الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ، وَهُوَ أَقْصَرُ أَوْرَادِ النَّهَارِ وَأَفْضَلُهَا، فَيَنْبَغِي لَهُ فِي هَذَا الْوَقْتِ إِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ أَنْ يُجِيبَهُ بِمِثْل قَوْلِهِ، ثُمَّ يَقُومَ فَيُصَلِّيَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُطِيلَهُنَّ، فَإِنَّ أَبْوَابَ السَّمَاءِ تُفْتَحُ حِينَئِذٍ (1) ، ثُمَّ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَسُنَّتَهَا، ثُمَّ يَتَطَوَّعُ بَعْدَهَا بِأَرْبَعٍ (2) .
هـ الْوِرْدُ الْخَامِسُ: مَا بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى الْعَصْرِ، فَيُسْتَحَبُّ لَهُ فِي هَذَا الْوَقْتِ الاِشْتِغَال بِالذِّكْرِ وَالصَّلَاةِ وَفُنُونِ الْخَيْرِ، وَمِنْ أَفْضَل الأَْعْمَال انْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ (3) .
قَال الْغَزَالِيُّ: وَفِي هَذَا الْوَقْتِ يُكْرَهُ النَّوْمُ لِمَنْ نَامَ قَبْل الزَّوَال؛ إِذْ يُكْرَهُ نَوْمَتَانِ بِالنَّهَارِ، وَالْحَدُّ فِي النَّوْمِ أَنَّ اللَّيْل وَالنَّهَارَ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ سَاعَةً فَالاِعْتِدَال فِي نَوْمِهِ ثَمَانِي سَاعَاتٍ فِي اللَّيْل وَالنَّهَارِ جَمِيعًا، فَإِنْ نَامَ هَذَا الْقَدْرَ بِاللَّيْل
(1) ورد فتح أبواب السماء عند زوال الشمس من حديث أبي أيوب: " أربع قبل الظهر ليس فيهن تسليم تفتح لهن أبواب السماء. . " أخرجه أبو داود (2 / 53 ـ ط حمص) وابن ماجه (1 / 366 ـ ط الحلبي) ، واللفظ لأبي داود ثم ذكر أن في إسناده راويا ضعيفا، وذكره المنذري في الترغيب والترهيب (1 / 451 ـ ط دار ابن كثير) وقال: في إسنادهما احتمال للتحسين.
(2)
مختصر منهاج القاصدين 60، وانظر إحياء علوم الدين 1 / 298 ـ 299، وقوت القلوب 39.
(3)
مختصر منهاج القاصدين 60.
فَلَا مَعْنَى لِلنَّوْمِ بِالنَّهَارِ، وَإِنْ نَقَصَ مِنْهُ مِقْدَارًا اسْتَوْفَاهُ بِالنَّهَارِ، فَحَسْبُ ابْنِ آدَمَ إِنْ عَاشَ سِتِّينَ سَنَةً أَنْ يَنْقُصَ مِنْ عُمُرِهِ عِشْرُونَ سَنَةً (1) .
وـ الْوِرْدُ السَّادِسُ: إِذَا دَخَل وَقْتُ الْعَصْرِ إِلَى أَنْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ، وَلَيْسَ فِي هَذَا الْوَقْتِ صَلَاةٌ سِوَى أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ بَيْنَ الأَْذَانَيْنِ ثُمَّ فَرْضِ الْعَصْرِ، ثُمَّ يَتَشَاغَل بِالأَْقْسَامِ الأَْرْبَعِ الَّتِي سَبَقَ ذِكْرُهَا فِي الْوِرْدِ الأَْوَّل، وَالأَْفْضَل فِيهِ تِلَاوَةُ الْقُرْآنِ بِالتَّدَبُّرِ وَالتَّفَهُّمِ (2) .
ز ـ الْوِرْدُ السَّابِعُ: مِنَ اصْفِرَارِ الشَّمْسِ إِلَى أَنْ تَغْرُبَ، وَهُوَ وَقْتٌ شَرِيفٌ. قَال الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: كَانُوا أَشَدَّ تَعْظِيمًا لِلْعَشِيِّ مِنْ أَوَّل النَّهَارِ، فَيُسْتَحَبُّ فِي هَذَا الْوَقْتِ التَّسْبِيحُ وَالاِسْتِغْفَارُ خَاصَّةً.
وَبِالْمَغْرِبِ تَنْتَهِي أَوْرَادُ النَّهَارِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُلَاحِظَ الْعَبْدُ أَحْوَالَهُ وَيُحَاسِبَ نَفْسَهُ، فَقَدِ انْقَضَتْ مِنْ طَرِيقِهِ مَرْحَلَةٌ، وَلْيَعْلَمْ أَنَّ الْعُمُرَ أَيَّامٌ تَنْقَضِي جُمْلَتُهَا بِانْقِضَاءِ آحَادِهَا (3) .
