الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُهْمَلين كما خُلِقت البهائمُ لا ثوابَ لها ولا عقاب عليها لقوله تعالى: "أيحسب الإنسان أن يترك سُدَى "يريد كالبهائم مهملًا لغير فائدة [قر 12/ 156]{أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ} [الشعراء: 128]: تلعبون على معنى أبنية الحمام وبروجها " [قر 13/ 123] كأن المعنى: لغير قصد صحيح.
•
(عبد):
{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة: 186]
"أعْبَدُوا به: اجتمعوا عليه يضربونه. العَبَدة -محركة: صلاءة الطيب (الصلاءة: كل حجر عريض يُدَقُّ عليه عِطْر أو هَبِيد). وناقة ذات عَبَدة: أي ذات قوة شديدة وسِمَن. والعَبْد -بالفتح: نبت طيب الرائحة تَكْلَفُ به الإبل لأنه مَلْبنة مَسْمَنة، وهو حار المزاج إذا رَعَته الإبل عَطِشت فطبت الماء ".
° المعنى المحوري
حَصرٌ شديد للشيء يجعله رقيقًا رخوًا ناعمًا غير صُلب ولا خشن. كالإعباد بشخص مع الضَرْب، فذلك يستهلك قوته ويُرْخيه، والعَبَدة تمكّن -بمقابلتها المِهْراس- من سحق الطِيب الصُلْب، وسِمَن الناقة رخاوة محصورة فيها، والنبت المذكور يُرَبَّى اللبن والسِمَن - ومادتُهما رِخوة. ومن هذه الرخاوة وإذهاب الخشونة "تعبيد الطَّرِيقِ:"تمهيده وتذليله ".
ومن ذلك الحصر استُعمل في معنى الحبس (أي التأخير والتبطئ يقال: "ما عَبَدك عَنِّي أي ما حَبَسك، وما عَبَّد أن فَعَل - ض: (أي ما لبث).
ومن هذا أيضًا قيل "العَبَدة -محركة: البقاء (احتباس). والعَبَد (محركة بلا تاء): الجَرب الذي لا ينفعه دواء "[ينظر تذكرة داود 3/ 72] فهو لازم لا يزول، كما أنَّه يُذِلّ البعير ويضعفه. و "التعبيد "علاجه كالتمريض.
ومن الحصر أيضًا "العَبْد -بالفتح: المملوك من الرقاب بمحنى مفعول لأنه مَحُوز محصور بالمِلْك، كما أنَّه منقوص العِزّ والشموخ {الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ} [البقرة: 178] [البقرة: 178 وكذا منها في 221 منها، النحل: 75، النور: 32]. ومنه عبَّده، وأَعْبَدَه، وتَعَبَّده، واستعبده: اتَّخَذَه عبدًا {وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ} [الشعراء: 22] استعبدتهم أي ولم تستعبدني، أو هو تهكم. ومن العبودية البشرية قيل "عَبُد - ككرم: مُلِكَ هو وآباؤه من قبل "فهذه صورة لزوم الصفة التي استُعمِلت لها الصيغة هنا.
أما "عَبَد اللَّه عبادة: تألّه له "فهو من هذا الأصل أي جعل نفسه مملوكًا وعَبْدًا للَّه بهذا التأله. وبعبارة أخرى فالعبادة: الشعائر، والامتثال في التصرف فهي تعبير عن المملوكلية للَّه بالإذعان والامتثال لكل ما أمر ونهى في أمر دنيا أو دين {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]. ثم بما شرعه اللَّه تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم من شعائر محدَّدة لكيفية التعبير عن هذه المملوكية {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم} [البقرة: 21]، {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] وبهذا المعنى كل الفعل (عَبَد) ومضارعه والأمر منه، وآية الزخرف 45، والمصدر (عبادة)، واسم الفاعل (عابد) - إلا [آية الزخرف: 81]، وجمع (عابدة). ولم يبق من كلمات التركيب القرآنية إلَّا (العبد) لا بمعنى ضد الحر، ولكن الإنسان المخلوق (المملوك للَّه) ومثناها وجمعها (عباد) و (عيد) وليس لأي منها تمييز إلَّا ما يقضي به السياق من اختصاص للتكريم في مثل {أَسْرَى بِعَبْدِهِ} [الإسراء: 1] {نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا} [البقرة: 23]{ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ} [مريم: 2]. وفي بعض السياقات ما يقضي بعمومها مثل {رِزْقًا
لِلْعِبَادِ} [ق: 11]{إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ} [نوح: 27]{يَاحَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ} [يس: 30]{إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ} [غافر: 48] وربما غيرها (العباد) فيها بمعنى الناس. وبقي أيضًا آية الزخرف 81.
فنقول أن من الحصر المذكور "عَبِد فلان (تعب): غَضِبَ غَضَبَ أَنْفة (كما يقال تَمَلَّكه الغضب، والغضب حدَّة تملأ النفس أي تحتبس فيها. وبه فُسر قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ} [الزخرف: 81] أي الأَنِفين من هذا الادعاء أي النافرين المشمئزين منه (ويلزم ذلك نفيه) (ب) كما فُسَّر بأن "إن كان، تعني "ما كان "، (جـ) وبأنه أول العابدين للَّه تعالى على أنَّه تعالى لا ولد له:(د) وبأن "العابدين "تعني الموحدين [قر 16/ 119]. والأول جيد ومشكلته صياغته (عابد) فالصفة القياسيه من عَبِدَ التي بمعنى أَنِفَ هي عَبِدٌ -بفتح فكسر، وقد قرئ به، ووجه "عابد "الاستقبال (كحاذر)، ولعلها أنسب هنا. والثاني يتأتى على لازم النبوة وهو المعرفة باللَّه. والثالث يحتاج إضافة أو تقديرًا، والرابع يتأتى من الحصر - كما في المثال الذي ضربه اللَّه تعالى للموحد {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ} [الزمر: 29] فالتوحيد هنا أنَّه مملوك لسيد واحد. ونحوه التعبير بـ {أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ} [النساء: 125] والمراد بالوجه الذات [ينظر بحر 1/ 521] وفي طب أن ابن عبَّاس فسر {اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} [البقرة: 21] بـ (وحّدوا ربكم) فهو وجه قوي. ولكنه لم يُذكر في المعاجم عَبَد بمعنى وحّد. وكثيرًا ما تفوت المعاجمَ صِيغٌ ومعان. فالوجهان الأول والرابع أقوى تفاسير الآية.