الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جعل الوثن المنصوب أي الذي له جثة صَنَمًا.
ويترجح لدي أن الصَنَم مصور فهذا أدْعَى إلى توهم سِرٍّ فيه، كما أن اعتبار اللفظ المصاقب للصنم، وهو السنام، يرجح أنه جثة منصوبة. أما الوثن فإن احتواء الكلمة على الفصل المعبر عن التكثير (ثن) يرجح أن المعتبر فيه أنه شريك أو ثانٍ (أي تعدد المعبود) تعالى اللَّه عن ذلك. فملحظ الوثن أنه شريك، وملحظ الصنم أنه جثة مصورة منصوبة، فيمكن أن نقول إن الوثن أعم من الصنم. أما دعوى تعريب الصنم التي ذُكرت في ل وغيره، فلا أساس لها، كما وضح مما سبق.
°
الفصل المعجمي (صن):
هو الاحتواء في الجوف أو الإمساك في الأثناء بتمكن أو دوام كالصَنّ: الزبيل الكبير الذي يجعل (أي يخزن) فيه الطعام والخبز، وكما يُصِنّ اللحم أي ينتن من طول بقائه غير مبرد -في (صنن)، وكما يحتوي الأصل من النخل علي قوة وخصوبة عظيمة فتخرج منه نخلتان أو ثلاث أو أكثر لا نخلة واحدة -في (صنو)، وكما يحتوي السفّود علي عدة قطع من اللحم بتمكن، وكذلك مصنع الماء خزّانه -في (صنع)، وكما تمسك قصبة الريش بشعرها النابت منها إمساكًا قويًا، وكذلك اللبن الخبيث الطعم والرائحة إنما يكون كذلك لبقائه مدة طويلة غير مبرد -في (صنم).
الصاد والهاء وما يثلثهما
•
(صهر):
{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا} [الفرقان: 54].
"صَهَرَ الشحم ونحوه (فتح): أذابه. والصُهَارة - كرخامة: ما ذاب منه ".
° المعنى المحوري
تميع الجامد المتماسك وذوبانه (بحرارة تبلغ ذلك)(1) كصَهْر الشحم {يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ} [الحج: 20].
ومنه "اصطهر الحرباءُ واصهار: تلألأ ظهره من شدة حر الشمس، وقد صهره الحر وصَهَرته الشمس: اشتد وقعها عليه "(حتى تكاد تذيبه أو لأن لمعانه يبديه ذائبًا). ومن التميع أو الذوبان وحده قيل "ما بالبعير صُهارة -كرخامة أي نِقْي "وهو مُخّ قَصَب العِظام، سمي بذلك لكونه كذلك أو صيرورته. وقالوا "صَهَر خُبْزه: أَدَمه بالصُهارة، وصهر رأسه دَهَنه بها ".
ولما كان صَهْر الأشياء يذيبها فتخلتط بعضها ببعض عُبِّر بالتركيب عن شدة القرب والمخالطة. ومنه في بناء مسجد قُبَاء "فيَصْهَر الحجر العظيم إلى بطنه: يدنيه ويقربه "(فالذي مجمل حجرًا عظيمًا ضَامًّا إياه إلى بطنه لابد أن يضغط عليه كثيرًا إلى بطنه ليتحمل الجسم مع اليدين ثقل الحجر وهذه مخالطة قوية جدًا) كما يقال "صَهَرْتُ الشيءَ: خَلَطته [قر 13/ 60] وصَهَرَه وأصْهره: قَرَّبه وأَدْناه "ومن هنا أُخذ "الصِهْر وهو ما كان من خُلطة تشبه القرابة يُحْدِثها التزويج "[ل] يقال "صاهرت القوم، وفيهم: تَزَوَّجْت فيهم. وأَصْهَرْت بهم وإليهم صرت فيهم صِهرًا أو جارًا متحرمًا بهم. والصهر -بالكسر: زَوْج بنتِ الرجل أو أختِه ". والجاري هو شدة قرب الرجل ومخالطته لأهل امرأته. وتأمل قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا} فُسّر الماء بالنطفة [قر 13/ 59] وعرّفوا النسب بأنه خلط الماءين. والدقيق ما جاء في (نسب) من أنه القرابة في
(1)(صوتيًّا): انظر ما قلنا في تفنيدنا زعم تعريب التركيب.
الآباء "أي البنوة والأبوة وهي ثمرة خلط الماءين.
وقد أورد في المتوكلي أن الصهر معربة عن البربرية وحكاها الخولي وتوقف إزاءها. ثم ساق زعمًا آخر بأن الصهر فارسي معرب عن شوهر أي زوج البنت. وارتاح إلى ذلك. وبهذه المزاعم سلبوا التركيب بمعنييه عروبته. ونحن بحسب منهجنا لا نجد أدنى ما يشكك في عروبة الكلمة.
فالصَهْر إذابة الشحم وغيره بتعريضه للحرارة الشديدة. والمصاهرة ذوبان واختلاط، ونحن نرى واقعا أن المصاهرة الناجحة يكاد الصهر (= زوج البنت) ينتمي فيها الي أسرة زوجته.
* * *