الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَال إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ: إِنَّ الْوِصَال لَهُ مُسْتَحَبٌّ. قَال الرَّمْلِيُّ: وَهُوَ مُتَّجَهٌ، إِذِ الْعِبَادَةُ إِمَّا وَاجِبَةٌ أَوْ مُسْتَحَبَّةٌ، وَيَنْبَغِي حَمْل إِطْلَاقِ الْجُمْهُورِ الإِْبَاحَةَ عَلَى نَفْيِ التَّحْرِيمِ الصَّادِقِ بِالاِسْتِحْبَابِ (1) .
4 -
وَفِي مَعْنَى الْحَدِيثِ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي أَقْوَالٌ لِلْعُلَمَاءِ:
قَال السُّيُوطِيُّ: إِنَّ الْحَدِيثَ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَإِنَّ اللَّهَ عز وجل يُطْعِمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مِنْ طَعَامِ الْجَنَّةِ، وَطَعَامُهَا لَا يُفَطِّرُ، كَرَامَةً لَهُ لَا تُشَارِكُهُ فِيهِ الأُْمَّةُ.
وَقَال آخَرُونَ، وَهُوَ الأَْصَحُّ كَمَا قَال النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ: الْمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُعْطِي نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم قُوَّةَ الطَّاعِمِ الشَّارِبِ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فِي رِوَايَةٍ: إِنِّي أَظَل يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي (2) لأَِنَّ " أَظَل " لَا يُقَال إِلَاّ فِي النَّهَارِ، وَلَا يَجُوزُ الأَْكْل وَالشُّرْبُ فِيهِ لِلصَّائِمِ بِلَا شَكٍّ، فَدَل عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَأْكُل، وَلَيْسَ الْمُرَادُ الأَْكْل حَقِيقَةً، وَإِنَّمَا ذَلِكَ كِنَايَةٌ عَنْ إِعْطَائِهِ قُوَّةَ الطَّاعِمِ الشَّارِبِ لَا عَلَى حَقِيقَتِهِ؛ لأَِنَّ لَوْ أَكَل حَقِيقَةً لَمْ يَبْقَ وِصَالٌ،
(1) الْمَجْمُوع 6 / 356، وَمَا بَعْدَهَا، وَأَسْنَى الْمَطَالِب 3 / 101.
(2)
رِوَايَة: " إِنِّي أَظَل يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي ". أَخْرَجَهَا الْبُخَارِيّ (الْفَتْح 13 / 325) مِنْ حَدِيثِ أَنَس بْن مَالِك.
وَلَقَال صلى الله عليه وسلم: ". . . مَا أَنَا مُوَاصِلٌ. . "
وَقِيل: مَعْنَاهُ أَنَّ مَحَبَّةَ اللَّهِ تَشْغَلُنِي عَنِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، وَالْحُبُّ الْبَالِغُ يَشْغَل عَنْهُمَا.
وَفِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: ". . . عِنْدَ رَبِّي. . . " قَال الدُّسُوقِيُّ: هِيَ عِنْدِيَّةُ مَكَانَةٍ لَا عِنْدِيَّةُ مَكَانٍ (1) .
الْوِصَال إِلَى السَّحَرِ:
5 -
نَصَّ الْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ الْوِصَال إِلَى السَّحَرِ؛ لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول: لَا تُوَاصِلُوا، فَأَيُّكُمْ أَرَادَ أَنْ يُوَاصِل فَلْيُوَاصِل حَتَّى السَّحَرَ. . . " (2) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ فِيمَنْ فَعَل ذَلِكَ: إِنَّهُ تَرَكَ سُنَّةً وَهِيَ تَعْجِيل الْفِطْرِ، فَتَرْكُ ذَلِكَ أَوْلَى؛ مُحَافَظَةً عَلَى السُّنَّةِ.
(1) الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّة 1 / 201، وَجَوَاهِر الإِْكْلِيل 1 / 274، وَشَرْح الْخَرَشِيّ وَحَاشِيَة الْعَدَوِيّ 3 / 163، وَالشَّرْح الْكَبِير وَحَاشِيَة الدُّسُوقِيّ 2 / 213، وَالْمَجْمُوعِ شَرْح الْمُهَذَّب 6 / 356 - 359، وَدَلِيل الْفَالِحِينَ 4 / 586 - 587، والقليوبي عَلَى الْمَحَلِّيِّ 2 / 61، وَأَسْنَى الْمَطَالِب، وَحَاشِيَة الرَّمْلِيّ 1 / 419، 3 / 101، وَمُغْنِي الْمُحْتَاج 1 / 434، وَكَشَّاف الْقِنَاع (2 / 332، 342) .
(2)
حَدِيث أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ: " لَا تُوَاصِلُوا، فَأَيّكُمْ أَرَادَ أَنْ يُوَاصِل. . " أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ (الْفَتْح 4 / 208) .