الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْعُقُودِ، وَلَوْ قَال: انْظُرْ فِيمَا إِلَيَّ، لَمْ تَنْعَقِدْ بِهِ الْوِزَارَةُ، لاِحْتِمَال أَنْ يَنْظُرَ فِي تَصَفُّحِهِ أَوْ فِي تَنْفِيذِهِ، أَوْ فِي الْقِيَامِ بِهِ، وَالْعَقْدُ لَا يَنْبَرِمُ بِلَفْظٍ مُحْتَمَلٍ، حَتَّى يَصِلَهُ بِمَا يَنْفِي عَنْهُ الاِحْتِمَال (1) .
وَلَوْ قَال: قَدْ فَوَّضْتُ إِلَيْكَ وِزَارَتِي، احْتَمَل أَنْ تَنْعَقِدَ بِهِ هَذِهِ الْوِزَارَةُ، لأَِنَّ ذِكْرَ التَّفْوِيضِ فِيهَا يُخْرِجُهَا عَنْ وِزَارَةِ التَّنْفِيذِ، وَيُحْتَمَل أَنْ لَا تَنْعَقِدَ، لأَِنَّ التَّفْوِيضَ مِنْ أَحْكَامِ هَذِهِ الْوِزَارَةِ فَافْتَقَرَ إِلَى عَقْدٍ يَنْفُذُ بِهِ، وَالأَْوَّل أَشْبَهُ (2) .
وَلَوْ قَال: قَلَّدْتُكَ وِزَارَتِي، أَوْ قَدْ قَلَّدْنَاكَ الْوِزَارَةَ، لَمْ يَصِرْ بِهَذَا الْقَوْل مِنْ وُزَرَاءِ التَّفْوِيضِ حَتَّى يُبَيِّنَهُ بِمَا يَسْتَحِقُّ التَّفْوِيضَ، لأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَال حِكَايَةً عَنْ نَبِيِّهِ مُوسَى عليه الصلاة والسلام:{وَاجْعَل لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي} {هَارُونَ أَخِي} {اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي} {وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (3) } فَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى مُجَرَّدِ الْوِزَارَةِ حَتَّى قَرَنَهَا بِشَدِّ أَزْرِهِ، وَإِشْرَاكِهِ فِي أَمْرِهِ (4) .
عُمُومُ النَّظَرِ فِي وِزَارَةِ التَّفْوِيضِ:
10 -
يَمْنَحُ الإِْمَامُ وَزِيرَ التَّفْوِيضِ مُمَارَسَةَ
(1) الأحكام السلطانية للماوردي ص23، والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص29.
(2)
المرجعان السابقان.
(3)
سورة طه / 29ـ32.
(4)
الأحكام السلطانية للماوردي ص24، والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص30.
جَمِيعِ الأُْمُورِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهِ، لِيُدَبِّرَهَا بِرَأْيِهِ، وَيُمْضِيَهَا بِاجْتِهَادِهِ، وَتَثْبُتُ لَهُ الْوِلَايَةُ الْعَامَّةُ، وَلَهُ أَنْ يُبَاشِرَهَا بِنَفْسِهِ، أَوْ أَنْ يُقَلِّدَ الْحُكَّامَ وَالنُّوَّابَ وَوُزَرَاءَ التَّنْفِيذِ.
وَلِذَلِكَ يَسْتَقِل وَزِيرُ التَّفْوِيضِ بِجَمِيعِ الْوِلَايَاتِ الْعَامَّةِ، كَتَعْيِينِ الْقُضَاةِ، وَالْحُكَّامِ، وَالْوُلَاةِ، وَتَجْنِيدِ الأَْجْنَادِ، وَصَرْفِ الأَْمْوَال، وَبَعْثِ الْجُيُوشِ، وَفَرْضِ الْعَطَاءِ بِالأَْهْلِيَّةِ، وَالنِّيَابَةِ عَنِ الإِْمَامِ فِي إِنْفَاذِ الْحَل وَالْعَقْدِ، وَالنَّظَرِ فِي الْقَلَمِ وَالتَّرَسُّل لِصَوْنِ أَسْرَارِ الْخَلِيفَةِ، وَقِيَامِهِ بِالدَّوْلَةِ وَسَائِرِ الأُْمُورِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْحُكْمِ، وَلِذَلِكَ دُعِيَ أَحْيَانًا بِالسُّلْطَانِ إِشَارَةً إِلَى عُمُومِ نَظَرِهِ (1) .
وَكُل مَا صَحَّ مِنَ الإِْمَامِ صَحَّ مِنْ وَزِيرِ التَّفْوِيضِ إِلَاّ ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ:
أـ وِلَايَةُ الْعَهْدِ، فَإِنَّ لِلإِْمَامِ أَنْ يَعْهَدَ إِلَى مَنْ يَرَى، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِلْوَزِيرِ.
ب ـ لِلإِْمَامِ أَنْ يَسْتَعْفِيَ الأُْمَّةَ مِنَ الإِْمَامَةِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِلْوَزِيرِ لَكِنْ لَهُ أَنْ يَسْتَعْفِيَ مِمَّنِ اسْتَوْزَرَهُ وَهُوَ الإِْمَامُ.
ج ـ لِلإِْمَامِ أَنْ يَعْزِل مَنْ قَلَّدَهُ الْوَزِيرُ، وَلَيْسَ
(1) الأحكام السلطانية للماوردي ص 32، ومقدمة ابن خلدون ص 238.