الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَوَجَبَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ.
وَوَجْهُ قَوْلِهِمَا: أَنَّ إِيدَاعَ الصَّبِيِّ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ إِهْلَاكٌ لِلْمَال مَعْنًى، فَكَانَ فِعْل الصَّبِيِّ إِهْلَاكَ مَالٍ قَائِمٍ صُورَةً لَا مَعْنًى، فَلَا يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ، وَدَلَالَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا وَضَعَ الْمَال فِي يَدِهِ، فَقَدَ وَضَعَهُ فِي يَدِ مَنْ لَا يَحْفَظُهُ عَادَةً، وَلَا يَلْزَمُهُ الْحِفْظُ شَرْعًا، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ حِفْظُ الْوَدِيعَةِ شَرْعًا؛ لأَِنَّ الصَّبِيَّ لَيْسَ مِنْ أَهْل وُجُوبِ الشَّرَائِعِ عَلَيْهِ، وَالدَّلِيل عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْفَظُ الْوَدِيعَةَ عَادَةً، أَنَّهُ مُنِعَ عَنْهُ مَالُهُ، وَلَوْ كَانَ يَحْفَظُ الْمَال عَادَةً لَدُفِعَ إِلَيْهِ، قَال تَعَالَى:( {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} )(1) ، وَبِهَذَا فَارَقَ الْمَأْذُونَ؛ لأَِنَّهُ يَحْفَظُ الْمَال عَادَةً، أَلَا تَرَى أَنَّهُ دُفِعَ إِلَيْهِ مَالُهُ، وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ الْحِفْظُ عَادَةً لَكَانَ الدَّفْعُ إِلَيْهِ سَفَهًا. (2)
(الثَّالِثُ)
لاِبْنِ رُشْدٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ أَنَّ الصَّبِيَّ الْمُمَيِّزَ يَصِحُّ أَنْ يَتَوَكَّل، فَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ أَمِينًا لِغَيْرِهِ فِي حِفْظِ الْوَدِيعَةِ (3) .
(الرَّابِعُ)
لاِبْنِ عَرَفَةَ الْمَالِكِيِّ، وَهُوَ أَنَّ شَرْطَ
(1) سُورَةُ النِّسَاءِ / 6.
(2)
الْبَدَائِعُ 6 / 207، وَإِيثَارُ الإِْنْصَافِ فِي آثَارِ الْخِلَافِ لِسِبْطِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ ص 265.
(3)
حَاشِيَةُ الْعَدَوِيّ عَلَى كِفَايَةِ الطَّالِبِ الرَّبَّانِيِّ 2 / 253.
الْوَدِيعَةِ بِاعْتِبَارِ جَوَازِ فِعْلِهَا وَقَبُولِهَا حَاجَةُ الْفَاعِل، وَظَنُّ صَوْنِهَا مِنَ الْقَابِل، فَيَجُوزُ أَنْ يُودَعَ الصَّبِيَّ مَا خِيفَ تَلَفُهُ بِيَدِ مَالِكِهِ، كَمَا يَحْصُل عِنْدَ نُزُول بَعْضِ الظَّلَمَةِ بِبَعْضِ الْبِلَادِ، وَلِقَاءِ الأَْعْرَابِ الْقَوَافِل وَنَحْوِ ذَلِكَ. . إِنْ ظَنَّ الْمُودِعُ صَوْنَهُ بِيَدِ الصَّبِيِّ الْمُسْتَوْدَعِ. (1)
الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا:
14 -
نَصَّ الْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ عَقْدِ الْوَدِيعَةِ أَنْ يَكُونَ الْوَدِيعُ مُعَيَّنًا وَقْتَ الإِْيجَابِ، فَلَوْ قَال صَاحِبُ الْعَيْنِ لِجَمَاعَةٍ: أَوْدَعْتُ أَحَدَكُمْ هَذِهِ الْعَيْنَ، أَوْ: لِيَحْفَظْ لِي أَحَدُكُمْ هَذِهِ، لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ. (2)
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ، (3) جَاءَ فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ لاِبْنِ نُجَيْمٍ نَقْلاً عَنِ الْخُلَاصَةِ: لَوْ وَضَعَ كِتَابَهُ عِنْدَ قَوْمٍ، فَذَهَبُوا وَتَرَكُوهُ، ضَمِنُوا إِذَا ضَاعَ، وَإِنْ قَامُوا وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ، ضَمِنَ الأَْخِيرُ؛ لأَِنَّهُ تَعَيَّنَ لِلْحِفْظِ،
(1) حَاشِيَةُ الْبُنَانِيِّ عَلَى الزُّرْقَانِيِّ شَرْحُ خَلِيلٍ 6 / 113، وَمَوَاهِبُ الْجَلِيل 5 / 252.
(2)
شَرْحُ مُنْتَهَى الإِْرَادَاتِ 2 / 450، وَانْظُرِ الْمَادَّةَ (1323) مِنْ مَجَلَّةِ الأَْحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى مَذْهَبِ أَحْمَدَ.
(3)
الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةُ 4 / 338، وَمَجْمَعُ الأَْنْهُرِ 2 / 337، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ 4 / 494.