الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واجتماع الماء في الصلب ربما أدى إلى العلة الصعبة [ل] أي أن العنت هو عناء كبح الشهوة والفساد المترتب على غلبتها عليه. وقد فُسِّرَ العَنَت أيضًا بالفجور والزنا الذي يسبب الهلاك اهـ. وعمم في الهلاك والضرر والمشقة الشديدة. وكل ذلك من معنى الفساد الذي يعبر عنه التركيب {عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ} فسرها [قر في 8/ 302] بالمشقة. وكذلك في {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ} [البقرة: 220] جاء به مع التفسير بالإهلاك. والتفسير بالإهلاك أدق وأقرب إلى الأصل فيهما. والذي في القرآن من التركيب هو العنَت والإعنات بمعنييهما المذكورين ومنه "عنْتَه - ض: شدّد عليه وألزمه ما يصعب عليه أداؤه، وتعنّته: طلب زَلّته وَمَشَقَّتَه ".
ومن المادي "العُنْتُوت -بالضم: جبيلٌ مُستدِقٌّ في السماء "فهيئته هذه تخيّل أنه منحوت هكذا. وكأن معنى التسمية أنه المنحوت. والنحت قطع من الجرم. والقطع يكون من جنس الفساد.
•
(عند):
{إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ} [الأعراف: 206]
"سحابة عَنُود: كثيرة المطر. عَنَد العِرْقُ (جلس وفرح وككرم): سَالَ فلم يَكَدْ يَرْقَأْ (تابع نزف الدم). وأَعْنَدَ أَنْفُه: كَثُر سيلان الدم منه. وأَعْنَدَ في القيء: تابعه ". العَنود من الدوابّ: المتقدمة في السير من نشاطها وقوتها. والعنود من الإبل كذلك: الذي يتباعد عن الإبل يطلب خيار المرتع ويتأَنّق ".
° المعنى المحوري
الاستمرار في بذل الشيء أو إتيانه رغم توقع التوقف. ويلزمه عظم المخزون منه. كما في كثرة مطر السحابة واستمرار سيلان الدم من
العرق والأنف ومتابعة القيء من كثرة المختزن منها، وكما في استمرار تقدم الدابة (والسير بذل من مذخور القوة، ومنه التباعد). ومن مادى ذلك "عَقَبَةٌ عَنُود: صَعْبة المرتقىَ "فهي حاجز دائم تحبس من تعترضه فلا ينفذ منها.
ومن معنى المخزون ما قالوه في تفسير "أَوَلَهُ عِنْد؟ ردًّا على من قال "هو عندي كذا "بأنه يُقْصَدُ بالعِنْد هنا: القَلْبُ والمَعْقُول واللُبُّ [ل 303، ق] أي (لُبٌّ باطن أو فِكْرٌ مُخْتزَن)، ومنه قالوا "عَنَد (جلس): عتا وطغى وجاوز قدره. (مما اختزن في قلبه) والعنيد: الذي يرد الحق مع العلم به "ومن هنا "المعاندة: المعارضة وعدم الانصياع " (فهذا وذاك استمرار على موقف وعدم اكتراث بالدعوة للتوقف عنه){أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ} [ق: 24]. وكذا كل (عنيد).
وقولهم "إن تحت طِرِّيقَتِكَ لعِنْدَأْوةً: أي تحت لينك نَزْوةً وطِماحا "(أي إصرارًا واستمرارًا).
ومن الاختزان جاءت (عند) الظرفية "حضور الشيء ودنّوه "فهي كالحيز للشيء. وقالوا إنها تعبر عن أقصى نهايات القرب " [ل 303/ 11] ولا يقال مضيت إلى عندك. وتأمل {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ} [البقرة: 140]، {قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا} [الأنعام: 148]. (العلم والشهادة محلهما القلب){فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ} [القصص: 27] ومن استعمالها في القرب الشديد {إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ} [الأعراف: 206]. {ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ} [التكوير 20] الكينونة اللائقة من شرف المنزلة وعظم المكانة [بحر 8/ 426] وليس في القرآن من التركيب إلا صفة (عنيد) و (عِنْدَ) الظرفية.