الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ـ وَإِمَّا لِلشَّكِّ فِي وُجُودِ السَّبَبِ الْمُحَرِّمِ أَوِ الْمُحَلِّل.
ـ وَإِمَّا لِلْخُرُوجِ عَنِ الْخِلَافِ.
أـ التَّوَرُّعُ عِنْدَ الاِشْتِبَاهِ لِخَفَاءِ الدَّلِيل أَوْ لِتَعَارُضِ الأَْدِلَّةِ:
7 ـ الأُْمُورُ الْمُشْتَبِهَةُ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْلَمُهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ يَعْلَمُهَا عَلَى غَيْرِ مَا هِيَ عَلَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَتَوَقَّفُ فِيهَا لاِشْتِبَاهِهَا عَلَيْهِ، فَهَذَا النَّوْعُ الثَّالِثُ هُوَ الَّذِي شُرِعَ لَهُ أَنْ يَتَّقِيَ هَذِهِ الشُّبُهَاتِ لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ الْحَلَال بَيِّنٌ، وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ، لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ، كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْل الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ (1) .
وَمَعْنَى اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ أَيْ مِنَ النَّقْصِ وَالشَّيْنِ. وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ يَحْتَمِل مَعْنَيَيْنِ:
الأَْوَّل: أَنَّهُ إِذَا فَعَل الْمُشْتَبِهَ الَّذِي يَشُكُّ فِي كَوْنِهِ حَرَامًا عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ يَتَجَاسَرُ شَيْئًا فَشَيْئًا،
(1) حديث: " إن الحلال بين. . . " تقدم تخريجه ف 5.
بِالتَّدْرِيجِ وَالتَّسَامُحِ عَلَى الْحَرَامِ الْمَحْضِ، فَيَقَعُ فِيهِ فِي آخِرِ أَمْرِهِ، لِمَا فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ لِهَذَا الْحَدِيثِ: فَمَنْ تَرَكَ مَا شُبِّهَ عَلَيْهِ مِنَ الإِْثْمِ كَانَ لِمَا اسْتَبَانَ أَتْرَكَ، وَمَنِ اجْتَرَأَ عَلَى مَا يَشُكُّ فِيهِ مِنَ الإِْثْمِ أَوْشَكَ أَنْ يُوَاقِعَ مَا اسْتَبَانَ، وَالْمَعَاصِي حِمَى اللَّهِ، وَمَنْ يَرْتَعْ حَوْل الْحِمَى يُوشِكْ أَنْ يُوَاقِعَهُ (1) .
وَالثَّانِي: أَنَّهُ يَحْتَمِل أَنَّ مَعْنَاهُ: أَنَّ مَنْ أَقْدَمَ عَلَى مَا يَحْتَمِل أَنْ يَكُونَ حَرَامًا، فَإِنَّهُ لَا يَأْمَنُ أَنْ يَكُونَ حَرَامًا فِي نَفْسِ الأَْمْرِ، فَقَدْ يُصَادِفُ الْحَرَامَ وَهُوَ لَا يَدْرِي أَنَّهُ حَرَامٌ. فَشُرِعَ لَهُ تَرْكُ الْمُشْتَبِهِ تَحَرُّزًا مِنْ مُوَاقَعَةِ الْمَأْثَمِ الْمُحْتَمَل (2) .
وَمِثَال التَّوَرُّعِ عِنْدَ الاِشْتِبَاهِ الْحَاصِل مِنْ تَعَارُضِ الأَْدِلَّةِ بَيْنَ الْحِل وَالْحُرْمَةِ: التَّوَرُّعُ عَنْ أَكْل طَعَامِ الصَّدِيقِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، لِتَعَارُضِ حَدِيثِ: لَا يَحِل لاِمْرِئٍ مِنْ مَال أَخِيهِ إِلَاّ مَا أَعْطَاهُ مِنْ طِيبِ نَفْسٍ (3) مَعَ ظَاهِرِ الآْيَةِ:
(1) حديث: " فمن ترك ما شبه عليه. . . " أخرجه البخاري (فتح الباري 4 / 290) .
(2)
جامع العلوم والحكم لابن رجب 1 / 202.
(3)
حديث: " لا يحل لامرئ من مال أخيه. . . " أخرجه البيهقي في السنن (6 / 97 ـ ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث ابن عباس.