أَوْرَادُ اللَّيْل:
13 -
أ - الْوِرْدُ الأَْوَّل: مِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ
(1) إحياء علوم الدين 1 / 299.
(2)
مختصر منهاج القاصدين 60 والإحياء 1 / 299.
(3)
مختصر منهاج القاصدين 60 والإحياء 1 / 299 ـ 300، وقوت القلوب 41 ـ 43.
إِلَى وَقْتِ الْعِشَاءِ، فَإِذَا غَرَبَتْ صَلَّى الْمَغْرِبَ وَاشْتَغَل بِإِحْيَاءِ مَا بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ، فَآخِرُ هَذَا الْوِرْدِ عِنْدَ غَيْبُوبَةِ الشَّفَقِ، وَالصَّلَاةُ فِيهِ هِيَ نَاشِئَةُ اللَّيْل؛ لأَِنَّهُ أَوَّل نُشُوءِ سَاعَاتِهِ، وَهُوَ آنٌ مِنَ الآْنَاءِ الْمَذْكُورَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْل فَسَبِّحْ (1) } وَهِيَ صَلَاةُ الأَْوَّابِينَ (2)، وَهِيَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ (3) } فَقَدْ رُوِيَ " عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه: كَانُوا يَتَطَوَّعُونَ فِيمَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ "(4) .
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ صَلَّى بَعْدَ الْمَغْرِبِ سِتَّ رَكَعَاتٍ لَمْ يَتَكَلَّمْ فِيمَا بَيْنَهُنَّ بِسُوءٍ عَدَلْنَ لَهُ بِعِبَادَةِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً " (5) .
ب ـ الْوِرْدُ الثَّانِي: يَدْخُل بِدُخُول الْعِشَاءِ الآْخِرَةِ إِلَى حَدِّ نَوْمَةِ النَّاسِ، وَهُوَ أَوَّل اسْتِحْكَامِ الظَّلَامِ (6) ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُصَلِّيَ بَيْنَ الأَْذَانَيْنِ مَا أَمْكَنَهُ وَلْيَكُنْ فِي قِرَاءَتِهِ {الم تَنْزِيل الْكِتَابِ (7) } وَ {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ (8) } فَقَدْ كَانَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يَنَامُ حَتَّى يَقْرَأَهُمَا (9) .
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: " أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْوَاقِعَةِ فِي كُل لَيْلَةٍ لَمْ تُصِبْهُ فَاقَةٌ أَبَدًا (10) .
ج ـ الْوِرْدُ الثَّالِثُ: الْوِتْرُ قَبْل النَّوْمِ، إِلَاّ مَنْ كَانَتْ عَادَتُهُ الْقِيَامَ بِاللَّيْل، فَإِنَّ تَأْخِيرَهُ فِي حَقِّهِ أَفْضَل (11)، قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: " مِنْ كُل اللَّيْل قَدْ أَوْتَرَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، مِنْ أَوَّل اللَّيْل
(1) سورة طه / 130.
(2)
مختصر منهاج القاصدين 61، وإحياء علوم الدين 1 / 341 ط دار المعرفة، وانظر قوت القلوب 44ـ 45.
(3)
سورة السجدة / 16.
(4)
أثر أنس: كانوا يتطوعون فيما بين المغرب والعشاء أخرجه ابن جرير في تفسيره (21 / 100 ـ ط الحلبي) .
(5)
حديث أبي هريرة: " من صلى بعد المغرب ست ركعات. . . " أخرجه ابن ماجه (1 / 437 ـ ط الحلبي) والترمذي (2 / 299 ـ ط الحلبي) قال الترمذي: حديث غريب. ثم نقل عن البخاري أنه قال عن أحد رواته: منكر الحديث.
(6)
الإحياء 1 / 341 ط دار المعرفة، ومختصر منهاج القاصدين 61.
(7)
سورة السجدة.
(8)
سورة الملك.
(9)
حديث: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينام حتى يقرأهما " أخرجه الترمذي (5 / 165 ـ ط الحلبي) من حديث جابر بن عبد الله.
(10)
حديث ابن مسعود: " من قرأ سورة الواقعة. . " أخرجه ابن السني في عمل اليوم والليلة (ص 184 ـ ط المعارف العثمانية) ، وعزاه العراقي في تخريج أحاديث الإحياء (1 / 342 ـ بهامش الإحياء ـ ط المعرفة) إلى الحارث بن أبي أسامة، ثم ضعف إسناده.
(11)
مختصر منهاج القاصدين 61 وإحياء علوم الدين 1 / 342.
