الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن معنى قلة التناول أُخِذَ المعنى الشائع للعِفَّة وهو "الكَفّ (أي عدم التناول) عما لا يَحِلُّ أو يَجْمُل، والكفّ عن المسألة والحِرْص، عَفّ الرجل وتعفف واستعف: كَفَّ عما لا يَجْمل أو يَحلّ/ عن المحارم والأطماع الدنيئة {يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ} [البقرة: 273]{وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ} [النساء: 6]، {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور: 33 وكذلك ما في 60 منها].
وواضح في ضوء الأصل أن العِفّة تتحقق بقلة التناول أيضًا -لا بالكف التامّ وحده- كما يُفْهم من كلامهم.
هذا، وأما "العَفْعَف: ثمر الطلح "فالطلح شجر عظيم الجرم، فلعلهم استصغروا ثمره (الذي هو بَرَم طيب الريح) بالنسبة لعِظَم الشجر. وكذلك "العُفَّة -بالضم: سمكة جرداء بيضاء صغيرة إذا طُبخت فهي كالأرز في طعمها " (أو لأنها يَجْتزئ بها (يستعِفّ) من لا يجد مِلْءَ بطنه).
•
(عفو):
{وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا} [البقرة: 286]
"العِفَاء - ككتاب: ما كثُر من الوَبَر والريش. ناقةُ ذاتُ عِفاء: كثيرة الوبر طويلتُه قد كاد يَنْسِل. عفا شَعَرُ البعير: كثُرَ وطال فغطَّى دَبَرَه (الذي في ظهره). وعِفَاءُ النعامة: الريش الذي علا الزِفَّ الصغار (الزِفّ -بالكسر: صغير الريش) وكذلك عِفَاء الديك والطير. ولا يقال للريشة عِفَاءَةٌ حتى يكون فيها كثافة. وعِفَاء السحاب أيضًا كالخَمْل في وجهه. وأرض عَافِيَة: لم يُرْعَ نَبْتُها فَوَفُر وكَثُر. وعَفَت الأرضُ: غَطَّاها النباتُ والعُشْب ". - وعَفَت الريح الأثرَ تعفوه: طمسته
ومحته " (أي بما تثير من التراب).
° المعنى المحوري
تَغَطِّى الشيءِ طبقة خفيفةٍ أو هَشَّةٍ (تنشأ منه) كما يُغَطِّى الوبرُ والريشُ والنباتُ والترابُ الذي تجلبه الريح ما تحته. وكالخَمْل في وجه السحاب. ومنه "العَفْو -بالفتح وكفتى: الأَرْضُ الغُفْل لم تُوطأ وليس بها آثار (كأنها مغطاة). وعافِي القِدْر: ما يُبْقِي فيها المستعيرُ لمعيرها عند رَدّها (غِطاء لقاعها)، وما يُرْفَع من المَرَق أوَّلًا تُخَصُّ به الجاريةُ لتَسْمن، أو مَنْ يُكْرَم (به طبقة دُهْن تغطي وجه القدر). وغُلامٌ عافٍ: وَافِي اللحم كثيرُه "(مغطى به).
ومن ذلك عُبِّرَ بالعَفْو عَنْ كَثرة القوم كأنهم طَبَقَة تَغْشَى وجه الأرض {حَتَّى عَفَوْا} [الأعراف: 95].
ومن ذلك الأصل ما يكون كالزيادة على الشيء التابعة له "العِفْو -مثلثة: وَلَدُ الحمار ". ومنه "العَفْو من المال -بالفتح: الفَضْل والزائدُ عن النَفَقَة "كما أن الوَبَر والرِيشَ ونَحْوَه زائدٌ على الجِلْد، والتُرَابُ زائد على وجه الأرض - {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} [البقرة: 219] ومنه قيل "عَفَاه: أتاه يطلب المعروف والفضل (العَفْوَ). والعافيةُ والعُفَاةُ: الأضيافُ وطُلَّابُ المَعْرُوف وطُلّابُ الرِزْق من الإنس والدوابّ والطير ".
ومن الأرض "العَفو عن الذنوب: عَدَم المؤاخذة عليها ". وكأن من عفا غطّاها أو أعرض عنها فلم ينظر إليها {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ} [التوبة: 43]. وهو قريب من المغفرة، لكن النظر إلى أصل كل منهما يقضي بأن المغفرة فيها لطف وتكريم، لأن استعمالها في العطية الحسية يقصد بها الحفظ - كما في المِغْفَر وقولهم: اصْبُغ ثوبك بالسواد فإنه أغفر لوسخه (1) والعفو الترك كأنه تَرْك
(1) أصل هذا الملحظ للراغب في المفردات (غفر).