الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
•
(ظلم):
{اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [البقرة: 257]
"الظُلْمة -بالضم: خلافُ النور. ليلة ظَلْمة وظَلْماء -بالفتح فيهما: شديدة السواد. أظلم الليل: اسودّ. أتيته ظَلامًا - كسحاب: أي ليلًا. الظَلَم - بالتحريك: الجبل. والظَلْم -بالفتح: الثلج. أرض مظلومة: لم تمطَر. وفي الحديث إذا أتيتم على مظلوم فأَغِذُّوا السير "المظلوم: البلد (= المساحة الخالية من الأرض) الذي لم يصبه الغيث ولا رِعْىَ فيه " (الرِعْي -بالكسر: المرعى).
° المعنى المحوري
حجب ما ينبغي أو ما يُسْتَحق أي منعه أو انتقاصه. كمَنْع الضوء في حالة الظلمة، وكمنع المطر عن الأرض "المظلومة "، وكالثلج يمنع الماء الذي وراءه وهو في ذاته ماء يمتنع شربه. والظَلَم: الجبل يمنع ويصدُّ ما يتجه إليه مما لولاه لنفذ على استقامته، والظلام يحجب الرؤية. ومنه تسميتهم الشيء الشاخص الذي يواجهك ظَلَمًا -بالتحريك- في قولهم "إنه لأَوَّلُ ظَلَم لَقِيتُه "وتفسيرهم إياه بأنه أول شيء "سَدَّ بصرك بليل أو نهار ". ومن استعمال الظُلْم بمعنى المنع قول أبي الجراح الأعرابي لمن اشتكى التُخَمة:"ما ظَلَمك أن تقيء "؟ ويقال ما ظَلَمك عن كذا أي ما مَنَعك؟ والظَلمة: المانعون أهلَ الحقوق حقوقهم ".
ومنه قولهم "ظَلَمَ سِقَاءه إذا سَقَى منه قبل أن يَخرُجَ زُبْدُه "(فالأصل أن يُتْرَك حتى يبلغ إناه ويَخْرج زُبْده. فالسَقْي منه قبل ذلك مَنْعٌ لما ينبغي أو يُسْتَحَقّ من المدَى الزمنيّ، وتجاوز عنه). وكذا "ظَلَم الناقة: نحرها عن غير علة " (كأن الأصل عدهم أنها ما دامت ليس بها علة فمن حقها أن لا تنحر، والعامة الآن
تسمى ما ذُبِح بلا مرض غَصيبًا) و "ظَلَم الحمارُ الأتان إذا كامَها وقد حَمَلتْ (الأصل أن الدوابّ والأنعامَ لا ينزو ذُكْرانُها على إناثها إلا إذا كانت الإناث ضَبِعَة (بها شهوة لذلك) وكانت غيرَ عشراء) ففي الثلاثة تجاوز عما ينبغي أي عن المستحَقَ، وحيلولة دون الاستمرار في ما ينغي. وقد مر بنا أن الأرض المظلومة هي التي لم تُمْطَر (فالمطرَ حَقُّها وقد مُنِعَته)، والغالب أن مثل هذه تكون جَلَدًا ليست طيعة للحفر قال لبيد:{والنُّؤْىُ كالحَوْض بالمظلومة الجَلَد}
(النُؤى جَدْرٌ ترابي صغير يحاط به حول الخيمة ليمنع ماء المطر وغيره) قال في [ل]: "يعني أرضًا مَرُّوا بها في برّية فتحَوَّضوا حوضًا سَقَوْا فيه إبلهم "(1). فالشاعر سماها مظلومة لأنها لم تُمْطَر أي مُنع حقها وانتُقِص، فهي جَلَد. وكذلك الأمر في قولهم "ظلمَ الوادِي إذا بَلَغَ الماءُ منه موضعًا لم يكن ناله في ما خلا، ولا بلغه قبل ذلك "فالأصل أن يقف عند الحد الذي اعتيد أن يبلغَه فحسْبُ. فهنا انتقاص من الفراغ المستَحَقّ المعتاد. ويقال "لزِمُوا الطريق فلم يظلموه أي لم يعدلوا عنه. أخذ في طريق فما ظَلَم يمينًا ولا شمالًا "فالأصل الاستقامة في الطريق وعدم العدول عنه. فالظلم في كل ذلك تجاوز عن المستحق بمنعه وانتقاصه.
ومما جاء في القرآن الكريم من استعمال الظُلْمة- خلاف النور {وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ} [يس: 37] وفي قوله تعالى: {يَخْلُقُكُمْ فِي
(1) قال في بقية كلامه هنا. . "وليست بموضع تحويض "وهذه الزيادة لمجرد الربط الاشتقاقي. وإنما الأصل أن يقال في مثل هذه الأرض إنها ليست بموضع حفر لجلادتها "أما التحويض فقد يكون بغير حفر. وهو في الجلَد أمكن.
بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ} [الزمر: 6][في قر 15/ 236] هي ظلمة البطن وظلمة الرحم وظلمة المَشيمة. (ويلحظ أنها ظروف أو أغلفة تضم الجنين في جوف أطباقها){اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [البقرة: 257]. من ظلمات المعاصي والحيود عن الصراط المستقيم إلى نور الطاعة والتجلي. وكل الفعل (أظلم) واسم الفاعل منه (مظلم) والاسم (ظُلُمات) جمع (ظلمة) فهو من الظلام ضد النور.
أما الظُّلْم -بالضم بالمعنى المشهور فقد فسروه "بالجور ومجاوزة الحد "وهو لا يخرج عن انتقاص المستحق؛ فالجور على حقوق الناس هو منع لهم من حقوقهم وقد قالوا "الظَلَمَة: المانعون أهلَ الحقوق حقوقهم "{إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} [النساء: 40] أراد لا يظلمهم مثقال ذرة. وعداه إلى مفعولين لأنه في معنى يسلُبُهم، وتفسيره بـ لا يفعهم ثوابَ مثقالِ ذرة قَدَّموه = ألْيق. وقوله عز وجل {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13]. يعني أن اللَّه سبحانه هو المحيي المميت الرزاق المنعم وحده لا شريك له، فإذا أشرك أحد به غيرَه فذلك أعظم (حجب للمستَحَقّ) لأنه جعل النعمة لغير ربها "اهـ[ل]. ولو قال لأنه منع وحجب عن صاحب الحق حقه وهو أن يفرده سبحانه بالعبادة والشكر = لكان أولى. {كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا} [الكهف: 33]. ولم تمنع أو تنقص. {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا} [طه: 112]: نقصا [قر 11/ 249]{فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ} [النساء: 160]{فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ} [المائدة: 39] {وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