الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
•
(علق):
{خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ} [العلق: 2]
"العلق -محركة: الذي تُعَلَّق به البكَرة (البكرة -بالفتح وتحرك: خشبة مستديرة في وسطها محزٌّ للحبل وفي جوفها محور تدور عليه) من القامة (: خَشَبة قوية تمدّ عرْضًا فوق أعلى البئر يُعَلَّق بها العلَق المذكور). والبكْرة عَلَق أيضًا. والعِلاقة - كرِسالة: المعلاق الذي يُعَلَّقُ به الشيء كعِلاقة السَيف والسَوْط يعلَّق به إلى الوَتِد. وعَلِقَ الصيد في حِبالَته (فرح): نَشِبَ. والعُلَّيْقُ نَبْتٌ. وعَلِقَت المرأة: حَبِلت ".
° المعنى المحوري
نشوب أو امتساك مع ارتفاع وغلظ ما كعَلَقَ البكرة وحبالة الصيد ينشب فيها الصيد. والسيفُ ونحوه يمتسك بالعِلاقة إلى الوتد في الحائط، {فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ} [النساء: 129]. وما عدا هذه فكل ما في القرآن من التركيب هو (العَلَقة) المتحولة من النطفة لأنها تَعْلَق بجِدَار الرحم، وجمعها عَلَق. {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ} ، والدم الجامد المتماسك يسمى عَلَقة أيضًا. وعَلِقَت الإبل العِضَاهَ (وهو عِظام الشجر)(نصر) تسنَّمَتها ورَعَتْها (المقصود تطاولت إليها كالمُعَلَّقة لترعاها). ونبات العُلّيق يتعلق بالشجر.
ومنه معنويه "عَلِق المرأة (سمع): أحبها "(انشدّ وامتسك إليها).
•
(علم):
{وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: 114]
"العلامة والعَلَم -بالتحريك: شيء يُنْصَب في الفلوات تهتدي به الضالّة. يقال لما يُبْنَى في جوادّ الطريق من المنازل يُستدلّ بها على الطريق: أعلام، واحدها
عَلَم. المَعْلم: ما جُعل عَلَامة وعَلَمًا للطرق والحدود مثلُ أعلام الحرم ومعالمه المضروبة عليه. العَلَم: الجبل الطويل، والعَلَم: الراية التي يجتمع إليها الجند ".
° المعنى المحوري
الدلالة والهداية -بمرتفع- إلى معنًى: اتجاه أو طريق أو حدّ أو غير ذلك. كما يدل العَلَم في الصحراء على الاتجاهات والطرق والمواقع (وكما يُتَّخَذ الجبل علمًا على مثل ذلك)، وأعلام الحرم كالأعمدة المنصوبة على حدوده أي هي تبين حدوده وهي كالعُمُد البالغة الغِلَظ راسخة ترتفع إلى نحو ثلاثة أمتار، وكما تدل الراية الجندَ على الموقع، والانتماء فيجتمعون عندها. ومنه "العَلَم: الفصل بين الأَرْضين " (فيه دلالة على أن هذه حدود ملك فلان مثلًا، والمعتاد أن يكون حجارة منصوبة ولكن ربما لا تكون بالغة الارتفاع).
ونُوَثِّقُ جزئيات معنى هذا التركيب، لأنه يؤخذ منه معنى العِلْم.
أ) فأما عن الارتفاع فهو ارتفاع تراكمي قوي المادة، فقد عبروا عن العَلَم بأنه (يُبنَى)، وأنه يُنْصَب أي يقام ويرفع. وفي الفلوات لم يكن يتأتى الرفع اللافت إِلَّا برَكْم حجارة كثيرة بعضها على بعض حتى ترتفع. جاء في [ل أرم] و "الإِرَم - كعنب: حجارة تُنْصَب عَلَمًا في المفازة. .، الآرام الأعلام وهي حجارة تجمع وتنصب في المفازة يُهْتَدَي بها واحدها إرم كعنب. . وكان من عادة الجاهلية أنهم إذا وجدوا شيئًا في طريقهم ولا يمكنهم استصحابه تركوا عليه حجارة يعرفونه بها حتى إذا عادوا أخذوه "الإِرَم والأَرِم (أي كعنب وكَتف): الحجارة، والآرام: الأعلام " (ووضع العلامة على اللُقَطَة وظيفة أخرى من جنس الأولى ولكن الأُولى (الاهتداء للطرق والاتجاهات) هي المقصودة هنا وهي الأهم، والأخيرة متفرعة عنها).
ب) كون ذلك التراكم دالًّا أي لافتًا إلى معنى هو الذي يحقق الهدف من هذه الآرام أو الأعلام. فلا بد أنهم حرصوا على أن تكون لافتة بارتفاعها حتى تُرَى من بعيد ولا تخفى، وبهيأة إقامتها حتى لا يظن أنها من الأحجار التي تبدو عشوائية في الصحراء، كما لا بد أنهم كانوا يراعون مواقعها بالنسبة للطرق والاتجاهات بحيث يتضح أنها دالّة.
ج) كون ذلك التجمع التراكميّ مقصودًا به أن يكون ثابتًا ضروريٌّ أيضًا لأنه لا يتأتى افتراض أنهم يقصدون غير ذلك والحال أنها في وسط مجاهل الصحراء لا تتاح فرصة إقامتها كل حين.
