهي تُكِن وتحمِي في وَسَط البحر، ولعلهم نظروا في تسميتها إلى قِلْعها فإنه يبدو كالظلّة.
ومن ذلك: "الظل المعروف "فإنه يكون من حائل بين الشمس والمكان الذي هو فيه. والعرب تقول "ليس شيءٌ أظلَّ من حجر. . ولا أشد سوادًا من ظِلّ. وكل ما كان أكثرَ عَرْضًا وأشدَّ اكتنازًا كان أشد لسواد ظله ". والشاهد هنا ربط الظل بعِرَض الحاجز وكثافته. ومن المعلوم أن ظل الشيء لا يفارقه {أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا} [الرعد: 35]، {وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا} [النساء: 57]، {أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ} [الفرقان: 45]. وكل (ظِلّ) وجمعه (ظلال) وفعله (ظلّل) المضعف، والصفة (ظليل) فهو من هذا عدا ما نعلق عليه بعد.
وفي قوله تعالى {وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ} [الأعراف: 171] عرفنا الظلة قبلا: {فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ} [الشعراء: 189] هي سحابة أو أيكة اجتمعوا تحتها فهلكوا -[ينظر قر 13/ 137]- هذا. وتفسير الظُلة بالصيحة [ل] بعيد من الأصل {إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ} [البقرة: 210] هي جمع ظُلّة {وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ} [لقمان: 32]. {لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ} [الزمر: 16]: أغشية. [وينظر قر 15/ 243} {وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ} [الواقعة: 43]، {انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ} [المرسلات: 30]، كل تلك
أغشية عذاب في صورة الظل الذي يغمر من تظلل به [وينظر قر 19/ 162]. وقوله تعالى: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ} [الرعد: 15]. فسرت الظلال بالظل المعروف وسجودها ميلها من جانب إلى جانب من "سَجَدت النخلة: مالت "[قر 9/ 302]. وفُسِّرت الظلال بأنها أشخاصهم وأجسامهم تسجد للَّه - (أي بانقيادها له عز وجل بمادتها){وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} [الإسراء: 44] حتى وإن سجد أصحاب تلك الأجسام لغير اللَّه، ولكن جاء في [ل] أن هذا مخالف للتفسير. نقول إن التلازم بين الشيء وظلّه يسمح بإطلاق الظلال على أشباح الناس أي أشخاصهم التي تلبسها نفوسهم وتعلق بها، كما أن الظل كثافة كالأبدان فإن كانت أكثف. والمجاز واسع، وفي قوله {وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} [الإسراء: 44] ما يفتح الباب للقول بالسجود الحقيقي بكيفية يعلمها اللَّه.
ومن لزوم الظل وعدم مفارقته سببه "ظل يفعل كذا أي استمر وواصل "(لزوم أو ملازمة){قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ} [الشعراء: 71]، {إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ} [الشورى: 33]، {ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا} [النحل: 58] عن هذه جاء فى [بحر 5/ 488] ظل تكون بمعنى صار، وبمعنى أقام نهارًا على الصفة التي تسند إلى أسمها. (وهي هنا) تحتمل الوجهين والأظهر أن يكون بمعنى صار. اهـ المراد. وأرى أنها تجمعهما، فوجه المُبَشَّر منهم بالأنثى يتحول إلى السواد، ثم يستمر على ذلك كما في آية [الزخرف: 18] وما بعدها. أما في سائر (ظل) ومضارعها في القرآن فهي للدوام أي بسقوط قيد النهارية.