وَأَوْسَطِهِ وَآخِرِهِ، فَانْتَهَى وِتْرُهُ إِلَى السَّحَرِ (1) ثُمَّ لِيَقُل بَعْدَ الْوِتْرِ:" سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالثَّالِثَةِ "(2) .
د ـ الْوِرْدُ الرَّابِعُ: النَّوْمُ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يُعَدَّ ذَلِكَ مِنَ الأَْوْرَادِ؛ فَإِنَّهُ إِذَا رُوعِيَتْ آدَابُهُ وَحَسُنَ الْمَقْصُودُ بِهِ احْتُسِبَ عِبَادَةً (3)، " قَال مُعَاذٌ رضي الله عنه: إِنِّي لأََحْتَسِبُ فِي نَوْمَتِي كَمَا أَحْتَسِبُ فِي قَوْمَتِي " (4) .
وَلِلتَّفْصِيل فِي آدَابِ النَّوْمِ (ر: نَوْم ف 8، 9) .
هـ - الْوِرْدُ الْخَامِسُ: يَدْخُل بِمُضِيِّ النِّصْفِ الأَْوَّل إِلَى أَنْ يَبْقَى مِنَ اللَّيْل سُدُسُهُ، وَعِنْدَ ذَلِكَ يَقُومُ الْعَبْدُ لِلتَّهَجُّدِ، وَذَلِكَ وَقْتٌ شَرِيفٌ (5)، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَرْفَعُهُ: " قَال: سُئِل: أَيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَل بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ؟
(1) حديث عائشة: " من كل الليل قد أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم. . " أخرجه البخاري (الفتح 2 / 486) ومسلم (1 / 512) واللفظ له.
(2)
حديث: " القول بعد الوتر: سبحان الملك القدوس. . . " أخرجه النسائي (3 / 245 ـ ط المكتبة التجارية) من حديث عبد الرحمن بن أبزى.
(3)
مختصر منهاج القاصدين 61ـ 62، والإحياء 1 / 345 ط المعرفة.
(4)
أثر معاذ: " فأحتسب نومتي. . . . "، أخرجه البخاري (الفتح 8 / 60) . (5) الإحياء 1 / 304، ومختصر منهاج القاصدين 64، وانظر قوت القلوب 48.
(5)
الإحياء 1 / 304، ومختصر منهاج القاصدين 64، وانظر قوت القلوب 48.
فَقَال: أَفْضَل الصَّلَاةِ بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ الصَّلَاةُ فِي جَوْفِ اللَّيْل (1) .
وَلِلتَّفْصِيل فِي أَفْضَل أَوْقَاتِ التَّهَجُّدِ وَعَدَدِ رَكَعَاتِهِ (ر: تَهَجُّد ف2 وَمَا بَعْدَهَا) .
وـ الْوِرْدُ السَّادِسُ: السُّدُسُ الأَْخِيرُ وَهُوَ وَقْتُ السَّحَرِ. قَال اللَّهُ تَعَالَى: {وَبِالأَْسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (2) } قِيل: يُصَلُّونَ، لِمَا فِيهَا مِنْ الاِسْتِغْفَارِ، وَهُوَ مُقَارِبٌ لِلْفَجْرِ الَّذِي هُوَ وَقْتُ انْصِرَافِ مَلَائِكَةِ اللَّيْل وَإِقْبَال مَلَائِكَةِ النَّهَارِ. وَفِي الْحَدِيثِ: إِنَّ قِرَاءَةَ آخِرِ اللَّيْل مَحْضُورَةٌ (3) . وَجَاءَ طَاوُسٌ إِلَى رَجُلٍ وَقْتَ السَّحَرِ فَقَالُوا: هُوَ نَائِمٌ، فَقَال: مَا كُنْتُ أَرَى أَنَّ أَحَدًا يَنَامُ وَقْتَ السَّحَرِ.
فَهَذَا تَرْتِيبُ الأَْوْرَادِ لِلْعِبَادِ، وَقَدْ كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ أَنْ يَجْمَعُوا مَعَ ذَلِكَ فِي كُل يَوْمٍ بَيْنَ أَرْبَعَةِ أُمُورٍ: صَوْمٍ، وَصَدَقَةٍ وَإِنْ قَلَّتْ، وَعِيَادَةِ مَرِيضٍ، وَشُهُودِ جِنَازَةٍ (4) . فَفِي الْخَبَرِ:
(1) حديث أبي هريرة: " أي الصلاة أفضل بعد المكتوبة؟ " أخرجه مسلم (2 / 821) .
(2)
سورة الذاريات / 18.
(3)
حديث: " إن قراءة آخر الليل محضورة. . " أخرجه مسلم (1 / 520) من حديث جابر بن عبد الله.
(4)
مختصر منهاج القاصدين 64 ـ 65، وإحياء علوم الدين 1 / 347.