د) كونه قويًّا واضحٌ في أنه من صخر وحجارة تتسق معًا حتى ترتفع.
ومما يدخل في معنى التراكم الدالّ من استعمالات (علم)"العَيْلَم: البئر الكثيرة الماء. . وقيل الواسعة، والعيلم البحر (فيها دلالة على عدم نفاد الماء) والعيلم التَارّ الناعم "(تجمُّع للشحم وهو حدّة وقد يستدل به على القوة أو التنعم) أما "العيلام: الضِبْعان وهو ذَكَر الضباع "فلعله لقوته أو ضخامة بدنه، و "العَلْماء: الدرع "لأن بدن الفارس يحشوها وهي تحيط به. و "العُلام - كرخام: الصقر " (قوي يصل إلى ما يصيده من الطيْر خطفًا من أعلاه).
ثم إنهم عمموا استعمال اللفظ في كل ما يَدُلّ على شيء ما "العَلَم: العلامة "أي على أي شيء "العلامة: السِمة. (وهي تدل على ملكية البعير) والعُلّام - كتفاح: الخِنّاء ". (تلفت إلى جمال الكفّ)، و "مَعْلم كل شيء مَظِنَّته (أي مكان وجوده)، واعتلم البرق: لمع في العَلَم (أي سطع على الجبل أو الإِرَم) والعَلَم: رسم الثوب، وعَلَمُه: رَقْمه في أطرافه ". ومثل هذا الأخير "العَلَمَة الشق في
الشفة العليا للجمل "فكل منهما مجرد أثر ظاهري.
ومن ذلك المعنى المحوري أخذ معنى العِلْم وهو "الاعتقاد الجازم الثابت المطابق للواقع "[تاج] فكونه اعتقادًا هو أنه مَعْنًى أو حكم تربّى في القلب أخذًا من دلالةٍ أو لافتٍ قوي أو حجة قوية، وكونه جازمًا يؤخذ من قوة اللافت، وكونه ثابتًا يؤخذ من ثبات اللافت واللَفْت، وكونه مطابقًا للواقع يرجع أيضًا إلى قوة اللفت ودقته.
والذي جاء في القرآن الكريم من التركيب هو:
أ) الأعلام: الجبال {وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ} [الشورى: 32]: الجبال.
ب) العلَم والعلامات {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ} [الزخرف: 61] في قراءة للأعمش شاذة، {وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} [النحل: 16]، وصفًا للرَّوَاسِى في الآية السابقة لهذه.
ج) العِلْم الذي هو ضد الجهل، ويؤخذ من الأصل اتساع معنى العلم ليشمل أنواعًا. وقد جاء في [ل] "عَلِمْت بالشيء: شَعَرْت به. ويستعمل بمعنى المعرفة {لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ} [الأنفال: 60] وبمعنى ما يتكون في القلب من حكم على الشيء {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤءْمِنَاتٍ} [الممتحنة: 10]، {سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلمْتَنَا} [البقرة: 32] وقد سبق الفرق بين العلم والمعرفة في (عرف). وقول أبي حيان [1/ 466]"المعرفة العلم المتعلق بالمفردات ويسبقه الجهل بخلاف أصل العلم فإنه يتعلق بالنِسَب، وقد لا يسبقه الجهل، ولذلك لم يوصف اللَّه تعالى بالمعرفة، ووصف بالعلم "إضافة
جيدة {أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ} [النساء: 166]: أنك خِيرتُه من خَلقه، وأهل لإنزاله عليك لقيامك بكل حقوقه. أو بعلمه بما يحتاج إليه العباد [وانظر بحر 3/ 415].
ومنه "العالَم: الخَلْق كله أي أن معناه هو جميع المخلوقات. قالوا: ولا واحد للعالم من لفظه، لأن (عالمًا) جمعُ أشياء مختلفة. فإن جُعِل (عالمٌ) اسمًا لواحد منها صار جمعًا لأشياء متفقة. والجمع عالَمون ولا يجمع شيء على فاعَل بالواو والنون إِلَّا هذا [ل 315] {الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] قال ابن عباس: رب الجن والإنس. وقال قتادة: رب الخلق كلهم. قال الأزهري: الدليل على صحة قول ابن عباس قوله عز وجل {تَبَارَكَ الَّذِى نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} [الفرقان: 1]. وليس النبي صلى الله عليه وسلم نذيرًا للبهائم ولا للملائكة وهم كلهم خلق اللَّه، وإنا بعث صلى الله عليه وسلم نذيرًا للجن والإنس. {وَأنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} [البقرة: 47، 122، وكذا ما في الأعراف: 140، الجاثية: 16] في [بحر 1/ 364] أي عالَمِي زمانهم، أو على كل العالمين بما جعل فيهم من الأنبياء. ويدفع هذا القولَ الأخير قوله تعالى لأمة محمد صلى الله عليه وسلم {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 110]. . . قال القشيري: أشهد بني إسرائيل فضل أنفسهم، وأشهد المسلمين فضل نفسه هو سبحانه فقال {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا} [يونس: 58] وشتان بين مَن مشهوده فضلُ ربه، ومن مشهوده فضل نفسه. فالأول يقتضي الثناء، والثاني يقتضي الإعجاب. اهـ. وأضيفُ أن اللَّه تعالى قال {وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ} [الأنعام: