الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَوِ الْقَبُول دَلَالَةً، بِأَنْ يَتَصَرَّفَ الْمُوصَى لَهُ فِي الْمُوصَى بِهِ تَصَرُّفَ الْمُلَاّكِ، كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالإِْجَارَةِ.
وَيَمْلِكُ الْمُوصَى لَهُ الْمُوصَى بِهِ بِالْقَبُول إِلَاّ فِي مَسْأَلَةٍ، وَهِيَ أَنْ يَمُوتَ الْمُوصِي، ثُمَّ يَمُوتَ الْمُوصَى لَهُ قَبْل الْقَبُول، فَيَدْخُل الْمُوصَى بِهِ فِي مِلْكِ وَرَثَتِهِ، لأَِنَّ الْوَصِيَّةَ قَدْ تَمَّتْ مِنْ جَانِبِ الْمُوصِي بِمَوْتِهِ تَمَامًا لَا يَلْحَقُهُ الْفَسْخُ مِنْ جِهَتِهِ، وَإِنَّمَا تُوقَفُ لِحَقِّ الْمُوصَى لَهُ، فَإِذَا مَاتَ دَخَل الْمُوصَى بِهِ فِي مِلْكِهِ، كَمَا لَوْ مَاتَ الْمُشْتَرِي فِي أَثْنَاءِ الْخِيَارِ الْمَمْنُوحِ لَهُ قَبْل إِجَازَةِ الْبَيْعِ. (1)
الْقَوْل الثَّانِي لِلْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَالشَّافِعِيَّةِ فِي قَوْلٍ: وَهُوَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ الْقَبُول بِالْقَوْل أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى الرِّضَا عِنْدَ الْوَصِيَّةِ لِمُعَيَّنٍ، وَلَا يُكْتَفَى بِعَدَمِ الرَّدِّ، لأَِنَّهُ غَيْرُ الْقَبُول الْمَطْلُوبِ، فَإِنْ مَاتَ الْمُوصَى لَهُ قَبْل مَوْتِ الْمُوصِي، بَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ، لأَِنَّهَا عَطِيَّةٌ صَادَفَتِ الْمُعْطَى مَيِّتًا، فَلَمْ تَصِحَّ. كَمَا لَوْ وَهَبْتَ مَيِّتًا (2) .
الْقَوْل الثَّالِثُ: لِلشَّافِعِيَّةِ فِي الْمُعْتَمَدِ وَهُوَ أَنَّ
(1) الْهِدَايَة وَشُرُوحهَا 8 / 432 طَبْعَة بُولَاق.
(2)
شَرْح الزُّرْقَانِيّ 8 / 176ـ177، وَالشَّرْح الصَّغِير 4 / 583، وَحَاشِيَة الْجُمَل 4 / 48، وَمُغْنِي الْمُحْتَاج 3 / 53، وَكَشَّاف الْقِنَاع 4 / 344.
الْمُرَادَ بِالْقَبُول الْقَبُول اللَّفْظِيُّ فَلَا يُكْتَفَى بِالْفِعْل وَهُوَ الأَْخْذُ. (1)
وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ تَبْطُل إِذَا رَدَّ الْمُوصَى لَهُ الْوَصِيَّةَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي، لأَِنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ فِي حَالٍ يَمْلِكُ قَبُولَهُ وَأَخْذَهُ، كَتَنَازُل الشَّفِيعِ عَنِ الشُّفْعَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ (2) .
الْفَوْرِيَّةُ فِي الْقَبُول وَالرَّدِّ بَعْدَ الْمَوْتِ:
10 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنْ لَا عِبْرَةَ بِقَبُول الْمُوصَى لَهُ الْوَصِيَّةَ قَبْل مَوْتِ الْمُوصِي، كَمَا لَا عِبْرَةَ بِرَدِّهَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ، لأَِنَّ قَبْل مَوْتِ الْمُوصِي لَمْ يَثْبُتْ لِلْمُوصَى لَهُ حَقٌّ. وَلأَِنَّ أَوَانَ ثُبُوتِ حُكْمِ الْوَصِيَّةِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي لِتَعَلُّقِهَا بِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ الْقَبُول قَبْل الْمَوْتِ. (3)
وَقَال زُفَرُ: إِذَا رَدَّ الْمُوصَى لَهُ الْوَصِيَّةَ فِي وَجْهِ الْمُوصِي لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَقْبَل بَعْدَ ذَلِكَ لأَِنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ قَبْل وُجُوبِهِ كَالشَّفِيعِ قَبْل الْبَيْعِ (4) .
(1) مُغْنِي الْمُحْتَاج 3 / 53، وَحَاشِيَة الْجُمَل 4 / 48.
(2)
شَرْح الزُّرْقَانِيّ 8 / 176ـ177، وَالشَّرْح الصَّغِير 4 / 583، وَمُغْنِي الْمُحْتَاج 3 / 53، وَكَشَّاف الْقِنَاع 4 / 344، وَرَوْضَة الْقُضَاة 4 / 682.
(3)
حَاشِيَة ابْن عَابِدِينَ 5 / 421، وَتَكْمِلَة فَتْح الْقَدِير 10 / 427، وَمَوَاهِب الْجَلِيل 6 / 367، وَالشَّرْح الصَّغِير 4 / 583، وَمُغْنِي الْمُحْتَاج 3 / 53، وَرَوْضَة الطَّالِبِينَ 6 / 142ـ143.
(4)
رَوْضَة الْقُضَاة 2 / 681.